تقارير وتحقيقات | 15 01 2025

بعد سقوط النظام السوري السابق وتولي الإدارة الجديدة بقيادة أحمد الشرع، السلطة في سوريا، شهدت البلاد تغييرات كبيرة، مع صدور العديد من القرارات والتعميمات التي أثارت جدلاً بين السوريين واستفسارات حول عدم وضوح بعضها وقانونيتها، وإشادة آخرين.
وبعد أيام من السيطرة صرّح الناطق الرسمي باسم إدارة الشؤون السياسية عبيدة أرناؤوط ل"فرانس برس"، أنه سيجري تجميد العمل بالدستور السوري لعام 2012 وتجميد البرلمان السوري خلال المرحلة الانتقالية الممتدة حتى آذار المقبل.
بدوره، أشار أحمد الشرع في مقابلة تلفزيونية بتاريخ 29 كانون الأول الماضي، إلى أن صياغة دستور جديد قد تستغرق نحو ثلاث سنوات، مؤكداً أن الهدف هو وضع أساس دستوري يحقق التوافق الوطني.
ولم تقر الإدارة الجديدة حتى لحظة نشر المادة إعلاناً دستورياً في البلاد.
وتخطّط الإدارة السورية الجديدة لعقد مؤتمر حوار وطني شامل في العاصمة دمشق خلال الفترة المقبلة، بهدف تأسيس مجلس استشاري بصلاحيات تشريعية يتولى صياغة وإقرار إعلان دستوري، إلى جانب التصويت على منح الثقة للإدارة الجديدة بقيادة الشرع.
فيما يلي استعراض لأبرز القرارات والتعميمات الصادرة عن الإدارة السورية الجديدة وحكومة تصريف الأعمال، بعد سيطرة "إدارة العمليات العسكرية" على دمشق في 8 كانون الأول الماضي، وأجزاء واسعة من البلاد، إثر هروب بشار الأسد.
تعيين رئيس حكومة
أولى القرارات المتخذة كانت تعيين محمد البشير، رئيساً لحكومة تصريف الأعمال السورية، في التاسع من كانون الأول الفائت. وذلك بعد أن عين رئيساً لـ"حكومة الإنقاذ" في إدلب مطلع عام 2024 ، الذراع السياسي لـ"هيئة تحرير الشام" التي تأسست عام 2017.
وبثّت وكالة "سانا" مقطعاً مصوراً يظهر مقتطفات من اجتماع أحمد الشرع والبشير، مع رئيس حكومة النظام السوري السابق محمد الجلالي في فندق "فورسيزونز" بدمشق، تناول مسألة انتقال السلطة للحكومة الانتقالية.
وبعد يوم أعلن البشير في خطاب متلفز، تعيينه رئيساً مؤقتاً للوزارة لمدة ثلاثة أشهر حتى مطلع شهر آذار.
وتلا تعيين البشير سلسلة تعيينات لوزراء الحكومة، كتعيين أسعد الشيباني وزيراً للخارجية، وتعيين أنس خطاب، رئيساً لجهاز الاستخبارات العامة السورية.
وفق حقوقيين لروزنة، تُعتبر الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال تهدف إلى إدارة شؤون البلاد وتنظيم أمور السوريين لحين تشكيل حكومة جديدة. ويمكنها اتخاذ قرارات تتعلق بمختلف القضايا، مثل قوانين الضرائب والتعليم.
إلا أن القرارات التي تصدر عنها ليست نهائية، إذ يمكن تعديلها أو إلغاؤها بعد تشكيل حكومة جديدة بما يتناسب مع الجهات المختصة.
استئناف إصدار جوازات السفر للسوريين في الخارج
أعلنت وزارة الخارجية لدى حكومة تصريف الأعمال السورية، استئناف إصدار جوازات السفر للسوريين المغتربين، ابتداء من 12 كانون الثاني الجاري، عبر البعثات الدبلوماسية والمكاتب القنصلية.
وقالت الوزارة في حسابها على منصة "إكس"، الخميس الفائت: "نعلن للسادة المغتربين عودة عمل منظومة إصدار جوازات السفر من خلال بعثاتنا الدبلوماسية والمكاتب القنصلية الإلكترونية".
وبيّنت أن ذلك سيكون "وفقاً النظام الدور المعمول به لدى كل بعثة دبلوماسية، ابتداء من يوم الأحد القادم".
ترقيات عسكرية
أعلنت "القيادة العامة" في سوريا أواخر العام الفائت، ترقية نحو 50 ضابطاً، تضمنت ترفيع ضابطين إلى رتبة لواء و5 إلى رتبة عميد والبقية إلى رتبة عقيد، في إطار عملية لتحديث القوات المسلحة، كذلك شمل القرار ترقية وزير الدفاع مرهف أبو قصرة إلى رتبة لواء.
ووقع أحمد الشرع على القرار الذي نص على بدء العمل به منذ مطلع العام الجاري 2025، ما أثار جدلاً بين الأوساط السورية، وبخاصة وجود أسماء لشخصيات أجنبية.
ويبرز ضمن قرار ترفيع الرتب، أسماء كل من عبدل بشاري، وهو ألباني الجنسية ويقود منذ سنوات "جماعة الألبان"، وعمر محمد جفتشي (تركي الجنسية)، والمصري علاء محمد عبد الباقي، وعبد العزيز داوود خدابردي الذي ينحدر من الأقلية التركستانية في الصين.
وحذر مبعوثون أميركيون وفرنسيون وألمان الإدارة السورية الجديدة من أن تعيينهم لـ"جهاديين أجانب" في مناصب عسكرية عليا يمثل مصدر قلق أمني ويسيء لصورتهم في محاولتهم إقامة علاقات مع دول أجنبية، وفق وكالة "رويترز" يوم الجمعة الفائت.
منع نشر أي محتوى "طائفي"
أصدرت وزارة الإعلام لدى حكومة تصريف الأعمال، في الـ 26 من الشهر الفائت، قرارا ينص على منع تداول أو نشر "أي محتوى خبري ذي طابع طائفي"، تحت طائلة المحاسبة.
جاء ذلك بعد خروج احتجاجات في عدة محافظات إثر تداول فيديو قديم قيل إنه لاعتداء على مقام يعود للطائفة العلوية في مدينة حلب.
وجاء في بيان وزارة الإعلام: "حرصاً على تعزيز الوحدة الوطنية وصون النسيج السوري بجميع مكوناته، يمنع منعاً باتاً تداول أي محتوى إعلامي أو نشره أو محتوى خبري ذي طابع طائفي يهدف إلى بث الفرقة والتمييز بين مكونات الشعب السوري".
وأكدت وزارة الإعلام على "كافة المؤسسات الإعلامية والناشطين الإعلاميين الالتزام بالعمل على نشر قيم التآخي والتعايش المشترك، مع التشديد على أنّ أي مخالفة لأحكام القرار ستعرّض أصحابها للمحاسبة القانونية".
اقرأ أيضاً: "الإعلام السورية" تمنع نشر أي محتوى "طائفي" تحت طائلة المحاسبة
السماح للطلاب السوريين المنقطعين بإكمال تعليمهم
أعلنت وزارة التعليم العالي في الحكومة، الشهر الفائت، عن قرار يسمح لطلاب الجامعات والدراسات العليا المنقطعين عن التعليم منذ عام 2011 بالعودة لمقاعد الدراسة.
ويشمل القرار الطلاب في الجامعات العامة والخاصة الذين انقطعوا عن التعليم بسبب ظروف الحرب التي شهدتها البلاد خلال السنوات الماضية.
وجاء في البيان الرسمي، أن الطلاب في المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين يمكنهم التقدم بطلبات لإعادة تسجيلهم في قيدهم السابق، وذلك اعتباراً من 5 كانون الثاني 2025 وحتى 6 شباط 2025، وفق نموذج رسمي معتمد.
تعديلات على المناهج وإلغاء نتائج اختبار الترشح لامتحان الشهادة الثانوية
أصدرت وزارة التربية لدى حكومة تصريف الأعمال السورية، مطلع الشهر الجاري، قراراً يقضي بتعديل بعض المناهج الدراسية.
ونشرت الصفحة الرسمية لوزارة التربية السورية لائحة تضمنت إجراء تعديلات على المناهج الدراسية من الصف الأول وحتى الثالث الثانوي في سوريا للعام الدراسي 2025 م.
كذلك أصدرت قراراً بإلغاء نتائج اختبار الترشح لامتحان الشهادة الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي، لدورة عام 2024 – 2025.
ووفق القرار الجديد، يُسمح للطلاب الراغبين بالتسجيل بصفة دراسة حرة بالتقدم لامتحان الشهادة الثانوية العامة بفرعيها العلمي والأدبي وفق شرطين.
اقرأ أيضاً: التعديلات على المناهج السورية.. غضب وانتقاد واسع يقابله تبرير وزاري
إجراءات لتنظيم النشاط الإعلامي
أعلنت وزارة الإعلام لدى حكومة تصريف الأعمال السورية، عن إجراءات لتعزيز التعاون بينها وبين الجهات الإعلامية بهدف تنظيم النشاط الإعلامي، مؤكدة في لقاء مع إعلاميين بدمشق أنّ الوزارة ستمنح الأولوية الكبرى لإعلاميي الثورة السورية.
وكانت "الإدارة الجديدة" بقيادة أحمد الشرع أعلنت في الـ 21 من كانون الأول الفائت، تكليف محمد يعقوب العمر بحقيبة وزارة الإعلام في الحكومة الجديدة بعد سقوط النظام السوري السابق.
وفي تعميم نشرته "وزارة الإعلام" عبر منصة "تلغرام"، طالبت الوزارة من "جميع الجهات الإعلامية" التنسيق المسبق معها قبل تنظيم أي فعالية إعلامية، عبر الحصول على موافقة رسمية، بهدف تعزيز التعاون مع الجهات الإعلامية وتنظيم النشاط الإعلامي.
وبالتزامن نشرت الوزارة تعميماً آخراً، طالبت فيه بمراجعة المديرية العامة للشؤون الصحفية والإعلامية قبل القيام بأي عملية بيع لأصول أو معدات أو ممتلكات متعلقة بالعمل الإعلامي، في إطار تنظيم "النشاط الإعلامي"، وفق التعميم.
تسليم الرواتب عبر تطبيق "شام كاش"
أصدرت حكومة تصريف الأعمال السورية تعليمات للموظفين في القطاع العام بإنشاء حساب على تطبيق "شام كاش" (Sham Cash)، الذي سيُستخدم لتسليم الرواتب المستحقة، وتحدثت عن وعود بزيادة الرواتب بنسبة 400 بالمئة.
وفي نهاية العام الماضي، أصدر "مصرف سورية المركزي" تعميماً على جميع المؤسسات المالية بضرورة توجيه الموظفين لتحميل التطبيق من أجل استلام رواتبهم الشهرية.
ورغم التصريحات الرسمية التي أكدت ضرورة استخدام التطبيق، أثار هذا التوجيه موجة من الجدل والمخاوف، خاصة في ظل غياب التطبيق عن المتاجر الرسمية مثل "غوغل بلاي" و"آبل ستور"، ما جعل البعض يشعر بعدم الأمان على بياناته الشخصية.
روزنة نشرت تقريراً موسعاً حول التطبيق الذي اُستخدم قبل ذلك من قبل "حكومة الإنقاذ" (الذراع التنفيذي لهيئة تحرير الشام أبرز فصائل إدارة العمليات العسكرية) في محافظة إدلب بمعاملات مالية مرتبطة بـ"بنك شام".
قد يهمك: "شام كاش".. حل مالي للسوريين أم تهديد لأمنهم الرقمي؟
تخفيض الرسوم الجمركية
أعلنت حكومة تصريف الأعمال السورية، السبت الفائت، عن تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة تصل إلى 60 بالمئة، بهدف خفض تكاليف الاستيراد ودعم الصناعة المحلية. وأصدرت نشرة رسوم جمركية موحدة لتسهيل دخول البضائع.
وقال مدير العلاقات في الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية، مازن علوش، لوكالة "سانا"، أن نشرة الرسوم الجمركية الموحدة تسري على جميع الأمانات الجمركية في المنافذ البرية والبحرية والمطارات. ويعمل بأحكامها اعتباراً من تاريخ إصدارها (السبت الماضي).
وبيّن علوش أنّ نشرة الرسوم الجمركية الموحدة في جانب كبير منها، خفضت الرسوم المعمول بها سابقاً بنسبة 50 إلى 60 بالمئة، ما ينعكس أثره على عموم السوريين بتعزيز قدرتهم على الاستهلاك وتلبية احتياجاتهم بأسعار معقولة بما يسهم في رفع مستوى معيشة جميع المواطنين.
اقرأ أيضاً: فرحة الأسعار المنخفضة تصطدم بضعف الرواتب في سوريا
وتهدف النشرة، وفق علوش، إلى دعم القطاع الصناعي وتعزيز جذب الاستثمار، عبر تقديم إعفاءات للمستثمرين وأصحاب المعامل الذين اضطروا إلى إخراج معداتهم أو منشآتهم لظروف الحرب، ويرغبون بإعادتها إلى البلاد أو الذين يرغبون بإدخال معامل جديدة متكاملة.
وأثار قرار توحيد التعرفة الجمركية في سوريا سخط سوريين في شمالي غربي البلاد، شمل إضراباً في سوق سرمدا التجاري، الأحد الفائت.
قد يهمك: إدلب: إضراب وسخط إثر قرار توحيد التعرفة الجمركية.. واقتصاديون يوضحون
وتستمر القرارات الصادرة عن حكومة تصريف الأعمال وسط مطالبات سياسية بتشكيل حكومة مؤقتة تشارك بها مختلف الأطراف في سوريا، مع إعلان سابق للإدارة الجديدة أن "تصريف الأعمال" ستبقى حتى الأول من آذار المقبل.