هل تسعى موسكو للتقارب بين دمشق و أنقرة؟

هل تسعى موسكو للتقارب بين دمشق و أنقرة؟
سياسي | 22 سبتمبر 2020 | مالك الحافظ

تثير تصريحات وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، يوم أمس، حول انتهاء العمليات العسكرية بين قوات النظام السوري والمعارضة في إدلب، الكثير من التساؤل حول أبعاد المعاني التي ذهب إليها الوزير الروسي؛ في وقت فشلت فيه المباحثات الفنية بين الوفدين الروسي والتركي حول ملف إدلب، و برزت إثر ذلك توقعات بتصعيد عسكري واسع في المنطقة تقوده روسيا. 


وقال لافروف، إن المواجهة العسكرية بين قوات النظام والمعارضة في سوريا انتهت، معتبراً أنه لا توجد سوى نقطتين ساخنتين في إدلب، التي تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام"، والضفة الشرقية لنهر الفرات حيث توجد القوات الأميركية.

وأضاف في مقابلة مع قناة "العربية" في نيويورك، أن المنطقة الأولى يتقلص فيها وجود هيئة تحرير الشام، ويواصل الأتراك العمل على أساس المذكرة الروسية-التركية، وروسيا تدعمهم في هذا.

التصريح الروسي يفتح الاحتمالات أمام الترجيح بمساعي موسكو للتقريب بين أنقرة ودمشق، بالنظر إلى أن هذا التصريح يأتي كتطمين للجانب التركي بعدم أي تصعيد مستقبلي وبرغبة الأطراف المحلية بالجنوح للتهدئة وإرساء الاستقرار، و انطلاقًا من الاجتماعات الأمنية التي رعاها الروس في مدينة سوتشي خلال الفترة الماضية، واعترف بها رئيس النظام السوري بشار الأسد خلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "الإخبارية السورية" نهاية تشرين الأول الماضي. 

الأسد و خلال مقابلته قال أيضًا أنه "لن يتشرف بلقاء أحد من منظومة نظيره التركي رجب طيب أردوغان، ولكن من أجل مصلحة الوطن و كل ما يحقق هذه المصلحة لابد من القيام به".


اقرأ أيضاً: تفاوض روسي-تركي حول مناطق النفوذ بإدلب… ما النتائج المتوقعة؟ 


و أعرب نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، بعد حديث الأسد بأقل من شهر عن تأييد موسكو لفكرة عقد لقاء بين دمشق و أنقرة، مشيراً إلى أن ذلك يعتمد على رغبة من الطرفين، في حين كان وزير الخارجية الروسي قال خلال عملية "نبع السلام" التركية (تشرين الأول 2019) أن بلاده تسعى إلى
أن تجلس أنقرة ودمشق على الطاولة من أجل التوصل إلى حل للأزمة السورية.

دمشق قريبة من أنقرة؟

عضو هيئة المصالحة الوطنية التابعة للنظام السوري، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة"، اليوم الثلاثاء، أن دمشق وأنقرة أقرب لبعضهما خلال الفترة الحالية أقرب من أي وقت مضى، مشيرًا إلى أن أحد أبرز القواسم التي تجمع بين الطرفين وفق تقديره هو الاتفاق على التخلص من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" شمال شرق البلاد. 

وتابع بأن "مساعي روسيا للتقريب بين دمشق وأنقرة مستمرة، ولم تنقطع منذ سنوات". 

و رأى رحمون بأن تصريحات لافروف التي نوه من خلالها لانتهاء الأعمال العسكرية تعني بأن "المعركة الكبرى انتهت، وستتم إعادة ما بقي خارج سيطرة الدولة بالتفاهم مع الدول التي تدعم هذه الفصائل".

وختم حديثه لـ "روزنة" بالقول "سنشهد قريبًا تسليم جبل الزاوية، وجنوب طريق M4، دون معارك أو عبر معارك شكلية".


قد يهمك: توتر روسي-تركي حول إدلب… عودة التصعيد من جديد؟


و في شهر كانون الثاني من العام الجاري، أفادت وكالة "سانا"، باجتماع أمني جديد رعته روسيا في موسكو، حيث جمع كل من اللواء علي مملوك، رئيس مكتب الأمن الوطني آنذاك ونائب الأسد للشؤون الأمنية خلال الوقت الحالي، برئيس جهاز الاستخبارات التركي حقان فيدان.

المعارك الحقيقية انتهت في إدلب؟

من ناحيته اعتبر المحلل السياسي المختص بالشؤون الروسية، د.محمود الحمزة، بخصوص أية مساعي روسية لإحداث تقارب بين أنقرة ودمشق، بأن روسيا دائما سعت إلى تلميع صورة النظام السوري، وهي التي لعبت دورًا حاسمًا في إبقاء النظام إلى اليوم رغم هزالته و انهاكه. 

وتابع خلال حديثه لـ "روزنة" بأن "روسيا سعت كذلك إلى أن تعيد الأراضي السورية إلى سيطرة النظام، و إلى إعادة العلاقات العربية والدولية مع النظام بحجة إعادة اللاجئين و إعادة الإعمار، و آخرها كانت مواجهة أزمة كورونا… الروس ليس لديهم المال لإعادة الإعمار ودولة واحدة لا تستطيع القيام بذلك لوحدها، والروس يبدوا أنهم يأسوا من موضوع العمل العسكري".

وفي السياق ذاته استبعد الحمزة أن تكون أنقرة مستعدة خلال الفترة الحالية إلى فتح قناة سياسية مع النظام السوري، وتابع مردفًا "يمكن أن تطحرح روسيا صفقة على تركيا بأن تعطي لها مساحة نفوذ إضافية في شمال سوريا، مقابل أن تعطي تركيا للنظام المنطقة الجنوبية من الطريق الدولي M4… الهم الأكبر لتركيا ليس في إدلب و إنما في المناطق الشمالية من سوريا القريبة من تواجد القوات الكردية". 


اقرأ أيضاً: رسائل روسيّة يسلمها لافروف للأسد… ما أهمها؟


و رأى المختص بالشؤون الروسية بأن تصريح لافروف يدل على أن الروس باتوا مقتنعين بأن العمل العسكري في إدلب انتهى فعلاً، على أن تبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة السلم و البناء السياسي والاقتصادي، وفق وصفه.

وزاد بالقول بأن المعارك العسكرية الحقيقية انتهت في إدلب؛ ولن تكون هناك مجابهة بين روسيا وتركيا، فالأخيرة بحسب تعبيره لديها حضور عسكري قوي، وكذلك فإن روسيا لن تغامر بعمل عسكري مقابل العلاقات الروسية التركية. 

وتابع "لا يمكن أن تفرط كل من روسيا و تركيا بالعلاقات بينهما من أجل المعركة في إدلب، وكذلك هناك سعي للتنسيق و التفاهمات بين الطرفين في ليبيا رغم وجود المنافسة بينهما… حجم التنافس في سوريا بين الروس و الأتراك أصبح ضيقًا جدًا بما يخص منطقة إدلب و جبهة النصرة الإرهابية وبهذا الملف يبدو أن تركيا تعهدت بأن تحل مشكلتها". 

ملفات سياسية متشابكة

فيما أشار الكاتب و المحلل السياسي السوري، حسام نجار، خلال حديث لـ "روزنة" إلى أن تصريح لافروف فيه شيء من الصحة منوهًا إلى أن محاولات النظام في التقدم على عدة محاور و بخاصة غرب حلب و منطقة جبل الزاوية بإدلب؛ لا يرافقها طلعات جوية روسية تمهد لها، وفق تعبيره.

 وتابع "كذلك فإن قوة التحصينات التي عملت عليها الفصائل تمنع التقدم (لقوات النظام)... هناك حالة جديدة في المنطقة برمتها ومعظم الملفات متشابكة وبخاصة التي يعمل بها الروسي والتركي، لذا نرى شد في طرف وتراخي في آخر حسب نقاط القوة".


قد يهمك: روسيا تسعى لتوحيد الجهود مع تركيا لمواجهة الجماعات الجهادية!


و رأى على الصعيد السياسي بوجود عمل متراكم يحاول الروسي و التركي تنفيذه أهمه اللجنة الدستورية السورية، وقرب الانتخابات الرئاسية الأميركية، وعمليات التطبيع التي تمتلك تأثيرًا رغم عدم وجود النظام السوري داخلها في الوقت الحالي، و أردف "الروسي يعتبر نفسه أصبح مستنفزاً في سوريا لذلك يحاول الإنتهاء من الملف السوري".

وكان لافروف أفاد مطلع الشهر الجاري بأن العمل مع تركيا في منطقة خفض التصعيد بإدلب في تقدم مستمر، وقال في تصريح صحفي "مازال هناك المزيد من العمل في إدلب، ونشهد تقدما فيها والأهم هو عدم وجود أحداث دموية".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق