عقوبات على تيار أسماء الأسد... واشنطن "حرقت الكرت" سريعاً؟

عقوبات على تيار أسماء الأسد... واشنطن "حرقت الكرت" سريعاً؟
سياسي | 30 يوليو 2020 | مالك الحافظ

لعل دخول اسم حافظ بشار الأسد في قائمة العقوبات الأميركية ومن بوابة "قانون قيصر" بالتحديد، يعتبر أمراً مثيراً للتساؤل حول الأسباب الحقيقية التي دعت واشنطن؛ بصرف النظر عما أعلنته واشنطن أن استهداف النجل الأكبر لبشار يأتي "تماشيا مع العقوبات السابقة التي شملت والده ووالدته، بعد بروز دوره في العائلة".


تعليقات المسؤول الحكومي الأميركي، قد لا تدل صراحة على نية واشنطن الحقيقية في وضع اسم ابن بشار الأسد على لائحة العقوبات، فوجود اسم شخصية بهذا العمر تدفع للبحث أكثر حول المعاني السياسية والاقتصادية سوية التي استدعت إدراجه على قائمة الحزمة الثانية من عقوبات "قيصر".

و فرضت الإدارة الأميركية، يوم الأربعاء، دفعة عقوبات جديدة على النظام السوري وداعميه، مستهدفة أفراداً من عائلة بشار الأسد (رئيس النظام السوري) أبرزهم نجله حافظ، إلى جانب رجل الأعمال وسيم القطان. 

وقد شملت الحزمة الثانية من عقوبات قانون "قيصر" الذي صدرت قائمته الأولى في الـ 17 من الشهر الماضي، كل من الأشخاص؛ حافظ بشار الأسد، زهير توفيق الأسد، كرم زهير الأسد، وسيم أنور القطان. إضافة إلى الكيانات التالية؛ الفرقة الأولى في قوات النظام السوري (التي يقودها زهير الأسد)، مجمع قاسيون التجاري، مجمع ماسة بلازا، مجمع يلبغا التجاري السياحي، مروج الشام للاستثمار والسياحة، آدم للتجارة والاستثمار، انترسكشن المحدودة، فندق الجلاء. وجميع هذه الاستثمارات تعود ملكيتها للقطان. 


قد يهمك: الخارجية الأميركية توضح سبب غياب رامي مخلوف عن عقوبات قيصر


فيما لو جاز التعبير فإن الحزمة الثانية من هذه العقوبات كان يجب تسميتها بـ "عقوبات أسماء الأسد" فالرسائل الموجهة صوب تيارها تحوز النصيب الأكبر من الأهداف المفترضة لعقوبات "قيصر" بنسختها الثانية.

تمثل العقوبات التي طالت كل من نجل ابن الأسد ورجل الأعمال وسيم القطان ضربة جديدة باتجاه تيار أسماء الأسد الاقتصادي، فهي التي بات توجهها واضحاً في محاصرة رامي مخلوف وتحجيم نفوذه والسيطرة اقتصاديا على دمشق بمقابل احتوائها لأمراء الحرب وأثرياءها، والمحاولة على تلميع شخصيات غائبة تماما عن سجل العقوبات.

إضافة إلى أن هذا الجانب يستهدف بحال من الأحوال أيضاً الطرف الروسي الذي يسعى بجهود حثيثة للدخول بمرحلة إعادة الإعمار، وبظل استمرار العقوبات الأميركية التي تكبل استثمارات لرجال أعمال مقربين من التيار الاقتصادي الجديد للنظام فإن تلك المرحلة التي تأملها روسيا لن تأتي طالما أن الأخيرة لم تجلس إلى طاولة الحل السياسي الذي تريده واشنطن ألا يكون برؤية روسية خالصة. 


الجميع مستهدف!


الخبير والباحث الاقتصادي السوري، يونس الكريم، اعتبر خلال حديث خاص لـ "روزنة" أن إنزال العقوبات بشخصية مثل القطان، تدلل صراحة بأن واشنطن باتت تستهدف أيضاً أمراء الحرب و المستثمرين الجدد الذين ظهروا خلال الفترة الماضية، والذين كانوا حتى فترة سابقة خارج إشكالية العقوبات الغربية. 

وتابع بالقول "هذه العقوبات تثبيت للعقوبات الأوروبية التي كانت مفروضة عليه (القطان) بشكل شخصي، ما يعني التأكيد على أن المسار الأوروبي الأميركي هو مسار واحد.. إن القول عبر هذه العقوبات أن المستثمرين والداعمين للنظام السوري من الدرجة الثانية باتوا مستهدفين سيزيد الضغط على تيار أسماء الأسد، إضافة إلى أن القطان أيضاً بات غير آمن، ما يعني أن هذا الاستهداف يأتي ليوقف أي عملية تطوير و إعادة إعمار دمشق كملاذ ضريبي آمن".


قد يهمك: لماذا طالت عقوبات "قيصر" أسماء الأسد وغاب عنها مخلوف؟


وأكمل بأن "القطان ليس من الطبقة البرجوازية؛ لذلك فإن أعماله الاستثمارية في الفترة الأخيرة تظهر أنه يعمل في غسيل الأموال، بخاصة و أن نمط أعماله التي تندرج ضمن نطاق الشركات السياحية والمفروشات هو المجال المعروف بغسيل الأموال، حيث أن الأموال التي دفعها القطان بغاية استثمار المجمعات التي يتشارك ملكيتها مع الحكومة السورية هي أرقام مبالغ فيها في ظل مجهولية مصدر أمواله… القطان أخذ من النظام استثمارات كبيرة جدا، و بالتالي لابد من انزال عقوبات قيصر عليه لأن القانون يوضح بأن كل من يتعامل مع الحكومة سيتم بحقه فرض عقوبات".


ماذا عن "يلبغا" و نجل الأسد؟


الكريم أشار خلال حديثه إلى أن دخول مشروع "يلبغا" قائمة العقوبات، عائد لكونه البناء الأكبر و الأضخم بالعاصمة ويقع بمنتصف المنطقة التجارية للعاصمة، وأهميته مؤثرة في عملية التغيير الديمغرافي الاقتصادي، حيث سيقوم بتغيير الديمغرافية الاقتصادية للعاصمة بسبب حجمه، وبالتالي فإن العقوبات هدفها إيقاف هذا النمط من البنية الاقتصادية، وفق تعبيره. 

وزاد بالقول "قيصر يستهدف مشاريع اقتصادية متعددة وهذا يعتبر نقلة لافتة، وكذلك فإن العقوبات تستهدف المشاريع التي تنشط مع وزارات مختلفة داخل العاصمة، لذلك تم استهداف القطان الذي يعمل في هذه الاستثمارات، لذا فإن وزارتي السياحة والأوقاف باتت تحت رصد عقوبات قيصر وهذا بداية توسعة قائمة العقوبات". 

وأما عن سبب إنزال العقوبات على حافظ بشار، أوضح الخبير الاقتصادي أن ذلك جاء كرادع لمنع أسماء الأسد من استخدام أبنائها للتهرب من العقوبات، بخاصة وأنها تمتلك الجنسية البريطانية ما يمنحها إمكانية منح أبنائها هذه الجنسية لتمكينهم من تهريب أموال العائلة. 


قد يهمك: الطيران المدني أولى احتيالات النظام السوري على "قيصر"


وختم حديثه قائلاً "هذه خطوة مهمة وكان من المفترض أن تشمل العقوبات جميع أفراد العائلة لكي لا يتم تهريب أموال الشعب السوري… العقوبات جاءت لمنع امكانية تجهيز حافظ لتولي منصب قيادي لاحقا ما قد يسمح بإشراكه للخوض بالدفاع عن جرائم أبيه". 

وكانت الناطقة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، جيرالدين غريفيث، أكدت يوم أمس خلال حديث خاص لـ "روزنة" أن الحزمة الثانية من عقوبات قانون "قيصر" التي أصدرتها الإدارة الأميركية، تُمثّل جزءاّ من "حملة متواصلة" ضد أفراد ساهموا في أنشطة النظام؛ التي تسببت بمعاناة لا توصف بحق السوريين الطامحين بمستقبل كريم ومعيشة آمنة.

وأضافت بأن التأثير الكامل لهذه الحملة سيكون طويل الأمد، بما يمنع من تحقيق النظام السوري وداعميه أية استفادة اقتصادية بعد "حملة العنف المروعة التي يقودونها ضد الشعب السوري".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق