مالك الحافظ - روزنة|| بالتزامن مع دخول عقوبات "قانون قيصر" حيز التنفيذ، وافقت وزارة التجارة الداخلية في حكومة النظام السوري، يوم أمس الأربعاء، على تأسيس شركة "بيتر ايرلاين" للطيران، لتكون ثامن شركة طيران خاصة في سوريا، والثانية التي يتم ترخيصها خلال العام الجاري.
اللافت في ملف ترخيص شركات الطيران الخاصة السورية أن أي منها لم تعمل حتى الآن، ما عدا شركة "أجنحة الشام" التي تأسست عام 2007.
ويثير عدم تفعيل عمل شركات الطيران الكثير من التكهنات، قد يتمثل أبرزها في مدى إمكانية أن يستغلها النظام في الالتفاف على العقوبات الغربية وأهمها قانون "قيصر"، بخاصة وأن عقوبات "قيصر" تفرض في الفقرة "102" منها على كل من يزود حكومة النظام "ببيع أو تزويد طائرات أو قطع غيار للطائرات استخدمت لأغراض عسكرية في سوريا، لصالح الحكومة السورية أو لأي شخصية أجنبية تعمل في مجال تسيطر عليه الحكومة السورية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أو تسيطر عليه القوات الأجنبية المرتبطة بالحكومة السورية". وكذلك تُفرض العقوبات بموجب "قيصر" على كل جهة أو شخصية "قامت على علم ودراية منها بتزويد بضائع أو خدمات مهمة تتصل بعمليات الطائرات التي تستخدم لأغراض عسكرية في سوريا أو لصالح الحكومة السورية".
قد يهمك: "أيام سوداء" تنتظر الليرة السورية لهذه الأسباب
وما قد يدفع إلى التركيز على هذه الفقرة التي حددت جزئية "الأغراض العسكرية" هو ما اتبعته شركة "أجنحة الشام" خلال السنوات الماضية، حيث تتهم الشركة بنقل عناصر النفوذ العسكري الإيراني في سوريا، فضلا عن الاتهام بمسؤوليتها بالتورط بمقتل قاسم سليماني (القائد السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني)، حيث كشفت تقارير إعلامية -مطلع العام الجاري- عن اعتقال عدد من موظفي الشركة في سوريا، بطلب من الحرس الثوري الإيراني، بسبب الاشتباه بتواصل عدد منهم مع الولايات المتحدة، وتزويد واشنطن بلحظة سفر سليماني من دمشق وموعد وصوله إلى بغداد.
بشار الأسد ورامي مخلوف وراء تأسيس "أجنحة الشام"؟
تعود ملكية شركة "أجنحة الشام للطيران" إلى "مجموعة شموط" التجارية التي أسسها رجل الأعمال المقرب من النظام محمد عصام محمد أنور شموط.
وتفيد مصادر لـ "روزنة" أن شركة "شموط" كانت تشكل غطاء لكل من رجل الأعمال المقرب من النظام رامي مخلوف، وكذلك لرئيس النظام السوري (بشار الأسد)، الذي تعود له ملكية الشركة، وفق المصادر.
اقرأ أيضاً: هل يُؤخّر رامي مخلوف بدء مرحلة إعادة الإعمار؟
الشركة تأسست عام 2007 كأول شركة طيران خاصة، ومنذ عام 2014 باتت الشركة هي الناقل الثاني ثم أصبحت الأول في سوريا، وباتت بديلاً عن "الشركة السورية للطيران" التي فرضت عليها عقوبات أميركية وأوروبية.
في حين تأتي شركة "فلاي داماس" (تأسست عام 2015) بدرجة أقل من "أجنحة الشام" في عملية تشغيل حركة الطيران المدني في سوريا، والتي اقتصرت رحلاتها على نطاق ضيق جداً، شملت دول الكويت والعراق والسودان بشكل رئيسي.
شركات الطيران الخاصة محاولة للالتفاف على العقوبات؟
الخبير الاقتصادي، سامر كعكرلي، اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" أن منح التراخيص لشركات طيران خاصة في سوريا يعود مرده إلى محاولة من النظام بالالتفاف على العقوبات. لا سيما أن شركة "أجنحة الشام" تم شملها بالعقوبات سواء الأوروبية أو الأميركية، وتابع "من الطبيعي أن تلك الشركات التي تم ترخيصها في هذه الظروف مثل شركة فلاي داماس، والشركة الوطنية للطيران المحدودة المسؤولية، لم تعمل لغاية الآن لأنها رُخصت للعمل في ظل العقوبات الأميركية "قيصر"، والتي دخلت حيز التنفيذ يوم أمس الأربعاء، وعلى الأرجح بأن (شركات الطيران) ستبدأ بالعمل في هذه الفترة".
وأكمل "لا أعتقد بأن محاولات النظام السوري هذه والتي تهدف للالتفاف على العقوبات ستمر على المجتمع الدولي، وأعتقد بأنها ستراقب؛ وفي حال اختراقها للعقوبات بنقلها أموال أو قطع عسكرية أو شخصيات معاقبة فأنها ستخضع للعقوبات حتما".
قد يهمك: لهذه الأسباب تطلب روسيا أموالها من الأسد
وأشار كعكرلي إلى أن النظام السوري لا يصدر أية قرارات أو مراسيم إن لم تكن تصب في مصلحته (المادية، او التي تضمن بقاءه على رأس السلطة)، "قانون الإستثمار رقم /١٠/ الصادر في شهر أيار عام 1991 والذي سمح نظام الأسد بموجبه للقطاع الخاص بالاستثمار بثلاث مجالات هي الزراعة والصناعة والنقل، ومن ثم تم تعديل القانون بإضافة مجالات أخرى مثل قطاع التعليم وقطاع الصحة وغيره".
وأردف بالقول "جاءت تلك القوانين والمراسيم بعد خنق البلد إقتصادياً من قبل النظام؛ لدرجة أصبح المواطن السوري يلهث وراء علبة محارم، في الوقت الذي كان النظام ورجالاته يكدسون الثروات مستغلين حالة فساد لم تراها سوريا من قبل، إضافة لاستغلال احتلال النظام السوري للبنان وتشكيل مافيات مشتركة سورية لبنانية أساس عملها تهريب المخدرات وغسيل الأموال، ولذلك كان لا بد من فتح مجال الاستثمار الخاصة في سوريا، من أجل استثمار الأموال المنهوبة من قبل النظام ورجالاته".
اقرأ أيضاً: ما علاقة المنظمات الدولية بانخفاض الليرة السورية من جديد؟
و بالارتباط مع سعي النظام وأهدافه لزيادة أعداد شركات الطيران الخاصة، يعود كعكرلي بالذاكرة إلى عام 2008 حينما قررت حكومة محمد ناجي العطري إقامة مؤتمر للإستثمار في المنطقة الشرقية بهدف تشجيع الاستثمار بتلك المنطقة، وتم -آنذاك- دعوة العديد من المستثمرين السوريين المغتربين أو العرب والأجانب.
وأسهب مضيفاً "كان من إحدى النقاط التي أثارها أحد المستثمرين السوريين المغتربين أن المنطقة الشرقية تبعد من 500 إلى 1000 كم عن دمشق، وهي غير مخدمة بطرق ذات مواصفات دولية، لذلك فإن أي مستثمر لن يغامر بإستثمار أمواله في هذه المنطقة غير المخدمة، ولكن إن تم الترخيص لشركات طيران خاصة، أو على الأقل السماح للمستثمر بالطيران المروحي لحلت إشكالية البعد عن المراكز الاقتصادية سواء بدمشق أو حلب أو اللاذقية، فقال العطري، (أنا كنت موجود بحكم عملي مسؤول الاستثمار الزراعي في وزارة الزراعة) بأن الطيران الخاص سواء التجاري أو المروحي محصور (فقط) بالدولة وغير مطروح على قائمة المشاريع الاستثمارية، لاحظ هنا كلام ناجي العطري كان في عام 2008، بينما ترخيص شركة أجنحة الشام وهي شركة خاصة كان في عام 2007، ولكن أجنحة الشام مملوكة من قبل رامي مخلوف، لذلك يمنع على غيره الاستثمار في هذا المجال".
ماذا عن إعادة الإعمار؟
من جانبه اعتبر الباحث الاقتصادي، يونس الكريم، خلال حديثه لـ "روزنة" أن ترخيص العديد من شركات الطيران الخاصة جاء في وقت كانت تسعى فيه مجموعة من رجال الأعمال المقربين للنظام عند الدخول في مرحلة إعادة الإعمار، أن يتم إعادة بيع هذه الشركات لاحقاً إلى مستثمرين عرب وأجانب، فضلاً عن سعي النظام للإيحاء بأن هناك تغير بالسياسة الاقتصادية العامة وخروجها من يد رامي مخلوف وتياره المتحكم بالاقتصاد السوري منذ 20 عام.
وتابع "لم يتم تشغيل قطاع الطيران المدني بشكل مناسب بسبب العقوبات الأوروبية و الأمريكية على هذا القطاع… الهدف الرئيسي من ترخيص الشركات وبمعزل عن الالتفاف على العقوبات كان ينبني على أمل أن تقوم روسيا بإعادة توفيق العلاقات مع الأوروبيين، وأن تلعب مكاتب العلاقات العامة لأسماء الأسد دوراً في الضغط على البيت الأبيض بتخفيف العقوبات و إطلاق مرحلة إعادة الإعمار".
وختم بالقول "الشركات ستبقى معطلة حتى يتم حل مشكلة العقوبات و إنطلاق مرحلة إعادة الإعمار".
من هي شركات الطيران الحالية؟
"فلاي داماس"
بالإضافة إلى شركة "أجنحة الشام"، كانت "فلاي داماس" تُشغّل بعض الرحلات إلى خارج سوريا، بعد أن حصلت على الترخيص النهائي من "المؤسسة العامة للطيران المدني السوري" في 19 شباط 2015، وأصبحت تحمل شهادة مشغل جوي سوري منذ ذلك الوقت. مديرها العام منذ عام 2017 هو عمار القادري.
"فلاي أمان"
تأسست عام 2018، تعود ملكية 90 بالمئة من أسهمها إلى نائب رئيس مجلس إدارة "أمان القابضة" خلدون الزّعبي، فيما النسبة المتبقية لرئيس مجلس إدارة "أمان دمشق المساهمة" التابعة لـ "أمان القابضة" محمد بشار عاصي، وتملك 3 طائرات. ومن الجدير ذكره أن رئيس مجلس إدارة "أمان القابضة" هو سامر فوز رجل الأعمال السوري الذي بات أحد أذرعة النظام الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة.
"ايست أند ويست"
تأسست عام 2018، رئيس مجلس إدارتها هو ناصر قيدبان، كان مسشتاراً في وزارة النقل السورية ومديراً تجارياً في "السورية للطيران".
"الوطنية"
تأسست عام 2018، حينما أعلن رجل الأعمال السوري المغترب مازن الترزي، مطلع ذلك العام عن تأسيس الشركة، برأسمال وصل إلى 70 مليون دولار، يمتلك فيها الترزي 85% من أسهم الشركة، فيما توزعت باقي الأسهم على ولديه علي و خالد.
"نايا"
تأسست عام 2019، ويديرها فراس البني، برأسمال وصل إلى 500 مليون ليرة سورية، موزع على ألف حصة، قيمة كل حصة 500 ألف ليرة، ويتقاسم هذه الحصص ثلاثة أشقّاء، هم ( فراس محي الدين البني، وبدر، ورزان البني).
"الأجنحة الذهبية"
تأسست في شهر أيار الماضي من العام الجاري (2020)، وتعود ملكيتها لثلاثة مستثمرين سوريين هم: أيهم محمود سليم ويمتلك 33 بالمئة من أسهم الشركة ويشغل منصب مدير الشركة، وسلامة داوود الحاج علي ويمتلك ما نسبته 33 بالمئة من الأسهم، إضافة إلى علي صالح الحاج علي الذي يمتلك الحصص المتبقية البالغة نسبتها 34 بالمئة من أسهم الشركة.
"بيتر ايرلاين"
هي آخر الشركات التي تم ترخيصها، والتي أعلن عنها يوم أمس الأربعاء، وتعود ملكيتها لمستثمرين سوريين اثنين هما، مارك خليل عبيد ويملك 95 بالمئة من أسهم الشركة ويشغل منصب مدير الشركة، وكنده ربيع حلال وتملك ما نسبته 5 بالمئة من الأسهم المتبقية.
وكانت وزارة النقل في حكومة النظام، قد أعلنت في عام 2018 عن البدء بإجراءات الموافقة على ترخيص شركات طيران خاصة في سوريا، مشترطة ألا يقل رأسمال الشركة عن 500 مليون ليرة سورية دون ثمن الطائرات حتى تمنحها الترخيص.
الكلمات المفتاحية