هل يُؤخّر رامي مخلوف بدء مرحلة إعادة الإعمار؟

هل يُؤخّر رامي مخلوف بدء مرحلة إعادة الإعمار؟
اقتصادي | 16 مايو 2020
مالك الحافظ - روزنة|| تشي الحملة التي أعلن عنها رئيس النظام السوري بشار الأسد لما أسماه "مكافحة الفساد" نهاية الصيف الفائت، بأن روسيا كانت قد رفعت يدها شيئاً فشيئاً عن رجالات النفوذ الإيراني في الاقتصاد السوري، وذلك ما بدا واضحاً في التضييق على التيار الاقتصادي لرامي مخلوف (ابن خال الأسد) و الذي يعتبر الذراع الاقتصادية الرئيسية للوجود الإيراني. 

في وقت تصر فيه روسيا على البدء الفوري بمرحلة إعادة الإعمار، تشدد أوروبا على أن هذه المرحلة لا يمكن أن تبدأ دون إتمام العملية السياسية وترتبط بذلك مع الرؤية الأميركية التي تؤكد بضرورة إخراج النفوذ الإيراني في سوريا بشكل رئيسي، وهي الجزئية التي جذبت روسيا أكثر من تنفيذ عملية سياسية كاملة وحقيقية، لذا ومع اقتراب تطبيق واشنطن لقانون "قيصر" الذي يحمل بين طياته عقوبات قاسية بحق النظام وداعميه، فإن روسيا تجد نفسها مضطرة لتشديد الخناق على نفوذ إيران في سوريا، فهي ستحصل على مبتغاها في إعادة الإعمار وكذلك تمنع التضييق عليها في مقرها الاستراتيجي في الشرق الأوسط.

لقد تضررت البنية التحتية في سوريا بشكل كبير في ظل الحرب، ووفقا لتقديرات الخبراء فإن سوريا ستحتاج نحو 300 إلى 400 مليار دولار لإعادة إعمارها، ولكن هل بمقدور روسيا أن تتولى مرحلة إعادة الإعمار بمجرد تغييب رجالات إيران ونفوذها من سوريا. 

اقرأ أيضاً: حريم قصر الأسد… القوة الاقتصادية الناعمة

الخبير الاقتصادي سمير خراط أشار خلال حديث لـ "روزنة" إلى التحديات التي يمكن أن تواجه عملية إعادة الإعمار وإحياء الاقتصاد، منوهاً بوجود نوعين من التحديات (خارجية وداخلية)، حيث تبرز صعوبات تلك التحديات بإطارها الخارجي، متمثلة في كيفية تجاوز الحصار والعقوبات على سوريا، فيما يرتبط التحدي الآخر بإمكانات التمويل اللازمة، و يمثل التحدي الثالث تحدياً جوهرياً يرتبط بالزمن و يرتبط بسرعة الإنجاز، ما سيحتاج إلى إمكانات بشرية كبيرة، وإلى موارد وتقنية وإمكانات فنية عالية.

واعتبر أنه وفي ظل المعطيات  الحالية، فإن أي حكومة سورية خلال مرحلة التغيير السياسي سترث بيئة اقتصادية وانتاجية مُخّرَبة، وقطاعات اقتصادية مدمرة إلى مستويات قياسية، مشيراً إلى استحالة التعويل  على المعارضة السورية في الفترة المقبلة في إعادة بناء الاقتصاد السوري من جديد، وذلك نتيجة انتشار المحسوبيات والفساد وعدم الشفافية، "فضلاً عن التشرذم في البنى السياسية للمعارضة، والتي يجب عليها حيازة إجماع السوريين ودعمهم وصبرهم على متطلبات المرحلة المقبلة". 

 مستقبل الوضع الاقتصادي السوري 

تتمثل مهمة أولى الحكومات السورية في بداية مرحلة إعادة الإعمار، بمهام أساسية تبرز من خلال الاستمرار في تشغيل القطاعات الحيوية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم وأفران؛ وما تتطلبه هذه القطاعات من قطاعات مرافقة، والاستمرار في تأمين رواتب العاملين في القطاع العام.

 فيما تتبلور المرحلة الأولى بـ تأمين مساكن مؤقتة للاجئين والنازحين والبدء بتأهيل المساكن المتضررة جزئياً من الحرب، وكذلك إعداد دراسات تفصيلة وواضحة عن واقع الاقتصاد السوري ومشاركة أكبر شريحة ممكنة من المختصين في هذه الدراسات. 

إجراء حصر وإحصاء دقيق وتفصيلي لحجم الأضرار في المرافق العامة والخاصة والبنى التحتية، وحجم الأموال المتوفرة للحكومة ومصادرها، و إيلاء الاهتمام الكافي لدور البنك المركزي في حماية العملة من الانهيار المتوقع؛ والذي قد يصل لمستويات مشابه لما حصل في العراق بعد حرب عام 2003.

الاعتماد على الموارد المحلية، والإعلان عن المساعدات المالية من الدول الصديقة وإدارة هذه الأموال بشفافية، و تعزيز وتفعيل ثقة المواطنين في الإجراءات المتبعة، واطلاع الرأي العام بشفافية كاملة فيما يتعلق بالإمكانات والخطط والتحديات.

 المرحلة الثانية "مرحلة التخطيط وبدء التنفيذ"

الخبير الاقتصادي سمير خراط، أشار من ناحيته إلى أنه و في المرحلة الثانية من إعادة الإعمار يتم فيها عددٌ من الإجراءات، يأتي أبرزها، في شكل تحديد القطاع الإنتاجي الذي سيشكل القاطرة التنموية للاقتصاد، والذي سيدر العوائد المالية المناسبة ويحد من حاجات الاستيراد.

هذا ويُعتقد أن قطاع الزراعة والانتاج الحيواني القطاع الأهم في هذه المرحلة، والذي يجب توفير كافة الإمكانات ليحقق مستويات عليا من الإنتاج والريعية، كذلك يتوجب في هذه المرحلة إعادة تشغيل قطاع استخراج النفط والغاز والتنقيب في أقصى مدى متاح وفق خطط استراتيجية، تبدأ بتوفير الحد الأدنى من المشتقات البترولية لسد حاجة السوق المحلية، ومن ثم تصدير الفائض.

قد يهمك: ألفي ليرة سورية مقابل دولار واحد… سيناريو انهيار قريب؟

فيما يتعين أيضاً بمواجهة التضخم العالي، والبطالة المتفشية من خلال خلق فرص عمل رئيسية جديدة في كلا القطاعين السابقين وما يرافقهما من قطاعات؛ كالنقل والصناعات الغذائية وتسويق المنتجات الزراعية والحيوانية، إضافة للصناعات التحويلية والبتروكيماوية.

و أما في المرحلة الثالثة (مرحلة تأسيس بنية الاقتصاد الجديد)، فإنه من المفترض ألا تتخذ حكومة مرحلة إعادة الإعمار قرارات مصيرية حول شكل الاقتصاد؛ دون الحصول على الإجماع المجتمعي المطلوب، ودون رصد وتحديد مشاكل الاقتصاد الحالي وتوصيفها بدقة وعلمية. لذلك، فإنه يتوجب أن يطرح في هذه المرحلة؛ في النقاشات المستفيضة عددٌ من التوجهات الاقتصادية التي ستعتمدها الحكومات المقبلة وفق شكل النظام السياسي القادم. لكن على تلك الحكومة أن تمهد الطريق لبيئة استثمارية واعدة تتماشى مع موقع سوريا الجغرافي وإمكاناتها ومواردها. 

لقد سعى النظام إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية من إعادة الإعمار، وكانت دمشق قد أقرّت قوانين ومراسيم لتملّك عقارات وبالتالي الاستفادة من المشاريع العقارية، أهمها المرسوم التشريعي رقم 66 الذي دخل حيّز التنفيذ في أيلول عام 2012، وهو الذي سمح لمحافظة دمشق بطرد السكان من منطقتين كبيرتين في العاصمة هما بساتين الرازي في المزة وكفرسوسة، من أجل تطوير مشروع عقاري فخم يُدعى ماروتا سيتي. وفي نيسان عام 2018، مررت دمشق المرسوم التشريعي رقم 10 المصاغ على أساس المرسوم الرقم 66 والذي وسّع نطاق تطبيق هذه السياسات على مستوى البلاد.

فضلاً عن ذلك، مررت دمشق أيضاً، عام 2012، المرسوم التشريعي رقم 63 الذي يمكّن وزارة المالية من حجز أصول وأملاك من يخضعون إلى القانون الرقم 19، وهو قانون لمكافحة الإرهاب تمّ إقراره في العام نفسه، وبرز أثر القانون في تشرين الثاني عام 2018 حين وثّقت وزارة المالية حجز أكثر من 30 ألف عقار عام 2016؛ نتيجة اتهامات بأنشطة إرهابية مزعومة و40 ألف عملية حجز احتياطي عام 2017. بالإضافة إلى ذلك؛ فقد منح القانون رقم 3 عام 2018 حكومة دمشق مجالاً لتحديد ما اعتُبر أملاكاً متضرّرة، وهذا سمح بإغلاق أحياء وهدمها، ما حال دون عودة المدنيين. ومنذ العام 2011، سنّ النظام السوري أكثر من 50 قانوناً تقريباً بشأن "مسائل الإسكان والأراضي والأملاك"، وأتاحت مجموعة التشريعات هذه للنظام محو مناطق كانت سابقاً تحت سيطرة المعارضة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق