ألفي ليرة سورية مقابل دولار واحد… سيناريو انهيار قريب؟

ألفي ليرة سورية مقابل دولار واحد… سيناريو انهيار قريب؟
اقتصادي | 12 مايو 2020
مالك الحافظ - روزنة|| باقتراب من تخطي حاجز الألفي ليرة سورية مقابل الدولار الأميركي الواحد، يبدو أن سعر صرف الليرة بات في "خبر كان"، فمع تقدم كل ساعة يجد المتابع لمتغيرات أسعار الصرف مؤشرات حمراء منحدرة تهوي بالليرة السورية أكثر بشكل متسارع. 

حتى ساعة إعداد هذا التقرير، وصل الدولار الواحد حتى 1600 ليرة سورية، في ظل غياب دور تام للمصرف المركزي السوري، الذي يظهر بأنه بات غير قادراً على مواجهة السقوط الحر الذي ستعانيه الليرة خلال الأيام المقبلة، وما يزيد الاحتمالات من قرب تجاوز الدولار الواحد حاجز الألفي ليرة خلال أيام قليلة. 

ارتفاع سعر الدولار الذي أثار سخط السوريين بعد انعكاسات كبيرة مؤثرة على أسعار المواد الأساسية وتحليقها، في الوقت الذي تثار فيه التساؤلات أيضاً عن الأسباب التي أدت إلى ازدياد تدهور الليرة، مقابل تثبيت هذا الانخفاض لفترة معينة وعدم التغلب عليها قبل أن تعاود أسهم الليرة في الهبوط. 

الباحث الاقتصادي، تمّام البارودي، اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" اليوم أن الليرة السورية ستكون على أعتاب انهيار آخر كبير خلال الفترة المقبلة، معللاّ ذلك بقوله أن الاقتصاد المنهار بشكل كبير في ظل دولة ليس لها أي دخل مادي سوى من بعض الشخصيات المتنفذة الذين أنشئوا صناديق خاصة يدفعون من عائداتها للدولة، في الوقت الذي لا يستطيع فيه النظام السيطرة عليهم بسبب أنهم يقومون باستيراد حاجات الدولة بطرقهم الخاصة نتيجة العقوبات المفروضة على النظام. 

اقرأ أيضاً: هل تَسقُط إمبراطورية اقتصاد الظل لآل الأسد ومخلوف؟

من جانبه قال الصحفي المختص بالشؤون الاقتصادية، سمير طويل، لـ "روزنة" أن أحد أهم أسباب النزيف الحاد لليرة السورية يعود إلى الصراع الحاصل بين أجنحة النظام حول تبادل تهم الفساد سواء بما يرتبط بموضوع البطاقة الذكية أو حتى بملف الدعم الاجتماعي المقدم بمادة الخبز والمحروقات بشكل عام أو المبالغ المخصصة لمواجهة التداعيات الاقتصادية للتأثيرات الاجتماعية بسبب انتشار فيروس "كورونا المستجد"، و إضافة لكل هذه العوامل فقد توجها النظام يوم أمس بجعل عاطف النداف (وزير التجارة الداخلية المقال) "كبش فداء" لفشل البطاقة الذكية وفضائح شركة "تكامل". 

وتابع بأن "أحد أسباب النزيف أيضاً هو تحويلات المغتربين، فالنظام كان يحصل على الدولار عبر هذه التحويلات التي تصل لذويهم في مناطق سيطرته، ونتيجة الآثار الاقتصادية في كل دول العالم فالتحويلات انخفضت كثيرا بسبب الضائقة المالية ونقص السيولة أدى إلى تراجع الدولار المتدفق إلى النظام".

و أضاف بالقول: أن "النظام يقف عاجزاً تماما عن ضبط سعر الليرة السورية، و كل القوانين والتجريم الذي حصل عبر القبضة الأمنية لخفض سعر الصرف باء بالفشل… الآن هناك سعرين لليرة، فالسعر الرسمي هو 700 ليرة للدولار بينما تجاوز سعر السوق السوداء الضعف، وهذا سينعكس على كل الأسعار و سينعكس على المواطن بشكل رئيسي". 

وكانت المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي التابعة للأمم المتحدة، جيسيكا لوسون، قالت في نهاية الشهر الفائت إن الفئة الأكبر من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأن أسعار المواد الغذائية في سوريا ارتفعت بمعدل 107 في المئة خلال عام واحد فقط.

قد يهمك: الليرة السورية تئّن تحت لكمات رامي مخلوف و أسماء الأسد... ما هو المصير؟

وقالت لوسون في تصريحات صحافية أنه و "خلال العام الماضي فقط، ارتفع سعر السلة الغذائية التي يعتمدها برنامج الأغذية العالمية مرجعا له بنسبة 107 في المئة في كافة أنحاء سوريا، أي أن الأسعار ارتفعت 14 مرة أكثر من معدل ما قبل النزاع وهذا أعلى ما يتم تسجيله على الإطلاق".

وأضافت: "منذ العام 2019، تتالت الأزمات الاقتصادية في سوريا مع تسجيل الليرة انخفاضا قياسيا أمام الدولار، وأزمة وقود حادة شهدتها مناطق سيطرة (قوات النظام)، فضلا عن ارتفاع الأسعار".

البنك المركزي مشلول؟

الباحث الاقتصادي، تمّام البارودي، أشار إلى غياب أي دور لدى البنك المركزي، مشيراً إلى خلوه من أي عملة صعبة، ما يعني أن المركزي ليس بمقدوره وقف التدهور الحاصل لليرة السورية، بخاصة وأن مصالح كبار رجال الأعمال تسيطر عليه خفية.

وأضاف "المصرف المركزي عاجز تماما عن التدخل؛ وليس لديه أي سياسة مالية، و كذلك ليس لديه أي صلاحية، فقد أصبح عبارة عن موظفين في مبنى لا عمل لهم".

وتابع "ليس هناك أي تصدير يذكر، والاستيراد الذي يتم بطرق غير نظامية كبير جدا، وأصبح المتحكم بالقطع الأجنبي هي شبيحة تسمى رجال أعمال، كما أن الخلاف الحاصل مع رامي مخلوف الذي كان يتحكم بجزء كبير من الاقتصاد السوري أثار تخوفاً لدى التجار الكبار والصغار ودفعهم لتهريب أكبر قدر من أموالهم". 

اقرأ أيضاً: الخبز "قنبلة موقوتة" في وجه النظام السوري... متى تنفجر؟

البارودي أشار خلال حديثه إلى أن انهيار الليرة لن يكون له حدود، وقد يصل إلى ألفين أو ثلاثة، موضحاً بأن استمرار انهيار العملة سيؤثر بشكل كبير على المواطن؛ غير أنه قد لا يكون هناك أي داعي لتغيير العملة أو حذف أصفارها، وزاد بالقول "إن طباعة عملة جديدة بحذف الأصفار تحتاج لتغطية جديدة واستقرار؛ وهذا غير متوفر على المدى القريب والبعيد".

وتصدرت سوريا قائمة الدول الأكثر فقرا بالعالم، بنسبة بلغت 82.5 في المائة، بحسب بيانات موقع "World By Map" العالمي، بحسب تقرير له في شباط الماضي، وتتوافق أرقام الموقع مع أرقام الأمم المتحدة، إذ قدرت نسبة السوريين تحت خط الفقر بـ83 بالمئة، بحسب تقريرها السنوي لعام 2019، حول أبرز احتياجات سوريا الإنسانية.

وشهد مؤشر القوة الشرائية في العاصمة دمشق تراجعا كبيرا وصل فيه إلى 9.49 نقطة وصنفه موقع "Numbeo" العالمي بأنه منخفض جدا.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق