تقارير | 15 11 2023
نور الدين الإسماعيليتّهم ناشطون في مدينة الأتارب غربي حلب، "حكومة الإنقاذ" بالتخاذل والتقاعس عن تنفيذ مطالب المواطنين بتحسين الواقع الخدمي في المدينة، وذلك بعد مضي شهرين على الاجتماع معها والاتفاق على استعادة المراكز والمؤسسات الخدمية.
وأطلق ناشطون في العاشر من آب الفائت، حملة تحت عنوان "لا لتهميش الأتارب" طالبوا فيها "الإنقاذ" التي تسيطر عليها، بإعادة المؤسسات الخدمية والثقل الاقتصادي والاجتماعي إليها.
وبعد الحملة عقد أهالي المدينة اجتماعاً مع رئيس "حكومة الإنقاذ والشورى"، منتصف آب، وتضمن مجموعة قرارات ووعود، لم ينفذ منها شيء، وفق مصادر محلية لروزنة.
وتمثلت المطالب بـ"إعادة السجل العقاري إلى مدينة الأتارب، إنشاء فرع لمعهد إعداد المدرسين في المدينة، تفعيل مكتب لإدارة المنطقة لمتابعة أمور المدينة والشكاوي، تفعيل مديرية الزراعة في المدينة وتقديم خدماتها للمزارعين، دعم أي عمل اجتماعي يخدم المدنية".
وناقش الاجتماع إمكانية " فتح مركز لتجديد رخص السيارات، وصيانة المنصف والأرصفة والتشجير، وإعداد دراسة وضع نظام داخلي للمجالس المحلية، تتضمن مهام ووظائف وصلاحيات هذه المجالس وطرق تشكيلها".
الناشط أحمد كنور، يؤكد لروزنة، أنّ الحملة لا زالت قائمة، وهم مستمرون في تنظيم النشاطات والفعاليات حتى تحقيق مطالبهم وقرارات الاجتماع، لافتاً إلى "عدم وجود تقدّم من الحكومة بخصوص المطالب".
المدينة ضعيفة خدمياً
وليد بكور، أحد الناشطين في مدينة الأتارب، يقول لروزنة: "المدينة التي يبلغ عدد سكانها حالياً حوالي 70 ألف نسمة، تعاني من ضعف في الخدمات وشح في تأمين الاحتياجات، بعد سيطرة حكومة الإنقاذ على مفاصل الحياة المدنية في إدلب وغربي حلب".
وأوضح أن "الإنقاذ سحبت أغلب الدوائر الرسمية من المدينة، وألحقتها بالمنطقة الشمالية والتي مركزها الدانا شمالي إدلب.
ومطلع عام 2019 سيطرت "هيئة تحرير الشام" الذراع العسكري لحكومة "الإنقاذ" على مدينة الأتارب، ضمن مجموعة مناطق بسطت سيطرتها عليها، عقب اتفاق مع فصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، نص على جعل ريف حلب الغربي ومحافظة إدلب كاملة تابعة لـ"الإنقاذ" إدارياً، وهي التي تأسست عام 2017.
ويضيف بكور: "دفع هذا التصرف ناشطي وأهالي المدينة للمطالبة بإعادة المؤسسات والمراكز الخدمية إليها على اعتبارها محور ريف حلب الغربي سابقاً، وكانت معظم المناطق تلجأ اليها لتسيير أعمالها".
"قبل 2011 كان يتبع للأتارب 25 بلدة وقرية، وحالياً لا يتبع لها سوى 14 قرية ومجمع سكني، ومن الضروري أن يكون فيها أفرع للمؤسسات الخدمية للسلطة الموجودة في الوقت الحالي" يشير بكور.
لا لتهميش الأتارب
سابقاً كان يوجد في مدينة الأتارب مقر لجامعة حلب الحرة و مديرية الصحة الحرة بحلب والمجمع التربوي، و معهد إعداد المدرسين، والسجل العقاري، و شعبة الأوقاف، كانت تلك المراكز تقدم خدماتها لكل الناس في المنطقة، يقول أحمد كنور، وهو أحد القائمين على حملة "لا لتهميش الأتارب".
الحملة أطلقها ناشطون في 10 آب الماضي، بعد قيام "حكومة الإنقاذ" بنقل عدد من المؤسسات الخدمية من المدينة، إلى مناطق أخرى، رغم حاجة المدينة لهذه الخدمات.
ويوضح كنور، لروزنة: "إن منطقة الأتارب كبيرة وبحاجة إلى مؤسسات عامة لخدمة الناس، وانعدام المؤسسات الخدمية، يضطر المواطن للسفر مرتين لتسيير معاملاته، كما يحصل في عملية استخراج الهوية الشخصية من المركز في مدينة الدانا، في ظل تردي الوضع المادي والمعيشي".
محمد الشافعي أحد منظمي الحملة، قال لروزنة: "نسعى لإعادة نشاط المجتمع المدني في الأتارب بهدف تعافي المدينة اقتصادياً واجتماعياً و تعزيز مبادئ العدالة الاجتماعية والتضامن والشفافية في تقديم الخدمات فيها .
وكذلك تهدف الحملة إلى "تشكيل لجان مجتمعية منتخبة أو متوافق عليها، لتفعيل المشاركة المجتمعية، وإعادة تشكيل مجلس محلي منتخب".
الحملة انطلقت على وسائل التواصل الاجتماعي، ونفّذ ناشطون مع الأهالي عدة أنشطة وفعاليات، منها تنظيم وقفات احتجاجية، لإيصال الرأي العام بقضايا الأتارب الى وسائل الإعلام.
اقرأ أيضاً: "حكومة الإنقاذ" تلزم السائقين برخص قيادة.. وتضارب في الآراء حول القرار
حكومة الإنقاذ: خدماتنا لكل المناطق بسوية واحدة
مصدر إداري في المنطقة قال لروزنة إن "الإنقاذ" تحرص "على تقديم الخدمات لكافة المناطق المحررة بسوية واحدة، دون تمييز، مع مراعاة الوضع الأمني كالقرب من خطوط التماس لبعض المؤسسات الحكومية، والتي قد يشكل ذلك خطراً عليها، كالجامعات والمدارس وأماكن التجمعات الكبيرة على وجه الخصوص".
وأضاف أن "حكومة الإنقاذ" أطلقت حزمة مشاريع خدمية على مستوى المناطق الواقعة ضمن سيطرتها مؤخراً، وكان لمدينة الأتارب عدة مشاريع، منها مشروع تزفيت طريق كفركرمين- الأتارب، وهو طريق رئيسي يربط المدينة ببقية المناطق المحررة، إضافة إلى أعمال تزفيت عدد من الشوارع الرئيسية والفرعية ضمن الأتارب.
ولفت المصدر إلى أنّ بلدية المنطقة الشمالية أجرت دراسات لإنارة شوارع المدينة، كما أن أعمال تجميل وإصلاح الدوارات والمنصفات قائمة، وسيتم قريباً إعادة تأهيل الحديقة لتكون متنفساً للأهالي.
وأكد أن "وزارة التنمية والشؤون الإنسانية" فعلت دائرة فرعية لها في الأتارب، كما فعلت مكتب للمديرية العامة للمصالح العقارية لخدمة الأهالي، وأعمال صيانة ثانوية الأتارب الصناعية، إضافة لصيانة وترميم محطة مياه مدينة الأتارب، وتوسعة شبكة المياه بطول 1400 متر، وأعمال أخرى سيتم العمل عليها قريباَ بعد انتهاء دراسة مدى تطبيقها.
وفق الناشط كنور، إن "الحكومة" فتحت مكتب للتوثيق العقاري، لتسيير المعاملات التوثيقية في مبنى المجلس المحلي بمدينة الأتارب، وهو خلاف ما تم الحديث عنه في الاجتماع، الذي أكد على إعادة افتتاح السجل العقاري في المدينة "نخشى ألا يتم إعادة السجل العقاري والاكتفاء بمكتب التوثيق".
وأشار كنور إلى أنّه وبعد زلزال 6 شباط، ظهرت محسوبيات كبيرة في عمليات توزيع المساعدات ضمن برامج الاستجابة العاجلة، ما سبب إهدار حقوق المستفيدين وتدخل في عمل المنظمات.
قد يهمك: عندما يعود بك الزلزال للصفر مرةً أخرى.. سوريون فقدوا كلّ شيء
الأتارب نُكبت مرتين
تعرّضت مدينة الأتارب خلال السنوات الماضية إلى مجازر عديدة، من قبل النظام السوري وروسيا، راح ضحيتها آلاف المدنيين، وسميت بالمدينة "المنكوبة"، بحسب الناشط الحقوقي محمد الحجي.
وأصبحت المدينة ذات بنية تحتية هشة، بفعل عمليات القصف والتدمير في السنوات السابقة، وعندما جاء زلزال شباط، تدمّرت أحياء بأكملها على رؤوس ساكنيها، ما أدى إلى وفاة 155 شخصاً، فضلاً عن إصابة 255 آخرين، وفق إحصائية للدفاع المدني.
وتعيش الأتارب اليوم تحت رحمة مدفعية وصواريخ قوات النظام السوري المتمركزة في الفوج 46 شرقي المدينة، فيما تستمر الحياة على أمل تحسين الواقع المعيشي والاقتصادي فيها.