لم يتوقع 22 ناشطاً من محافظة السويداء أن تتحوّل رحلتهم من الجنوب إلى الشمال السوري إلى محطة توقيف وضرب وإهانات، على يد عناصر حاجز أمني في حمص، بحسب روايتهم.

المفاجأة لم تكن في توقيفهم فقط، بل في الطريقة التي ظهروا بها لاحقاً داخل مبنى المحافظة، وهم يعرضون آثار الضرب أمام المحافظ، ويوثقونها بكاميرات انتشرت لاحقاً على وسائل التواصل، لتفجر موجة جدل واسعة.

وبحسب ما نقلته منصة "السويداء 24"، فإن حاجزاً تابعاً لجهاز "الأمن العام" أوقف، يوم السبت الماضي، 22 ناشطاً سياسياً من حزب "الانتماء القومي الديمقراطي" أثناء توجههم من السويداء إلى مدينة الرقة، للمشاركة في فعالية تنظمها "الإدارة الذاتية" شرقي سوريا، وتم احتجازهم مؤقتاً.

وأُفرج لاحقاً عن الناشطين، الذين رووا خلال لقائهم مع محافظ السويداء، أنهم تعرضوا للضرب والشتم والإهانات اللفظية، بما في ذلك عبارات ذات طابع طائفي، وفقاً لشهاداتهم التي وثقتها كاميرات متعددة حضرت اللقاء.

وذكر أحد الناشطين أنه تعرض للضرب على رأسه، متوجهاً للمحافظ بالسؤال: "أين الحرية التي ناديتم بها؟"، كما عرض آخر آثار كدمات على ظهره، قال إنها ناتجة عن "إطفاء عنصر أمني لسيجارته عليه"، وأضاف: "أنا إنسان سوري، ولا أُحاسب بهذه الطريقة".

الناشطة غادة الشعراني، التي لم تكن ضمن الوفد الموقوف، حضرت اللقاء وألقت مداخلة أثارت جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي. اعتبرها البعض "خطاباً وطنياً جريئاً"، فيما رأى آخرون أن فيها "تجاوزاً للخطاب العام".

وقد أعربت الشعراني عن استيائها مما قالت إنه "إهانات طائفية طالت العلويين والدروز" من قبل بعض عناصر الحاجز، مطالبة بمحاسبتهم.

من جهتها، قالت الناشطة ولاء تاج الدين من "تجمع شباب السويداء": "نريد توضيحاً حول أسباب الاعتقال، ونأمل أن تتم محاسبة من ارتكب هذه الأفعال، لأنهم يسيئون إلى البلاد"، مطالبة السلطات المعنية بالتحرك لاستعادة الحقوق.

اقرأ أيضاً: الشرع يلتقي وفداً من السويداء ويدعو لـ"عقد اجتماعي بين الدولة والطوائف"

محافظ السويداء مصطفى البكور أكد خلال اللقاء أنه يتابع القضية منذ لحظة وقوعها، وقال: "لا نقبل بالتعدي على كرامة أي إنسان. تواصلت مع عدة جهات أمنية منذ البداية، ولا يوجد أي تمييز بين المواطنين. الخطأ يجب أن يُحاسب عليه".

تصريحات البكور قوبلت بتباين في ردود الأفعال عبر مواقع التواصل، حيث أشاد بعض المعلّقين بما وصفوه بـ"هدوء المسؤول في مواجهة انتقادات علنية"، بينما اعتبر آخرون أن موقفه لا يعفي الجهات المسؤولة من المساءلة عن الانتهاكات التي تعرّض لها الناشطون.

اقرأ أيضاً: جريمة حفر بنمرة في بانياس.. إليك المستجدات وأبرز الإدانات بعد 24 ساعة

وطالب ناشطون وسوريون عبر مواقع التواصل بوضع حد للانتهاكات بحق المدنيين، معبرين عن استيائهم من تحويل التركيز إلى مداخلة الناشطة الشعراني بدلاً من معالجة الانتهاكات ذاتها.

وسبق أن وثّقت تقارير إعلامية وشهادات مدنية حوادث مشابهة، منها ما رواه المصوّر الصحفي غيث السيد عن تعرضه للاعتداء في حلب، إضافة إلى مراسلة تلفزيون سوريا حنين عمران ومرافقها على يد عناصر محلية في حرستا.

في سياق متصل، التقى محافظ السويداء قبل أيام بالرئيس الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، كما التقى ليث البلعوس، نجل مؤسس "حركة رجال الكرامة"، بوزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة في دمشق، ضمن مشاورات محلية مستمرة حول مستقبل المحافظة.

وتشهد السويداء منذ سنوات حراكاً سياسياً متنوعاً، يضم تيارات مدنية ومستقلة، وأخرى مقربة من "مجلس سوريا الديمقراطي"، تسعى لإيجاد صيغ تفاهم مع السلطات، في ظل دور متزايد للقيادات الروحية والاجتماعية في المحافظة.