سوريا: محسوبيات المازوت تنذر بأزمة جديدة مع حلول الشتاء

توزيع المازوت في سوريا
توزيع المازوت في سوريا

التقارير | 28 أكتوبر 2020 | إيمان حمراوي

مع تكاثر الحديث عن فساد ومحسوبيات في توزيع مازوت التدفئة المدعوم في مناطق النظام، يتخوّف السوريون مع اقتراب فصل الشتاء، من عدم حصولهم على الكميات المخصصة لهم، ما قد يخلق أزمة جديدة، تضاف إلى مجموعة الأزمات التي يعانون منها والتي أدت الى تردي مستواهم المعيشي.


علا إبراهيم (اسم مستعار)، 35 عاماً، مقيمة في الكسوة بريف دمشق الغربي، تقول لـ"روزنة": "إلى الآن لم نحصل على مخصصاتنا من المازوت، وقد أرسلنا طلباً إلى البرنامج المخصص لتعبئة المازوت "وين" التابع لشركة "تكامل" منذ ثلاثة أشهر، لكننا لم نحصل على شيء بعد، مع العلم أننا لم نتسلم أصلاً مخصصات الدفعة الثانية من السنة الماضية".

وتابعت: "قلة هم الذين حصلوا عىلى مخصصاتهم من المازوت حالياً، والتي تبلغ 100 ليتر لكل عائلة"، مضيفة ":"في حال عدم حصولنا على مخصصاتنا قد نضطر إلى شراء المازوت الحر من السوق السوداء، وهذا ما فعلناه العام الماضي لكننا اشترينا الليتر منه بـ 375 ليرة، وهو يباع الآن بضعف هذا السعر".

أما غير القادرين على شراء المازوت الحر، ولم يحصلوا على مخصصاتهم من المازوت المدعوم، فقد اضطروا الى الاعتماد على الكهرباء المقننة.

وختمت إبراهيم كلامها بالقول تعليقاً على هذا الوضع: "لقد حرقوا قلوبنا"، في إشارة الى السلطات.

اقرأ أيضاً: ما بعد الصدمة... السوريون غاضبون من ارتفاع الأسعار

وكان مدير فرع دمشق لشركة "المحروقات"، إبراهيم أسعد، قال لصحيفة "الوطن" المحلية في الـ 23 من آب الماضي، إنه سيتم توزيع مازوت التدفئة للمواطنين خلال شهر أيلول، ويخصص لكل عائلة عبر البطاقة الذكية 400 ليتر منه على دفعتين، لافتاً إلى أنّ الأولوية للذين لم يحصلوا على الدفعة الثانية من المازوت في الموسم الماضي. واعتبر أن هناك كميات كافية من مادة مازوت التدفئة لتغطية حاجة المواطنين للعام 2020.

سامر أحمدي (اسم مستعار) المقيم في منطقة التل بريف دمشق، لم يستطع أيضاً الحصول على مخصصاته من مادة المازوت إلى الآن، قال لـ"روزنة": "سجلنا على مخصصات المازوت منذ شهر أيلول، وإلى الآن لم نحصل على شيء، فقدنا الأمل بالحصول عليها، في ظل أزمة المحروقات التي يعيشها البلد".

وذكرت "مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق"، على صفحتها الرسمية في "فيسبوك"، أن السلطات ضبطت بائع مازوت في منطقة صحنايا غربي دمشق بينما كان يبيع المازوت المدعوم في السوق السوداء، وصودرت منه كمية 1300 ليتر. 

وأشار العديد من الناشطين الى هذا الأمر على "فيسبوك"، حيث يقول ماهر توما إن "محطات الوقود في منطقة القلمون لا تعطي المازوت إلا بموجب البطاقة الذكية فقط، وفي حال أراد الشخص شراء مازوت حر، ترى عبوات المازوت تباع على الأرصفة بسعر 1500 ليرة سورية لليتر الواحد"، متسائلاً "أين حماية المستهلك من هذه الظاهرة؟"، مع العلم أن سعر ليتر مازوت التدفئة المدعوم 180 ليرة.

ظاهرة الفساد في توزيع المازوت، ليست حكراً على العاصمة وضواحيها، حيث اتهم سوريون في محافظة السويداء المسؤولين عن توزيع مخصصات مازوت التدفئة بالتلاعب فيها وتوزيع المادة على أقاربهم. 

قد يهمك: الأسد يلتف على الغلاء المعيشي للسوريين بعشرين دولاراً

ونقل موقع "السويداء 24" في هذا الإطار أن أحد مواطني السويداء علم بالصدفة أن البلدية ستوزع المازوت للمقربين منها، فسارع إلى الاتصال بمسؤول في الحزب ليتوسط له مع البلدية للحصول على مخصصاته.

وأضاف هذا المواطن أن سيارة المازوت جاءت خلسة إلى منزله وأعلمته لجنة التوزيع أنه سيتم حسم 8 ليترات من مخصصات كل بطاقة. وبما أنه سيتسلم الكمية الخاصة به وبشقيقه ووالده، فقد قرروا حسم 25 ليترا من كامل الكمية المسلمة. ولما اعترض كان الجواب :"اشكر ربك كنا قادرين على بيع مخصصاتكم بالكامل ولم نفعل".

ولفت الموقع إلى أن العديد من أبناء المحافظة، اشتكوا من المحسوبيات في توزيع مخصصاتهم من المازوت، رغم أنّ الشتاء على الأبواب.



فداء حميدة، أكدت ما نقله موقع "السويداء 24" قائلة على "فيسبوك" أن "صاحب صهريج المازوت يتصل بصاحب العلاقة من أجل إمداده بالكمية المخصصة له، وفي حال كان غائباً عن المنزل لضرورات العمل على سبيل المثال، يتصل به لاحقاً ليخبره أن مخصصاته "راحت عليه".

وتابعت متساءلة "من فوض السائق التصرف بمخصصات المازوت في حال عدم تواجد صاحبها في منزله ساعة الاتصال؟ ولماذا لا يعود السائق في وقت لاحق؟"، مردفة أن ما يحصل ليس حالة فردية بل يتكرر مع أشخاص آخرين.

ويتم توزيع مادة المازوت عبر البطاقة الذكية وفق قرار لـ"وزارة النفط والثروة المعدنية" لدى النظام السوري، منذ عام 2018. وتشرف شركة "تكامل" على هذا الأمر، فخصصت لكل عائلة 400 ليتر مازوت توزع على دفعتين، الأولى قبل الشتاء والثانية في منتصفه. إلا أن الكثير من المواطنين لا يتمكنون من الحصول على أي كمية. 

وحددت شركة "تكامل" عدة طرق للحصول على المازوت المنزلي، عبر تطبيق "وين" على الهاتف المحمول، أو عبر الطلب من الموقع الإلكتروني الخاص بالشركة، أوعبر قناتها في "تليغرام". ورغم ذلك لا يستطيع السوري في أغلب الأحيان الحصول على كامل مخصصاته، فيضطر إلى شراء المازوت الحر من السوق السوداء.

وكانت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، رفعت في الـ 19 من الشهر الحالي سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري الحر من 296 ليرة لليتر إلى 650 ليرة أي بنسبة تجاوزت المئة بالمئة، ورفعت أيضاً سعر ليتر البنزين "أوكتان 95" من 850 إلى 1050 ليرة، فيما أبقت على سعر مازوت التدفئة دون أي تغيير بسعر 180 ليرة، كما أبقت على سعر ليتر المازوت المخصص للأفران التموينية على 135 ليرة، وفق وكالة "سانا".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق