عمال سوريا يعيشون تحت خط الفقر.. والبرلمان يبارك عيدهم

عمال في منشرة حجر بمدينة الدانا - روزنة
عمال في منشرة حجر بمدينة الدانا - روزنة

اقتصادي | 01 مايو 2023 | نور الدين الإسماعيل

بسخرية ردّ شادي على سؤال حول شعوره في "عيد العمال"، وهو الذي لا تكفيه الـ 75 ليرة تركية التي يحصل عليها كأجرة يومية لعمله في معمل تصنيع البلوك بالقرب من مخيمات بلدة أطمة، في تأمين احتياجات العائلة، إلا أنه مجبر على العمل بسبب قلة فرص العمل في المنطقة، وارتفاع أسعار المواد الأساسية.


لا يهتم العمال كثيراً بمناسبة حلول "عيد العمال" في الأول من أيار، من كل عام، لأنهم منشغلون في تأمين لقمة العيش لعائلاتهم، دون أن يقدم لهم الاحتفال بعيدهم أية امتيازات مادية تحسن من أوضاعهم المعيشية شيئاً.


جهد كبير ومدخول متواضع


تعتمد معظم دول العالم يوم الأول من شهر أيار عيداً رسمياً للعمال، للمطالبة بحقوقهم، عبر مسيرات أو تظاهرات أو تجمعات ونشاطات تسعى لتحسين ظروفهم الاقتصادية، إضافة إلى تحسين بيئة العمل وظروفه.

اقرأ أيضاً: سوريا: ضربة قاضية يوجهها الفقر ضد "خرجية" الأطفال 



في شمالي غربي سوريا، حتى تلك المظاهر غائبة في يوم العمال، باستثناء إحدى المنظمات الإنسانية التي منحت موظفيها العاملين بأجر يومي (المياومين) عطلة رسمية "غير مدفوعة الأجر"، بمناسبة عيد العمال.

يقول شادي الذي يمضي 8 ساعات في معمل بلوك (لبن) بالقرب من مخيمات أطمة لـ"روزنة": "أخرج في السابعة صباحاً إلى العمل، وأعود في الساعة الثالثة عصراً، مقابل الحصول على 75 ليرة تركية (الدولار 20 ليرة تركية)".

ويوضح أن ذلك المبلغ المتواضع لا يكفيه في تأمين مستلزمات العائلة اليومية، خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة الليرة التركية بين الفترة والأخرى.

وسخر عندما سألناه عما يعنيه له "عيد العمال" قائلاً: "وهل هناك عيد للعمال؟! يا صديقي العيد الحقيقي للعامل هو عندما يستطيع تأمين ما يطلبه أطفاله، في تأمين لباسهم، ودوائهم، وطعامهم، وغير ذلك لا يعني للعامل شيئاً".

وأكد أن عدم وجود نقابة حقيقية تسعى لتأمين حقوق العمال عبر المطالبة بها يزيد من سوداوية المشهد الذي يعيشونه، فهم يعملون بلا أية ضوابط قانونية أو نقابية تضمن لهم جزءاً يسيراً من حقوقهم الكثيرة.

بينما حدثنا وسام بيوش وهو صاحب منشرة حجر ورخام في مدينة الدانا أن أجرة معلّم الحجر في منشأته 150 ليرة تركية في اليوم، بينما تتراوح أجور بقية العمال العاديين بين 50 و 100 ليرة تركية، كل واحد منهم بحسب خبرته في العمل، وطبيعته.


                                                                                 عمال في منشرة حجر بمدينة الدانا - روزنة

وأوضح أن سبب تدني الأجور يعود إلى ارتفاع التكاليف، "حيث تبلغ أجرة الأرض التي أقيمت عليها المنشأة 1500 دولاراً أمريكياً سنوياً، واجبة الدفع مسبقاً، علماً أن مساحتها تبلغ 750 متراً مربعاً، إضافة إلى ارتفاع مصاريف النقل والكهرباء والمحروقات والمواد الأولية".


عمال يتبعون إلى نقابة


وفي مناطق سيطرة النظام السوري الذي تتبع له نقابة العمال، لا يختلف وضع العمال فيها كثيراً عن واقع زملائهم في المناطق السورية الأخرى من حيث الأجر، مع حصولهم على بعض الامتيازات من ضمان صحي وراتب تقاعدي للعاملين في المؤسسات الحكومية.

يقسم العمال في تلك المناطق إلى عدة أقسام، فمنهم من يعمل في مؤسسات القطاع العام، وآخرون يعملون في مؤسسات القطاع الخاص، فيما يعمل غيرهم أعمالاً حرة، في نقل مواد البناء أو الحفريات وغيرها من الأعمال.

عمال المؤسسات التابعة للنظام السوري يتقاضون رواتب شهرية لا تختلف عن رواتب الموظفين لدى المؤسسات الحكومية، والتي لا تزيد عن 140 ألف ليرة سورية (الدولار يساوي 8250 ليرة سورية اليوم).

بينما تختلف أجور العاملين في المؤسسات والمنشآت الخاصة، فمنهم من يتقاضى 400 ألف ليرة سورية شهرياً كحد أدنى، ومنهم من يزيد عن ذلك المبلغ، حسب طبيعة العمل وأهميته.

وقدم مجلس الشعب التابع للنظام السوري التهنئة للعمال في يومهم، في ظل غياب أية تشريعات تحسن من واقعهم، بينما أقيم احتفال مركزي في اللاذقية، بحضور وزير الإدارة المحلية في حكومة النظام السوري حسين مخلوف ورئيس اتحاد العمال جمال القادري.


مناطق شمالي شرقي سوريا


أصدرت "الإدارة الذاتية" لمناطق شمالي شرقي سوريا قراراً في 30 آذار الماضي، حددت من خلاله الحد الأدنى للأجور للعاملين في مؤسساتها العامة بـ 320 ألف ليرة سورية.

وقال مراسل "روزنة" في المنطقة عبد الله الخلف إن أجور العاملين في البلديات يصل إلى 400 ألف ليرة سورية.

وتتراوح أجور العاملين باليومية في الأعمال الحرة بين 10 آلاف ليرة سورية و20 ألف، بحسب طبيعة العمل وتوفره.


مؤشرات الفقر في سوريا


يشير تقرير صادر عن "مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية" (أوتشا) إلى أن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، ويعاني أكثر من 12.4 مليون سوري، من إجمالي عدد السكان المقدّر بحوالي 16 مليون، من انعدام الأمن الغذائي، وفقا لـ "برنامج الأغذية العالمي"، وهي زيادة مقلقة بلغت 3.1 مليون في عام واحد.

قد يهمّك: "الولد بيجي بس بيسرقوا له رزقته".. سوريون رفضوا الإنجاب بسبب الفقر



وبحسب تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" التابعة للأمم المتحدة أن أكثر من 600 ألف طفل يعاني من سوء التغذية المزمن. حيث فاقمت حكومة النظام السوري "من أثر الأزمة الاقتصادية بعدم معالجتها بشكل عادل وكاف نقص الخبز والوقود، وبدلاً من ذلك سمحت بالتوزيع التمييزي وغير العادل".

ويقدر موقع "نومبيو" لمؤشر تكلفة المعيشة في سوريا الحاجة الشهرية للشخص الواحد بـ (351.0 دولاراً) بدون إيجار. بينما تبلغ التكلفة الشهرية لأسرة مكونة من أربعة أشخاص (1،209.2 دولار) بدون إيجار.

بينما يبلغ مؤشر القوة الشرائية 5،31 في المئة، وهي نسبة منخفضة جداً، قياساً بغيرها من دول العالم، في حين تبلغ نسبة أسعار العقارات في سوريا 87،9 في المئة.

يذكر أن رئيس النظام السوري أصدر، في 11 نيسان، مرسوماً يقضي بمنح العاملين في المؤسسات منحة مالية لمرة واحدة وقدرها 150 ألف ليرة سورية، ما يعادل 20 دولاراً أمريكياً، علق سوريون، يومها، أنها "تشتري كيلو ونصف لحمة فقط".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق