أبدى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، استعداده للدخول في مفاوضات مع حكومة الاحتلال الإسرائيلي بشرط أن تنسحب الأخيرة من هضبة الجولان السوري المحتلة.
حديث الأسد جاء خلال مقابلة مع وكالة "سبوتنيك" الروسية، تم نشرها اليوم الخميس، دلل بحال من الأحوال أن الأسد يعلن من خلال تصريحه التخلي عن ما يسمى "محور المقاومة والممانعة"، والذي دائمًا ما كانت تدعي من خلاله دمشق مجابهة الاحتلال الإسرائيلي، وتأكيد وقوفها إلى جانب القضية الفلسطينية، غير أن مبادرة الأسد جاءت لتوضح استعداد الأخير في إحياء خط مفاوضات السلام/التطبيع مع إسرائيل.
وقال في المقابلة مع الوكالة الروسية أن الشرط الرئيسي لعقد مفاوضات سورية-إسرائيلية هو استرجاع الأراضي السورية كاملة، موضحا أن "السلام بالنسبة لسوريا يتعلق بالحقوق".
وأضاف مذكرًا بمفاوضات السلام الأولى التي كانت رعتها واشنطن بين دمشق وتل أبيب نهاية التسعينيات: "موقفنا واضح جدا منذ بداية محادثات السلام في تسعينيات القرن العشرين، أي قبل نحو ثلاثة عقود، عندما قلنا إن السلام بالنسبة لسوريا يتعلق بالحقوق. وحقنا هو أرضنا. يمكن أن نقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل فقط عندما نستعيد أرضنا. المسألة بسيطة جدا".
واعتبر الأسد أن عقد محادثات مع إسرائيل سيكون ممكنا في حال كانت إسرائيل مستعدة، لإعادة الأرض السورية المحتلة. غير أنه عاد للمناورة بتصريحه قائلاً "لكن إسرائيل ليست مستعدة، وهي لم تكن مستعدة أبدا"، وأردف: "لم نر أي مسؤول في النظام الإسرائيلي مستعد للتقدم خطوة واحدة نحو السلام. وبالتالي، نظريا نعم، لكن عمليا، حتى الآن فإن الجواب هو لا".
قد يهمك: ما الذي يدفع عُمان لتعيين "سفير فوق العادة" في دمشق؟
تبدو دمشق أقرب إلى الانضمام لعقد المحور الإماراتي الذي وقع اتفاقيتي تطبيع إلى جانب البحرين مؤخرًا مع الجانب الإسرائيلي، فالقاسم المشترك في العلاقات الخارجية مع المحيط في المنطقة لكل من دمشق و تل أبيب، أن كل من البحرين والإمارات اللتين بدأتا بالتطبيع مع "إسرائيل" كانتا أيضًا الدولتين الوحيدتين ممن أعاد علاقاته مع دمشق بشكل صريح ومباشر نهاية عام 2018، في صورة توحي بأن كلا الدولتين تشكلان رأس حربة المحور الذي تتزعمه السعودية في المنطقة و سترسمان شكلًا جديدًا للعلاقات في المنطقة يتناغم مع التوجه الأميركي التي كانت أعلنت عنه وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كونالديزا رايس ووصفته بـ "الشرق الأوسط الجديد".
مؤخرًا لم تؤيد دمشق اتفاقات إبراهام بشكل رسمي، غير أنها غمزت بالموافقة على أي مشروع يطرح عليها وتوافق عليه بشكل مشترك كل من روسيا وأميركا، من قناة غير رسمية عبر مهدي دخل الله، وزير إعلامها السابق وعضو القيادة القطرية السابق لحزب البعث الحاكم في سوريا، حينما ظهر في مقابلة على قناة "الإخبارية السورية" الحكومية روج في جزء منها للتطبيع مع "تل أبيب" مبرراً أن هدف المقاومة انتهى.
وأضاف، إذا كان هناك توافق تعمل عليه روسيا وأمريكا ويعملون لأجله؛ فإن سوريا ترضى به لأن محور المقاومة يكون قد حقق أهدافه، وأكمل في مقابلته أن هذه ماهية العلاقات الدولية فلا يوجد أسود وأبيض باستمرار لتقاطعه المذيعة بأن هذا قد يكون بعيد؛ فيرد لا بل قريب.
السياسي السوري وأستاذ علم الاجتماع السياسي، د.برهان غليون، قال خلال حديث لـ "روزنة" أن التطبيع العملي بين النظام السوري وإسرائيل كان قائمًا قبل الثورة، وهذا الأمر الذي ضمن للنظام البقاء وغض نظر تل أبيب عن دعم إيران له وفق تعبيره.
اقرأ أيضاً: الأسد يدعم بقاء الوجود العسكري الروسي لهذه الأسباب
و تابع غليون بأن "ما قام به بشار الأسد خلال السنوات الماضية لسحق الثورة وإحراق سوريا وإخراجها من أي مواجهة ممكنة مع أي طرف لربع قرن على الأقل أهم بكثير من الاعتراف الشكلي الرسمي، بل إن سياسة النظام السوري لا تستقيم إلا بالإعلان عن الممانعة وتطبيق عكسها".
و رأى ألا حاجة للأسد من أجل إثبات أي حسن نوايا تجاه إسرائيل، حيث اعتبر أن الأسد قد قدم لها أضعاف ما كانت تحلم به ومنه الجولان وفلسطين والمستقبل السوري نفسه.
الكلمات المفتاحية