تقارير | 25 05 2020
" نحن مجموعة من الموظفين السابقين في مؤسسات الدولة في سوريا والجامعات، نستطيع أن نؤمن للسوريين المغتربين، ما يلزمهم من أوراق ثبوتية، كالبطاقات الشخصية وجوزات السفر والشهادات الجامعية"، هكذا يعرف عن أنفسهم، مسؤولوا صفحة "الاتحاد للاستشارات القانونية في سوريا"، على فيس بوك.
الصفحة التي لا يتجاوز عدد متابعيها الـ 1300 شخص حتى اللحظة، أصبحت بمثابة حل سحري، لبعض السوريين المنتشرين في بقاع جغرافية متنوعة خارج بلدهم، وبالتحديد أولئك الذين باتت العودة إلى سوريا كالكابوس بالنسبة لهم.
كيف يتم التزوير؟
تواصلت روزنة باسم "تالا الفؤاد" مع أدمن صفحة التزوير، الذي عرّف عن نفسه بأنه محام وموظف سابق في إحدى مؤسسات الدولة، وتحدثت تالا مطوّلا معه بصفتها "زبوناً" ، يرغب بالشراء!
استطاعت روزنة عبر "تالا الفؤاد" الحصول على بعض النسخ المزورة لمصدقة تخرج باسمها ، وكشف علامات بالعلامة المطلوبة تماماً ، مع كامل الأختام.
قال المسؤول عن الصفحة واصفاً طبيعة عمله :" نحن نعمل منذ ثلاث سنوات ولدينا مكتب رسمي في مدينة كيلس جنوب تركيا، لدينا كل ما نحتاج له من أدوات لصناعة نسخ حقيقية من الشهادات الجامعية وجوازات السفر والبطاقات الشخصية، لأي سوري في المغترب، وخاصة بتركيا ولبنان، ممن هربوا لأسباب عادية ولا يستطيعون العودة، ولديهم رغبة في السفر إلى دول أوربية لإيجاد فرص عمل".
تحدث المسؤول نفسه عن آلية التزوير المتبعة من قبل مكتبه بثقة :" فيما يتعلق بجواز السفر، لدينا جوازات فارغة جلبها موظفون سابقون في دائرة الهجرة والجوازات، ولدينا كل أنواع الأختام الرسمية المطلوبة، وآلة احترافية لطباعة الصورة".
بحسب الرجل، يبدو جواز السفر حقيقياً، ويستطيع حامله التجول فيه بأي دولة في العالم باستثناء سوريا، فكل ما في الجواز قانوني كما يقول، لكن ليس له رقم قيد، في الدوائر الرسمية السورية.
مغريات ومخاوف من النصب!
يبدو أن عملية التزوير تلك، تغري الكثير من الشباب الذين يتركون تعليقاتهم على الصفحة، ويتم تحويلهم بعد ذلك للتحدث عبر الرسائل، مع المسؤولين.
أحد المعلقين يدعى سلطان، سوري مقيم في السعودية، كتب على الصفحة:" أريد أن أصدق شهادتي للمرحلة الإعدادية من سوريا، يرجى مساعدتي في ذلك"، وآخر يستخدم اسم مستعار "موستاش فانديتا"، طلب الحصول على شهادة جامعية مزورة، وجواز سفر جديد.
تحدثت روزنة مع أحد الأشخاص الذين طلبوا مساعدة هذا المكتب، اسمه أحمد، لم يستطع الحصول على شهادته الجامعية من دمشق، حيث اضطر للسفر قبل التخرج، ووجد هذه الصفحة عن طريق الصدفة، وبعد أن تحدث معهم، عرف أن تكلفة صناعة نسخة طبق الأصل عن شهادته يكلف 600 دولار أميركي.
يقول الشاب:" استطيع أن أضع المعدل الذي أريده في الشهادة، فقد عرضوا علي أيضاً أن يزودوني بكشف علامات طبق الأصل، مع وضع ما أرغب به من علامات للمواد، وهذا يكلف 400 دولار إضافي"، ويتابع:" لم أصدق كل هذه الترهات، وخاصة بعد أن علمت أنه يجب علي ان أرسل المبلغ قبل استلام الأوراق المطلوبة، لن أغامر بـ1000 دولار".
مصادر المكتب
كيف يتمكن المكتب من توفير كل هذه الأوراق الرسمية، رغم أنه يعمل في كيلس بتركيا؟، سؤال وجهته روزنة بالحساب الوهمي، إلى أحد المسؤولين عن الصفحة، الذي أجاب:" في كتير ناس ولاد حلال، عملوا في مؤسسات الدولة سابقاً، واستطاعوا أن يهربوا عدداً كبيراً من الأختام الرسمية من الوزارات، وخاصة في القسم المتعلق بالأوراق الثبوتية، كالهوية وجواز السفر والشهادات التعليمية لكافة المستويات، ونحن نشعر بوجع السوريين الهاربين من الحرب ونريد مساعدتهم".
وفيما يتعلق بالأموال التي قد يحصلون عليها إثر تقديمهم ما يزعمون أنه "استشارات قانونية"، أوضح المسؤول عن الصفحة:" غايتنا ليست النصب على الناس، وهدفنا ليس اقتصادياً بل انساني، فنحن نحصل في بعض الأحيان على الأوراق المطلوبة من الموظفين السابقين بسعر كبير، وبعد تعبئة البيانات اللازمة ووضع الاختام المطلوبة نبيعه بسعر أعلى فقط ب 200 دولار، ليغطي أجور مكتبنا والموظفين لدينا".
وتابع وهو يضرب مثالاً عن جواز السفر: "نشتري جواز السفر الحقيقي والفارغ ب 400 دولار، ونبيعه بعد تعبئة البيانات ب 600 دولار".
أما حول موضوع الأوراق الخاصة بتأجيل الخدمة العسكرية، أكد الرجل، أنهم لا يتعاملون فيها، ولا يزورونها، لأنها لا تستخدم إلا داخل سوريا.
وبشأن تعاطي القانون السوري مع هذه القضايا، التي يقوم بها مكتب "الاتحاد"، فإنها تندرج تحت مسمى تزوير وثائق رسمية، ويمكن أيضاً أن تشمل تزوير أختام رسمية، بما أن الشهادات مختومة بأختام الجامعات، ووزارتي التعليم العالي والخارجية السورية، وتتراوح عقوبتها بين 7 سنوات إلى 15 سنة وفق أحكام القانون السوري، ويحق للدولة ملاحقة مرتكبي الفعل أينما كانوا، في حال اكتشاف الجرم بأي بلد.