تقارير | 24 11 2021

بعدما أصدرت بلدية بولو التركية قراراً يفرض على الأجانب دفع فواتير المياه بالدولار الأميركي، ويحدّد تكلفة رسوم الزواج بـ 100 ألف ليرة تركية، أعلنت وزارة الداخلية التركية فتح تحقيق بهذا الشأن، وسط تنديد منظمات حقوقية تركية ومواطنين أتراك بهذه القرارات المخالفة للقانون التركي والتي وصفت بـ"العنصرية".
صحيفة "حرييت" التركية، ذكرت أمس الثلاثاء، أنّ وزارة الداخلية أعلنت أنه سيتم إجراء التقييمات من حيث القانون الجنائي في المقام الأول، ومبدأ "المساواة أمام القانون" و"مبدأ المساواة وحظر التمييز" و "الكراهية والتمييز" و"التحريض على الكراهية والعداوة" و"سوء استخدام المنصب".
وأوضحت الوزارة أنه سيتم تقاسم التقييمات القانونية التي سيتم الحصول عليها نتيجة التحقيق مع الجمهور والسلطات القضائية والمؤسسات والمنظمات ذات الصلة.
وكان مجلس بلدية بولو وافق الإثنين الماضي (22 تشرين الثاني) على مقترحين يستهدفان الأجانب، لرئيس البلدية المنتمي لحزب الشعب الجمهوري المعارض، تانجو أوزجان، وهما زيادة سعر المتر المكعب من المياه إلى 10 أضعاف ليصل إلى 2.5 دولار على الأجانب، وتحديد رسوم الزواج بـ 100 ألف ليرة تركية، بزيادة 166 ضعفاً عن الوضع الطبيعي.
اقرأ أيضاً: مسؤول تركي يرد على حملة التحريض ضد السوريين
وأثار مقترح أوزجان ردود فعل واسعة في الوسط التركي، ما دفعه للرد بقوله: "هذه مسألة تتعلق بتحصيل أسعار المياه للأجانب الذين حصلوا على تصريح إقامة في تركيا ضمن نطاق القانون رقم 4658 بحساب أكثر من 2.5 دولار، وهذا لا يشمل جميع الأجانب".
وأوضح أوزجان في وقت سابق أنّ الهدف من زيادة الضرائب هو الدفع باتجاه ترك الأجانب للولاية والعودة الطوعية إلى بلادهم.
وفي 27 تموز الماضي أعلنت "الرابطة الرسمية لحقوق اللاجئين في تركيا" قرارها رفع دعوى قضائية رسمية ضد أوزجان، عقب اقتراح رفع تكاليف فواتير المياه لعشرة أضعاف للأجانب.
وتعتبر ولاية بولو التي تبعد عن إسطنبول نحو ساعتين ونصف، ويبلغ عدد سكانها نحو 312 ألف نسمة، من أقل الولايات التي تستضيف لاجئين سوريين، ويبلغ عددهم نحو 1500 لاجئ، بحسب تقرير لصحيفة "صباح" التركية عام 2019.
وتستضيف تركيا 3 مليون و715 ألف لاجئ سوري في عموم البلاد، حتى أيلول الماضي، بحسب آخر إحصائية لدائرة الهجرة التركية.
رئاسة الشؤون الاجتماعية التركية تطالب بالمحاسبة
أعلنت رئاسة الشؤون الاجتماعية التركية موقفها من قرارات بلدية بولو التي وصفتها بالقرارات "العنصرية والتمييزية"، وقالت في بيان أمس الثلاثاء إنه "يجب على القضاء والوزارة المعنية والسياسيين اتخاذ إجراءات في أقرب وقت ممكن ضد هذه القرارات المليئة بالضرائب والكراهية والحقد"، بحسب موقع "hudapar".
حقوقيون يدينون
وأعلنت مؤسسة "حقوق الإنسان والمساواة التركية" (TİHEK)، أمس الثلاثاء، أنها بدأت تحقيقاً بشأن القرار الذي اتخذته بلدية بولو بحق الأجانب بالنسبة لرسوم الزواج ودفع فواتير المياه، وفق موقع "يني شفق".
وقالت المؤسسة الحقوقية إنه من واجبها "التحقيق ومتابعة عواقب انتهاكات حظر التمييز بحكم المنصب".
وأوضحت أنه بموجب المادة 5 من القانون رقم (6701) فإنه يُحظر "التمييز ضد الأشخاص الذين يستفيدون من خدمات البلدية أو الذين تقدموا بطلبات للاستفادة منها".
أتراك يدينون
أدان الكثير من المواطنين الأتراك قرارات بلدية بولو العنصرية بحق الأجانب ورأوا أنها لا تتناسب مع مدينة بولو "الكريمة"، فيما قسم آخر أيدها
الكاتب التركي جلال دمير قال على حسابه في فيسبوك إنّ "رئيس بلدية بولو لا يمثلني" رداً على تلك القرارات، فيما المواطن التركي، بايرام أرغين ،خاطب على تويتر حزب الشعب الجمهوري المعارض قائلاً: "عار عليك وعلى من صوت لك… كموظف متقاعد، أشعر بالخجل منك".
أما سيفيل أكسوي، اعتبر تلك القرارات "عنصرية" وعلّق قائلاً: "لا ينبغي أن تكون هذه هي الطريقة لإعادة طالبي اللجوء إلى بلدانهم ، فهذه مجرد بُعد آخر للعنصرية، دعونا لا نسترجع التاريخ مرة أخرى، مثل الضرائب الباهظة التي فُرضت على الأرمن واليونانيين منذ سنوات، نحن لا نختلف عما يُفعل ضد السود من تمييز في الولايات المتحدة".
قد يهمك: رئيس بلدية أزمير يعد السوريين بعدم التخلّي عنهم
ويُعد حزب "الشعب الجمهوري" المعارض، أبرز جهة في تركيا تُحرّض ضد اللاجئين السوريين، وسبق أن توعد الحزب مراراً بإعادة السوريين في حال الفوز بالانتخابات.
ومطلع تموز الماضي، قال زعيم الحزب كليتشدار أوغلو، إنه عندما يصل إلى السلطة سيحل المشكلة السورية ومشكلة السوريين في غضون عامين و"أنا مصمم على ذلك وسأفعلها".
ووجه نائب مدير دائرة الهجرة في تركيا، جوكشه أوكّ، في شهر تموز رسالة إلى السوريين المقيمين على الأراضي التركية، بخصوص المنشورات التحريضية التي تستهدفهم من أحزاب مُعارِضة تركيّة، وطلب منهم عدم منح "أصحاب النوايا السيئة" أي فرصة للتحريض ضدهم، من خلال الالتزام بالقوانين التركية.
القانون التركي
بحسب المادة العاشرة من الدستور التركي، فإن الجميع سواسية أمام القانون "دون أي تمييز على أساس اللغة أو العرق أو اللون أو الجنس أو الرأي السياسي أو المعتقد الفلسفي أو الدين أو المذهب أو أسباب مماثلة".
ووفق المادة (216) من قانون العقوبات التركي، يعاقب بالسجن من سنة واحدة إلى 3 سنوات كل من "يحرض علانية شريحة من الجمهور بخصائص مختلفة من حيث الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو المذهب أو المنطقة، على الكراهية والعداء لشريحة أخرى، في حالة وجود خطر واضح ووشيك من حيث الأمن العام".
ويعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى سنة واحدة كل من "أذل علناً قسماً من الجمهور على أساس الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو المذهب أو الجنس أو الاختلافات الإقليمية"، كما يعاقب بالسجن من 6 أشهر إلى سنة واحدة "من أهان علانية القيم الدينية التي يتبناها جزء من الجمهور".
وتستمر مؤخراً الحملات الداعية لترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم من قبل بعض الأحزاب السياسية التركية، وسط تصريحات رسمية من الحكومة التركية تؤكد مواصلتها رعاية اللاجئين وحمايتهم.