تقارير وتحقيقات | 17 06 2025
روزنة
قدمت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا نجاة رشدي، اليوم الثلاثاء، إحاطة لمجلس الأمن في مدينة نيويورك الأمريكية، اعتبرت فيها إن التصعيد الإقليمي بين إيران وإسرائيل قد يقوض التقدم الهش في سوريا.
وقالت نجاة رشدي نائبة المبعوث الخاص لسوريا غير بيدرسن، إن "مخاطر المزيد من التصعيد في المنطقة ليست افتراضية، بل هي فورية وشديدة، وقد تؤدي إلى تقويض التقدم الهش نحو السلام والتعافي في سوريا"، مشيرة إلى أن "سوريا ببساطة لا يمكنها أن تتحمل موجة أخرى من عدم الاستقرار".
وأكدت "رشدي" في إحاطتها على إدانة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش للتصعيد العسكري في الشرق الأوسط ودعوته إسرائيل وإيران إلى إظهار أقصى درجات ضبط النفس، كما نقلت عن قلق المبعوث "بيدرسن" المتزايد إزاء العواقب المحتملة لأي تصعيد إضافي.
ويستمر التصعيد بين إسرائيل وإيران في إطار الهجمات المستمرة بينهما منذ أيام، دون أي موقف دبلوماسي رسمي من الإدارة السورية الجديدة حوله، حتى ساعة نشر المادة.
وأكدت عودتها قريباً إلى سوريا مع "بيدرسون" للتواصل مع السلطات الانتقالية وشرائح واسعة من المجتمع السوري "وسنواصل دعم السلطات الانتقالية والشعب السوري نحو فصل جديد وأفضل في تاريخ سوريا، وفق قولها.
انتقال سياسي شامل
تحدثت "رشدي" عن الاجتماعات المستمرة للمبعوث الخاص غير بيدرسون في الأشهر الأخيرة، مع كبار المسؤولين في دمشق، إذ تركزت المناقشات على التطورات الإيجابية في العلاقات الدولية "فضلاً عن أهمية إعطاء الأولوية للشؤون الداخلية نحو انتقال سياسي شامل حقيقي يشارك فيه جميع السوريين.
وأضافت المسؤولة الأممية في إحاطتها، أن الاجتماعات مع المسؤولين السوريين "اتسمت بشكل عام بنبرة بناءة وتعاونية، مع وجود اهتمام مشترك بتعزيز المشاركة مع الأمم المتحدة عبر قطاعات متعددة".
ورحبت بتشكيل لجنة مجلس الشعب قبل أيام، مشجعة إياها "على اتخاذ التدابير التي تضمن الشمولية والشفافية والانفتاح في جميع مراحل هذه العملية (...) تم إيلاء اهتمام خاص للخطوات التالية في عملية الانتقال وتنسيق الجهود مع اللجان التي تم إنشاؤها حديثًا بشأن العدالة الانتقالية والمفقودين".
هجمات مستمرة "لا تبدو منهجية"
تطرقت نائبة المبعوث الأممي في إحاطتها "إلى استمرار وقوع حوادث عنف متفرقة في حمص وحماة ومناطق أخرى، بما في ذلك عمليات قتل واختطاف وانتهاكات للحريات الفردية"، لافتة إلى حديث أشخاص التقى بهم "بيدرسون" عن قلقهم إزاء الهجمات المستمرة ضد العلويين والدروز والنساء.
وأضافت: "بينما أكد العديد من المحاورين أن هذه الحوادث لا تبدو منهجية أو جزءا من السياسة الرسمية، إلا أنهم سلطوا الضوء على التحديات المستمرة التي تواجهها السلطات المؤقتة في السيطرة على مجموعات معينة - سواء كانت تابعة للسلطات المؤقتة أو تعمل بشكل مستقل".
وأشارت "رشدي" إلى ما وصفتها بالبوادر المشجعة التي اتخذتها الإدارة السورية الجديدة "لتخفيف التوترات"، لافتة إلى فتوى تحريم الانتقام والثأر وسط ترحيبها أيضاً بقرار إعادة القضاة الذين عزلهم النظام السابق "في خطوة نحو إعادة الثقة بين القضاء والشعب".
وأكدت أن حماية وسلامة كافة مكونات المجتمع ومنع إثارة التوترات الطائفية "هي ركيزة أساسية للاستقرار".
وشهد الأسبوع الماضي عمليات حرق ونهب في بلدة الدالية بريف اللاذقية، قبل أقل من شهر على الموعد النهائي لتسليم اللجنة المعنية بتقصي الحقائق في أحداث الساحل التي أدت لمقتل مئات المدنيين في آذار الماضي، على يد "مجموعات غير منضبطة" تابعة ومحسوبة على وزارة الدفاع أو على يد "فلول النظام السابق"، وفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
المجتمع المدني ومجلس الشعب
تحدثت نجاة رشدي إلى أن المبعوث الأممي الخاص تواصل مع مجموعة واسعة من السوريين بما في ذلك النساء "الذين يواصلون السعي إلى تمثيل أكبر في المناصب القيادية، بما في ذلك كمرشحين ومندوبين في عملية مجلس الشعب"، وفق قولها.
وتابعت: "ممثلو المجتمع المدني السوري يواصلون نشاطهم على كافة الجبهات للعمل من أجل سوريا جديدة تقوم على مبادئ الشمول والانفتاح والعمليات التشاركية الشفافة".
وضمت "اللجنة العليا لمجلس الشعب" سيدتين هما الصحفية لارا عيزوقي والصحفية حنان البلخي، إلى جانب ثمانية أعضاء ورئيس لللجنة، وفق المرسم الذي أصدره رئيس سوريا في المرحلة الانتقالية أحمد الشرع قبل أيام، بينما اقتصر التمثيل النسائي في الحكومة الانتقالية على الوزيرة هند قبوات.
توغل بيت جن "غير مقبول"
وصفت نجاة رشدي عمليات التوغل والاعتقالات والضربات بالمسيرات التي نفذتها قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي في سوريا بما فيها التوغل غير المسبوق إلى بلدة بيت جن ضمن الحدود الإدارية في محافظة ريف دمشق بـ"الأمر غير المقبول، ويجب أن يتوقف".
وأشارت إلى أن "حادثة نادرة لإطلاق صواريخ صغيرة من سوريا على الجولان السوري المحتل" أعلنت مجموعتان غير تابعتين للسلطات الانتقالية مسؤوليتهما عنها، دفعتها بـ"حادثة خطيرة" إسرائيل للقصف المدفعي والجوي على مواقع عسكرية ومستودعات جنوبي البلاد.
وأكدت في إحاطتها: "يجب احترام سيادة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها، إلى جانب اتفاقية فض الاشتباك لعام ١٩٧٤. الدبلوماسية ممكنة ويجب إعطاؤها الأولوية".
وتستمر قوات الاحتلال الإسرائيلي بالتوغل وارتكاب الانتهاكات داخل الأراضي السورية، كان آخرها هدم منازل داخل المنطقة منزوعة السلاح وفق اتفاق 1974 بمحافظة القنيطرة عند بلدة الحميدية، استمرت منذ ليل أمس حتى صباح اليوم.
وفي سياق آخر، أشارت "رشدي" إلى "نشاط ملحوظ" مستمر لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، في ظل تحديات أمنية قائمة مع "أعمال عنف محدودة ومتفرقة هذا الشهر"، بينها عند نقطة حدودية مع العراق وأخرى في دير الزور وثالثة في ريف حمص.
أيضاً، أكدت أن اتفاق العاشر من آذار بين الرئيس "الشرع" وقائد "قوات سوريا الديمقراطية" مظلوم عبدي "يظل يمثل فرصة تاريخية لحل إحدى القضايا الرئيسية العالقة في هذا الصراع واستعادة سيادة سوريا ووحدتها"، مرحبة بعودة عائلات سورية من مخيم الهول إلى شمالي غربي البلاد.
وفي ختام حديثها رحبت المسؤولة الأممية وشجعت بالإجراءات الدولية التي تسهم في إنعاش الاقتصاد السوري، مشيدة "بالعقد الكبير لبناء العديد من محطات الطاقة الغازية والطاقة الشمسية، الذي تم توقيعه بين السلطات المؤقتة وتحالف من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية".
وأوضحت: "هذه المشاريع من المتوقع أن تلبي أكثر من نصف احتياجات سوريا الوطنية من الكهرباء، وهو ما يمثل قفزة كبيرة نحو أمن الطاقة والانتعاش الاقتصادي ومرونة البنية التحتية".
وعرجت أيضاً في حديثها إلى عودة نحو 600 ألف لاجئ خلال الأشهر الستة الماضية معظمهم من دول الجوار ونحو 1.3 مليون نازح داخلياً لمناطق سكنهم الأصلية "على الرغم من الوضع الأمني والاجتماعي والاقتصادي الهش في وطنهم"
وقدرت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، قبل أيام، وصول عدد اللاجئين السوريين العائدين إلى بلدهم لمليون ونصف لاجئ إضافة لمليوني نازح داخلياً بحلول نهاية العام الجاري 2025.
