تقارير وتحقيقات | 22 01 2025

أثار تعميم أصدرته وزارة التعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال السورية، أمس الثلاثاء، لقائمة أسماء الجامعات الحكومية والخاصة والمعاهد المعترف فيها، غضباً وانتقاداً بين الأوساط السورية، بسبب استبعاد تسع جامعات خاصة في الشمال السوري من الاعتراف.
وأكدت وزارة التعليم العالي أن الوزارة ستدرس ملفات الجامعات الخاصة غير المعتمدة لاحقاً، وستعتمدها إذا استوفت المعايير المطلوبة.
وبعد سقوط النظام السوري السابق، الشهر الفائت، وتعيين حكومة تصريف أعمال سورية، بدأت وزارة التعليم العالي بإصدار بعض القرارات والتعليمات، آخرها أمر الاعتراف بالجامعات السورية والمعاهد.
ما هي الجامعات المعترف فيها؟
تضمنت القائمة المنشورة على صفحة وزارة التعليم العالي عبر منصة "تلغرام"، أسماء 11 جامعة حكومية معترف فيها، وهي جامعات حلب ودمشق واللاذقية وحمص وحماة وطرطوس وجامعة الفرات والجامعة الافتراضية السورية.
إضافة إلى جامعات الشمال السوري التي كانت تتبع لوزارات "حكومة الإنقاذ" و"الحكومة المؤقتة" وهي جامعة إدلب وجامعة حلب الشهباء في إدلب وجامعة حلب في أعزاز.
كذلك اعترفت الوزارة بـ 29 جامعة خاصة، مثل جامعة القلمون بريف دمشق وجامعة الوادي الدولية في حمص وجامعة قرطبة الخاصة في حلب وجامعة الاتحاد الخاصة في الرقة.
وشمل الاعتراف جامعات خاصة في الشمال السوري، مثل جامعة إيبلا وجامعة المعارف والجامعة الإسلامية في إدلب.
إضافة للاعتراف بتسعة معاهد حكومية، ثمانية منها في دمشق وواحد في إدلب، مثل المعهد العالي للفنون المسرحية، المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا، المعهد العالي للموسيقا.
جامعات غير معترف فيها: "إقصاء دون سبب"
تسع جامعات خاصة في الشمال السوري لم يعترف فيها، انتقدت بشدة "تعميم" وزارة التعليم العالي، واعتبرت عدم الاعتراف بأنه "ظلم وتمييز وإقصاء دون سبب".
الجامعات الخاصة غير المعترف فيها هي: "جامعة المعالي - جامعة الشام - الجامعة الدولية للعلوم والنهضة - جامعة باشاك شهير- جامعة آرام للعلوم - جامعة الرواد للعلوم والتقانة - جامعة الزهراء - الجامعة السورية للعلوم والتكنولوجيا - وجامعة الأمانوس".
واعتبرت الجامعات في بيان مشترك متداول، أمس، أنّ إغفال الاعتراف بعدد كبير من الجامعات في الشمال السوري رغم حصولها على الاعتراف من مجلس التعليم العالي في الشمال، يشعر الأساتذة والطلاب بالتمييز والظلم الشديد والإقصاء من دون أي سبب مقنع.
وانتقد البيان "الاعتراف السريع بالجامعات المشبوهة بالفساد المالي والمحسوبة على بعض رموز النظام" وفق وصفه، والتي يُتهم بعضها ببيع الشهادات أو منحها بطرق غير قانونية.
واعتبرت الجامعات أنّ إصدار هذه التعديلات المهمة في إطار "تعميم" لا يحميها قانونياً، ولا بد من صدور قرار بذلك من مجلس التعليم العالي وإلغاء ما يخالف ذلك من القرارات السابقة.
ودعا البيان وزير التعليم العالي، عبد المنعم عبد الحافظ، إلى عدم إهمال تلك "الملاحظات" معتبراً أن إهمالها يؤدي إلى فوضى كبيرة واستمراراً لنهج وضعه النظام السابق من بقاء الفساد والمحسوبية وانتهاك الحقوق.
كيف ردّت وزارة التعليم العالي على الانتقادات؟
وزير التعليم العالي، عبد المنعم عبد الحافظ، طمأن في تصريح لوكالة "سانا" اليوم الأربعاء، كوادر وطلاب الجامعات الخاصة التي لم تعتمد، وقال إنّ الوزارة ستدرس لاحقاً ملفاتها وفي حال تحقيق المعايير سيتم اعتمادها.
وأشار عبد الحافظ "لسعيهم إلى الحفاظ على معايير واضحة وشاملة لاعتماد الجامعات العاملة، بهدف ضمان تعليم أكاديمي متميز" دون ذكر ما هي تلك المعايير.
وأوضح أن وزارة التعليم أصدرت تعميماً إلى الجامعات الخاصة التي لم تعتمد من أجل التقدم بملف اعتماد أكاديمي شامل لدراسة وضع كل جامعة والخلوص إلى نتيجة بناء على الملف.
وطلبت وزارة التعليم، عبر تعميم، أمس الثلاثاء، من كافة الجامعات الخاصة التي لم يرد اسمها في ملف الاعتماد، التقدم بملف اعتماد أكاديمي خاص بالجامعة لتتم دراسته والتأكد من تحقيق المعايير قبل إعلان الاعتماد.
انتقادات واسعة
انتقد أكاديميون وطلاب في جامعات الشمال السوري تعميم وزارة التعليم العالي، معتبرين أنّ الأولوية هي في الاعتراف لجامعات الشمال التي بقيت لسنوات تحت قصف النظام السابق وحملات التهجير والنزوح.
الدكتور عبد العزيز الدغيم، رئيس جامعة حلب في أعزاز، قال في منشور عبر فيسبوك، " إنّ الجامعات في الشمال السوري هي الأجدر بالاعتراف، لأنها هي من واكبت تطلعات الثورة، وهي من احتضنت الطلاب الأحرار والثائرين فحافظت عليهم من الضياع في البلاد".
وبرأيه أنه مع سقوط النظام يجب أن يحصل الطلاب على الاعتراف بشهاداتهم وجامعاتهم مع شكرهم على صبرهم وجهادهم في سبيل الحرية.
وطالب الدغيم وزير التعليم العالي بالتعجيل في دراسة ملف الجامعات الخاصة واعتمادها أصولاً، لافتاً إلى أنّ عدم الاعتراف يتعلق بـ"الإجراءات الشكليّة وليس بالجوهر والجودة والكفاءة".
محمد نور حمدان، عضو الهيئة التدريسية في كلية العلوم الإسلامية باعزاز، وصف عدم الاعتراف بالجامعات بـ"المزعج"، وطالب المسؤولين سحب تلك القائمة وإعادة النظر في مثل تلك القرارات "غير المدروسة" وفق قوله.
وقال في منشوره عبر فيسبوك: "سنبقى ندافع عن حقوق طلابنا وطالباتنا الذين ذاقوا مرارة الألم والتهجير والتضحية والثورة، وفي النهاية يكافؤون بإصدار مثل هذه القرارات الغريبة العجيبة، وسنبقى ندافع عن حقوق طلابنا الأحرار حتى يحصلوا على كامل حقوقهم".
من جهتها، علّقت نغم طالبة في جامعة إدلب، على عدم الاعتراف بالجامعات الخاصة قائلة: "نغصوا فرحة الطلاب، عالأقل كان احتراماً لدماء الطلاب الشهداء من هالجامعات".
أما فاطمة الزهراء طالبة إعلام في الشمال السوري، اعتبرت أن التعميم بالاعتراف سوف يضر بنفسيات الطلاب ولا سيما أنهم يعملون حالياً على تقديم الامتحانات.
الشامي، أحد طلاب الشمال السوري، قال متهكّماً: "لماذا يجب أن نعترف بجامعات الشمال كلها، كي يشرب طلاب الجامعات المرطبات مثلاً؟".
وطالب طلاب الجامعات الخاصة في إدلب بالاعتراف فيها، معتبرين أنّ "الاعتراف بتلك الجامعات واجب"، وأطلق عدد من الطلاب وسماً تحت عنوان "الاعتراف بنا واجب".
وأصدر طلاب "جامعة الحياة للعلوم الطبية" الخاصة في إدلب، بياناً طالبوا فيه وزارة التعليم العالي "بإعطاء الأولوية بأحقية الاعتراف لجامعات الثورة عن غيرها من بعض الجامعات التي بنيت على فساد ومحسوبيات النظام المخلوع" وفق قولهم.
في النهاية يبقى الطلاب في صلب هذه القضية، فبينما يسعى الطلاب إلى الحصول على اعتراف بشهاداتهم، يواجهون تحديات كبيرة، ما يلقي بعبء إضافي عليهم.