أجرى قائد "الحرس الجمهوري " في النظام السابق، اللواء طلال مخلوف تسوية لوضعه في مركز بالعاصمة دمشق، حسب ما أظهر مقطع مصور لجريدة "الوطن" المحلية، أمس الأحد، ما أثار غضب سوريين يطالبون بالعدالة والمساءلة، باعتباره متهم بارتكاب جرائم حرب.

وقال "مخلوف" في تغطية "الوطن" المصورة، إن "هيئة تحرير الشام" (أبرز فصائل إدارة العمليات العسكرية) تعاملت معه "بلطف واحترام شديد"، إذ أشعره "تعاملهم بمنطق الدولة، بالأمان".

ووجه قائد "لواء 105 حرس جمهوري" عند بدء الثورة السورية (رتبة عميد حينها)، رسالة لأقرانه من الضباط في قوات النظام السابق، قائلاً: "لا داعي للتخوف، طالما لا تخاف من شيء قد فعلته، ليلتحق ويخدم بلده، وهذا الأمر الطبيعي، فالحياة يجب أن تستمر".

وأظهرت لقطة خلال التقرير، الهوية العسكرية لطلال مخلوف خلال نقل بياناته في مركز التسوية.

وافتتحت "إدارة العمليات العسكرية" مراكز "تسوية" للعناصر والضباط في صفوف قوات النظام السابق، لتسليم أسلحتهم ومعدات بعهدتهم، بعد سقوط النظام إثر سيطرة فصائل "ردع العدوان" المعارضة على العاصمة والمحافظات الأخرى، وهروب بشار الأسد.

متهم بارتكاب جرائم

ورد اسم طلال مخلوف في تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، نشر في كانون الأول 2011، بصفته أحد القادة العسكريين المسؤولين عن ارتكاب جرائم وانتهاكات وأوامر مباشرة بإطلاق النار في مرحلة الحراك السلمي بالثورة، مستندة على شهادات 63 منشق.

ونقل التقرير شهادتين لعنصرين في "اللواء 105 حرس جمهوري" الذي يقوده طلال مخلوف آنذاك، مؤكدين إعطائه أوامر مباشرة بإطلاق النار على المتظاهرين، إذ دلل أحدهم على إطلاق النار على مئات المتظاهرين عند مشفى مدينة حرستا، تنفيذاً لأوامر "مخلوف".

وحسب موقع "مع العدالة" فإن طلال مخلوف وبعد قيادته للحرس الجمهوري في 2016، كان للأخيرة "الدور الأبرز في المجازر التي ارتكبت بحلب الشرقية (الأحياء)".

واشنطن: عقوبات جديدة على 18 مسؤول في النظام السوري

كما يتهم الموقع بأنه "الحرس الجمهوري" تحت قيادته، ارتكب جرائم وانتهاكات خلال سيطرة النظام السابق على وادي بردى ومناطق الغوطة الشرقية بريف دمشق، محملة إياه المسؤولية عن "كافة جرائم اللواء 105" والحرس الجمهوري طيلة فترة قيادته لهما.

ووفق "مع العدالة" فإن طلال مخلوف أدرج على قائمة عقوبات أصدرتها سويسرا في 1011، إضافة لعقوبات بريطانية في 2015 كما شملت اسمه قائمة عقوبات لوزارة الخزانة الأمريكية بحث 17 مسؤولاً في النظام السابق.

 بسبب العنف الجنسي.."الحرس الجمهوري" والأسد ضمن عقوبات أوروبية جديدة

واعتبر الاتحاد الأوروبي في قائمة عقوبات أصدرها العام الفائت، أنّ "الحرس الجمهوري" هو جزء من نهج تابع للنظام، لاستخدام العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي لقمع وترهيب الشعب السوري، وخاصة النساء والفتيات".

وأشار إلى أنّ "الحرس الجمهوري" مسؤول عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سوريا، بما في ذلك التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والاعتقالات أو الاحتجاز التعسفي ، فضلاً عن انتشار العنف الجنسي والجنساني.

"استقبال كأي إنسان"

وأثار ظهور طلال مخلوف غضب صحافيين وناشطين سوريين، وتساؤلهم عن مسار العدالة والمحاسبة بحق مرتكبي الجرائم والانتهاكات، واستنكارهم لإجراء "إدارة العمليات" عمليات "تسوية" لمخلوف و"أخرين بالتأكيد ارتكبوا جرائم"، وفق قولهم .

وأكد مقدم في وزارة الداخلية بحكومة تصريف الأعمال، عمار عبد ربه لـ"الوطن"، إن اليوم الأول للتسوية في دمشق وصل 1500 عنصر وضابط إلى مركزين افتتحا بالعاصمة.

وأشار إلى توصيات قيادة "إدارة العمليات" تؤكد على معاملة واحدة، قائلاً: "أكيد بين من يجرون التسوية مشرفين على الاعتقال والتعذيب (...) التوجيهات وتوجيهاتنا أن نستقبله كأي إنسان، أما مسألة الحقوق الشخصية فهذا أمر مختلف".

غضب ومطالبة بالمحاكمة

الصحفي عمر قصير، من أوائل الذين سلطوا الضوء على ظهور طلال مخلوف، كتب عبر حسابه في منصة اكس: "إن كانت هذه نتيجة اليوم الأول من التسوية فنحن مقبلون على كارثة لا أجد كلمات لوصفها".

كذلك كتب الصحافي قصي عمامة على فايسبوك: "كيف يتعامل أصحاب الرؤوس الحامية وسرعة الشتم والتخوين، مع خبر تسوية وضع اللواء طلال مخلوف قائد الحرس الجمهوري في النظام المخلوع؟".

أما المرصد السوري لحقوق الإنسان فاعتبر طلال مخلوف "أحد أبرز رمز الإجرام في عهد نظام بشار الأسد المخلوع"، مطالباً بإحالته إلى محاكمة عادلة تضمن محاسبته على الجرائم العديدة التي تورط بها، وفق قوله.

16200 متورط بالجرائم

تزامن ظهور "مخلوف" والتساؤلات عن مصير كبار القادة والضباط في صفوف قوات النظام السابق، مع إصدار الشبكة السورية لحقوق الإنسان، اليوم، تقريراً قالت فيه إنها حدد قائمة تضم أسماء نحو 16200 متورط بجرائم ارتكبتها قوات النظام و"الرديفة" لها.

وأوضح البيان أن قائمة بيانته وثقت 6724 فرداً من قوات "الجيش وأجهزة الأمن" و9476 من "القوات الرديفة" التي قاتلت إلى جانب النظام، مسؤولين عن التخطيط للانتهاكات والجرائم والإشراف المباشر على تنفيذها.

ويشدد ذوو الضحايا على يد النظام السابق، وناجون من معتقلاته إضافة لمنظمات وناشطين حقوقيين، على ضرورة تقديم الأفراد المسؤولين عن ارتكاب الجرائم والانتهاكات إلى محاكمات عادلة في إطار العدالة الانتقالية، لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.