تقارير وتحقيقات | 24 04 2024

حذّرت الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، من خطورة مشروع قانون "سلامة رواندا" التي أقرته بريطانيا حديثاً، والذي يقضي بترحيل المئات من طالبي اللجوء ممن وصلوا بريطانيا بطريقة غير شرعية إلى رواندا في شرقي أفريقيا.
واختصر رئيس الوزراء البريطاني مشروع القانون الذي يسهل عمليات نقل وترحيل اللاجئين في إطار شراكة اللجوء بين المملكة المتحدة ورواندا، بقوله على منصة "إكس": "ابدؤوا الرحلات الجوية وأوقفوا القوارب.. هذا ما يقدمه مشروع القانون هذا".
مشروع قانون "سلامة رواندا" هو استجابة لقرار المحكمة العليا في بريطانيا الذي منع رحلات الترحيل لأن الحكومة لم تتمكن من ضمان سلامة المهاجرين، الذين أرسلوا إلى رواندا، وبعد التوقيع على معاهدة جديدة مع رواندا لتعزيز حماية المهاجرين، اقترحت الحكومة التشريع الجديد الذي يؤكد أن رواندا بلد آمن، وفق موقع "يورونيوز".
تحذير ومطالبات للتراجع عن مشروع القانون
ذكرت الأمم المتحدة في بيان لها، أنه في أعقاب إقرار برلمان المملكة المتحدة لمشروع قانون "سلامة رواندا" الإثنين الفائت، دق اثنان من كبار مسؤولي الأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن تأثيره الضار على تقاسم المسؤولية العالمية وحقوق الإنسان وحماية اللاجئين.
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، وفولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أصدرا بياناً مشتركاً يدعو بريطانيا إلى إعادة النظر في خطتها لنقل طالبي اللجوء إلى رواندا.
وشدد غراندي، أن هذا الترتيب يسعى إلى تحويل المسؤولية عن حماية اللاجئين، مما يقوّض التعاون الدولي.
وقال: "يمثل التشريع الجديد خطوة أخرى بعيداً عن تقليد المملكة المتحدة الطويل المتمثل في توفير اللجوء للمحتاجين، في انتهاك لاتفاقية اللاجئين (...) إن حماية اللاجئين تتطلب من جميع البلدان، وليس فقط مناطق الأزمات المجاورة، أن تفي بالتزاماتها".
وطالبت الأمم المتحدة من بريطانيا اتخاذ تدابير عملية لمعالجة التدفقات غير النظامية للاجئين والمهاجرين بدلاً من ترحيل اللاجئين، وذلك وفق التعاون الدولي واحترام القانون الدولي لحقوق الإنسان، من خلال مواصلة التعاون العملي مع البلدان الواقعة على طول الطرق التي يسلكها اللاجئون والمهاجرون، لتعزيز الحماية وتقديم بدائل حقيقية، وقالت إن ذلك يشمل توسيع المسارات الآمنة والمنتظمة للحماية.
اقرأ أيضاً: طالبو لجوء مهددون بالترحيل.. حول خطة بريطانيا وعن رواندا
مخاطر على طالبي اللجوء
قالت الأمم المتحدة، إن إجراءات مشروع القانون الجديد بمجرد صدورها ستقيد محاكم بريطانيا من التدقيق بشكل صحيح في قرارات الترحيل، مما يترك لطالبي اللجوء مساحة محدودة للاستئناف حتى لو كانوا يواجهون مخاطر كبيرة، مما يقيد الوصول إلى سبل الإنصاف القانونية في بريطانيا والحد من نطاق حماية حقوق الإنسان المحلية والدولية لمجموعة معينة من الناس.
وأشار مسؤولو الأمم المتحدة إلى أن مشروع القانون الجديد، إذا تم تنفيذه، "سيمهّد الطريق أمام إرسال طالبي اللجوء، بما في ذلك الأسر التي لديها أطفال، بإجراءات موجزة إلى رواندا لتقديم طلبات اللجوء الخاصة بهم، مع عدم وجود احتمال للعودة إلى المملكة المتحدة".
كما سيحد مشروع القانون الجديد بشكل كبير من قدرة طالبي اللجوء على الطعن أو الاستئناف على قرارات الإبعاد، مع مطالبة صناع القرار والقضاة بمعاملة رواندا بشكل قاطع كدولة "آمنة" فيما يتعلق بحماية طالبي اللجوء.
قد يهمك: رحلة مهاجر سوري من السودان إلى بريطانيا.. عبر 6 دول ونجا من الخطف!
ترحيل الدفعة الأولى في تموز
مشروع القانون الذي أقر الإثنين، من شأنه ترحيل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى بريطانيا بطرق غير نظامية، وفق ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
وقال وزير الداخلية، جيمس كليفرلي، إنها كانت "لحظة تاريخية في خطتنا لوقف القوارب".
وتحدث وزير الداخلية في مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي: "لقد تمت الموافقة على مشروع قانون سلامة رواندا في البرلمان وسيصبح قانوناً خلال أيام".
وقالت مصادر بوزارة الداخلية البريطانية للصحيفة، إنها حددت بالفعل مجموعة من طالبي اللجوء ذوي المطالب القانونية الضعيفة للبقاء في المملكة المتحدة والذين سيكونون جزءاً من الدفعة الأولى التي سيتم إرسالها إلى شرق إفريقيا في تموز، والبالغ عددهم 350 مهاجراً.
الطعن بالقرار جائز
ويسمح مشروع القانون بالطعن إذا كان المحتجز يواجه "خطراً حقيقياً ووشيكاً ومتوقعاً بحدوث ضرر جسيم لا يمكن إصلاحه إذا تم ترحيله إلى رواندا".
ونقلت الصحيفة عن محامين قولهم إنهم سيعدون الطعون القانونية نيابة عن طالبي اللجوء الأفراد، حيث يمكن الطعن في القرار وبالتالي إلغاء الاسم من قائمة الرحلات الجوية.
ويجب على الشخص تقديم استئناف خلال ثمانية أيام من تلقي خطاب الترحيل، سيتم بعد ذلك منح وزارة الداخلية عدة أيام للرد، إذا تم رفض الاستئناف، فسيتم منح الشخص الذي يطلب اللجوء سبعة أيام لتقديم استئناف نهائي إلى المحكمة العليا، والتي ستبت في طلبه في غضون 23 يوماً.
دينيسا ديليتش، مديرة المناصرة في لجنة الإنقاذ الدولية في المملكة المتحدة، قالت الاثنين: "بغض النظر عن إقرار مشروع قانون سلامة رواندا، فإن إرسال اللاجئين إلى رواندا هو نهج غير فعال وقاسٍ ومكلف بلا داع".
ودعت مديرة المناصرة بريطانيا التخلي عن مشروع القانون الذي وصفته بـ"الخطة المضللة" والتركيز بدلاً من ذلك على تقديم نظام هجرة أكثر إنسانية وتنظيماً في الداخل "ويشمل ذلك توسيع نطاق الطرق الآمنة، مثل إعادة التوطين ولم شمل الأسرة، ودعم الحق في طلب اللجوء".
وكانت صحيفة "الغارديان"، ذكرت منتصف الشهر الجاري، أن التشريع الجديد يعتبر أحد أكثر القوانين المثيرة للجدل منذ عقود، ويصل نحو 534 شخصاً يومياً إلى الشواطئ البريطانية.
وأعلنت بريطانيا عن سياسة نقل طالبي اللجوء إلى رواندا في نيسان عام 2022، ضمن خطة تجريبية مدتها خمس سنوات، وقال آنذاك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن كل من دخل البلاد بطريقة غير شرعية بعد كانون الثاني 2022 من الممكن أن تشمله.
وكان هناك ما يقرب من 28 ألف سوري يقيمون في بريطانيا خلال عام 2021، بزيادة عن 12 ألف سوري في عام 2014.
لماذا رواندا؟
في نيسان 1994 شهدت رواندا شرقي إفريقيا عمليات إبادة جماعية راح ضحيتها نحو مليون شخص وتشير تقديرات لقرابة ربع مليون حالة اغتصاب في البلد الصغير الذي يبلغ عدد سكانه نحو 13 مليون رواندي ورواندية.
يوصف البلد حالياً على أنه "وجه إفريقيا المشرق" و"رمز الحداثة" فيها، لما حققته البلاد من نهضة ونمو في الاقتصاد وتراجع لمعدلات الفقر ونسب الأمية وارتفاع قيمة الناتج المحلي، إضافة لوصف العاصمة كيغالي على أنها "الأجمل والأنظف والأكثر جذباً للسياح في إفريقيا".
من هنا يأتي الإصرار الحكومي البريطاني على أن رواندا "واحدة من أكثر الدول أماناً في العالم"، وهو ما تخالفه رسالة "هيومن رايتس ووتش" للداخلية البريطانية وتتحدث فيها عن الإساءة للمهاجرين وتوثيق انتهاكات واعتقال تعسفي وحالات تعذيب في البلد.