مصير مجهول لمئات اللاجئين في بحر إيجة بعد طردهم من اليونان 

مصير مجهول لمئات اللاجئين في بحر إيجة بعد طردهم من اليونان 
التقارير | 21 أغسطس 2020 | غيثاء الشعار

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية عن قيام اليونان بطرد أكثر من ألف لاجئ بطريقة غير قانونية وسرية، و تركتهم بقوارب مطاطية غير قابلة للإبحار قرب حدود المياه الإقليمية اليونانية، دون معرفة مصيرهم. 


ووفق تحليل الأدلة الذي أجرته الصحيفة مع ثلاث هيئات رقابية مستقلة، بالإضافة لمقابلات مع ناجين ومراجعة أدلة فوتوغرافية وفيديوهات من عمليات الطرد السابقة والتي وصلت إلى 31 عملية. 

وأضافت الصحيفة في تقرير لها "منذ آذار الماضي ألقى مسؤولون يونانيون ما لا يقل عن 1072 طالب لجوء في البحر، في 31 عملية طرد منفصلة على الأقل".

وقد أفاد لاجئون سوريون للصحيفة أن رجال أمن يونانيين ملثمين أخذوهم ليلاً من سكن جماعي في جزيرة رودس ثم وضعوهم على زورق مطاطي بدون محرك أو مجذاف، وتركوهم في البحر لمصيرهم، ولم يعثر عليهم من قبل خفر السواحل التركي إلا بعد مرور وقت طويل. 

وأفادت الصحيفة بأن الشهادات الشخصية التي وثقتها كانت لأم سورية تُدعى نجمة الخطيب، وهي معلمة سورية تبلغ من العمر خمسين عاماً، فرت إلى تركيا أواخر العام الماضي مع ولديها مع تقدم قوات النظام السوري شمالا، ثم وبعد وفاة زوجها بسبب مرض السرطان في تركيا، قررت الرحيل وحاولت الوصول إلى اليونان ثلاث مرات هذا العام، فشلت في البداية لعدم وصول المهرب، ثم اعترضتها القوات اليونانية و أبعدتها في المرة الثانية.

وفي المحاولة الثالثة في الـ 23 من تموز، اعتقلت الشرطة اليونانية الخطيب وأبنائها بعد هبوطهم في جزيرة رودس، ثم نُقلوا إلى موقع احتجاز مؤقت، "وتحت جنح الظلام، تم إخراجهم من هناك مع 22 آخرين - بينهم طفلان - وتركتهم الشرطة في قارب نجاة بدون دفة أو محركات حتى، أنقذتهم قوارب الخفر التركية".

وقالت اللاجئة السورية للصحيفة "غادرت سوريا خوفا من القصف، ولكن عندما حدث هذا، تمنيت لو كنت قد مت تحت قنبلة".

اقرأ أيضاً.. والد الطفل المنتحر في هولندا: ابني تعب من طول الشتات 

وتقول الصحيفة أن ممارسات قوات الأمن اليونانية والحكومة اليونانية لم تقتصر على الذين يحاولون الوصول إلى سواحلهم، ففي شهادة أخرى أوردها موقع "ميديل إيست مونيتور" للشاب السوري فراس فتوح الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، والذي اعتقلته الشرطة اليونانية في ميناء "إيغون نيتسا" في 24 تموز، و رغم أنه يعيش بشكل قانوني في اليونان منذ تشرين الثاني الماضي مع زوجته وابنه - مع وثائق تثبت ذلك- قال إنه تعرض للاعتقال والسرقة من قبل الشرطة اليونانية، ثم نُقل قسرًاعلى بعد حوالي 400 ميل شرقًا باتجاه الحدود التركية حيث تم وضعه سرا على زورق مع 18 آخرين وتركوهم في مياه النهر، فيما بقيت زوجته وابنه في اليونان.

وفي أمثلة أخرى أُجبر المهاجرون في بعض الأحيان على ركوب قوارب النجاة التي تسربت منها المياه وتركوا لمصائرهم في المياه الإقليمية بين المياه التركية واليونانية، بينما تُرك آخرون في قواربهم الخاصة بعد أن عطل المسؤولون اليونانيون محركات هذه القوارب. 

على الرغم من وفرة ووضوح الأدلة ، بما في ذلك الفيديوهات التي صورها الركاب، إلا أن الحكومة اليونانية نفت التقارير ونفت وقوع أي أعمال غير قانونية، وذلك وفقًا للمتحدث باسم الحكومة اليونانية ستيليوس بيتساس "لا تشارك السلطات اليونانية في أي أنشطة سرية".

 وشدد على أن "اليونان لديها سجل حافل فيما يتعلق بمراقبة القانون والاتفاقيات والبروتوكولات الدولية، وهذا يشمل معاملة اللاجئين والمهاجرين".

تعتبر عمليات الطرد هذه غير قانونية بموجب القانون الدولي، ويعتبر هذه الأفعال مباشرة ومستمرة من قبل الحكومات الأوروبية التي تحاول إغلاق حدودها في وجه طالبي اللجوء، وقد سجلت منظمة "ماري ليبروم" ما لا يقل عن 150 عملية منذ آذار مارس الماضي مما حرم حوالي 5 آلاف شخص من الحصول على حق اللجوء والوصول إلى بر الأمان، بما فيه انتهاك صارخ لقوانين واتفاقيات جنيف وحقوق الإنسان.

اقرأ أيضاً: كفيف سوري يكافح للحصول على إقامة في ألمانيا

و منذ انتخاب حكومة محافظة جديدة في العام الماضي برئاسة رئيس الوزراء كيرياكوس ميتسوتاكيس، اتخذت اليونان موقفًا أكثر تشددًا تجاه المهاجرين -الذين غالبًا ما يكونون من لاجئي الحرب في سوريا- المتوجهين إلى أوروبا. 

إيلفا جوهانسون، التي تشرف على سياسة الهجرة في المفوضية الأوروبية، الخدمة المدنية في الاتحاد الأوروبي، عبرت عن قلقها الشديد إزاء الاتهامات الموجهة لليونان، لكنها تؤكد عدم وجود السلطة لديهم لفتح تحقيق. 

 وأضافت "لا يمكننا حماية حدودنا الأوروبية بانتهاك القيم الأوروبية وانتهاك حقوق الناس.. مراقبة الحدود يمكن ويجب أن تسير جنبًا إلى جنب مع احترام الحقوق الأساسية".

الجدير بالذكر أن هناك آلاف العالقين على حدود أوروبا معرضون لأخطار المواجهات مع القوات الأمنية، وغياب الرقابة على تطبيق حقوق الإنسان، عدا عن قسوة الطقس وانعدام أقل مقومات الصحة العامة خصوصاً في ظل جائحة فيروس "كورونا المستجد".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق