خنازير وطيور.. جميع أنواع الأنفلونزا في سوريا

خنازير وطيور..  جميع أنواع الأنفلونزا في سوريا
تحقيقات | 23 يناير 2016

كثر الحديث مؤخراً عن انتشار مرض انلفونزا الخنازير، في عدة مناطق سوريا، من دمشق إلى حمص، فالساحل ومناطق أخرى على الخارطة.

شُفي وائل من انفلونزا الخنازير الأسبوع الماضي، بعد تلقيه العلاج في مشفى الباسل بطرطوس، "شفت الموت بعيوني، لولا دخولي المستشفى وتلقي العلاج المناسب، لكنت من عداد الموتى بالتأكيد"، يقول الشاب.

وبحسب وائل، لا يدخل مشفى الباسل حالياً أحد، إلا واضعاً كمامة لكثرة حالات الانفلونزا فيه. 

ويبدو أن المرض وصل إلى اللاذقية أيضاً، فأولى حالات الوفاة في سوريا ظهرت هناك، حيث توفي الطبيب طوني سابا، الذي يعمل في مستشفى تشرين العسكري. 

وأكد أصدقاء الطبيب البالغ من العمر 26 عاماً لروزنة، أنه لم يكن يعاني من أمراض مزمنة، أو نقص بالمناعة، نافين ما قالته تقارير طبية وإعلامية، بأن الفيروس لا يقتل سوى المسنين والأطفال وذوي المناعة الضعيفة، ما أثار خوف واستغراب الجميع.

المرض ينتشر

أبو جعفر صاحب محل ألبان وأجبان في ضاحية تشرين باللاذقية، توفي الأسبوع الماضي في المشفى الوطني بالمدينة. 

ورغم أن الطبيب المشرف على حالته، ذكر أن الوفاة نتيجة مرض "ذات الرئة الحاد" وهو آخر أشكال انفلونزا الخنازير، إلا أن إدارة المشفى طلبت من أهل المتوفي، عدم نشر الخبر، وأخضعتهم لفحوصات تكشف سلامتهم.

وتؤكد مصادر محلية لروزنة، أن شخصاً على الأقل توفي في مدينة محردة (محافظة حماة) جراء انفلونزا الخنازير، وأكثر من عشرين إصابة أخرى بعضها في حالة حرجة. ما يعني وصول الفيروس إلى الداخل السوري وسط تعتيم تام عن الأمر.

وما يزيد الأوضاع خطورة، وصول مرض "انفلونزا الطيور" للقامشلي شمال شرق سوريا، إذا تأكدت مخاوف الناس هناك، والتي نقلها مراسل روزنة بالمدينة، بعد وفاة أحد الأشخاص بالمشفى الوطني، وتوارد أنباء، عن نفوق العديد من الطيور في مداجن القامشلي الجنوبية، جراء المرض.

وأكد مراسل روزنة في القامشلي، آختين أسعد، نقلاً عن أحد الأطباء في مشفى المدينة، وفاة 6 أشخاص بالمشفى، دون تحديد سبب الوفاة، إن كان انفلونزا الطيور أم مرض ذات الرئة. وبحسب الطبيب، فإن إدارة المشفى لم ترسل العينات حتى  اللحظة إلى دمشق لإجراء فحوصات لتحديد المرض.

كما أن انفلونزا الطيور، وصل إلى تل أبيض شمال الرقة على ما يبدو، إذ تحدثت مصادر عن إصابة 15 شخصاً، فيما أكد مراسلنا عند الحدود التركية السورية أيمن البكور، أن سوريين توفيا في أورفا التركية، بسبب انفلونزا الخنازير.

الأعراض 

"لا تختلف أعراض انفلونزا الخنازير عن أعراض أي انفلونزا أخرى، سوى بشدة العوارض، حيث يبدأ المرض بارتفاع شديد في درجة الحرارة بين 39-40 درجة، ووهن عام يرافقه آلام في المفاصل ومنطقة الصدر، ونقص شهية وغثيان مترافقين بسعال نوبي.

و"تتطور الأعراض فيما بعد وتسبب صعوبة في التنفس وتشويش وعي، وتصل لذات رئة شديد وقصور قلبي وتنفسي" تقول فاطمة طبيبة مخبرية تعمل داخل سوريا. 

وتستغرب الطبيبة من حالة التكتم التي تفرضها مديريات الصحة التابعة لحكومة النظام السوري، "خصوصاً بعد أن أثبتت التحاليل المخبرية وجود خمسة إصابات في مشفى الأسد وستة في المشفى الوطني في اللاذقية إضافة للحالات التي استقبلتها المشافي الخاصة".

النظام يعترف بالأرقام 

في حين لا تعترف وزارة الصحة التابعة للنظام ومديرياتها بخطورة فيروس انفلونزا الخنازير، واعتبار اصابته في سوريا ضمن الحدود الطبيعية والعالمية، تحدثت صحيفة تشرين الناطقة باسم حكومة النظام السوري، يوم الاثنين الماضي، عن الفيروس المميت.

فوفقاً لمصادرها المطلعة، قالت الصحيفة إن عدد الوفيات المشتبه إصابتها بإنفلونزا الخنازير H1N1 في طرطوس، وصل يوم الأحد الماضي إلى ستة وفيات، بينما هناك 25 حالة مشتبه بإصابتها في مشفى الباسل، اثنتان منها في حالة حرجة، و9 حالات في القدموس و3 في الشيخ بدر بريف طرطوس، وحالة واحدة لكل من الدريكيش وبانياس. معللين هذه الأرقام الكبيرة في الإصابة والوفاة بعدم وجود مخبر متخصص لهذه الأمراض في المحافظة.

تعدى مستوى كشف تشرين هذا، إلى حد البوح أن خلية أزمة شكلت في محافظة طرطوس، مهمتها مواجهة هذا المرض على مدار الساعة، وأنها ستعمل على توزيع لقاحات على المشافي العامة، ما يثير مخاوف جدية جراء الانتشار الواسع نسبياُ في المحافظة الصغيرة. 

الشارع ومنتهزو الفرص

عمار متابع لمواقع التواصل الاجتماعي ومهتم بـ"جائحة الانفلونزا" كما يسميها، يقول لروزنة،  "طالما تصريحات النظام وصلت إلى هذا المستوى من الإفصاح، فعلينا أن نعرف أن هناك أكثر من ذلك"، في إشارة إلى اعتراف صحيفة تشرين بانتشار انفلونزا الخنازير.

ودفعت البلبلة بالعديدين إلى التفكير بغرابة تصل إلى حد منع أطفالهم من الذهاب إلى المدرسة، وآخرون بدؤوا يفكرون بمغادرة سوريا، كما تفعل سامية من ريف طرطوس، التي قالت لروزنة "اذا استمر الفيروس بالانتشار على هذا النحو، سنضطر حقاً لترك البلد، ما نسمعه ليس بالقليل".

وسط حالة الهلع التي يشكلها الفيروس في سوريا، يبدو خوف الناس مصدر رزقٍ لمن لا يفوت انتهاز الموقف، فحسب الصيدلاني توفيق في اللاذقية، "بدأ بعض الصيادلة باستغلال خوف الناس من انتشار المرض لبيعهم لقاحات الكريب الموسمية على أنها وقاية من الإصابة بالمرض بأسعار عالية جداً، علماً أنه على مستوى العالم، لا لقاح متداول لإنفلونزا الخنازير".


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق