ما هي احتمالات فتح عمل عسكري في محيط طريق "M4"؟ 

ما هي احتمالات فتح عمل عسكري في محيط طريق "M4"؟ 
تحليل سياسي | 18 مارس 2020
مالك الحافظ - روزنة|| يُعتبر إدراج إنشاء ممر آمن في محيط طريق حلب-اللاذقية الدولي "M4"، عبر اتفاق موسكو الأخير في الخامس من آذار الجاري، تطوراً سيحدث تغييرات ميدانية جذرية فيما تبقى من ريف إدلب الجنوبي وكذلك في اللاذقية وريفها الشمالي. 

حيث يرى مُحللّون أن أحد أكثر المفاجئات التي صدرت عن ذلك الاتفاق و خالفت التوقعات، هو قبول أنقرة تأمين الطريق الدولي "M4" من أجل ضمان وصول الروس إليه، بممر آمن يصل عمقه حتى 6 كيلومتر شمال وجنوب الطريق. غير أن ما يثير الغرابة حول هذا البند هو خلو الاتفاق من أية آليات تضمن تنفيذاً واضحاً لهذا البند. 

يشي الغموض المتمثل في عدم وجود آلية تضمن استمرار عمل الممر الآمن حول الطريق الدولي، بأن عملاً عسكرياً تشنه روسيا في جنوب الطريق الدولي واستهداف فصيل "الحزب التركستاني" هو أمر ممكن الحدوث، وذلك في ظل توزيع الأدوار الذي اتفقت عليه كل من أنقرة وموسكو، بحيث تتولى الأخيرة مسؤولية الطريق الجنوبي فيما ترعى تركيا حماية شمال الطريق وامتداده نحو الحدود التركية-السورية. 

يبدو أن أهم ما ينتظر التطبيق اليوم على الأرض هو الممر الآمن المتفق عليه بخصوص طريق حلب-اللاذقية، حيث اتفق الجانبان على فتح الطريق أمام حركة الأفراد والبضائع وتسيير دوريات مشتركة على طول الطريق بعد إبعاد الفصائل عنه مسافة الـ 6 كيلو متر على طرفي الطريق، غير أن هذا الإجراء يتطلب تغييرا في خرائط السيطرة خاصة جنوب الطريق، وإنهاء وجود المقاتلين المنتمين في جزء منهم إلى الحزب التركستاني، ونقل آخرين أيضاً إلى شمال الطريق ما يعني أنهم سيكونوا في وضع منعزل حال إنجاز الممر الآمن على جانبي الطريق، وهو ما تعتبره فصائل معارة أمرا غامضا في الاتفاق، قد يمنح قوات النظام السوري مناطق إضافية حتى بدون قتال.

قد يهمك: ما خطة روسيا بعد السيطرة على طريق حلب دمشق الدولي؟

الوفد العسكري الروسي كان قد عقد مؤخراً اجتماعا في أنقرة مع نظيره التركي لبحث الآليات تطبيق الاتفاق على أرض الواقع، وقد تم الاتفاق وفق مصادر خاصة على تقسيم الطريق إلى قسمين يتولى الجانب التركي تسيير دوريات عسكرية في الجزء الشمالي من الطريق بينما تقوم روسيا بالمهمة في الجزء الجنوبي.

فيما قال بيان لوزارة الدفاع الروسية؛ أن المحادثات التي أجريت في أنقرة مع الزملاء الأتراك جرت بطريقة بناءة، ونتائجها ستسمح بتنفيذ جميع الاتفاقات بشأن منطقة تخفيض التصعيد التي تم التوصل إليها بين رئيسي روسيا وتركيا في 5 آذار الجاري في موسكو.

 في حين كان القائم بأعمال محافظ إدلب لدى النظام السوري، محمد فادي السعدون، اعتبر في تصريحات لصحيفة "الوطن" المحلية، يوم أمس الثلاثاء، اعتبر مسؤول سوري أن فتح الطريق الدولية "M4" في إدلب سيتم من خلال عمل عسكري تقوم به قوات النظام السوري بدعم من روسيا، مدعياً أن تركيا و الفصائل المدعومة من قبلها لن ينفذوا اتفاق موسكو حول إدلب.

وكالة "فرانس برس" كانت سجلت، يوم أمس، لقطات جوية تظهر حاجزا هائلا أقيم على الطريق الدولي بالقرب من بلدة النيرب في ريف إدلب، وبحسب الوكالة فإن خندقا عملاقا تم حفره عبر الطريق الذي يربط سراقب باللاذقية بعد أقل من يوم على انطلاق الدوريات الروسية التركية المشتركة في الطريق. 

قضم جنوب الطريق الدولي "M4"؟

الكاتب والمحلل السياسي، سامر إلياس، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أنه وعبر اتفاق موسكو يمكن للنظام أو الروس القول إن تحرير الشام أو باقي الجماعات المحيطة بالمنطقة؛ خرقت هذا الاتفاق فيمكن استئناف القضم التدريجي لهذه المناطق، وأردف في سياق مواز "هناك عامل مهم أيضاً والذي يتعلق بالنازحين  السوريين؛ حيث لا يمكن عودتهم إلى القرى التي دمرها النظام والروس في الآونة الاخيرة… حدود هذا الاتفاق مرحلية، يعطي فرصة قضم  مناطق أخرى ضمن الاستراتيجية الروسية لعودة كامل الأراضي السورية لسيطرة النظام".
 
اقرأ أيضاً: ما الذي يريده الاتحاد الأوروبي في إدلب؟ 

ورأى إلياس بأن هذا الاتفاق أنتج مكسباً أساسياً للنظام والروس فقط، مشيراً إلى أن تنفيذ الاتفاق على الأرض سيُمكّن النظام من الحفاظ على المناطق التي سيطر عليها مؤخراً والسيطرة على الطريق الدولي الواصل بين حلب وحماة، وفتح الطريق الدولي الواصل بين حلب اللاذقية.

وختم بالقول: "الأمور تتجه نحو إمكانية أن يتقدم النظام في هذه المنطقة؛ ضمن القضم التدريجي  والذي بدأ منذ عام 2018 لمناطق خفض التصعيد وحتى الآن… وقف إطلاق النار على حدود خطوط التماس هو موضع خسرت به المعارضة الكثير وتبين أن التهديدات التركية بقصف المدن والعودة الى حدود سوتشي لن تستطيع  تركيا فرضه على الجانب الروسي، على الأقل في هذه الفترة".

كيف سيتم التخلص من الجماعات الجهادية؟ 

الباحث في مركز جسور للدراسات، عرابي عرابي، قال في حديث لـ "روزنة" أنه وفي حالة الاتفاق السياسي حول إدلب المعلن بين روسيا وتركيا في الخامس من الشهر الجاري، فإن حلّ هذه التنظيمات سيكون على عاتق الأتراك مرة أخرى، وهنا ستجد هذه التنظيمات الجهاديّة بعمومها قد باتت أمام خيارين، إما المقاومة أو التفكيك، وسينبني على هذين الخيارين تبعات كثيرة. 

عرابي اعتبر أن "خيار المقاومة سيزيد من كلفة تفكيكها سواء على المدنيين الذين يعانون من التهجير والنزوح المستمر بطبيعة الحال، أو على هذه الفصائل التي ستخسر عناصرها في معارك أمام الجيش الوطني أو الجيش التركي أو قوات النظام وحلفائه".

و أما في خيار التفكيك فإن عناصر التنظميات الجهاديّة المحليّة قد تتقبّله بحسب العرض الذي سُيقدّم لهم من الجيش التركي أو الوطني، أما "هيئة تحرير الشام" فإن قراءة واقع قيادة الهيئة وفق عرابي يوحي بأن الجولاني يبحث عن السلطة، وفي حال أتيح له الاندماج على نحو يحقّق له السلطة في مستقبل المنطقة فعلى الأغلب فإنه لن يتردد في الموافقة على دمج الهيئة وحكومة الإنقاذ التابعة لها، مع المجالس والفصائل المحليّة الأخرى تحت عناوين مختلفة مستقبلاً. 

قد يهمك: عودة أمريكية إلى إدلب… ما علاقة "تحرير الشام"؟

وأكمل حديثه حول معضلات التفكيك للتنظيمات الجهادية، مشيراً إلى أن ثالث المعضلات تظهر في الفصائل والشخصيات المهاجرة في تنظيمات مثل "الحزب التركستاني" المتواجد في مناطق تحيط بطريق حلب-اللاذقية الدولي، حيث أن هذه الشخصيات المهاجرة وفق قوله بات لها صلات قرابة وزواج مع كثير من السوريين، كما أنّ أغلب عناصرها سيخضعون للمحاكمة في حال أعيدوا لبلادهم، مما يجعلهم أمام خيار المقاومة أو الاستسلام، ولا يعتقد عرابي أنهم سيختارون الاستسلام. 

وختم بالقول: "ثلاث سيناريوهات قد تتحقق؛ تأمين العناصر الذين سيعلنون بقاءهم في سوريا مع أسرهم التي ارتبطوا بها بعلاقات الزواج، وإعلانهم الاندماج مع الفصائل المحلية والثقافة السورية، أما السيناريو الثاني فهو تسهيل خروجهم ليختاروا أماكن أخرى يعيشون فيها كأفغانستان أو الصومال أو ليبيا، أما السيناريو الثالث فهو خيار المقاومة وسيترتب على هذا الخيار آثار جانبية ضد المدنيين، إضافة إلى اعتقالهم في النهاية وتسليمهم لمحاكمتهم في بلادهم".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق