تقيم ملك وعائلتها في منطقة ميدان أسنيورت بولاية إسطنبول منذ خمس سنوات غير هانئة، طوال الوقت تعيش الرعب، ولا سيما في الآونة الأخيرة "أخاف من أي أحد يطرق الباب علينا، البوليس في أول الحارة، ذنبنا فقط أنّ هوياتنا من غير ولاية؟! منذ 12 يوماً لم أخرج من المنزل" تقول.
"بعد الحملات الأمنية المكثّفة، أصبحت أخاف الخروج من المنزل، حتى إلى الماركت القريب من منزلي، بسبب الكمليك الخاص بي المستصدر من ولاية أورفة"، توضح ملك.
ملك ليست الوحيدة، هناك العديد من العائلات السورية في ولاية إسطنبول، والتي تملك بطاقات حماية مؤقتة صادرة من ولايات أخرى غير إسطنبول، تعيش كوابيس الترحيل المستمرة، وتعاني من خوف الاعتقال، في ظل الحملات الأمنية المشددة، التي بدأت قبل أسبوعين بشكل مكثّف، وفق شهادات سوريين لروزنة.
"حاولت كون نظامية"
قبل 5 سنوات جاءت ملك إلى ولاية إسطنبول، فيما زوجها يقيم في الولاية قبل 9 سنوات، وقد أسّس حياة كريمة لعائلته.
عندما وصلت إلى إسطنبول لم تستطع استخراج بطاقة حماية مؤقتة "كمليك" بسبب إغلاق السلطات للتسجيل على "الكمليك" آنذاك.
وكانت السلطات تسمح للسوريين باستخراج الكمليك من ولايات أخرى مثل أورفة جنوبي البلاد.
توضح ملك: "استخرجتُ بطاقات حماية مؤقتة لي ولابنتي، ولاحقاً حاولت تعديل النفوس ونقله إلى إسطنبول لكي أكون نظامية ومقيمة بشكل شرعي، لكن المراكز الأمنية رفضت ذلك مراراً" وتضيف: "يفتحولنا الطريق على أوروبا لنسافر".
تحدّثت روزنة من عدد من السوريين المقيمين في إسطنبول، وأكدوا ترحيلهم مؤخراً إلى ولايات أخرى صادرة منها بطاقات الحماية المؤقتة الخاصة بهم "الكمليك".
تتخوف ملك من ترحيلها وابنتيها من إسطنبول إلى أورفة بسبب بطاقة الحماية المؤقتة "الكمليك" تقول: "أفكر ليلاً نهاراً بالأمر، وأخاف من إعادتي إلى أورفة مع طفلتي".
كذلك سما (40 عاماً) باتت وعائلتها المقيمة في إسطنبول منذ 9 سنوات، يخافون الخروج من المنزل بسبب الحملات الأمنية.
تحمل سما وعائلتها بطاقات حماية مؤقتة من ولاية بورصة، تقول لروزنة: "قلوبنا ترتجف خوفاً الاعتقال والترحيل، زوجي لا يخرج إلى العمل خوفاً من ذلك، وأنا كذلك ذات الأمر، إلى متى ستستمر تلك الحالة من التوتر وعدم الاستقرار؟" تتساءل.
اقرأ أيضاً: شروط الاعتقال والترحيل وكيفية اللجوء للمحاكم.. الهجرة التركية توضح

"لقمة العيش أصبحت مخاطرة"
في المقابل هناك أشخاص، رغم أنّ "الكمليك" من ولاية أخرى، إلا أنهم يخاطرون بالخروج من المنزل في ظل الحملات الأمنية المكثّفة.
تقول هدى (30 عاماً): "اختنقنا من الوضع الحالي، لا أخرج أبداً من المنزل طالما الحملات مستمرة، أحتاج للذهاب إلى طبيب لوضع صحي، لكنه أخبرني أنّ المركز محاط بالشرطة الأمنية".
وتتابع: "زوجي مضّطر للخروج إلى العمل، نموت من الجوع في حال لم يعمل".
أما سمر (29 عاماً) بطاقتها المؤقتة من غازي عنتاب، تقول: "الدنيا لا تسعنا على قدر الضغط النفسي الذي نعاني منه، لم نجرم، لا نطلب إلا أن نعمل لنعيش"،فيما جارتها سوزان، رغم أنّ الكمليك الخاص بها صادر عن إسطنبول إلا أنّها أصبحت تخاف من التحرّك خارج المنزل: "بطاقاتنا من إسطنبول وأمورنا نظامية لكن البيت أكثر مكان آمن لنا حالياً".
وفي أواخر شباط عام 2022 أعلنت السلطات في إسطنبول، إيقاف تسجيل كافة الأجانب في منطقتي الفاتح وأسنيورت بسبب تخطي نسبتهم فيهما الـ 25 بالمئة مقارنة مع السكان الأتراك، بهدف التخفيف من الكثافة السكانية العالية من الأجانب في تلك المناطق، وفق وسائل إعلام تركية.
وتؤكد السلطات التركية على ضرورة تواجد السوريين ضمن الأماكن التي استصدروا منها بطاقات الحماية المؤقتة من أجل تحديث بياناتهم وتنظيم وجودهم ضمن تلك الولايات.
قد يهمك: "سئمنا من الملاحقات".. سوريون يختارون العودة الطوعية من تركيا

الداخلية التركية: حملات مكثّفة لخمسة أشهر
وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا، قال في تصريحات لصحيفة "حرييت" في التاسع من الشهر الجاري، إن أجهزة الشرطة زادت عمليات التفتيش بشأن المهاجرين غير الشرعيين، في ولاية إسطنبول بشكل خاص وباقي الولايات التركية بشكل عام، وتعهّد بإنهاء وجود المهاجرين غير الشرعيين بتركيا خلال 4 أو 5 أشهر.
وأوضح أن "أجهزة الشرطة التركية ووحدات إنفاذ القانون تقوم بفحص جوازات السفر والهوية والوثائق في كل مكان داخل تركيا، وعند العثور على مهاجر غير نظامي يتم إرساله إلى مراكز احتجاز، حيث إنه يتم أخذ بصمات الأصابع، ومن ثم يتم تحويله إلى إدارة الهجرة".
ودفع زلزال 6 شباط عشرات السوريين في الجنوب التركي ضمن المناطق المتضررة للسفر إلى إسطنبول والإقامة فيها بسبب تضرر منازلهم، ومنحت دائرة الهجرة آنذاك اللاجئين إذن سفر لمدة شهرين، ومنذ يومين أعلنت عن تجديد إذن السفر للمتضررين المقيمين في ولايات غير ولاياتهم الصادرة منها الكمليك، وتعتبر السلطات التركية من لا يملك إذن سفر أو كمليك من ذات الولاية الموجود فيها مخالفاً للقوانين، ويتم ترحيله.
الكلمات المفتاحية