عقدة "ذنب الناجي" قد تلاحقك بعد الكارثة.. كيف تتغلّب عليها؟

أضرار الزلزال في مدينة غازي عينتاب
أضرار الزلزال في مدينة غازي عينتاب

صحة | 20 فبراير 2023 | إيمان الحمراوي

في أعقاب الأحداث الصادمة التي يموت فيها آخرون، قد يشعر الناجي بالذنب، بما يُعرف عقدة "ذنب الناجي"، مثل الزلزال الأخير الذي ضرب سوريا وتركيا بدرجة 7.7 ريختر،  وراح ضحيته عشرات الآلاف، في السادس من شباط الجاري.

عندما تستطيع النجاة من حادث ما سالماً بينما يعاني الآخرون، من المحتمل أن يكون لديك سؤال واحد متكرر: "لماذا لستُ أنا؟" قد تشعر حتى أنك لا تستحق أن تنجو مما حل بالآخرين.

وينشأ شعور الناجين بالذنب عادة عند الأشخاص الذين تعرضوا للموت أو شهدوا عليه وظلوا على قيد الحياة، مما يؤدي إلى الضيق العاطفي والتقييم الذاتي السلبي، وفق "المركز الوطني لمعلومات التكنولوجيا الحيوية الأميركي " NCBI".

 نانسي شيرمان، الحاصلة على درجة الدكتوراه، تصف "ذنب الناجي" في مقالها المنشور على "psychologytoday"، بأنه يبدأ بسلسلة لا نهاية لها من "الأفكار المضادة للواقع التي كان من الممكن أن تفعلها أو كان ينبغي لك فعلها، رغم أنك في الحقيقة لم تفعل شيئا خاطئاً".

قد يهمك: كيف أواجه ردود أفعال الأطفال بعد الزلزال؟

يعتبر "ذنب الناجي" من أعراض اضطراب ما بعد الصدمة وفق " DSM-III" (الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الطبعة الثالثة، الجمعية الأمريكية للطب النفسي، 1980).

في الآونة الأخيرة تم الإبلاغ عن "ذنب الناجين" من قبل مجموعة واسعة من المجموعات المصابة بصدمات نفسية، بما في ذلك اللاجئون والناجون من الهجمات الإرهابية والأجداد الذين فقدوا حفيداً والناجون من حوادث الإصابات الجماعية مثل الزلازل والحرائق والأعاصير والفيضانات.

ولكن ماهي أعراض "ذنب الناجي"؟

يعاني الأشخاص الذين يعيشون مع "ذنب الناجي" من الشعور بالذنب أو الندم بشأن الحدث الصادم.

يمكن أن يرتبط شعورك بالذنب ببساطة ببقائك على قيد الحياة، ولكن قد تقضي أيضاً الكثير من الوقت في التفكير فيما قد تفعله بشكل مختلف أوكيف كان من الممكن أن تساعد الآخرين، حتى عندما لا يمكنك اتخاذ أي إجراء محدد لتغيير النتيجة.

إلى جانب الشعور بالذنب أوالندم ، قد تواجه أيضاً: "ذكريات الماضي، الأفكار الوسواسية أو المتطفلة، الأرق والكوابيس ومشاكل النوم الأخرى، تغييرات مفاجئة في المزاج، صعوبة في التركيز، الغضب أو الانفعال أو الارتباك أو الخوف، فقدان الدافع، عدم الاهتمام بالأشياء التي تستمتع بها عادة، الشعور بالانفصال أو الانفصال عن الآخرين، رغبة متزايدة في عزل نفسك، مشاعر اليأس، أفكار انتحارية"، وفق موقع "Healthline".

قد يواجه الشخص أعراضاً جسدية ، مثل الغثيان وتوتر الجسم والألم أو تغيرات في الشهية، مع الشعور بالمسؤولية الشخصية عن الحدث أو نتائجه.

على الرغم من أن أي شخص يمكن أن يشعر بالذنب على قيد الحياة، إلا أن العديد من الأشخاص يتعافون من الصدمة دون الشعور بالذنب على الإطلاق.

لا توجد صيغة محددة تشرح سبب استمرار شعور بعض الأشخاص بالذنب بينما لا يشعر الآخرون بذلك.

ولكن يعتقد الخبراء أن العوامل التالية يمكن أن تلعب دوراً:

خبرة سابقة في التعامل مع الصدمات، إذا كنت قد تعرضت لصدمة، في مرحلة الطفولة أو في أي مرحلة أخرى من الحياة، فقد تكون لديك فرصة أكبر لتجربة ذنب الناجي.

أعراض الصحة العقلية الحالية، وفق "الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية عام 2013"  نشرتها الجمعية الأمريكية للطب النفسي، إن مخاوف الصحة العقلية الأساسية، بما في ذلك حالات الاكتئاب والقلق، يمكن أن تزيد من خطر الشعور بالذنب وأعراض اضطراب ما بعد الصدمة الأخرى بعد الصدمة.

يمكن للوحدة أن تجعل أي نوع من الاضطراب العاطفي أسوأ لأن المشاعر التي لا يمكنك مشاركتها أو التعبير عنها بطريقة أخرى يمكن أن تصبح ساحقة بسهولة.

عندما لا تحصل على دعم من الآخرين فقد تجد نفسك تركز على المعتقدات الخاطئة حول الصدمة، بما في ذلك إحساسك بالمسؤولية، قد تفترض حتى أن الآخرين يلومونك ، تماماً كما تلوم نفسك.

كيف نتعامل مع ذنب الناجي؟

كما هو الحال مع تحديات الصحة العقلية الأخرى، هناك طرق صحية يمكنك تعلمها للتعامل مع عقدة "ذنب الناجي".

اسمح لنفسك أن تشعر بمشاعرك، لا تكتمها أوتتجنبها، حاول العمل على معالجتها.

ممارسة اليقظة، خذ وقتاً للتوقف والتركيز على الحقائق الإيجابية عن نفسك بدلاً من أن تنغمس في الندم.

لا تنعزل عن الآخرين،  بدلاً من تجنب الآخرين الذين تعتقد أنهم قد يلومونك على ما حدث، ابق على اتصال مع الناس، سيساعدك هذا للحصول على دعم.

افعل شيئاً جيداً، في كثير من الأحيان يساعد إخراج الخير للعالم في التخلص من عبء الشعور بالذنب، امنح وقتك لمنظمة محلية تساعد الناس في مجتمعك، وستشعر بتحسن تجاه نفسك بينما تحدث فرقاً في حياة الآخرين.

اطلب المساعدة المتخصصة، يمكن للمعالج المُدرَّب تدريباً مهنياً أن يساعدك في التغلب على تحديات صحتك العقلية، سوف يأخذون على عاتقهم العمل ويساعدونك في معالجة الصدمة التي تعرضت لها كيفما أمكنهم ذلك، وفق موقع "centerstone" الصحي.​​

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق