يتأثر الأطفال بالضغط والأحداث المفاجئة، كالزلزال والفقدان، وتتكون عندهم ردود فعل نتيجة الأزمات التي يمرون فيها، وهم بحاجة للدعم مثلهم مثل البالغين.
وما يجعل الأمر أصعب على الأطفال هو عدم تمكُّنهم من التعبير عن مشاعرهم بشكل كامل وواضح، وكذلك افتقادهم للمهارات اللازمة للتكيّف وتخطي شعور الفقد.
لا يمكننا حماية صغارنا من الألم، تماماً كما لا يمكننا حماية أحبائنا من الموت، لكن ما نستطيع تقديمه لهم هو مساعدتهم على التعبير عن مشاعرهم، واستعادة شعورهم بالأمان، وبناء مهارات صحية للتعامل مع ألم الفقد والخسارة.
عندما يتعرض الأطفال لإجهاد أو ضغط مفاجئ وكبير كالأزمات، خسارة كبيرة، أو فقدان شخص، فقد يعانون من التوتر الحاد. وهو أعلى مستوى من التوتر، ولكن تكون ردود الأفعال و طرقهم في الحزن مختلفة عن البالغين، وفي بعض الأحيان يتم تفسير هذا الاختلاف من قبل البالغين كما لو أن الأطفال قادرون على النسيان والتكيف.
هذا بالطبع ليس صحيحاً، ففترات الحزن لدى الأطفال أقصر من البالغين، لكن تأثير الأزمات عليهم أطول بكثير. فعلى الرغم من أن بعض الأطفال لا يظهرون مشاعرهم ولا يعبرون عن حزنهم، لكنهم عرضة للأزمات والضغط والتوتر، وهم بحاجة للاهتمام والدعم من قبل البالغين المحيطين بهم.
من الممكن أن يأتي خوف الأطفال بعد الزلزال في أشكال متعددة، كما يمكن أن يتأثر بالحدث حسب درجة تضرره منه، سواء بدمار منزله وفقدان أسرته، أو التعرض لهزة أرضية أفسدت ترتيب المنزل فقط دون أضرار جسيمة، ولكن قد يكون هذا الخوف بعد الزلزال بهذا الشكل:
ردود الأفعال تكون على الشكل الآتي:
يظهر الأطفال حزنهم بشكل مفاجئ ومتقطع، فقد ينتقلون من حالة من الحزن الشديد إلى اللعب واللهو، كل الأطفال تقريباً يلعبون، حتى ولو مروا بأزمة شديدة.
الإنكار والشعور بأنه في حلم سيئ، ويستيقظ منه قريباً.
يرفض التحدث مع الآخرين (ابني ساكت طول الوقت)، وينسحب من التفاعل مع الناس.
يتفاعلون بعنف مع مقدمي الرعاية لهم (أهل، أقارب، إلخ) أو الأطفال الآخرين، بينما في الوقت نفسه يتمسكون بمقدمي الرعاية بشكل جسدي واضح، ويعانون من قلق الانفصال عنهم.
كونه لم ير من فقدهم بعد الزلزال قد يجعله ذلك يشعر أنهم ما زالوا أحياء، ويريد التأكد بنفسه.
قلة شهيتهم وانعدام رغبتهم في تناول الطعام أو الشراب.
قد تنتابهم أعراض الاكتئاب، البكاء المستمر والقلق الشديد والخوف.
العودة إلى سلوكيات الأصغر سناً مثل التبول اللاإرادي، مص الإبهام، أو عدم القدرة على النوم وحدهم، وتنتابهم كوابيس مزعجة وقد يبدأ بنتف شعره.
يصبح المستقبل فكرة بعيدة وسوداوية، فالأطفال معروفون برغبتهم في أن يكونوا كباراً ولديهم أحلام، ولكن بعد الزلزال لا يملكون أي طموح نحو المستقبل.
فقدان الثقة في العالم وأمنه، وفي قدرة البالغين على حمايتهم.
كيف أحتوي طفلي بردود أفعاله بعد الزلزال؟
أما بعد الزلزال يبدأ الدور الأهم، فتسعون إلى القيام بالأنشطة التي تُريح أطفالكم وتحميهم من أثر الخضوع لهذه التجربة، ومن أهمها:
شجِّعه على التعرف على مشاعره وتسميتها، والتعبير عنها. فقد يعاني الأطفال أحيانا في فهم المشاعر الحادة التي يمرّون بها والتعامل معها، فنجدهم أحياناً يضحكون عند مواجهة القلق والتوتر.
وبينما هم في أمس الحاجة إلى التعبير عن مشاعرهم، لا يملك العديد منهم القدرة الكاملة على التعبير باستخدام الكلمات، ساعد الطفل في التعرف على مشاعره، عن طريق تقديم أمثلة عبر تسمية مشاعرك، أخبره أنه من الطبيعي أن يشعر بالحزن أو الغضب أو الارتباك أو الوحدة والخوف والبكاء. الاستماع جيدا إلى مشاعرهم، إذا كانوا يبكون لا تخبروهم أن يصمتوا، فقط احتضنوهم وأكدوا لهم أنهم أصبحوا في أمان.
عبر عن مشاعرك أمامه لكي يتعلم منك
الحديث عن أمر الموت: استخدام كلمة الموت هي الأفضل من أي كلمة أخرى، وتوعيتهم بأن الشخص الذي مات لن يعود، لا نقول "ذهب جدك لينام، أو ذهب إلى السماء، أو تحول إلى نجمة، أو ذهب في رحلة طويلة، تُخفِّف الروحانية (الدين) بعض الشيء من الحزن، ويساعد في منح السكينة، فالحديث عن الآخرة والجنة، وأن الشخص قد ذهب إلى مكان أفضل قد يهدِّئ من مشاعر الحزن.
وإذا كنت تُفضِّل عدم طرح أفكار دينية على الطفل، فربما تكتفي بفكرة أن الميت يظل حياً في قلوب أحبائه .
البدء بالعودة إلى الروتين اليومي، حسب حالة التضرر من الزلزال، وتصليح ما تم إفساده.
الاهتمام بمخاوفهم والعمل على شرح سبب الزلزال بشكل علمي، فالأطفال والمراهقون بحاجة للحصول على معلومات عما حصل، أو يحصل حولهم بطريقة مناسبة لعمرهم.
ينبغي لمقدمي الرعاية أن يشجعوا الأطفال على طرح الأسئلة. كما يجب أن يستخدموا هذه الأسئلة كمرشد لهم إلى مدى الإسهاب بالحديث ومدى منح الأطفال للمعلومات.
فالحديث مهم جداً، لكن لا ينبغي أن نربكهم بمعلومات لم يسألوا عنها. من الهام جداً أن نكون صادقين وأن نستخدم المصطلحات التي يفهمها الأطفال.
إشراكهم في أنشطة مختلفة مع أطفال آخرين كنوع من الإلهاء أو التخلص من الطاقة السلبية.
التعاون مع معالجين متخصصين في حال لم يكن الطفل قادراً على تقبل الوضع.
متى أقلق على طفلي
إذا شعرت بأن طفلك لا يتعافى بشكل صحي، فقد يكون الطفل يعاني مما يُعرف باضطراب التكيف (Adjustment disorder)، يحدث هذا عندما لا يستطيع الفرد التكيف مع إجهاد معين، أو حدث كبير في حياته، ويعرف أيضاً بالاكتئاب خارجي المنشأ، لتتشابه أعراضه مع أعراض الاكتئاب، وكونه ناتجاً عن ضغوط خارجية. يختلف اضطراب التكيف عن اضطراب القلق الذي يفتقر لوجود عامل ضاغط، وعن اضطراب كرب ما بعد الصدمة، المرتبط بإجهاد أكثر حِدَّة.
ولكن تبدأ الأعراض النفسية والسلوكية لهذا الاضطراب في التطور خلال 3 أشهر من بداية التعرض للضغوط، ومن بينها:
طلب المساعدة في أمور اعتاد أن يفعلها بمفرده.
ضعف التركيز.
وجود مخاوف غير منطقية.
تمحور ألعابه حول موضوعات كالموت، والمرض.
الشجار مع الأطفال الآخرين.
فقدان الرغبة في اللعب والانعزال عن الآخرين.
اضطرابات النوم.
بلل الفراش بشكل يومي لمدة ثلاث شهور متتالية.
الكلمات المفتاحية