زيادة التصعيد ضد حراس الدين و وجه جديد لـ "تحرير الشام"!

مصدر الصورة: getty - مقاتلين تابعين لـ "تحرير الشام"
تُبدي المؤشرات الميدانية في الشمال السوري أن الولايات المتحدة مصرة على إنهاء وجود تنظيم "حراس الدين" الإرهابي وقياداته في الشمال السوري، غير أن السؤال الأبرز يتمحور حول وجود خطوة ثانية للمخطط تتمثل بتحرك عسكري "محدود" على الأرض ينهي الوجود تماماً، فضلاً عن هوية الجهة المحلية التي سيُعهد إليها بهذا التحرك، وفيما إذا كان التصعيد الجوي أو البري سيشمل تنظيمات إرهابية أخرى.
عبر طائرة مسيّرة تابعة للتحالف الدولي، اُستهدف مساء أمس الخميس اجتماع لقياديين تابعين لتنظيم "حراس الدين" بالقرب من الحدود التركية-السورية، حيث ضم عدداً من قادة "كتيبة الفتح" المنبثقة عن غرفة عمليات "فاثبتوا" المقربة من تنظيم "حراس الدين" مع عدد من الأمنيين في "هيئة تحرير الشام" الذين يمثلون التيار المتشدد فيها ولا يتفقون مع نهج زعيمها أبو محمد الجولاني.
وعُرف من بين القتلى، الأمني في هيئة تحرير الشام سامر السعاد، وشقيقيه عامر وإبراهيم، والقياديين المقربين من تنظيم حراس الدين أبو طلحة الحديدي، وحمود السحارة، وفاتح السحارة، وأبو حفص الأردني، وأبو أحمد زكور.
اقرأ أيضاً: عودة أمريكية إلى إدلب… ما علاقة "تحرير الشام"؟
ولعل تكرار استهداف الشخصيات المناوئة لهيئة "تحرير الشام" وزعيمها الجولاني، يدفع للترجيح بأن تغييراً ميدانياً بات قريباً يعلن من خلاله تشكيلاً عسكرياً جديداً تغير فيه الهيئة من جلدها، ويعطيها سيطرة مشرعنة فيما تبقى من الشمال السوري، مرضى عنها دولياً ولعل في مقدمتهم واشنطن و أنقرة.
لم تبدي الولايات المتحدة أي استعداد لإزالة اسم "تحرير الشام" من قائمة الإرهاب، إلا أن المبعوث الأميركي جيمس جيفري قال في تصريح سابق أن واشنطن لا ترى أن هذا التنظيم يشكل أي تهديد للأمن والسلام العالميين، وإنما كان يحصر جهوده في قتال النظام السوري في وقت كان الولايات المتحدة تكثف من هجماتها على "حراس الدين"، الأمر الذي يدعو للتساؤل حول ليونة واشنطن مع "تحرير الشام" في حين يزداد تصعيدها ضد "حراس الدين".
وفي المقابل لم تبدي تركيا أي تحرك تجاه هيئة تحرير الشام، سواء بالتصعيد ضدها؛ أو بالتواصل معها و حل نفسها للتغلب على إشكالية وجودها بالشكل الحالي، والعمل على تفكيكها و إنهاء وجودها، وهو الأمر الذي اعترضت عليه روسيا وكان ذريعتها لقصف المنطقة طيلة الفترة الماضية.
وتبدو مسألة استمرار استهداف واشنطن للمحسوبين على "حراس الدين" أنها مرتكزة على "بنك أهداف" موجود لدى القيادة الأميركية في المنطقة، فهذا البنك من الأهداف لا يمكن تثبيت وجوده دون تعاون على الأرض وتقديم معلومات من قبل عملاء متعاونين يسربون مواقع هؤلاء الأشخاص، وسط ترجيحات من قبل مصادر محلية في إدلب أن أولئك المتعاونين يتبعون لـ "تحرير الشام".
اقرأ أيضاً: التفاوض "سيد الأحكام" بين الروس والأتراك في إدلب؟
و لعل السياسة المتبعة في قصف نفوذ "حراس الدين" قائمة على إعادة تشكيل الوضع في الشمال السوري بصورة جديدة؛ من خلال شل فعالية القيادات و أصحاب الأفكار المتطرفة، إضافة إلى منح المجال للقوى المحلية حتى لو كانت "تحرير الشام" للتخلص من هؤلاء، و هو الأمر الذي يرجح حدوث اندماج بين الأخيرة و قوى محلية أخرى تحسب على "التيار المعارض المعتدل"، بحيث يتيح ذلك للهيئة أن تتولى شؤون المنطقة وتصفية المخالفين لها بشكل شرعي و برضى دولي.
وعليه فإن سياسة الاستهداف المتبعة تتيح للقوى المحلية في إدلب إعادة التموضع من جديد داخل النسيج السوري، بحيث تؤدي نتيجة هذه السياسة إلى القضاء على نفوذ "حراس الدين" ومن يتصل بهم و بتنظيم "القاعدة".
و فيما يتعلق بتغيير جلد الهيئة، و إعادة تصديرها و شرعنة وجودها، قال أبو هنية، أن "هيئة تحرير الشام" مقبلة على حالة من التفكك، معتقداً أن التنظيم لن يبقى فيه إلا الكتلة الضيقة المحيطة بـ "أبو محمد الجولاني"، و التي لديها مفاصل القوة بالتنظيم والتمويل، وهي حريصة على بقائها.
اقرأ أيضاً: استمرار قصف "حراس الدين" في إدلب… ما الأسباب والنتائج؟
واعتبر أن التطورات التي حصلت على مدى السنوات الاخيرة خصوصا منذ اتفاق سوتشي وماحصل مؤخرا (اتفاق آذار الفائت) يشير إلى أن هناك دائما محاولة لتفكيك الهيئة، بخاصة وأن تركيا كانت تعهدت بأن تدفعها باتجاه الاعتدال أو دمجها بـ "الجيش الوطني" المعارض المدعوم من أنقرة.
وذكر مصدر خاص في محافظة إدلب بأن التشكيل العسكري الموحد الذي تم الاتفاق عليه بين القوى العسكرية في إدلب؛ يفترض أن يُعلن عنه بشكل رسمي خلال فترة قريبة، على أن يمتد نفوذه المناطق المتبقية في المحافظة، والخارجة عن سيطرة النظام السوري.
وقال المصدر في حديث سابق لـ "روزنة"، أن المجلس العسكري سيكون عبارة عن 18 لواء، يخصص فيه 8 ألوية لصالح "هيئة تحرير الشام"، و 4 ألوية لـ "فيلق الشام"، و 4 ألوية لـ "أحرار الشام"، على أن يترك لواءين اثنين فقط للفصائل الأخرى في المنطقة.
وقال المصدر أن الهدف من المجلس يأتي لشرعنة وجود تحرير الشام كفصيل رئيسي يسيطر على المنطقة؛ في سبيل رفع اسمه من قوائم الإرهاب.
الكلمات المفتاحية