تجارة الأعضاء الملجأ الأخير لتغلّب السوريين على الفقر!

الفقر في سوريا
الفقر في سوريا

اقتصادي | 15 أكتوبر 2020 | إيمان حمراوي

تزداد حالات بيع الأعضاء البشرية في سوريا، وتظهر على العلن، لأسباب متعددة، أهمها الفقر والأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعاني منها السوريين، مثل بيع الكلى والقرنيات، لسد رمق العيش، وتحقيق حياة كريمة سُلبت منهم قسراً.


صحيفة "البعث" المحلية، قالت إن أحد عمال "اليومية" في منطقة حرستا بريف دمشق اضطر لبيع كليته بمبلغ 30 مليون ليرة سورية، من أجل إجراء عملية قلب مفتوح لابنه الوحيد، ولتسديد ما عليه من ديون متراكمة.

بعد الزوج، عرضت الزوجة كليتها للبيع أيضاً وبالمبلغ نفسه، لهدف آخر، وهو شراء منزل صغير يأويهم ويخلصهم من مصاريف الإيجارات، بعدما تدمر منزلهم في حرستا بسبب المعارك خلال السنوات السابقة، إضافة إلى شراء سيارة أجرة للعمل عليها لتحقيق عائد مادي يخلصهم من المعاناة وهم تأمين لقمة العيش، دون توضيح ما إذا باعتها أم لا.

وذكرت الصحيفة أنّ تفشي الفقر، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وارتفاع نسبة البطالة، من أبرز الأسباب التي ساعدت في انتشار تجارة الأعضاء البشرية بشكل غيرمسبوق، لافتة إلى أنّ أطباء وسماسرة يقومون بإتمام عمليات البيع داخل المستشفيات، وتستهدف تلك العمليات بشكل خاص من هم في سن الشباب "لكون أعضاء المرضى غير مرغوبة لتلك المافيات، التي تؤمن الأفضل لزبونها".

وأشارت إلى أن جريمة الاتجار بالأعضاء أصبحت تمارس بشكل علني أو شبه علني، حيث كثرت الإعلانات والطلبات عن أعضاء بشرية حتى في الطرق ضمن مدينة دمشق، وأصبح البائع نفسه يعلن عن رغبته في بيع أعضائه مع امتلاكه تحليل أنسجة، في حين لم يتعد الإعلان عن بيع كلية أو قرنية، وإنما يتم الإعلان أيضاً عن الرغبة ببيع جزء من الكبد، وفق الصحيفة.

اقرأ أيضاً: الخطف في سوريا... سلاح جديد يهدّد السوريين بعد انهيار الاقتصاد

وسمح القانون رقم (30)  الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد عام 2003 للاختصاصيين في المستشفيات والمؤسسات الطبية التي تحددها وزارة الصحة القيام بنقل عضو ما أو أحشاء أو جزء منها كالقرنية أو الكلية أو غير ذلك من الأعضاء أو الأحشاء وحفظه أو غرسه أو تصنيعه لمريض يحتاج إليه بشروط.

وأكد القانون على ألا يتم تنازل المتبرع عن أحد أعضائه أو جزء منه لقاء بدل مادي أو بغاية الربح وعلى أن يكون له الحق بالعلاج في مشافي الدولة وعلى نفقتها.

ويعاقب القانون كل من يقوم بالاتجار بنقل الأعضاء، بالأشغال الشاقة المؤقتة وبالغرامة من 50 ألف إلى 100 ألف ليرة سورية.
 

وفي الآونة الأخيرة، انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إعلانات لبيع الأعضاء، بسبب الحاجة، إضافة إلى شائعات باختطاف أطفال وشباب بقصد الاتجار بالأعضاء، دون تأكيدات رسمية عن الموضوع.
 
 

وفي مجموعة على "فيسبوك" رصدتها "روزنة" تحت اسم "كلية للبيع"، تضم أكثر من ألفي عضو من جنسيات مختلفة، يعرض عدد من السوريين كليتهم للبيع بمقابل مادي، ويتم التواصل مع المشتري عبر الإنترنت.
 

وفي أيار عام 2016، كشف تحقيق استقصائي لموقع "نيوز ديبلي" أجراه بالتعاون مع ""إنترناشيونال ميديا سوبورت"، أنّ بيع أعضاء السوريين في السوق السوداء عبر العالم، فاق تجارة الزواج بالقاصرات وعمالة الأطفال والتسول، ليطال 18 ألف سوري خلال 4 سنوات الأخيرة.

وأشار التحقيق، إلى أنّ معظم هذه العمليات تمت في مخيمات اللجوء بتركيا ولبنان وغيرها من البلدان المجاورة لسوريا، وقال حسين نوفل، رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق، ورئيس الهيئة العامة للطب الشرعي، إن حوالي 20 ألف عملية نزع أعضاء أجريت منذ بداية الحرب في سوريا، وبخاصة في مناطق حدودية بعيدة عن الرقابة الرسمية.

كما ازدادت حالات الخطف مؤخراً في جميع المناطق السورية إما بدافع أخذ الفدية من أهالي المخطوف، أو لأسباب أخرى ترجح أنها لسرقة أعضاء بشرية.

يقول أكرم محمد (اسم مستعار) لـ"روزنة": إنه تم العثور منذ نحو شهر على جثة شابة، مرمية إلى جانب الطريق بالقرب من مدينة حماة، وكانت هذه الفتاة مخطوفة، وبعد أن وجودوا جثتها اكتشفوا أن كليتها وقرنيتي عينيها مأخوذتين منها".

إحدى السيدات نشرت على صفحة "سوق حماة الأول الجديد" على "فيسبوك" منتصف شهر حزيران تفاصيل محاولة اختطاف طفلة، تبيّن أنها ضائعة في السوق، لكن كان ثمة سيدة برفقتها ادّعت أنها خالتها، ليتبيّن لاحقاً أن لا صلة قرابة بينها وبين الفتاة، وأنها كانت تحاول خطفها بالتعاون مع عصابة.

قد يهمك: تجارة الأعضاء البشرية في سوريا تزدهر بسبب الحرب

يقول إبراهيم (اسم مستعار)، 33 عاماً، عامل في محل كهربائيات في حماة لـ"روزنة": "في المنطقة حيث أعمل هنالك سيارة من نوع فان تترصّد الأطفال لمحاولة خطفهم، وتم تحذير الكثير من الناس عنها، وخصوصاً أن هنالك معلومات عن حالات اختطاف 7 أطفال من حماة وحمص".

وأعلن نقيب أطباء سوريا، عبد القادر الحسن، منتصف عام 2015 فصل 5 أطباء وإحالتهم إلى التأديب لتورطهن في تجارة أعضاء البشر.

وقال المحامي العام الأول بدمشق، أحمد السيد، لشبكة "أريج" عام 2015 إن أكثر من 20 قضية اتجار بالأعضاء البشرية عالجها القضاء السوري خلال السنوات الأربع الأخيرة، لافتاً إلى أنّ هذا النوع من الدعاوى القضائية كان نادراً في المحاكم، وباعتقاده أن العدد الكلي فاق عتبة الـ 20 ألف حالة.

ومع انهيار الليرة السورية بات المواطن السوري بحاجة لأكثر من 4 أضعاف راتبه من أجل الاستمرار في الحياة وتلبية مطالبه الشهرية من طعام وشراب، والذي يقدر وسطياً بـ 40 ألف ليرة سورية.

وقالت الأمم المتحدة، وفقاً لتقريرها السنوي عام 2019 أنّ 83 في المئة من السوريين يعيشون في فقر مدقع، و33 في المئة من السكان يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق