تعاود واشنطن مجددا تأكيدها على دعم الحل السياسي في سوريا من خلال التصريحات الإعلامية المتكررة لديبلوماسييها، ولو أن ذلك يبقى خطوة صغيرة مقابل السعي المطلوب لتقارب أكبر مع موسكو وإنتاج تفاهمات مشتركة، ولو أن ذلك يبدو أمرا غير ممكن بسبب أن عقبات قانون قيصر وشكل المرحلة المقبلة دون القدرة على تحديدها بغض النظر عن الجهود التي يعتمد عليها عبر سلة الدستور.
و لا يبدو أن الظروف الحالية للملفات المتداخلة مع الشأن السوري ستسمح بأي تقارب، فضلا عن عدم تهيئة عوامل التقارب من خلال وضوح الرؤية لدى كل من الجانبين (الروسي والأميركي)، واختلاف التوجهات بينهما حتى ما قبل فرض عقوبات "قانون قيصر"، و كذلك إصرار الولايات المتحدة على بقاء قواتها في سوريا من أجل حماية حقول النفط فقط، دون تبيان استراتيجية واضحة لواشنطن تجاه سوريا، فيما إذا كانت تتصدر قائمة أولوياتها وكذلك ما هي الأهداف التي تنوي تحقيقها ضمن سياستها الخارجية.
و أعلنت واشنطن، على لسان مبعوثها الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري، عن شروطها الخمس لإيقاف فرض العقوبات على النظام السوري، على رأسها إيقاف استخدام المجال الجوي لاستهداف المدنيين.
قد يهمك: إعادة إنتاج النظام السوري بصيغة روسية جديدة… ما موقف واشنطن؟
وأوضح جيفري، في مؤتمر صحفي عبر تقنية "الفيديو"، يوم الخميس الفائت، أن بلاده واضحة في الشروط الخمسة التي يجب على حكومة النظام السوري تنفيذها والتي تتلاقى مع أهداف واشنطن العامة، لإيقاف فرض العقوبات.
و بيّن أن الشروط الخمس تتمثل في؛ عدم استخدام النظام وحلفائه المجال الجوي السوري لاستهداف المدنيين، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية للمحاصرين، والسماح بالعودة الطوعية الكريمة للنازحين، والمحاسبة العادلة لمرتكبي جرائم الحرب.
كيف ترى واشنطن المرحلة المقبلة؟
الباحث بالمركز العربي بواشنطن، جو معكرون، كان أشار لـ "روزنة" إن "قيصر" هو محاولة أميركية لفرض إطار تفاوض أو "خريطة طريق للتسوية".
وأضاف أنه وبنفس الوقت لا يبدو هناك رغبة في واشنطن لاعادة انخراط مع موسكو حول سوريا، مشيرا إلى "أننا في سنة انتخابات رئاسية أميركية يخيم عليها موضوع التدخل الروسي المحتمل فيها".
بينما اعتبر الإعلامي والمحلل السياسي السوري، أيمن عبد النور، خلال حديث لـ "روزنة" أن الولايات المتحدة تمنح النظام مساحة أن يراجع نفسه ويقرر الانخراط في الحل السياسي، منوهاً بأن ذلك هو الأمر الأساس الذي تريده واشنطن من "قيصر" وليس العقوبات.
اقرأ أيضاً: "بازار سياسي" في الأمم المتحدة… والملف السوري ورقة رابحة؟
ورأى أن القوائم التي ستصدر تباعا تحمل رسائل من واشنطن بأنها ما زالت جدية بالاستمرار في تنفيذ القانون.
بينما نوهت المحللة والباحثة السياسية، روان رجولة، بأن الملف السوري ليس من أولويات الحكومة الأميركية، مبينة بأن واشنطن معنية فقط بتأمين مصالحها ومصالح حلفائها بمواجهة النفوذ الإيراني، و الذي لا يعني بالضرورة التدخل العسكري أو شن حرب مباشرة، وفق تعبيرها، وإنما يمكن أن تتواجد أدوات أخرى للضغط تلجأ إليها واشنطن.
و كان جيمس جيفري أكد خلال تصريحاته يوم الخميس، فيما يتعلق بالعملية السياسية في سوريا، أن واشنطن تتطلع بشدة لرؤية التقدم في اللجنة الدستورية، قائلا "هذا أمر بالغ الأهمية لحل هذا الصراع".
واعتبر أن "النظام السوري قد غير موقفه تكتيكيًا على الأقل تجاه هذه العملية برمتها، أو أن الروس قد نجحوا في الضغط عليه للقيام بذلك"، معربا عن أمله بتحقيق أمرين؛ الأول هو عقد لقاءات اللجنة الدستورية لأسابيع وليس لأيام فقط، ورؤية جدول اجتماعات جديد.
أما الأمر الثاني فهو "الانتقال من نقاش المبادئ الأولى فقط، وهو ما يريده نظام دمشق، وهي دعاية معتادة حول سيادته ومحاربة الإرهابيين، إلى تقدم حقيقي في الحديث عن التغيير الدستوري. هذا مهم جدا".
الكلمات المفتاحية