قوات بديلة للنفوذ الإيراني في سوريا… أميركية أم روسية؟

قوات بديلة للنفوذ الإيراني في سوريا… أميركية أم روسية؟
سياسي | 14 أغسطس 2020 | مالك الحافظ

تشي التصريحات الصادرة عن القائد العسكري للقوات الأميركية في المنطقة، والتي تحدث بها عن أمد طويل لبقائهم في سوريا من أجل مواجهة النفوذ الإيراني هناك، ما يعني أن مهمة جديدة لهذه القوات قد تساهم بتغيير شكل النفوذ في مناطق تواجد العناصر الإيرانية، بخاصة وأن معلومات أفاد بها مصدر ديبلوماسي روسي لـ "روزنة" حول مساعي مستمرة لموسكو لإحلال قواتها بدلا عن القوات الإيرانية رغم عدم توافر الظروف المناسبة خلال الوقت الحالي، رغم أن ذلك تم جزئياً في فترة سابقة ببعض المناطق في الشرق السوري، وهو الأمر الذي تزامن مع محاولات أميركية تمثلت بتحضيرات لتشكيل حلف دولي بشأن مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة. 


المساعي الروسية والأميركية والتي لا تنم عن أي تنسيق مشترك، فالجانب الروسي ينطلق من إخراج عناصر النفوذ الإيراني من سوريا بشكل تدريجي يضمن التماشي مع الوعود التي قطعتها موسكو لتل أبيب بخصوص هذا الشأن، ومن ناحية ثانية تحاول موسكو امتصاص ضغط المجتمع الدولي حيال ذلك. فيما ينطلق التحرك الأميركي من مبدأ أكثر حدية يتمحور حول إعلان واشنطن المباشر بأن هدفها الاستراتيجي في سوريا تحديدا يرتكز على إنهاء نفوذ إيران فيها. 

و لعل أي تصادم مرتقب حول معالجة المعضلة الإيرانية في سوريا، يمكن أن يكون وسيلة في توقيتها المناسب للتوافق بين الطرفين (الروسي والأميركي) على آلية مناسبة لذلك، قد تؤدي إلى طرح إيجاد قوات أممية عوضا عن إبدال النفوذ الإيراني بقوات روسية عبر تفاهمات ماراثونية لا ترضى عنها الأطراف الأخرى الفاعلة في الملف السوري وفي مقدمتها واشنطن، أو قوات أميركية يسبق انتشارها تصعيد عسكري غير مرغوب به.

الجنرال كينيث ماكينزي، القائد العام للقيادة المركزية الأميركية، كشف مساء الأربعاء الفائت، أن واشنطن ستخفض قواتها في العراق وسوريا على الأرجح في الأشهر المقبلة، لكنه لم يتلق أوامر بعد ببدء سحب القوات.
 

قد يهمك: حلف دولي لمواجهة النفوذ الإيراني بسوريا... متى و كيف؟


وتوقع ماكينزي أن تحافظ القوات الأميركية وقوات "الناتو" الأخرى على وجود طويل الأمد، للمساعدة في محاربة الإرهاب ولوقف النفوذ الإيراني، رافضاً الإفصاح عن حجم هذا الوجود. 

ورغم  مطالبة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في الخريف الماضي، بالانسحاب الكامل لجميع القوات الأميركية، البالغ عددها ألف جندي من سوريا، لا يزال هناك العديد منهم، معظمهم في شمال شرق البلاد، والقسم الآخر في قاعدة التنف على الحدود السورية-العراقية-الأردنية.

في حين كانت وكالة "سبوتنيك" الروسية، نشرت تقريراً لها منتصف الأسبوع الجاري، ادعت من خلاله أن "المعارضة السورية، عشية اجتماع اللجنة الدستورية في جنيف، مجلس الأمن الدولي لاستبدال القوات الإيرانية ومقاتلي حزب الله في سوريا بقوات روسية"، و زعمت أن رئيس المجلس العشائري السوري سالم المسلط، قال في حديث للوكالة "ندعو مجلس الأمن الدولي لاتخاذ قرار بشأن الطرد الكامل للقوات والمليشيات الإيرانية من حزب الله من سوريا واستبدالها بقوات روسية في جميع المدن التي تحتلها المليشيات". 

غير أن المسلط نفى تواصل الوكالة الروسية معه، مشيراً إلى أنه كتب فقط مضمون ما نقلته "سبوتنيك" عبر تغريدة على صفحته في موقع "تويتر" ذكر فيها "15 فيتو ضد الشعب السوري كيف يمكننا كسوريين الحصول على قرار في مجلس الأمن دون فيتو روسي، كيف يمكن أن تقبل روسيا بتمرير قرار دون اعتراض وكيف يمكن أن نتخلص من عدو حاقد هو إيران… مناطق محتلة من قبل إيران وميليشياتها ولن نتمكن من إخراج إيران منها ببديل سوري، ولن تقبل روسيا بقوات عربية أو دولية، لماذا لا نتخلص من عدو حاقد أولاً وبعدها نتحدث… نطالب مجلس الأمن اتخاذ قرار بإخراج الميليشيات الإيرانية وميليشيات حزب الله من سوريا بشكل كامل وإحلال قوات روسية في المواقع التي تشغلها هذه الميليشيات".

رفض إيراني مسبق 

المحلل السياسي عبد الباري عثمان، استبعد خلال حديث لـ "روزنة" أن تقبل طهران بفكرة انسحاب قواتها من سوريا ما دام بشار الأسد في السلطة، وفق تعبيره، مشيراً إلى أن علاقة الطرفين هي علاقة عضوية وأكثر صلابة من علاقتهم مع الروس.

وتابع بالقول أن "الروس رغم أنهم ممسكين حالياً بأغلب المفاصل العسكرية، لكن لا أعتقد بأنهم يستطيعون إخراج الإيرانيين من سوريا بوجود الأسد لأن هناك قوات إيرانية بأشكال مختلفة في سوريا، مثلاً منهم مدنيين و يسيطرون على مؤسسات وبلديات إلى جانب عناصر النظام".


قد يهمك: معركة مقبلة في الشمال السوري… شرقه أم غربه؟


واستبعد فيما إذا تم إحلال قوات روسية بدلا عن الإيرانية، أن تكون الأولى حيادية، وهي التي سلمت العديد من المناطق السورية في أرياف دمشق وحمص لسلطة النظام تحت ذريعة "مناطق خفض التصعيد". وزاد في سياق مواز "إن انتشار قوات أممية هو أمر مقبول، ولكن لا أعتقد أن ذلك يمكن تنفيذه للأسباب آنفة الذكر".

وحول ملف مواجهة النفوذ الإيراني في كل من العراق وسوريا، لفت عثمان إلى ضرورة "مراجعة التاريخ؛ والعودة إلى عهد حافظ الأسد وعلاقاته مع إيران، وكيف سمح لهم بالتمدد في البيئة الاجتماعية السورية وبناء الحسينيات في المحافظات، وكل ذلك أمام أعين الأوروبيين والغرب، وكيف تحالف حافظ الأسد مع التحالف الدولي ضد العراق، أما بالنسبة للعراق فالأسباب عديدة لتمكين الإيرانيين هناك، بدعم ومساندة أوروبية وأميركية".

مصلحة روسية مُعطّلة؟

من جانبه نوه الكاتب والمحلل السياسي، عبد الحميد قطب، بأن من مصلحة روسيا الاستحواذ على الكعكة السورية بشكل كبير ومنفرد، غير أن ذلك خلال الفترة الحالية هو أمر مستبعد التحقيق، وفق حديثه لـ "روزنة".

وأكمل "القوات الروسية يحتاجون إلى إيران للمواجهات العسكرية على الأرض السورية، بخاصة و أن التدخل الروسي مقتصر على الضربات الجوية، أما على الأرض فإن القوات الإيرانية هي التي تعمل هناك… روسيا بحاجة لإيران في الملف السوري، لكن موسكو عندما استشعرت مؤخرا بأن المجتمع الدولي وتحديدا إسرائيل لا يرضون بوجود إيراني في سوريا، و بالتالي كانت هناك محاولات روسية لإخراج القوات الإيرانية لكنها باءت بالفشل". 


قد يهمك: رسالة أميركية إلى موسكو بخصوص مصير الأسد… ما الخطوة التالية؟


وختم بالقول "هناك صعوبة لإحلال القوات الروسية بدلا عن الإيرانية، و لكن ربما في القادم يكون هناك ترتيبات ما… يُقال إن روسيا وافقت على خروج بشار الأسد من السلطة، إلا أن إيران رفضت رفضا قاطعا خروجه أو غيابه عن المشهد، وكذلك كانت هناك تسريبات تقول أن بعض القوات الإيرانية انسحبت من بعض المناطق السورية، ولكن الانسحاب الكامل في هذه المرحلة صعب… روسيا في هذا الملف ربما تريد من المجتمع الدولي ضغطا لإخراج إيران من سوريا".  

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق