أشارت مصادر خاصة لـ "روزنة" إلى أن المفاوضات الروسية التركية التي كانت تجري حول تبادل مناطق النفوذ بين الطرفين في كل من شرق الفرات وغربه؛ توقفت مؤخراً لصعوبة الوصول إلى حل يناسب مصلحتهما، ما ينذر باحتمالات تحريك عمل عسكري محدود من قبل روسيا في غرب إدلب، وكذلك الأمر بالنسبة لتركيا في محيط منطقة "نبع السلام" والتحرك صوب عين عيسى (شمال الرقة).
المحلل السياسي قحطان الشرقي، لفت من جانبه خلال حديث لـ "روزنة" إلى أن المفاوضات الماراثونية حول تثبيت مساعي تركيا في وصول نفوذها إلى مدينتي عين العرب و عين عيسى، مقابل وصول روسي لعمق أكبر في إدلب لم تنجح حتى الآن مشيراً إلى أن تلك المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود.
وتابع "كان يفترض أن تصل المحادثات إلى محطات جديدة إيجابية؛ كأن ينتقل مسار التفاوض من عين عيسى وعين العرب إلى مدينة منبج ومناطق أخرى، إلا أن أي من هذا لم يحدث".
وتوقع الشرقي إندلاع معركة "محدودة" في الشمال بعد تعطل مسار المفاوضات غير المعلنة، مضيفاً بأن التصعيد العسكري يأتي أيضاً على ضوء التسخين الحاصل في كل من شرق وغرب الفرات، وهو هدف سياسي تسعى إليه روسيا للعودة مع الأتراك إلى طاولة المفاوضات بأوراق جديدة.
وأضاف "أيضاً من الممكن أن يقع عمل عسكري محدود من الجيش التركي وقوات الجيش الوطني باتجاه منطقتي عين عيسى و عين العرب من أجل الدفع أيضاً لطاولة المفاوضات… روسيا الآن في موقف حرج لا تحسد عليه، وتركيا تحاول الوصول إلى اتفاق يحفظ مصالحها". ونظر إلى الموقف الأميركي مما يحصل في الشمال السوري بأن واشنطن تأخذ دور المتفرج على الطرفين، انطلاقا من أن هذه الفترة لن تكون مناسبة لأي تحرك جدي من قبل واشنطن طالما أن المرحلة مقبلة على الانتخابات الرئاسية. اعتمدت واشنطن في المرحلة الأخيرة على سياسة استنزاف الطرفين المتصارعين وهذا بشكل أو بآخر يخدم مصالح واشنطن.
قد يهمك: رسائل أميركية إلى روسيا بشأن شرق الفرات… هل ترد موسكو؟
وكانت مصادر محلية أشارت لـ "روزنة" نهاية الشهر الفائت، إلى أن الجيش التركي و"الوطني السوري" المعارض، استقدموا تعزيزات عسكرية جديدة إلى شمال بلدة عين عيسى بريف محافظة الرقة الشمالي. حيث أدخل الجيش التركي عشرات العربات المحملة بالجنود، إلى جانب آليات عسكرية إلى مواقعه في المنطقة، ورجحت أن يشن عملية عسكرية باتجاه قوات النظام السوري و"قسد" خلال الفترة الحالية.
كذلك نقلت المصادر عن لقاء جمع الأتراك مع القادة الروس في عين عيسى مؤخرا، ورجحت أن يكونوا قد توصلوا لاتفاق يقضي بانسحاب القوات الروسية والقوات الأخرى (النظام وقسد)، ودخول الجيش التركي و"الجيش الوطني" إلى المنطقة، دون حدوث أي تحرك جدي وواسع في هذه المنطقة.
تحركات روسية في دير الزور
وفي سياق آخر ذي صلة، قامت القوات الروسية خلال اليومين الماضيين بتحريك قواتها بين مناطق في ريف دير الزور الشرقي، في مؤشر قد يدلل على محاولات روسية بخلق مناوشة جديدة مع الولايات المتحدة وقواتها المنتشرة في مناطق مختلفة من شرق الفرات، ما يفتح المجال أمام التساؤل حول دوافع أي تحرك روسي وعلاقته بأي من الطرفين الأميركي أو التركي الذي لم يصل معه حتى الآن إلى مرحلة متقدمة من تعميق التفاهمات المشتركة في الشمال السوري سواء في شرقه أو غربه.
هذا وأشارت مصادر محلية إلى أن أرتالا عسكرية روسية عبرت من الجسر الحديدي الروسي الذي يربط بين بلدتي المريعية ومراط، واتجهت إلى بلدة مظلوم بريف ديرالزور الشرقي. ووفق شبكة "ديرالزور 24" عل "فيسبوك"، فقد انتشرت حوالي 30 دبابة ومدرعة تتبع للقوات الروسية يوم الخميس الفائت، في بلدتي مظلوم ومراط على بعد حوالي 2 كم فقط من مواقع انتشار قوات "التحالف الدولي" الذي تقوده الولايات المتحدة.
الكاتب والمحلل السياسي، فراس علاوي، اعتبر خلال حديثه لـ "روزنة" أن التحركات الأخيرة في دير الزور هي عملية إعادة انتشار للقوات الروسية في تلك المنطقة التي تخضع لسيطرتها بالأساس، مشيراً إلى أنها نوع من "الدبلوماسية الخشنة" التي تمارسها روسيا ضد الولايات المتحدة؛ في محاولة منها لإثبات وجودها في المنطقة.
كذلك استبعد علاوي حدوث أي تصعيد عسكري في المنطقة، فالطرفين الروسي والأميركي غير جاهزين للتصعيد وفق رأيه، وأضاف بأن الجانب الروسي يعاني في مناطق أخرى من سوريا، بخاصة وأنه يدير معارك سياسية وعسكرية شمال سوريا، ما يعني بطبيعة الحال أن الروس لن يكونوا جاهزين لتغيير قواعد الاشتباك في المنطقة الشرقية.
وأردف بالقول "ما حصل هو عملية رد على استفزازات واشنطن سواء من خلال "قانون قيصر"، أو الاستفزازات التي تُمارس بمناطق أخرى من قبل الولايات المتحدة ضد روسيا… هي أيضاً ربما استباق روسي لأي محاولة بإعادة تموضع إيراني هناك من بعض المناطق، بحيث يملأ الروس الفراغ الذي قد يحصل... النفوذ هناك في مناطق سيطرة النظام مناصفة بين الروس والإيرانيين".
وكانت مصادر كردية كشفت في وقت سابق لـ "روزنة" عن مساعي مرتفعة الوتيرة تبذلها واشنطن لمنع استمرار تواجد الجنود الروس في مناطق مختلفة من شرق الفرات.
وقالت المصادر أن قياديين في القوات الأميركية طلبوا من قوات سوريا الديمقراطية "قسد" مساعدتهم؛ في إبعاد الروس عن المناطق التي انتشروا فيها داخل شرق الفرات، والاكتفاء بتواجد الروس فقط على المناطق الحدودية مع تركيا. وفي الوقت الذي شدد فيه الأميركيون على ضرورة سيطرتهم على كامل الطريق الدولي في المنطقة "M4"، اعتذر القياديون في "قسد" عن مساعدتهم في تحقيق ذلك بذريعة تخلي الجانب الأميركي عنهم حينما أعلنت تركيا عملية "نبع السلام" ضد مناطق شمال شرقي سوريا.
الكلمات المفتاحية