درعا: جسم عسكري جديد… هل يُنهي النفوذ الإيراني في الجنوب؟

درعا: جسم عسكري جديد… هل يُنهي النفوذ الإيراني في الجنوب؟
أخبار | 24 يونيو 2020

مالك الحافظ|| تشي التطورات الأخيرة في محافظة درعا بأن تغييراً ميدانياً برعاية روسيّة بات قريباً ويؤدي في المحصلة إلى ضرب كامل النفوذ الإيراني في المحافظة. 


و عقب "الاستهداف المجهول" الذي طال حافلة مبيت، تابعة للفيلق الخامس (المدعوم من روسيا، يقوده أحمد العودة)، و أدت إلى مقتل 10 عناصر وإصابة 25 آخرين، يوم السبت الفائت، خرجت أثناء تشييع العناصر مظاهرات تهتف ضد إيران والنظام السوري، اتهم فيها الأهالي عناصر النفوذ الإيراني في المنطقة بالوقوف خلف التفجير، حيث اعتبرت مصادر محلية أن روسيا هي من تقف وراء هذه التظاهرات في مسعى لتسخين الرفض الشعبي المتزايد لاستمرار تمركز النفوذ الإيراني في المنطقة. 

في السياق ذاته تناقلت مواقع سوريّة، مقطعاً مصوراً يكشف فيه أحمد العودة، عن تشكيل عسكري جديد سيعلن عنها خلال وقت قريب في محافظة درعا، ووفق تصريحات العودة في كلمة ألقاها في عزاء العناصر، الذين قتلوا في التفجير الأخير، فإن "حوران ستكون قريبا بحماية جيش واحد، ومهمته ليست حماية حوران فحسب، بل ليكون الأداة الأقوى لحماية سوريا".

هذا وتتوافق تصريحات العودة، مع المعلومات التي كانت نقلتها مصادر محلية من درعا لـ "روزنة"، وأفادت من خلالها بمسعى روسي -بالتنسيق مع الفصائل التي رفضت مغادرة درعا- يهدف لتشكيل جسم عسكري وأمني من أبناء المحافظة، يعمل على طرد كل عناصر النفوذ الإيراني من درعا، سواء من السوريين التابعين للفرقة الرابعة أو عناصر "حزب الله" اللبناني، وباقي عناصر النفوذ الإيراني في المنطقة الجنوبية من سوريا. 

اقرأ أيضاً: مع انتهاء مدة التسوية في درعا.. ما مصير المنشقين؟

وكشفت المصادر أن "مشروع مواجهة النفوذ الإيراني" سيؤدي إلى تشكيل قوات عسكرية وأمنية محلية من أبناء المحافظة فقط، تلغي بدورها تواجد أي عنصر تابع لقوات النظام سواء من الفرقة الرابعة أو غيرها، كما أن المشروع سيكون نواة لـ "فدرلة الجنوب" السوري بالكامل، بحيث تكون كافة الأجهزة الإدارية والأمنية والسياسية من أبناء المنطقة. 

وأشارت لـ "روزنة" إلى أن المشروع يحظى بموافقة روسية، حيث يتم التنسيق بين موسكو وأطراف محلية (عسكرية و سياسية) من محافظة درعا، فضلا عن توافق أوروبي خليجي حول هذا المشروع، في حين تبقى الموافقة الأميركية التي لم تكن قد صدرت حتى مطلع العام الجاري.

تحالف مناطقي يؤسس له "الفيلق الخامس"؟ 

الباحث المختص في الشأن السوري، صلاح ملكاوي، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن روسيا تجد نفسها ملزمة بإحكام سيطرتها على الأرض وبخاصة في الجنوب السوري؛ والعمل على طرد عناصر النفوذ الإيراني من محافظات الجنوب السوري، وتمكين الفيلق الخامس من إقامة "تحالفات مناطقية" تشمل فصائل المصالحات في كل من مدينة درعا والريف الشرقي والغربي، رغبة منها في إنهاء المبرر الذي يتيح لإسرائيل قصف مواقع داخل سوريا بسبب النفوذ الإيراني. 

وتابع أن "الطريق ليست ممهدة ولا مفروشة بالورود لتحقيق سيطرة الفيلق الخامس و حلفاءه المستقبليين على كافة مناطق الجنوب، وإيران وميليشياتها مدعومة ببعض الأجهزة الأمنية السورية مثل المخابرات الجوية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الجهود الرامية لإخراجها من الجنوب… قد نشهد مستقبلا عمليات عسكرية بين الفيلق الخامس (من جهة) و الميليشيات الإيرانية وحزب الله والمخابرات الجوية (من جهة أخرى)". 

ورأى ملكاوي أن "ما تحدث عنه العودة (مؤخرا) لن يتحقق سريعا، وإنما سيبدأ كخطوة أولى بتحالف مناطقي سياسي و عسكري، تمهيداً للمرحلة النهائية؛ التي سنجد فيها درعا وربما الجنوب السوري جسم سياسي واحد وجسم عسكري واحد". 

قد يهمك: مقتل سليماني نقلة نوعية ضد النفوذ الإيراني في درعا

وأضاف في السياق ذاته "مع  دخول قانون قيصر حيز التنفيذ والذي يهدف لإيقاع عقوبات اقتصادية أميركية على الأفراد و المؤسسات الداعمة لنظام الأسد... هذا القانون الذي يواجه بتعنت شديد من النظام السوري وحلفائه الإيرانيين؛ مقابل توقعات أن يفاقم من أزمة الشعب السوري بحكم تركيبة النظام السياسي والأمني، في ضوء ذلك تجد روسيا نفسها ملزمة بتعهدات قدمتها للقوى الدولية والإقليمية بإخراج إيران من سوريا". 

وزاد بالقول إن "روسيا ترى أنها ملزمة بالانخراط بشكل آني ومستعجل من خلال الإجراءات التي بدأتها سابقا وتهدف لإحكام سيطرتها على الأرض، حيث يستحيل دخول روسيا في الحل السياسي دون سيطرتها على الأرض… هذه الإجراءات التي تعثرت مرارا واصطدمت برغبات ايرانية ورغبات للنظام السوري معاكسة لها، حيث بدأت الإجراءات بعمليات إعادة هيكلة الجيش السوري؛ وحل الكثير من الميليشيات غير النظامية، ووضع عدد من الضباط المحسوبين على روسيا في مواقع حساسة ومؤثرة، إضافة إلى تشكيل الفيلق الخامس".

وختم حديثه مرجحاً أن أوضاع درعا خلال الفترة المقبلة ستشهد استمراراً لعمليات الاغتيال والعمليات الأمنية من طرف النظام، إلى جانب إهمال ملف المعتقلين، بالإضافة إلى التضييق على الناس بالتوازي مع استمرار سوء الخدمات وانعدامها. 

تفجير الأوضاع في الجنوب؟

الصحفي عاصم الزعبي (من محافظة درعا)، قال خلال حديث سابق لـ "روزنة" إن الدور الروسي هو الدور الرئيسي فيما يجري حاليا في محافظة درعا بشكل عام، في الوقت الذي أشار فيه إلى وصول عناصر جديدة  من فصائل النفوذ الإيراني في سوريا (زينبيون و فاطميون) إلى درعا خلال الشهر الفائت، إضافة لوجود عناصر تابعين "لحزب الله"، غير أن هناك نية روسية لإضعاف التواجد الإيراني في الجنوب والجنوب الغربي من محافظة درعا، وذلك بحسب الشروط التي وضعت من قبل إسرائيل لإنجاز الاتفاق حينها بإبعاد الإيرانيين 40 كم على الأقل عن كل من حدود الجولان والحدود الأردنية، حيث يجد الروس من الوضع الحالي فرصة لضرب هذا التواجد، وفق تعبيره.

من جانبه رأى أستاذ العلوم السياسية، نصر فروان، أن الجنوب السوري في حالة غليان لأسباب عديدة؛ منها تردي الأوضاع الاقتصادية وانتشار الفقر والبطالة، وكذلك عدم الالتزام ببنود الاتفاقية الخاصة بعملية التسوية التي وقعت بإشراف وضمانة روسيا، بخاصة بما يتعلق بالوجود الإيراني وزيادة القبضة الأمنية والاعتقالات والاغتيالات. 

اقرأ أيضاً: غليان وتهديد بالتصعيد... تورط إيراني في درعا

ولفت إلى أن "كل ذلك ولّد حالة من الغضب تنذر بتفجر الأوضاع، والسؤال هنا هل النظام يستوعب الدرس و ينكفأ، أم يتورط من جديد في حوران؛ حيث النتائج ستكون كارثية"، مضيفاً "باعتقادي النظام لن يتورط إلا إذا تم توريطه من قبل إيران التي تسعى إلى خلط الأوراق والهروب إلى الأمام، وهنا أؤكد بأنه إذا ما انفجرت الأوضاع في الجنوب سيكون هناك تداعيات كبيرة وتحولات حادة وربما تدخل دولي وإقليمي".

وكانت أشارت أنباء -لم تتأكد روزنة من صحتها- إلى أن التشكيل العسكري الذي أعلن العودة عن قرب انطلاقه، سيتألف من هيئة وقيادة مركزية تمثل كل من المنطقة الغربية والشرقية ودرعا البلد، بحيث سيكون هناك 3 قادة يتولون تزعم الجسم العسكري الجديد، فضلاً عن وجود قوة تنفيذية تبسط وجودها في كل مناطق المحافظة (شرطة محلية) للدفاع عنها في حالة حدوث أي خرق أمني.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق