مالك الحافظ - روزنة|| في وقت تشهد فيه الساحة السورية تهدئة عسكرية -مقبولة- بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلن في الخامس من آذار المّوقع بين روسيا وتركيا، تحتدم حدة الاقتتال في ليبيا بين كل من قوات "حكومة الوفاق الوطني" المدعومة من تركيا، وقوات "الجيش الوطني الليبي" المدعومة من روسيا بقيادة المشير خليفة حفتر.
التصعيد الأخير في ليبيا ورغم وجود هدنة فرضتها "جائحة كورونا"، غير أن استعادة قوات "الوفاق الوطني" السيطرة على مدينتي صبراتة و صرمان الاستراتيجيتين، (75 كيلومترا و60 كيلومترا غرب طرابلس العاصمة)، خلق جواً متوتراً وأسهم في تصعيد أكبر بين الطرفين المتحاربين، حيث ردّت القوات التي يتزعمها حفتر بتكثيف الغارات الجوية العشوائية على مناطق وأحياء سكنية داخل العاصمة.
ومع دعوات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لوقف النار في مناطق الصراعات حول العالم لمواجهة جائحة كورونا، أدانت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، التصعيد المستمر في ليبيا الذي يُهدد بخلق موجات جديدة من النزوح، حيث اعتبرت أن "القصف العشوائي على طرابلس"، و"أعمال الانتقام ستزيد من تصعيد النزاع، وستؤدي إلى دورة انتقام جديدة تهدد النسيج الاجتماعي في ليبيا".
ولا يمكن فصل ما يحدث في ليبيا وتأثيرات الوضع المتوتر هناك على الملف السوري وتجاذباته بين كل من موسكو وأنقرة، بخاصة في ظل ما يتواتر عن محاولات روسية لتجنيد مقاتلين سوريين في الجنوب السوري (معارضون أجروا تسوية برعاية روسيا منذ منتصف عام 2018)، فضلا عن تعزيز العلاقة بين حكومتي الأسد وحفتر، حيث أرسلت الاخيرة عناصر عسكرية وصلت سوريا مؤخراً للتدرب على قيادة طائرات مروحية روسية من طراز "مي-25" في مطار الضمير العسكري، وفق ما أفاد به موقع "نيوز ري" الروسي.
رغم اعتبار المساعي الروسية بإرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا تطورا لافتا ومؤشرا على احتمالية ارتفاع حدة التوتر بين "الشريكين المتنافسين" (روسيا و تركيا)، غير أن إرسال مقاتلين سوريين إلى هناك ليس بالأمر الجديد، حيث سبق لتركيا أن ساهمت بوصول مقاتلين سوريين من بعض فصائل الشمال السوري المدعومة من قبل أنقرة.
اقرأ أيضاً: بعد شهر من مقتل أول العناصر السورية في ليبيا… هذه آخر التطورات
وتحدثت الأمم المتحدة في كانون الثاني الماضي عن رصد العديد من طائرات نقل، وصلت بالفعل إلى مطارات ليبية في شرق البلاد وغربها، تحمل أسلحة ومعدات قتالية وكذلك مقاتلين، ترى الأمم المتحدة إنها تهدد بإغراق البلاد في موجات من العنف و جولات جديدة من القتال.
هذا و لم تعُد العلاقات بين حكومتي حفتر والأسد سراً، بخاصة بعد استئناف عمل السفارة الليبية التي سلمّت لحكومة طبرق، أوائل شهر آذار الفائت في دمشق.
وقد جاءت زيارة وفد خارجية حكومة طبرق الليبية إلى دمشق؛ مطلع الشهر الماضي، في توقيتها كرسالة سياسية إلى أنقرة موجهة من قبل النظام السوري والجانب الليبي الذي يتزعمه المشير خليفة حفتر، بخاصة وأن الأخير يخوض معركته في طرابلس ضد قوات حكومة "الوفاق" المدعومة من أنقرة.
وقد شدد -آنذاك- نائب وزير خارجية حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، خلال مراسم إعادة افتتاح السفارة الليبية على أن "عودة العلم الليبي مرفرفا في سماء سوريا مقدمة طبيعية لعودة أعلام أخرى".
الملف السوري يراوح في المكان بسبب ليبيا؟
الباحث السياسي، إبراهيم ناصر، رأى خلال حديثه لـ "روزنة" أن مسألة تداخل الملفين الليبي و السوري ستؤدي إلى حدوث مقايضة بين الروس و الأتراك، فأنقرة ستعمل على التأكيد بأن الملف السوري يخص أمنها القومي.
وتابع: "ربما يقدم الأتراك تنازلات للروس بحيث يحفظوا الشريط الحدودي، لكن المصلحة التركية في ليبيا هي مصلحة اقتصادية في المقام الأول، وسياسية في المقام الثاني، وبالتالي فإن الحفاظ على حكومة الوفاق سيضمن موقع تركيا في الإقليم، و إذا ضعفت قوة حكومة الوفاق فإنه سيتراجع نفوذ تركيا في المنطقة".
الكاتب والمحلل السياسي زكريا ملاحفجي، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أنه ورغم وجود صراع روسي تركي في ليبيا، غير أنه اعتقد بوجود فصل بين الملفات السورية والليبية لدى كل من الجانبين اروسي والتركي.
فيما لم يستبعد تأثير الصراع على الصعيد الاستراتيجي بين الطرفين في الإطار العام لعلاقاتهما، وتابع "عندما تكون الملفات متفقة في أكثر من منحى فهذا يشجع على تعزيز العلاقات، أما إذا كانت هناك خلافات في أي ملف سيؤثر تعقيداً على استراتيجية العلاقات، لذلك فإن الملف السوري يراوح في المكان وأقرب ما يكون لحالة التصادم والحذر والقلق بين الجانبين، وليس هناك سير بأي اتجاه، والأمور في حالة استعصاء".
ونوه ملاحفجي إلى أن الروس نقلوا بالفعل أول مجموعة مقاتلين سوريين إلى ليبيا "أرسلوا (الروس) مجموعة مقاتلة سورية إلى ليبيا، قبل أن يتذمر مقاتلون آخرون كانت روسيا تسعى إلى نقلهم لليبيا… وصول المقاتلين من قبل روسيا بحجة أنهم سيعملون في ليبيا لحماية شركات نفطية روسية هناك".
قد يهمك: ماذا تريد دمشق من تفعيل علاقاتها مع حكومة شرق ليبيا؟
وتعيش ليبيا حالة صراع داخلي منذ الإطاحة بـ معمر القذافي بانتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011، لكنّ الصراع مُنذ بداياته لم يكن صراعا داخليا مقتصرا على طرفين ليبيين أو أكثر، إنما لعب عامل التدخل الإقليمي والدولي في الصراع الدور الأكبر في إطالة أمده وتعطيل التسوية السياسية والابتعاد كثيرا عن تحقيق السلم الأهلي.
مُنذ سنوات، وبعد فشل الأمم المتحدة في فرض اتفاق "الصخيرات" لعام 2015 ووضعه في حيز التنفيذ لوضع حد للحرب الأهلية التي تفجرت في 2014، ازدادت حدة الصراع الداخلي المسلح ضراوة، لتتخذ شكلا من أشكال الحروب بين جيشين نظاميين تابعين لدولتين اثنتين، قوات "الجيش الوطني الليبي" بقيادة خليفة حفتر التابعة للحكومة المؤقتة (غير معترف بها دوليا) ومقرها طبرق في الشرق الليبي، وقوات حكومة الوفاق الوطني (المعترف بها من الأمم المتحدة)، ومقرها العاصمة طرابلس غرب ليبيا.
ويعيش المجتمع الدولي حالة من اليأس من إمكانية إحلال السلام في ليبيا بعد فشل مؤتمري موسكو وبرلين أوائل هذا العام.
التصعيد الأخير في ليبيا ورغم وجود هدنة فرضتها "جائحة كورونا"، غير أن استعادة قوات "الوفاق الوطني" السيطرة على مدينتي صبراتة و صرمان الاستراتيجيتين، (75 كيلومترا و60 كيلومترا غرب طرابلس العاصمة)، خلق جواً متوتراً وأسهم في تصعيد أكبر بين الطرفين المتحاربين، حيث ردّت القوات التي يتزعمها حفتر بتكثيف الغارات الجوية العشوائية على مناطق وأحياء سكنية داخل العاصمة.
ومع دعوات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لوقف النار في مناطق الصراعات حول العالم لمواجهة جائحة كورونا، أدانت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا، التصعيد المستمر في ليبيا الذي يُهدد بخلق موجات جديدة من النزوح، حيث اعتبرت أن "القصف العشوائي على طرابلس"، و"أعمال الانتقام ستزيد من تصعيد النزاع، وستؤدي إلى دورة انتقام جديدة تهدد النسيج الاجتماعي في ليبيا".
ولا يمكن فصل ما يحدث في ليبيا وتأثيرات الوضع المتوتر هناك على الملف السوري وتجاذباته بين كل من موسكو وأنقرة، بخاصة في ظل ما يتواتر عن محاولات روسية لتجنيد مقاتلين سوريين في الجنوب السوري (معارضون أجروا تسوية برعاية روسيا منذ منتصف عام 2018)، فضلا عن تعزيز العلاقة بين حكومتي الأسد وحفتر، حيث أرسلت الاخيرة عناصر عسكرية وصلت سوريا مؤخراً للتدرب على قيادة طائرات مروحية روسية من طراز "مي-25" في مطار الضمير العسكري، وفق ما أفاد به موقع "نيوز ري" الروسي.
رغم اعتبار المساعي الروسية بإرسال مقاتلين سوريين إلى ليبيا تطورا لافتا ومؤشرا على احتمالية ارتفاع حدة التوتر بين "الشريكين المتنافسين" (روسيا و تركيا)، غير أن إرسال مقاتلين سوريين إلى هناك ليس بالأمر الجديد، حيث سبق لتركيا أن ساهمت بوصول مقاتلين سوريين من بعض فصائل الشمال السوري المدعومة من قبل أنقرة.
اقرأ أيضاً: بعد شهر من مقتل أول العناصر السورية في ليبيا… هذه آخر التطورات
وتحدثت الأمم المتحدة في كانون الثاني الماضي عن رصد العديد من طائرات نقل، وصلت بالفعل إلى مطارات ليبية في شرق البلاد وغربها، تحمل أسلحة ومعدات قتالية وكذلك مقاتلين، ترى الأمم المتحدة إنها تهدد بإغراق البلاد في موجات من العنف و جولات جديدة من القتال.
هذا و لم تعُد العلاقات بين حكومتي حفتر والأسد سراً، بخاصة بعد استئناف عمل السفارة الليبية التي سلمّت لحكومة طبرق، أوائل شهر آذار الفائت في دمشق.
وقد جاءت زيارة وفد خارجية حكومة طبرق الليبية إلى دمشق؛ مطلع الشهر الماضي، في توقيتها كرسالة سياسية إلى أنقرة موجهة من قبل النظام السوري والجانب الليبي الذي يتزعمه المشير خليفة حفتر، بخاصة وأن الأخير يخوض معركته في طرابلس ضد قوات حكومة "الوفاق" المدعومة من أنقرة.
وقد شدد -آنذاك- نائب وزير خارجية حكومة النظام السوري، فيصل المقداد، خلال مراسم إعادة افتتاح السفارة الليبية على أن "عودة العلم الليبي مرفرفا في سماء سوريا مقدمة طبيعية لعودة أعلام أخرى".
الملف السوري يراوح في المكان بسبب ليبيا؟
الباحث السياسي، إبراهيم ناصر، رأى خلال حديثه لـ "روزنة" أن مسألة تداخل الملفين الليبي و السوري ستؤدي إلى حدوث مقايضة بين الروس و الأتراك، فأنقرة ستعمل على التأكيد بأن الملف السوري يخص أمنها القومي.
وتابع: "ربما يقدم الأتراك تنازلات للروس بحيث يحفظوا الشريط الحدودي، لكن المصلحة التركية في ليبيا هي مصلحة اقتصادية في المقام الأول، وسياسية في المقام الثاني، وبالتالي فإن الحفاظ على حكومة الوفاق سيضمن موقع تركيا في الإقليم، و إذا ضعفت قوة حكومة الوفاق فإنه سيتراجع نفوذ تركيا في المنطقة".
الكاتب والمحلل السياسي زكريا ملاحفجي، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أنه ورغم وجود صراع روسي تركي في ليبيا، غير أنه اعتقد بوجود فصل بين الملفات السورية والليبية لدى كل من الجانبين اروسي والتركي.
فيما لم يستبعد تأثير الصراع على الصعيد الاستراتيجي بين الطرفين في الإطار العام لعلاقاتهما، وتابع "عندما تكون الملفات متفقة في أكثر من منحى فهذا يشجع على تعزيز العلاقات، أما إذا كانت هناك خلافات في أي ملف سيؤثر تعقيداً على استراتيجية العلاقات، لذلك فإن الملف السوري يراوح في المكان وأقرب ما يكون لحالة التصادم والحذر والقلق بين الجانبين، وليس هناك سير بأي اتجاه، والأمور في حالة استعصاء".
ونوه ملاحفجي إلى أن الروس نقلوا بالفعل أول مجموعة مقاتلين سوريين إلى ليبيا "أرسلوا (الروس) مجموعة مقاتلة سورية إلى ليبيا، قبل أن يتذمر مقاتلون آخرون كانت روسيا تسعى إلى نقلهم لليبيا… وصول المقاتلين من قبل روسيا بحجة أنهم سيعملون في ليبيا لحماية شركات نفطية روسية هناك".
قد يهمك: ماذا تريد دمشق من تفعيل علاقاتها مع حكومة شرق ليبيا؟
وتعيش ليبيا حالة صراع داخلي منذ الإطاحة بـ معمر القذافي بانتفاضة شعبية دعمها حلف شمال الأطلسي عام 2011، لكنّ الصراع مُنذ بداياته لم يكن صراعا داخليا مقتصرا على طرفين ليبيين أو أكثر، إنما لعب عامل التدخل الإقليمي والدولي في الصراع الدور الأكبر في إطالة أمده وتعطيل التسوية السياسية والابتعاد كثيرا عن تحقيق السلم الأهلي.
مُنذ سنوات، وبعد فشل الأمم المتحدة في فرض اتفاق "الصخيرات" لعام 2015 ووضعه في حيز التنفيذ لوضع حد للحرب الأهلية التي تفجرت في 2014، ازدادت حدة الصراع الداخلي المسلح ضراوة، لتتخذ شكلا من أشكال الحروب بين جيشين نظاميين تابعين لدولتين اثنتين، قوات "الجيش الوطني الليبي" بقيادة خليفة حفتر التابعة للحكومة المؤقتة (غير معترف بها دوليا) ومقرها طبرق في الشرق الليبي، وقوات حكومة الوفاق الوطني (المعترف بها من الأمم المتحدة)، ومقرها العاصمة طرابلس غرب ليبيا.
ويعيش المجتمع الدولي حالة من اليأس من إمكانية إحلال السلام في ليبيا بعد فشل مؤتمري موسكو وبرلين أوائل هذا العام.
الكلمات المفتاحية