تقارير | 7 04 2023

"مسلسل ابتسم أيها الجنرال يتحدّث بكل وضوح عن عائلة الأسد، نقاط التشابه بين المسلسل والواقع كثيرة، وهو ليس من وحي الخيال كما أعلن صنّاع العمل"، يقول ياسين الأخرس، أحد متابعي العمل الدرامي.
ويضيف: "جميعنا نعلم من المقصود في المسلسل، رغم أنّ العمل جريء لكن المشاهدين كانوا ينتظرون تسمية الأمور بمسمياتها، وهو الشيء الوحيد الذي ينقص العمل".
مع بدء عرض المسلسل في رمضان الحالي، اختلفت آراء المشاهدين بين من رأى أن المسلسل مرتبط بآل الأسد بشكل وثيق، فهو يحكي قصة استلام عائلة الأسد لمقاليد الحكم في سوريا والكثير من الديكتاتورية المعروفة عنهم، وبين من يرى أن المسلسل يحكي قصة ديكتاتور بالشكل العام ليس إلا، ولا علاقة له بعائلة الأسد.
وبرأي "الأخرس" أن المسلسل يتحدث بلا شك عن عائلة الأسد وكيف استلمت مقاليد الحكم في سوريا، "المسلسل بالمنظور العام يحكي عن رجل ديكتاتوري ورث الحكم عن والده، عن دولة مخابراتية، حكمت الشعب بالحديد والنار، عن جيش ومخابرات يقتلون يفجرون يورّطون الناس بقصص أخلاقية ومخدرات".
يوضح أن كل تلك الأمور موجودة في المسلسل وتنطبق على عائلة الأسد، وفق قوله.
ومنذ الإعلان عن المسلسل قبل عرضه بشهور، توقّع الكثيرون أن العمل يتحدث عن عائلة الأسد، لكن صنّاع العمل أكدوا منذ بدء عرضه بعد شارة كل حلقة أنّ "جميع شخصيات المسلسل وأحداثه من وحي الخيال، وأي تشابه بينها وبين شخصيات حقيقية هو من قبيل المصادفة".
ودار نقاش بين ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي أن الشركة لجأت إلى كتابة "من وحي الخيال" لتجنب أي ملاحقات قانونية محتملة، ولجعل العمل في إطار الدراما وليس سرد تفاصيل أحداث تاريخية، وبالتالي يصبح العمل مشوّقاً بعيداً عن التوثيق.
فراس الأسد يعتذر لمؤلف العمل!
قد لا يكون "ابتسم أيها الجنرال" من وحي الخيال كما يقول صنّاع العمل، ولا سيما أن كاتبه سامر رضوان طلب من فراس رفعت الأسد، ابن عم رئيس النظام بشار الأسد قبل سنوات المساعدة من أجل كتابة الأحداث الحقيقية التي حصلت بين والده رفعت وعمه حافظ الأسد.
وتحدّث رفعت الأسد عبر منشور على فيسبوك على مسلسل "ابتسم أيها الجنرال" وكيف طلب منه سامر رضوان المساعدة لبناء أحداث حقيقية.
وأوضح فراس الأسد أن سامر رضوان تواصل معه في شهر آب من عام 2019، وأخبره أن حكايته الشخصية وما كتبه عن الخلاف بين حافظ ورفعت الأسد حرّض لديه الرغبة في ترجمة ذلك إلى عمل درامي وطلب مساعدته في ذلك.
وكان رد فراس الأسد أن اعتذر من رضوان شارحاً له بعض الأسباب، وبعد فترة قصيرة عاد الكاتب للتواصل معه في محاولة أخرى للحصول على مساهمته في هذا العمل الذي كان قد أنجز منه أربعة حلقات فقط، ولكنه "اعتذر منه مجدداً".
وأشار إلى أنّ اعتذاره حينها جاء في فترة ما وصفه الهجوم العلني عليه من آل الأسد آنذاك "كان على أشده، بكل ما يحمله ذلك من معان ودلالات على المستوى الأمني".
وتساءل: "هل كان العمل ليخرج بطريقة أكثر موضوعية و أقرب إلى الواقع لو أنني ساهمت في تشكيله؟ نعم، بكل تأكيد".
اقرأ أيضاً: "كأنه حقيقة".. حزن واسع على الراحل شادي زيدان في "زقاق الجن"
وقدّم فراس الأسد اعتذاره لمؤلف العمل سامر رضوان و جميع السوريين على تردده في هذا الأمر، قائلاً: "أتحمل مسؤوليتي كاملة عن ذلك، فأنا لم يخطر ببالي قط أن هكذا رواية، عن حافظ ورفعت الأسد، يمكن أن تجد لها جهة إنتاج، و ما زلت حتى الساعة لا أصدق كيف حصل ذلك".
ولفت أنه "سيواكب المسلسل بأكثر من منشور على سبيل التعويض، واضعاً ملاحظاته عليه ومصوباً لبعض القضايا، و مضيفا بذلك بعداً توثيقيا صغيراً لهذا العمل الاستثنائي، و خصوصاً فيما يتعلق بالخلاف بين الأخوين".
لا صلة بالعائلة الحاكمة
محمد وانلي، متابع للمسلسل أيضاً، له رأي مختلف، فيرى أنّه لا يتكلم عن عائلة الأسد "لا من قريب ولا من بعيد".
وباعتقاده أنّ "الناس تتوقع ما تتمناه، تتمنى أن يكون العمل عن بيت الأسد، فيجدون إسقاطات تتطابق مع أفكارهم بأن هذا العمل عن النظام وعن الثورة وعن الأسد".
ويشير وانلي أن العمل إن تم النظر إليه بشكل حيادي فهو "لا علاقة له لا بالنظام ولا بالثورة السورية".
المسلسل برأي وانلي يتحدث عن "دولة وهمية ورئيس وهمي ومخابرات وهمية موجودة في مكان ما لا علاقة له لا ببشار الأسد ولا بشقيقه ماهر ولا بعائلة الأسد".
خليط بين حقبتي حافظ وبشار
يتابع محمد، 54 عاماً، المسلسل لأنه يحكي القصة التي عاشاها السوريون وعانوا منها جميعاً، يقول: "المسلسل خليط بين قصّة حافظ الأسد ورفعت الأسد إضافة لبشار الأسد وإخوته بطريقة مختلفة عما عرفناه نحن، لكنها تدل بصورة واضحة عليهم".
ويضيف: "هو مسلسل يحكي حكاية تخص حكم السوريين طيلة 50 عاماً، أما هو بحد ذاته كمسلسل من الناحية الفنية والإخراجية ضعيف، إضافة إلى أن أداء الأدوار لم يكن مقنعاً بالنسبة لي".
مكسيم خليل بطل المسلسل، كتب تغريدة منتصف عام 2022 قال فيها إنّ ما يتم تداوله حول مسلسل "ابتسم أيها الجنرال" ارتجالات عارية عن الصحة.
وأضاف في ظل نشر معلومات حول تأديته شخصية بشار الأسد: "أي معلومات أو تفاصيل تخص هذا العمل سيتم الكشف عنها لاحقاً من خلال الكاتب سامر رضوان أو المكتب الإعلامي للشركة المنتجة".
مايتم تداوله حالياً في بعض مواقع التواصل حول موضوع مسلسل #ابتسم_ايها_الجنرال ارتجالات عارية عن الصحة.
— maxim khalil (@MaximKhalil) June 6, 2022
أي معلومات أو تفاصيل تخص هذا العمل سيتم الكشف عنها لاحقاً من خلال الكاتب #سامر_رضوان أو المكتب الاعلامي للشركة المنتجة.
وجب التنويه.
"ابتسم أيها الجنرال" من ﺇﺧﺮاﺝ عروة محمد، وتأليف سامر رضوان، وبطولة مكسيم خليل وعبدالحكيم قطيفان وريم علي ومازن الناطور وعزة البحرة وسوسن أرشيد.
ويحكي المسلسل قصة أسرة حاكمة متجبرة استولت على مقاليد الحكم في البلد، وينشأ صراع بين شقيقين، أحدهما ورث كرسي الرئاسة عن والده، ويتمركز محور الصراع خلال مشاهد المسلسل حول السلطة والنفوذ دون مراعاة مصلحة البلد حقوق المواطنين.
شخصيات متطابقة
العديد من الوقائع التي حدثت في "ابتسم أيها الجنرال" كانت حاضرة في سوريا أيضاً، مثل المنافسة على السلطة والنفوذ، والصراع الأخوي في العائلة الحاكمة، العلاقة مع البلد الجار والاغتيالات وكيفية التهرّب منها، بحسب متابعين للمسلسل على وسائل التواصل الاجتماعي.
كما يحتوي المسلسل، وفق رأي المتابعين، على إيحاءات هي إسقاطات سياسية، مثل مصطلح "بالروح والدم معك"، التي يستخدمها المؤيدون للنظام السوري، إضافة إلى نظام التوريث وقصة العائلة التي استولت على البلد.
وكثيراً ما طابق المشاهدون بين شخصية فرات التي يؤديها مكسيم خليل، مع شخصية رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وشخصية عاصي تمت مطابقتها مع ماهر الأسد قائد "الفرقة الرابعة" في "الحرس الجمهوري"، وشخصية الأم التي تؤديها عزة البحرة، تمت مطابقتها مع أنيسة مخلوف زوجة حافظ الأسد، وشخصية ريم علي مع أسماء الأسد وغيرها.
وكمثال لأحد المشاهد في الحلقة الـ(14) من المسلسل قال رئيس الدولة فرات، الذي يواجه بوادر أزمة داخلية دعا لإخمادها من خلال الدعس على كل من يرفع رأسه من الشعب: "يموت شوية مدنيين مو مشكلة، وحتى الحجر بيرجع بيتعمّر"، وهو ما يعتبره مشاهدون مطابقاً للواقع السوري.
على عكس ما اعتبره الكاتب السوري فؤاد حميرة، والذي رأى أن المسلسل يصوّر الديكتاتور في كل مكان، ولم يقصد شخصاً بعينه.
يقول حميرة، إنّ "سامر رضوان مؤلف العمل اختار صناعة رمز للديكتاتوريات كلها تاريخياً ومكانياً، وهذا من أبسط حقوقه من حيث قصد التوسع في رسم صورة المستبد دون اللجوء إلى تحجيمها بشخص بعينه".
وأضاف: "وهذا برأيي توسيع للفكرة يلجأ إليه كاتب مبدع في حجم سامر رضوان الذي استفاد من بعض الوقائع المعروفة لدى العامة فأسقطها على الرمز الذي اختاره بصباغة عبقرية جلبت له الكثير من الحسد والحاسدين".
ورغم الانقسام بين الجمهور السوري حول العمل، إلا أنّ البعض وصفه بـ"ثورة في الدراما السورية" لجرأته في طرح موضوع السلطة والحكم والتنازع على النفوذ.