تقارير | 25 05 2020
شفق كوجك - زياد الحلبييلاحق أبو محمد أحد رجال الدفاع المدني كل صباح أصوات البراميل المتفجرة أو الصواريخ والقنابل، يخاطر بحياته، لإنقاذ سكان منطقته بحلب، ويحاول إنقاذهم من تحت الأنقاض.
لا يبالي أبو محمد أحد بأي خطر، أو قصف متكرر، حيث يبذل كل طاقته في عمله بالدفاع المدني، بعد أن ترك مهنته السابقة، الخياطة.
"لا نشبه أي دفاع مدني في العالم"
لا تتوقف تضحيات أصحاب الخوذ البيضاء في أرجاء مدينة حلب، فرغم ضعف الإمكانيات يتواجدون في المكان المطلوب، ينقذون المدنيين ويدفنون ضحايا الحرب، ولا سيما مع استمرار قصف النظام السوري على مناطق المعارضة شرق حلب، عقب فك الحصار عنها في آب الماضي.
يقول أبو محمد: "عندما تطوعت في فرق الدفاع المدني، كنت أدرك تماماً أننا لا نشبه أي دفاع مدني في العالم، وكنت على يقين بأني ذاهب بإرادتي إلى الموت، تعرضت لضغوطات عدة من قبل عائلتي كي أتخلى عن عملي، لكنني رغم ذلك سأستمر بذاك العمل الإنساني حتى آخر نفس".
من حلاق إلى منقذ أرواح
اقرأ أيضاً: ألمانيا وفرنسا تمنحان الدفاع المدني جائزة "حقوق الإنسان ودولة القانون"
بجهود شخصية قام مجموعة من نشطاء حلب بتشكيل أول فريق للدفاع المدني عام 2013، معتمدين في رفع الأنقاض على قوة سواعدهم وأدواتهم البسيطة، دون الاعتماد على أي مصدر دعم خارجي أو معدات.
فيصل الحاج ابراهيم، انقلبت أحواله من حلاق إلى متطوع في فرق الدفاع المدني منذ بداية العمل المعارض بحلب، يحدوه الأمل في تقديم يد العون لأهالي بلاده الذين أنهكتهم الحرب، كما يقول.
"كل ما أريده من هذا العمل هو الإحساس بأنني أقدم ولو القليل لأهالي مدينتي، قتل العديد من زملائي أثناء قيامهم بمهامهم، لكني تعايشت مع خطورة عملي، ومع فكرة أنني قد أخرج ولا أعود في أحد الأيام" يوضح فيصل.
يسترجع فيصل لحظات قاسية، أبت إلا أن تستقر في ذاكرته، ففي إحدى المرات التي وصل فيها إلى أحد أحياء المدينة التي تعرضت لقصف الطيران الحربي، بدأ برفقة بعض العناصر بإخراج العالقين من تحت الركام، وكان لابد لأحد منهم أن يخاطر بحياته بغية إنزال أحد الجدران التي كانت على وشك الانهيار حتى لاتودي بالمزيد من القتلى، فتطوع زميل وصديق له للقيام بتلك المهمة، إلا أنه لم يعد، وفقد حياته جراء ذلك، يتابع فيصل بأسى: "أحزنني الموقف كثيراً، فقد انتشلت جثة صديقي بيدي هاتين".
إصرار
لا يعرف الخوف طريقاً إلى قلب خالد، مع مرور أكثر من ثلاثة أعوام على تطوعه في فرق الدفاع المدني بحلب، فما زال مصراً على إكمال ما بدأ به رغم إلحاح عائلته للتخلي عن عمله الحالي.
يضيف خالد: "تغلبت على خوفي وانتسبت للدفاع المدني، أعاني كثيراً مع عائلتي والتي تخاف أن أفارق الحياة بسبب خطورة عملي، إلا أن الإنسان لن يصيبه إلا ماقدر له، وبإذن الله سأبقى مستمراً في عملي حتى نهاية الثورة".
أكثر من 56 ألف شخص، كانت حصيلة المدنيين الذين أنقذهم الدفاع المدني في سوريا العام الماضي، بحسب تقديرات منظمة "سيريان كامبين"، والتي دعت من خلال حملة أطلقتها مطلع شهر آب الماضي، إلى دعم ترشيح مؤسسة الدفاع المدني لنيل جائزة نوبل للسلام عام 2016.