تقارير وتحقيقات | 10 04 2025
روزنة
بعد موجة الغضب الواسعة والمطالبات بإقالة وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال شادي الويسي، عادت الوزارة لدائرة انتقاد واستنكار سوريين ومحامين وناشطين، بسبب بقاء قاضيين سابقين على رأس عملهما، ومصافحة وزير العدل مظهر الويس لأحدهما.
وجاءت الحملة بعد ثلاثة أيام من تسلم "الويس" حقيبة وزارة "العدل" ضمن الحكومة الجديدة، بسبب حضور قاض لاجتماع معه وبقاء آخر على رأس عمله في حلب، إذ سبق أن أثار تعيين الوزير الجديد انتقادات واسعة كونه طبيب وأحد أبرز شرعيي "هيئة تحرير الشام" سابقاً.
مصافحة بدل التحقيق والمحاسبة!
ظهر وزير العدل الجديد مظهر الويس في صورة وهو يصافح رئيس النيابة العامة بمحكمة الإرهاب سابقاً، عمار بلال، خلال استقبال "الويس" لقضاة وموظفي الوزارة في دمشق، أول أمس الثلاثاء.
وأثار بقاء عمار بلال على رأس عمله واستقباله من وزير العدل الجديد، موجة غضب واستنكار واسعة عبر مواقع التواصل، أمس الأربعاء واليوم الخميس، لدور "بلال" حسب اتهاماتهم بمسؤوليته على اعتقال سوريين وخسارة بعضهم لحياتهم في معتقلات النظام السابق.
وكتب المحامي السوري عارف الشعال عبر حسابه في فايسبوك: "وزير العدل الدكتور مظهر الويس (سلفي، جهادي، طالباني) كما يصفه معارضوه!! يصافح أعتى خصومه القاضي الأستاذ عمار بلال أحد أشد المدافعين عن الرئيس الخائن ونظامه البائد".
واعتبر "الشعال" مستنكراً أن "الصورة ولا بالخيال" باعتبار عمار بلال "كان رئيساً للنيابة العامة بمحكمة الإرهاب ولم يقصّر نهائياً بملاحقة الثوار والمعارضين للنظام بكل ما أوتي من صلاحيات!!".
وعبرت الناشطة ياسمين بنشي عن غضبها بمنشور تهكمي، حيث كتبت إنها تنتظر العدالة ومحاسبة مجرمي الحرب، لكن جاءتها المفاجأة بمصافحة وزير العدل لعمار بلال، بتجاهل للمعتقلين ومحاسبة المجرمين الذي حكموا بإعدامهم أو وافقوا على قتلهم تحت التعذيب.
بدوره، اعتبر مدير المركز السوري للعدالة والمساءلة محمد العبدالله، أن عمار بلال كان ينفذ أوامر علي مملوك "حرفياً" وأوامر المخابرات بمحكمة الإرهاب "وهو مبسوط ومشجع وأدى دوره بانتهاك أرواح وسنوات المعتقلين على أكمل وجه"، على حد تعبيره.
وتساءل "العبد الله" عن سبب بقاء "بلال" رئيس النيابة السابق في محكمة الإرهاب بعد تأسيسها، دون أي مساءلة قانونية، قائلاً: "هذا الشخص مو بس ليش على رأس عمله ومبسوط عم يصافح وزير العدل، هذا الشخص ليش مانه قيد التحقيق والمحاسبة؟؟".
وعلقت الصحافية زينة شهلا على الصورة بتساؤلات حول "نسيان" وزير العدل سرقة "محكمة الإرهاب" لسنوات من حياة السوريين ومصادرة ممتلكاتهم ومنعهم من السفر وتوظيف "جيش من السماسرة" لاستنزاف أهالي المعتقلين لسنوات طويلة مادياً ومعنوياً.
واستنكرت متسائلة: "هيك عادي؟ (...) عادي مننساها؟".
"خطوة غير مسبوقة" من نقابة محامي حلب
أثار مقطع مصور للصحافي السوري لؤي أبو الجود من أمام القصر العدلي في حلب، موجة استنكار وغضب، بعد أن أعرب عن "مفاجأته" من وجود القاضي حسين فرحو على رأس عمله، الذي سبق أن حكم عليه وآخرين بالسجن لمدة طويلة بسبب تظاهرهم ضد النظام السابق.
وأوضح الصحفي في المقطع الذي نشره أمس، في فايسبوك: "في 2012 اعتقلت بسبب التظاهر، وحكمني حسين فرحو 22 سنة حتى خرجت بدفع كفالة مالية، وعندما كنت بالسجن هناك كثر حكمهم حسين فرحو ولا أدري إن كانوا على قيد الحياة".
وطالب الصحافي بتحرك من الحكومة الجديدة ووزارة العدل، خاتماً المقطع بقوله: "ماذا يفعل الشبيحة في مكاتبهم إلى الآن"، على حد وصفه.
وبعد ساعات من تداول المقطع، أصدرت نقابة المحامين فرع حلب، قراراً بـ"وقف الترافع أمام القاضي حسين فرحو في كافة القضايا المعروضة أمامه، وذلك لحين اتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة ضده، بما في ذلك التحقيق معه من قبل الجهات المختصة".
واتهمت النقابة "فرحو" بتورطه "في ارتكاب جرائم جسيمة ضد الشعب السوري في إطار دوره الوظيفي، والتي تمثل انتهاكاً للقيم الإنسانية وحقوق الشعب السوري في العدالة والمساواة"، مستندة على معلومات ووقائع واطلاع على تقارير وشهادت موثقة تدينه.
وأكدت النقابة في قرارها الصادر أمس، والذي نشرته عبر حسابها في فايسبوك، تجميد أي نشاط قانوني أو محاماة أمام القاضي "فرحو" من قبل المحامين الممارسين في حلب، داعية المحامين إلى الالتزام بالقرار.
واعتبرت الناشطة الحقوقية نور الخطيب أن قرار نقابة محامي حلب "خطوة جريئة"، والمقاطعة القانونية لقاضي على رأس عمله بسبب تورطه في انتهاكات "ليست مجرد إجراء داخلي بل رسالة سياسية وأخلاقية بامتياز، تعيد الاعتبار لفكرة المحاسبة من الداخل".
ورأت "الخطيب" عضوة "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن القرار يضع "مجلس القضاء الأعلى" على المحك فإما يستجيب لنداء العدالة ويحاسب القضاء المتورطين، أو يرسخ صورة القضاء كجزء من منظمة الإفلات من العقاب، وفق قولها.
وأشاد المحامي والحقوقي السوري ميشيل شماس، اليوم، بالخطوة التي وصفها بغير المسبوقة من قبل مجلس فرع نقابة المحامين في حلب، معبراً عن أمله أن تشكل "رافعة واستنهاض" لاستعادة الدور النقابي في جميع النقابات وممارسة دور رقابي هام.
واعتبر "شماس" أن قرار "نقابة محامي حلب"، سيشكل "ضغطاً على مجلس القضاء الأعلى للبدء بالتحقيق مع القضاة الذي يشتبه في ارتكابهم مخالفات جسيمة ابان عهد النظام السابق والتوغل بإصدار قرارات ساعدت النظام المخلوع في إرهاب السوريين والسوريات".
كذلك، أثنى القانوني المعتصم الكيلاني بقرار "نقابة المحامين بحلب" معتبراً أنه "تصنع التاريخ"، لاتخاذها "خطوة قانونية جريئة وغير مسبوقة (...) بموجب القرار يمنع القاضي فعلياً من أداء مهامه، مما يشكل صفعة قوية لكل من استغل القضاء أداة للقمع".
وبعد قرار نقابة محامي حلب، شارك الصحفي لؤي أبو الجود النص، وكتب: "أملنا كبير بالدولة الجديدة".
وسبق أن أثيرت موجة استنكار واسعة لدعوة وزارة العدل في حكومة تصريف الأعمال، القضاة ومحامي الدولة والعاملين في الوزارة ممن انشقوا أو فُصلوا بسبب مواقفهم من الثورة السورية، إلى تقديم طلبات للعودة إلى وظائفهم السابقة.
ورأى كثيرون بعد القرار في آذار الماضي، أن شروط العودة لا تضمن استقلال القضاء، بل جاءت أشبه بـ"محاكمة جديدة" لمن قرروا الانشقاق سابقاً، و بخاصة مع اشتراط تقديم "إثبات الانشقاق" وتوضيح الأعمال التي زاولوها منذ مغادرتهم مواقعهم الرسمية.
وطالب سوريون وحقوقيون بإقالة شادي الويسي وزير العدل السابق، بسبب قرارات أصدرها، داعين إلى تعيين وزير آخر من ذوي الاختصاص والخبرة والكفاءة.
ومطلع كانون الثاني الفائت، انتشرت مطالبات على مواقع التواصل الاجتماعي، بإقالة الويسي، بعد انتشار فيديوهات، يظهر فيها أثناء إشرافه على عمليتي إعدام لسيدتين في عام 2015.
