تقارير وتحقيقات | 22 03 2025

أثارت الراهبة أغنيس مريم الصليب، رئيسة دير ماريعقوب المقطع في بلدة قارة بريف دمشق، غضباً واسعاً بين السوريين، وخصوصاً بعد ظهورها مؤخراً في لقاء مع القائم بوزارة الصحة السورية ماهر الشرع.
ويأتي هذا الغضب في وقت يتّهم فيه سوريون الراهبة بدعمها لحكومة النظام السوري السابق، مما دفع العديد، بما فيهم شخصيات مسيحية ومحامون، إلى المطالبة بطردها من البلاد ومحاسبتها على مواقفها.
من هي الأم أغنيس؟
تعرف بعدة أسماء "أغنيس مريم الصليب" و"فادية اللحام" و"أغنيس مريم دي لاكروا"، هي رئيسة دير القديس يعقوب المقطع للروم الملكيين الكاثوليك في بلدة قارة في محافظة ريف دمشق، وفق "الذاكرة السورية". ومؤسسة "جمعية ابن الإنسان" الإنسانية الإغاثية العاملة في لبنان.
أغنيس من مواليد عام 1952 في بيروت، والدها فلسطيني نزح من الناصرة عام 1948، ووالدتها لبنانية.
في مراهقتها، شعرت بخيبة أمل في المجتمع وانضمت إلى حركة الهيبيز (حركة ثقافية واجتماعية نشأت كرد فعل على الحروب والعنصرية والتقاليد المحافظة)، وسافرت معهم حول العالم.
تقول، وفق موقع "maryakub": "عندما بلغت الثالثة عشرة أو الرابعة عشرة من عمري، تمردت وانفصلت عن المجتمع، كان ذلك عام 1967 عندما بدأ الهيبيون يتوافدون إلى بيروت من جميع أنحاء العالم".
تعلمت في دير للراهبات الفرنسيات، ثم أصبحت راهبة في "رهبنة كرملية" في عام 1971، وانتقلت إلى سوريا بعد عام 1994.
اتهمت أغنس بضلوعها في مؤامرة لحكومة النظام السوري السابق لقتل الصحفي الفرنسي جيل جاكي الذي قضى في حمص خلال عام 2012.
اقرا أيضاً: بعد 14 عام من انطلاق الثورة.. هكذا سقط النظام السوري
كانت مناهضة للثورة السورية، ولفتت الأنظار لأول مرة بعد الهجوم بالأسلحة الكيميائية على الغوطة الشرقية بريف دمشق عام 2013.
وحاولت خلال لقاءات إعلامية اتهام ناشطي المعارضة السورية بأنهم قاموا بتلفيق مقاطع الفيديو التي تظهر ضحايا مجزرة هجوم الغوطة الكيميائي في 21 آب 2013، وقد استُخدمت هذه الفيديوهات كدليل رئيسي من قبل المجتمع الدولي لتأكيد مسؤولية قوات النظام عن الهجوم.
ورد على مزاعمها، بيتر بوكارت، مدير الطوارئ في منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي أصدرت عدة تقارير مفصلة عن سوريا: "لا يوجد أساس للمزاعم التي قدمتها الأم أغنيس (...) إنها ليست خبيرة متخصصة في التسجيلات المصورة، لم نجد أي أدلة تشير إلى أنه تم تزييف أي من التسجيلات".
ووفق تقرير لـ"هيومن رايتس ووتش" في أيلول عام 2013، إن هجومين منفصلين بالأسلحة الكيميائية استهدفا غوطتي دمشق الشرقية والغربية، في صباح 21 آب عام 2013، أسفرا عن مقتل مئات المدنيين بأعداد كبيرة. وقالت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" إنّ النظام السوري شن هجمات استخدم فيها ما لا يقل عن عشرة صواريخ محملة بغازات سامة ما أدى لمقتل 1144 شخصاً اختناقاً، بينهم 99 طفلاً.
في أواخر عام 2013، قامت الأم أغنيس بجولة في الولايات المتحدة وزارت أوروبا لتقديم رواية دعاية النظام عن الحرب في سوريا، بتنظيم من "حركة التضامن السورية"، وهي منظمة غير ربحية مقرها كاليفورنيا أنشئت بغرض دعم النظام في الولايات المتحدة، وفق "الذاكرة السورية".
وبعد أن تصاعد دورها في مناهضة الثورة السورية، كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في أيلول عام 2013، بأن الأم أغنيس قد زارت إسرائيل واجتمعت مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية طلباً لدعم وحماية بشار الأسد.
وقالت الصحيفة، إنّ أغنيس أعربت عن خشيتها من هجوم أمريكي على سوريا وأن يلحق كارثة بسوريا والمنطقة بأسرها. وأضافت نقلاً عن أغنيس آنذاك: "يوجد اليوم في سوريا 150 ألف مقاتل جهادي مدرّب تدريباً عالياً من 80 دولة، بأسلحة تلقوها من السعودية والأردن وتركيا، وحتى من الولايات المتحدة. وإن بعضهم في حالة تخدير، نتيجة تناولهم حبوب الكبتاغون".
ومنذ ذلك الوقت يشير إليها منتقدوها بسخرية على أنها "راهبة الأسد"، متهمين إياها بالانحياز إلى حكومة النظام السابق، لتظهر مؤخراً وتنفي: "أنا لست راهبة الأسد، قصفني 3 مرات بالهليكوبتر".
اقرأ أيضاً: "الطائفة السورية لبعض".. تضامن أهلي ومحاولات محلية للملمة جراح الساحل السوري
مواقفها بعد سقوط النظام؟
خلال مقابلة مع "bbc" مطلع العام الجاري، قالت أغنيس، إن "سوريا تتوجه نحو حكم ديني" وأنهم مازالوا في حالة ترقب للوضع في سوريا في ظل الإدارة الانتقالية، التي "تقول شيئاً تطمئن به المواطنين وتعمل أموراً تثير الخوف" وفق قولها.
وانتقدت الأم أغنيس، خلال لقائها مع الإعلامي طوني خليفة، قبل أيام، ما حدث في الساحل السوري مؤخراً، ووصفته بأنه "تمرد" نتج عنه مجازر بحق السوريين، والدولة اتخذت قراراً بمواجهة هذا التمرد، وفق قولها، متّهمة "فصائل مسلحة متدربة غير سورية بارتكاب مجازر في الأماكن السكنية في الساحل السوري".
ومنذ السادس من آذار الجاري، بدأت أحداث دامية بعد مقتل عناصر الأمن العام ومدنيين في هجمات عناصر مرتبطين بالنظام السابق "الفلول"، تبعها ارتكاب جرائم وانتهاكات. ووفق تقارير إنّ الدوافع "انتقامية وطائفية" ضد المدنيين في قرى وبلدات الساحل، كانت على يد عناصر من "الفصائل والتنظيمات غير المنضبطة التي تتبع شكلياً وزارة الدفاع"، حسب ما أسمتها الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
وعندما سئلت أغنيس خلال اللقاء عن سبب عدم إدانتها للانتهاكات التي ارتكبها بشار الأسد بحق السوريين خلال السنوات الماضية أجابت: "كنت أول من طالب الأسد بالمعتقلين وحرية الرأي".
وأضافت: "نحن فريق دير مار يعقوب، فريق لكل سوري وكل إنسان يتعذب، لا يوجد عندنا مواقف سياسية، عندنا مواقف استشهادية".
انتقادات لاذعة ودعوات للمحاسبة
انتقد سوريون بينهم محامون، دعوة الأم أغنيس إلى تقسيم سوريا عبر تدخل روسيا وإسرائيل.
وبرّرت أغنيس خلال لقائها مع الإعلامي طوني خليفة، تصريحاتها الداعية إلى دخول إسرائيل بقولها: "قلت للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وللرئيس الأميركي دونالد ترامب وإسرائيل، كفى، بدكن تقسموا تعالوا قسموا، بس حاج تقتلوا الأبرياء".
المحامي السوري ميشال شماس، دعا عبر منصة "يوتيوب" المحامين السوريين إلى رفع دعوى ضد الأم أغنيس، من أجل محاسبتها على "موقفها المعادي لسوريا والتحريض على تقسيمها وتحريض إسرائيل للتدخل في سوريا" ولكونها "راهبة داعمة لبشار الأسد وحكومته في أوروبا والعالم" سابقاً، وفق قوله، كما طالب بطردها من سوريا.
وتابع: يجب أن تطرد من سوريا، ليس لأنها لبنانية وتحمل جنسيات أخرى، بل لمواقفها التحريضية ضد السوريين والدولة السورية".
وهاجم أيضاً راهب سوري الأم أغنيس لكونها طالبت إسرائيل بالتدخل في سوريا، وطالب رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، "للمساعدة في حل القضية التي بدأت تثير القلق وبوادر الفتنة بين السوريين" وفق قوله.
اللقاء مع وزارة الصحة السورية.. إشارات استفهام
إضافة لذلك انتقد سوريون استضافة وزارة الصحة السورية ولقائها مع ماهر الشرع، وزير الصحة، لها رغم كل تصريحاتها التحريضية، وفق قولهم.
وأعلنت "وزارة الصحة السورية" أمس الجمعة، أن القائم بأعمال وزارة الصحة ماهر الشرع التقى مع رئيسة دير مار يعقوب الأم "أغنيس مريم الصليب" لبحث سبل تعزيز التعاون في القطاع الصحي، والتأكيد على أهمية المستشفيات المتنقلة لدعم المنكوبين والمتضررين.
وبعد سيل الانتقاد الحاد من سوريين عبر منصات التواصل الاجتماعي حول اللقاء، ومطالبات لوزير الصحة بتقديم بيان اعتذار، حذفت وزارة الصحة الخبر عبر معرفاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ماهر قصاب، علّق عبر فيسبوك قائلاً: "استقالة وزير الصحة ماهر الشرع مطلب حق
بعد مقابلة الوزير مع الراهبة أغنيس و التي أنكرت مجازر الكيماوي و هاجمت أبناء الثورة السورية و شهداءها و حرضت ضدهم".
وتابع: "من المعيب أن نرى وزير الصحة و شقيق رئيس الجمهورية يجلس مع شريكة الإجرام تلك، و بكل وقاحة يتم نشر صورهما سوية على حسابات وزارة الصحة، هذا بحد ذاته استهتار بمشاعر ذوي ضحايا المجازر الكيميائية و استهانة واستخفاف بالشهداء".