أزمة سكن حادة في حمص: ارتفاع الإيجارات يفاقم معاناة السكان والعائدين

أزمة سكن حادة في حمص: ارتفاع الإيجارات يفاقم معاناة السكان والعائدين

مدينة حمص - روزنة

تقارير وتحقيقات | 19 02 2025

بلال المسدي

ارتفعت أسعار إيجارات المنازل في مدينة حمص بنسبة كبيرة تفوق دخل أغلب الأهالي، إذ بلغت ثلاثة أضعاف ما كانت عليه قبل سقوط النظام السابق، ومرد ذلك تضاعف الطلب ما رفع بدلات إيجار المنازل وسط مطالبات أهلية بتدخل الحكومة لضبطها.

وساهمت عودة المهجرين واللاجئين في زيادة الضغط على طلبات إيجارات المنازل في حمص التي تعرضت لدمار بنسبة تصل إلى 60% نتيجة قصف قوات النظام السوري السابق والمعارك على مدار سنوات بعد بدء الثورة السورية، وفق التقديرات الأولية.

وصلت إلى 800 دولار!

يتفاوت بدل الإيجار بين منطقة وأخرى وفقًا لعوامل عدة، منها موقع المنزل ومساحته ومستوى تجهيزه.

وسجلت أسعار الإيجارات بعد سقوط النظام السابق في 8 كانون الأول الفائت ارتفاعًا كبيرًا، إذ وصل بدل إيجار بعض المنازل إلى 800 دولار أمريكي شهرياً، بينما لا يتجاوز دخل أغلب الموظفين والعاملين في القطاع الخاص الـ 100 دولار، وفقا لما رصدته "روزنة".

وتتراوح بدلات الإيجار في مناطق متوسطة مثل حي القصور حوالي مليوني ليرة سورية (حوالي 200 دولار)، بينما تصل في أحياء تصف بـ"الراقية" كـ "الغوطة والدبلان والإنشاءات" إلى 4 ملايين ليرة، في ظل توفر الطاقة الشمسية في بعض المنازل ما يرفع بدل إيجارها.

قد يهمك: إيجارات المنازل في سوريا بعد سقوط النظام.. لمحة عن الأسعار والشروط

رحلة البحث عن منزل

تحدث محمد السباعي، وهو من سكان المدينة عن الفروق الكبيرة في الإيجارات قبل وبعد سقوط النظام السابق، قائلاً: "بينما كان إيجار منزلي المكون من غرفتين في حي باب عمرو يبلغ 300 ألف ليرة سورية (حوالي 30 دولار)، يتجاوز اليوم المليون ليرة سورية (100 دولار)".

وتابع، بأنّ عملية البحث عن منزل بسعر مقبول أصبح حلمًا لكل عائلة، مشيراً في حديثه لـ "روزنة" إلى أنّ دخل أغلب الناس لا يكفي للطعام والمستلزمات الحياتية الأخرى في ظل ضعف الدخل وقلة فرص العمل.

وليد، من سكان حمص أيضاً والذي فشل في إيجاد منزل يقطنه وعائلته، قال بدروه: "إن إيجاد منزل أصبح صعبًا وأغلب المنازل الموجودة هي منازل متضررة بشكل كبير وتحتاج إلى إصلاح وبأسعار كبيرة"، خصوصاً مع توقف أغلب الناس عن عملها حالياً ما جعلها دون دخل.

ومن وجهة نظر وليد، فأن عودة المهجرين والمغتربين من خارج سوريا فاقم مشكلة توفر منازل للإيجار خصوصاً في ظل قدرة المغترب على دفع بدلات إيجار مرتفعة، وفق قوله.

هذا الواقع دفع وليد وغيره من سكان حمص الذين لا يستطيعون استئجار منزل، للإقامة لدى أقارب لهم لحين تأمين عمل ومسكن.

بالمقابل، يواجه النازحون والعائدون من المخيمات صعوبة كبيرة في تأمين عمل وإيجاد منزل للإيجار.

اقرأ أيضاً: حمص.. بدء عملية تهجير أهالي حي الوعر المحاصر

أزمة السكن: قديمة-جديدة

بحسب رصد "روزنة"، فإن أزمة السكن في سوريا غير جديدة، لكنها تفاقمت بعد سقوط النظام وازدياد الطلب على المنازل بسبب عودة الناس، إلى جانب تعرض الكثير من المباني السكنية للدمار بشكل كلي أو جزئي.

وفي محافظة حمص يوجد 3082 مبنى مدمرًا كليًا، و 5750 مدمرًا بشكل بالغ، و 4946 بشكل جزئي، وبلغ مجموع المباني المتضررة 13778، وفق معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب (UNITAR).

وذكر المعهد وفق إحصائية نشرها عام 2019، أنه يوجد في مدينة تدمر الأثرية، التابعة لمحافظة حمص، 45 مبنى مدمرًا كليًا، و112 مدمرًا بشكل بالغ، و494 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 651.

أما مدينة القريتين، فيوجد 79 مبنى مدمرًا كليًا، و190 مدمرًا بشكل بالغ، و256 بشكل جزئي، ليكون مجموع المباني المتضررة 525.

ما سبب الارتفاع الجنوني؟

أعرب الاقتصادي طارق مهرات عن اعتقاده بأنّ ارتفاع إيجارات المنازل يعود في إحدى أسبابه إلى انخفاض وارتفاع سعر صرف الليرة مقابل الدولار خاصة في البلدان التي تعاني من تقلبات اقتصادية كبيرة كسورية.

وقال لـ "روزنة": "عندما تنخفض قيمة العملة المحلية ترتفع تكاليف المعيشة، ما يدفع أصحاب المنازل إلى رفع أسعار الإيجارات لتعويض الخسائر الناتجة عن انخفاض قيمة العملة المحلية".

كذلك، قلة المنازل المعروضة للإيجار تلعب دوراً أكبر من ارتفاع وانخفاض العملة السورية في تحديد إيجارات المنازل، وفق الاقتصادي "مهرات".

اقرأ أيضاً.. خبيران اقتصاديان: هذه أسباب عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية

من جانبه، يرى ناصر زحلاوي، صاحب مكتب عقاري في حمص، أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع الإيجارات يكمن في ازدياد تكاليف المعيشة، إضافةً إلى امتناع بعض أصحاب المنازل عن تأجير ممتلكاتهم خوفًا من تضررها وعدم الاعتناء بها من قبل المستأجر.

هذه الأسباب، أدت إلى قلة العروض المتاحة للإيجار ومنح الملاك حرية تحديد الأسعار التي يرغبون فيها دون وجود رقيب، وفق قوله.

وتابع حديثه، بأنّ هذه الفجوة بين العرض والطلب أدت إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، خاصةً في الأسابيع الأولى بعد سقوط النظام.

ويقترح زحلاوي، تشكيل لجان مختصة لدراسة بدلات الإيجار وفق مساحات المنازل ومواقعها، مشيراً إلى أن إعادة الإعمار ستكون خطوة أساسية للحد من ارتفاع أسعار الإيجارات ومن طمع وشجع المالكين.

وبين جشع الملاك وغياب قوانين أو ضوابط حكومية لتنظيم أسعار الإيجارات، يعاني سكان حمص خصوصاً ذوي الدخل المحدود والنازحين العائدين، من صعوبة إيجاد منزل بإيجار مقبول، وسط التضخم الاقتصادي والتذبذب في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأمريكي. 

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض