خبيران اقتصاديان: هذه أسباب عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية

خبيران اقتصاديان: هذه أسباب عدم استقرار سعر صرف الليرة السورية

تقارير وتحقيقات | 11 02 2025

نور الدين الإسماعيل

شهد سعر صرف الليرة السورية تذبذباً واضحاً خلال الفترة الماضية، في ظل وجود فارق كبير بين سعر الصرف الرسمي الصادر ضمن نشرة مصرف سوريا المركزي والسعر في السوق السوداء.

ووصل سعر تصريف الليرة السورية في السوق السوداء إلى 7500 مقابل الدولار الواحد، يوم الثلاثاء الماضي، قبل أن تعاود انخفاضها حيث وصلت إلى 9800 ليرة للدولار أمس الاثنين، وفق نشرة موقع "الليرة اليوم".

وما يزال السعر ثابتاً تقريباً في نشرة مصرف سوريا المركزي بقيمة 13266 ليرة سورية للدولار الواحد.

ليس حقيقياً

في حديث لروزنة قال الخبير الاقتصادي الدكتور فراس شعبو إن تحسن سعر الصرف خلال الأيام الماضية ليس حقيقياً ولا يعني ذلك تحسناً في الاقتصاد وإنما هو ناتج عن العرض والطلب.

اقرأ أيضاً: الليرة السورية تترنح صعوداً وهبوطاً: لعبة الصرافين تتفاقم والبنك المركزي غائب

وأوضح شعبو أن سعر الدولار الرسمي الصادر عن مصرف سوريا المركزي هو الأقرب للسعر الحقيقي، وليس كسعر السوق السوداء الذي هو ناتج عن العرض والطلب.

وأضاف: "هناك معروض كبير من الدولار يقابله انخفاض كبير من المعروض من الليرة السورية، وهو ناتج عن أن جزء كبير من الكتلة النقدية الموجودة محبوسة في المصارف".

وأشار إلى أنه "لا يمكن للأشخاص تحريك حساباتهم، وما يقارب ترليون ونصف ليرة سورية محبوسة في منصة التمويل، أي في المركزي وهي خرجت من التداول".

وبحسب الخبير الاقتصادي فإن كتلة الرواتب الخاصة بالعسكريين والجيش والشرطة والأمن، والذين تبين أنهم يتقاضون أكثر من راتب، ساهمت في انخفاض المعروض من الليرة السورية، باعتبار أن كل الكتلة كانت تضخ في السوق السورية، وتوقف اليوم بشكل كلي.

"إضافة إلى أن مؤسسات الدولة توقفت ولم يبق هناك صرف حيث بات إنفاق الدولة في الحد الأدنى لأن أغلب مؤسسات الدولة متوقفة ولم يبق هناك صرف للدولة، وهو ما أدى إلى انخفاض المعروض من الليرة السورية في السوق"، قال فراس شعبو.

في المقابل زاد الطلب على الليرة السورية في السوق، نتيجة دخول مناطق أخرى مثل إدلب والشمال السوري إلى التعامل بالليرة السورية بعد فترة من عدم التعامل بها، إضافة إلى زيادة انسيابية التعامل بالدولار، أي أن إمكانية نقله وتحويله أصبحت أكبر.

وأكد الخبير أن كل ذلك أدى إلى تحسن سعر الصرف، لكنه ليس ناتجاً عن تحسن اقتصادي وتحسن ناتج محلي وتحسن وضع الصادرات، وإنما هو تحسن ناتج عن عرض وطلب فقط، أي علاقة كمية بين عرض وطلب كلما زاد الطلب وانخفض المعروض تحسن السعر.

تحقيق مكاسب

وقال الخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر لروزنة أنه بعد سقوط النظام السابق تحسنت الليرة السورية بما يقارب 40% "ولكن غير ناتج عن تحسن اقتصادي حقيقي".

وتابع: "فحتى الآن لم يحدث أي تغيير على الأرض، فلا تطور الإنتاج ولا زادت الصادرات ولم تدخل السوق مبالغ جديدة بالدولار".

وأوضح "السيد عمر" أن سبب تحسن سعر الصرف يستند إلى عامل نفسي، وإلى مضاربات تقوم بها بعض مراكز الصرافة وبعض التجار بهدف تحقيق مكاسب من شراء الدولار بسعر منخفض.

وأضاف "السيد عمر" أن البنك المركزي لا يستطيع اللحاق بالسوق الموازي "السوداء"، كون السعر وهمي، وفي ذات الوقت لا يمتلك الأدوات النقدية الكافية لضبط السوق النقدية، ما تسبب بفجوة كبيرة بين السعر الرسمي والسعر الموازي والذي وصل في بعض الحالات إلى أكثر من 5 آلاف ليرة سورية.

وفي ما يتعلق بأسباب تذبذب الليرة فهي تعود بشكل رئيس للمضاربات الكبيرة عليها، إضافة لتوجه العديد من الأفراد لبيع مدخراتهم بالدولار على أمل استمرار التحسن وبالتالي تحقيق مكاسب.

وهذ التذبذب في العرض والطلب أدى لتذبذب في قيمة الليرة، وعلى الأغلب أن يستمر في المرحلة المقبلة، خاصة في ظل عدم امتلاك المركزي لأدوات نقدية تمكنه من التدخل في السوق، حسب "السيد عمر".

ورأى الخبير أن غياب التصريحات الرسمية من المركزي لعبت دور سلبي، فمن الضروري أن يوضح المركزي ما يحدث في السوق وأن يوضح خطته لإدارة المرحلة، وهذا الغياب عزز من تذبذب الليرة.

في ما يتعلق بمستقبل الليرة، قال: "فهذا الأمر تحكمه سياسات البنك المركزي، والتي حتى الآن وللأسف ليست فعالة بما فيه الكفاية، فلا بد من توضيحات دورية حول اتجاه السوق، ولا بد من توفير سيولة بالليرة السورية بما يحد من عمليات التحسن غير الحقيقية".

كذلك تحدث عن ضرورة التخفيف من حدة التذبذبات، والتي أثرت بشك سلبي وواضح على الواقع الاقتصادي العام في الدولة.

دور المصرف المركزي

أرجع الخبير الاقتصادي فراس فراس شعبو ما وصفه بتلاعب أفراد في السوق بسبب غياب دور مصرف سوريا المركزي، حيث أن نشرة المصرف هي نشرة وهمية ليس لها أي تأثير، كونه لا يبيع ولا يشتري وغير قادر على التدخل في السوق.

هذا ما جعل الأسواق متروكة للمضاربين والأفراد وهم من يتحكمون بسعر الصرف بشكل أساسي.

وأضاف "شعبو" أن مصرف سوريا المركزي هو مصرف عريق في المنطقة ولديه تاريخ، إلا أنه خلال الخمسين سنة الماضية غُيب عن الساحة الاقتصادية وشل بشكل تام، وكانت أدواته غير فعالة حتى تحول إلى "مكتب صرافة ومكتب تسعير"، على حد وصفه.

واعتبر أنه من خلال ذلك "لا يمكن القول إنه خلال فترة شهرين سنعيد له صلاحياته ونعيد له مهامه، للأسف الموضوع يحتاج وقتاً".

ووفق قول الخبير: "ما يزيد المشكلة هو أن المصرف المركزي ليس لديه أية أدوات فاعلة سوى النشرة التي يصدرها، حتى تصريحاته كانت مقتضبة جداً ولا يتدخل في السوق ويقيد حركة المصارف في النقل أو في تحويل الأموال".

وأردف قائلاً: "حتى نكون واقعيين هناك في الأساس عقوبات على مصرف سوريا المركزي وعلى وبقية المصارف، وقد يكون هناك مشكلة في السيولة لدى المصرف المركزي فالمصرف ليس لديه سيولة لكنهم لا يتحدثون بهذا الأمر لأنه".

وختم: "إذا استمرت سياسة حبس السيولة سنصل إلى مرحلة خنق الاقتصاد والتضييق عليه بشكل كلي".

العامل المتأخر

أشار فراس شعبو إلى ما وصفه بالعامل المتأخر الذي يعني الانتظار لرؤية ما سينتج عن السياسة الاقتصادية المتبعة.

وقال شعبو بهذا الخصوص: "في إجراءات المصارف المركزية هناك ما يسمى العامل المتأخر أو الزمن المتأخر والذي يعني أن آثار السياسات المصرفية تظهر بعد فترة من تنفيذها في زمن ما بين لحظة التنفيذ والأثر الظاهر وهذا الزمن يمتد من ثلاثة إلى ستة أشهر".

ووفق رأيه فإن المؤشرات تدل على أن هذه السياسة إذا استمرت سيتضرر الاقتصاد بشكل كلي، موضحاً "أن المعامل قد تتوقف لأن المستوردات صارت أرخص من المنتج المحلي وهي مشكلة لأننا نكون حينها قضينا على الاقتصاد والشركات والعمالة بشكل كلي".

ورغم التحسن الذي شهدته الليرة السورية خلال الأيام الماضية لم يلمس الأهالي أي تغير في أسعار المواد الأساسية، والتي حافظت على أسعارها.

وإلى حين اتباع سياسة اقتصادية واضحة تحسّن من قيمة الليرة السورية، يبقى المواطن السوري في مواجهة واقع اقتصادي متردٍ أثقل كاهله لسنوات يقابله ضعف كبير في القدرة الشرائية.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض