تقارير وتحقيقات | 15 02 2025

نظّمت "تنسيقيات الحراك العمالي"، اليوم السبت، وقفات احتجاجية سلمية في عدة محافظات، طالبت حكومة تصريف الأعمال السورية بإلغاء قرارات الفصل التعسفي والإجازات القسرية لموظفي القطاع العام.
ومنذ مطلع العام الجاري بدأت حكومة تصريف الأعمال السورية بفصل الكثيرين من موظفي القطاع العام من أعمالهم، ومنح آخرين إجازات قسرية لعدة شهور، في ظل أزمة رواتب بعد سقوط النظام السابق أواخر العام الفائت.
وخرجت الوقفة الاحتجاجية الأولى لـ"الحراك العمالي" الذي أسّسته "تنسيقية عمال التغيير الديمقراطي" قبل أسبوع، أمام اتحاد عمال محافظة اللاذقية وفي السويداء وفي دمشق وحلب، وسيتبعها وقفات أسبوعية كل يوم سبت أمام مباني اتحادات العمال في المحافظات.
وحمل المحتجون لافتات كتب عليها: "الإجازة الإجبارية غير قانونية" و"لا للتسريح التعسفي" و"حكومة تصريف أعمال مو تسريح عمال" و "همتنا عالية ما بدنا نقعد بالبيت بدنا نبني وطن" و"ليست المشكلة في القطاع العام بل في اللصوص الذين سرقوه".
فصل مئات الموظفين في مرفأ اللاذقية!
في الاحتجاج العمالي الأول بمحافظة اللاذقية، خرج 50 شخصاً، بينهم إعلاميون، أكدوا على سلمية الاحتجاجات واستمراريتها حتى تحقيق المطالب.
كمال شاهين صحفي سوري من اللاذقية، مشارك وداعم للحراك العمالي، قال لروزنة، إن الكثير من العمال بمختلف مؤسسات القطاع العام فصلوا من وظائفهم بشكل تعسفي في مختلف المحافظات.
وأضاف: "آخر مجموعة فصلت من وظائفها في مرفأ اللاذقية، أمس الجمعة، وبلغ عدد المفصولين 900 عامل موزعين ما بين موظفين مثبتين لأكثر من 20 عاماً وصولاً إلى أصحاب العقود السنوية، ولأسباب غير واضحة".
وتداول ناشطون عبر وسائل التواصل الاجتماعي منذ يومين، وثيقة صادرة عن وزير النفط والثروة المعدنية، صادرة بتاريخ 13 شباط، تنهي عقد الاستخدام للموظفين العاملين في العديد من المؤسسات التابعة للوزارة اعتباراً من مطلع الشهر المقبل، دون تحديد عدد الموظفين المفصولين.
وتتراوح رواتب موظفي مرفأ اللاذقية ما بين 20 و40 دولار بالليرة السورية (528 ألف ليرة سورية)، في وقت تحتاج فيه عائلة سورية مؤلفة من خمسة أفراد شهرياً إلى أكثر من 10 مليون ليرة سورية (أكثر من 750 دولار) تأمين الوضع المعيشي كحد وسطي و8 مليون ليرة في الحد الأدنى، وفق دراسة لـ "جريدة قاسيون".
ويعيش نصف سكان سوريا في فقر مدقع، في وقت لا تزال تشهد الليرة السورية تدهوراً مستمراً، وفق تقرير للأمم المتحدة قبل أسابيع، جاء فيه أنّ الليرة السورية فقدت عام 2023 حوالي ثلثي قيمتها، ما رفع معدل التضخم الاستهلاكي إلى 40 بالمئة خلال عام 2024.
وشدّد شاهين على أهمية "إنشاء لجان دقيقة للبحث عن العمالة الزائدة وطرق التخلص منها، وليس كما يحدث الآن (...) أكثر من مؤسسة حكومية شكلت لجاناً لتقييم الموظفين، مؤلفة من مدراء معروفين بفسادهم" وفق قوله.
خلال الاحتجاج، اشتكى أحد المهندسين من الإجراءات الحكومية الأخيرة، إذ منحته الحكومة السورية إجازة قسرية لمدة 3 شهور، بعد أن كان موظفاً مثبتاً لمدة 20 عاماً. حاول المهندس العودة للوظيفة، لكن طلب منه العودة للمنزل بحجة مخالفته قرار الوزير رغم عدم حصوله على أوراق رسمية بالإجازة، يتحدث شاهين لروزنة.
اقرأ أيضاً: تسريح الموظفين في مشافي طرطوس.. بين اتهامات "المحسوبية" وشعور "الإنصاف"
تنسيق على مستوى المحافظات
الوقفات الاحتجاجية لـ"تنسيقيات الحراك العمالي" بدأت بعد إعلان "رابطة عمال التغيير الديمقراطي" في السادس من الشهر الجاري، تشكيل تنسيقيات عمالية ديمقراطية سلمية مستقلة في جميع المحافظات، بهدف توحيد الحراك العمالي وتحقيق مطالبه.
ووفق بيان الرابطة، جاء التحرك "استجابة للأضرار الجسيمة التي لحقت بالعاملين وأسرهم بسبب القرارات الحكومية الأخيرة" التي وصفتها بأنها "متسرعة ومجحفة وبعيدة عن مصلحة القطاع العام واقتصاده وثروته البشرية".
وأكدت "رابطة عمال التغيير الديمقراطي" على سلمية واستقلالية الحراك العمالي، مشددة على مطالبه الأساسية، والتي تتضمن إلغاء قرارات التسريح والإجازات القسرية، وتشكيل لجان مستقلة لمكافحة الفساد وضمان المحاسبة العادلة.
إضافة إلى تثبيت العقود السنوية والموسمية. كما يدعو الحراك إلى إعادة هيكلة الموارد البشرية دون المساس بالعاملين، ورفع الأجور بما يتناسب مع تكاليف المعيشة، وشمول المتقاعدين بزيادات الرواتب.
ويرفض العمال نهج الخصخصة، مطالبين بدعم القطاع العام، وتشغيل المنشآت الإنتاجية المتوقفة، مع ضمان استقلالية النقابات وإجراء انتخابات ديمقراطية حرة.
وتعرّف تنسيقية "عمال التغيير الديمقراطي" عن نفسها بأنها مجموعة من العمال في القطاعين العام والخاص وناشطين نقابيين من معظم المحافظات السورية.
قد يهمك: المتقاعدون العسكريون.. بانتظار راتب شحيح لم يصل بعد
أسباب الفصل
وزراء في الحكومة الانتقالية تحدثوا لـ"رويترز" في وقت سابق، عن خططهم لإزالة عدد كبير من "الموظفين الأشباح"، وهم الأشخاص الذين كانوا يتقاضون رواتب مقابل عمل قليل، أو لا شيء على الإطلاق خلال حكم النظام السوري السابق.
نقلت الوكالة عن وزير المالية محمد أبازيد في مقابلة، قوله "كنا نتوقع الفساد، ولكن ليس إلى هذا الحد"، مضيفاً أن 900 ألف فقط من أصل 1.3 مليون شخص يتقاضون رواتب حكومية يأتون إلى العمل بالفعل، مستشهداً بمراجعة أولية.
وأضاف وزير المالية: "هذا يعني أن هناك 400 ألف اسم شبح، وإزالة هذه الأسماء من شأنه أن يوفر موارد كبيرة".
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال السورية، محمد البشير، قال في تصريحات أواخر العام الفائت، إن خزائن مصرف سورية المركزي لا يحتوي إلا على أوراق نقدية بالليرة السورية، مع الافتقار إلى السيولة بالعملات الأجنبية، ووصف الوضع المالي للبلاد بـ"البالغ السوء".
وتشهد مناطق عدة في سوريا منذ سقوط النظام السابق، احتجاجات من موظفين منحوا إجازات مأجورة لثلاثة أشهر، وآخرين فصلوا، وسط نقاش بين سوريين عن ظاهرة "الموظفين الأشباح" من يتقاضون مرتبات دون الحضور والعمل، واتهامات بقرارات "جائرة" غير مدروسة.