دمشق.. نقص المواد الطبية بمستشفى المجتهد يهدّد حياة مرضى الكلى

دمشق.. نقص المواد الطبية بمستشفى المجتهد يهدّد حياة مرضى الكلى

تقارير وتحقيقات | 28 01 2025

تقرير: محمد سليمان

"أخاف من توقّف عمليات غسيل الكلى، إن حدث هذا فخطر الموت يهدّد حياتي"، بهذه الكلمات عبّرت يسرى الناظر ، عن مخاوفها من توقف عمليات غسيل الكلى في مستشفى المجتهد بالعاصمة دمشق نتيجة نقص المواد الأولية وتعطّل الأجهزة.

ويواجه مستشفى المجتهد الحكومي أزمة غير مسبوقة في قسم غسيل الكلى، وقد يؤدي النقص الحاد في المواد الطبية والمعدات الأساسية إلى تهديد مباشر لحياة مئات المرضى.

ويقدم المستشفى خدمات الغسيل الكلوي لحوالي 700 مريض شهرياً، وهو عدد ارتفع بشكل كبير بعد سقوط النظام السابق وإغلاق عدد من المستشفيات العسكرية ومستشفيات الشرطة، مثل مستشفى تشرين العسكري،  ما جعل إدارة المستشفى في سباق مع الزمن لتأمين استدامة الخدمات الصحية.

ووفق مدير مستشفى المجتهد، محمد الحلبوني، لروزنة، فإن المستشفى يواجه حالة طارئة في قسم الكلى نتيجة الضغط الكبير الناجم بعد إغلاق بعض المستشفيات الأخرى، موضحاً أن استقبال الحالات الإسعافية مستمر على مدار 24 ساعة، حتى في أيام العطل.

نقص حاد في المواد وأجهزة معطلة

ويعتمد مرضى الكلى في العاصمة دمشق على المستشفيات الحكومية في العلاج، بسبب ضعف الإمكانيات المادية للعلاج في المستشفيات الخاصة، في ظل ارتفاع نسبة الفقر بين السوريين إلى أكثر من 90 بالمئة، وفق تقارير أممية.

ويضم قسم غسيل الكلى في مستشفى المجتهد 20 جهازاً، يعمل منها 9 أجهزة فقط بعد تعطل أحد الأجهزة مؤخراً، وفق ما قالت مصادر من داخل المستشفى لروزنة.

وكان الجهاز الوحيد المخصص للحالات الإسعافية قد توقف تماماً، مما أجبر الطاقم الطبي على تحويل الحالات الحرجة إلى ساعات الليل المتأخرة أو دمجها ضمن الجلسات الاعتيادية للمرضى.

تقول يسرى لروزنة إن تكلفة جلسات غسيل الكلى خارج المستشفى باهظة للغاية وتتجاوز قدرة معظم المرضى على تحملها، فكل جلسة في مستشفى خاص تكلف 650 ألف ليرة سورية (50 دولاراً).

وتضيف: "نحن كسوريين لا نملك الإمكانيات المادية لشراء هذه المواد، وأسعارها عادة ما تكون أعلى بكثير من رواتبنا التي بالكاد تكفينا".

ويبلغ متوسط رواتب السوريين العاملين في القطاع الحكومي 400 ألف ليرة سورية (30 دولاراً) في وقت تحتاج فيه أسرة سورية مؤلفة من خمسة أفراد إلى 9 ملايين ليرة سورية (692 دولار) في الحد الأدنى لتأمين تكاليف المعيشة شهرياَ وفق مؤشر "قاسيون لتكاليف المعيشة".

رانيا صوفاناتي ترافق زوجها لجلسات غسيل الكلى مرتين أسبوعياً، تقول لروزنة: "أي نقص في المواد الأساسية يمثل تهديداً مباشراً لحياة المرضى".

وتشير إلى معاناتهم في الأساس من نقص المواد الطبية الأخرى مثل الكحول والشاش اللاصق، إذ يضطرون لتأمينها من الخارج "لكن نقص مواد الغسيل هو كارثة لا يمكننا تحملها".

وتمنع العقوبات المفروضة على النظام السوري السابق استيراد أجهزة طبية جديدة، في إطار "الحظر التجاري".

وفي العاشر من الشهر الجاري نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً، قالت فيه إنّ العقوبات الأمريكية والأوروبية التي تهدف إلى معاقبة النظام السوري السابق منعت المستشفيات السورية من صيانة أو استيراد الأجهزة التشخيصية المنقذة للحياة، وجعلت من الصعب توفير العلاج في الوقت المناسب للمرضى والمصابين.

اقرأ أيضاً: طبيب واحد لكل 10 آلاف سوري: هل تملك سوريا اكتفاء بالكوادر الطبية؟

تخفيض جلسات غسيل الكلى

نقص مواد غسيل الكلى في مستشفى المجتهد دفع المرضى إلى تخفيض عدد الجلسات.

ويوضح الطبيب فراس عمرين، المقيم في قسم الأدوية، لروزنة أن المرضى الذين يحتاجون عادة إلى ثلاث جلسات غسيل أسبوعياً اضطروا لتقليلها إلى جلستين فقط بسبب نقص المواد.

ويعاني المستشفى من نقص في "مادة قسطرة التحال" هي أداة أساسية في عمليات الغسيل الكلوي، وفق عمرين.

كذلك يشير عمرين إلى أنّ المستشفى لا يمتلك سوى 20 قسطرة مخصصة للحالات الإسعافية، وبيّن أنّ القسطرة الواحدة التي تحتاج إلى تغيير دوري كل أسبوعين أو ثلاثة، وتكلّف المريض 350 ألف ليرة سورية إذا اضطر لشرائها بنفسه.

ويعاني الكادر التمريضي من ضغط كبير أيضاً، إذ تتولى ممرضتان فقط رعاية ما بين تسعة إلى عشرة مرضى في قسم غسيل الكلى، وفق عمرين.

قد يهمك: أطباء سوريون يستعدون للهجرة إلى ألمانيا تاركين اختصاصهم.. شهادات لروزنة

محاولات لإنقاذ الوضع

في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها القطاع الصحي في سوريا، يسعى مستشفى المجتهد

للتغلب على النقص الحاد في المعدات الطبية والموارد البشرية، رغم الإمكانيات المحدودة.

محمد الحلبوني، مدير مشفى المجتهد، بيّن لروزنة أنّ الهلال الأحمر القطري كان قد تبرع بمواد غسيل الكلى بعد سقوط النظام مباشرة، إلا أن هذه المواد نفدت سريعاً، مما اضطر المستشفى إلى طلب المساعدة من المجتمع الأهلي.

وأضاف أن هذا الدعم ساهم في تأمين جلسات الغسيل لمدة أسبوع كامل للمرضى.

وأكد الحلبوني على الحاجة الملحّة لإيجاد حلول عاجلة لإصلاح أجهزة الكلى المعطلة، وتحديث الأجهزة الموجودة حالياً، لتتمكن المستشفى من التعامل مع أعداد المرضى المتزايدة بشكل أفضل.

ويعاني القطاع الصحي في سوريا من ترهل ودمار في البنى التحتية وهجرة الكوادر الطبية على مدار سنوات من الحرب، إلى جانب نقص حاد في المستلزمات الطبية والأدوية في أغلب المستشفيات الحكومية، ما أدى إلى عجز المرضى عن التداوي وتلقي العلاج المناسب.

ومطلع الشهر الجاري قالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، مارغريت هاريس، إن هناك حاليا أكثر من 15 مليون شخص بحاجة ماسة إلى الرعاية الصحية في سوريا، بينهم ملايين السوريين النازحين داخلياً، وفق وكالة "الأناضول".

وبيّنت أنّ هناك حاجة إلى شراء كميات كبيرة من المعدات والمواد الطبية، في ظل وجود فجوة كبيرة في التمويل، لافتة إلى أنّ نظام الرعاية الصحية بسوريا تدهور منذ مدة طويلة، وأن العديد من مرافق الرعاية الصحية تعمل دون المستوى.

وزار وفد ألماني مستشفى المجتهد في دمشق، منتصف الشهر الجاري، برئاسة وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، وقدمت وعوداً بالمساعدة في إعادة بناء النظام الصحي، وفق موقع "DHN" الألماني ووكالة "سانا".

وسلطّت "روزنة" الضوء في تحقيق سابق لها تحت عنوان: "الأطباء السوريون خسرتهم بلادهم ولم تكسبهم بلدان اللجوء"، عن هجرة الأطباء السوريين إلى الخارج لإيجاد فرص عمل أو مزاولة مهن أخرى أو حتى ممارسة سرية للطب، ولكن لم يتمّ إدراجهم واحتسابهم مطلقاً كأطباء.

وبحسب لجان الصليب الأحمر الدولي يعيش 90 بالمئة من السكان في سوريا تحت خط الفقر، ما جعل عملية تهجير الأطباء عملية منظمة ومسكوتاً عنها تحت أعين السلطات الرسمية.

ووفق تحقيق روزنة، فإن الأطباء السوريين هاجروا بالآلاف خلال السنوات الماضية، إلى الأردن ولبنان وتركيا ودول الخليج، وأوروبا وأميركا الشمالية والقوقاز، وبلدان ومناطق أخرى حول العالم.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض