تقارير وتحقيقات | 19 12 2024
روزنة
شهدت مناطق سورية مختلفة سلسلة من الهجمات، استهدفت خلال يوم واحد، مرافق رياضية ودينية، حيث اندلع حريق ضخم في ملعب الحمدانية بحلب، وتعرضت مطرانية حماة للروم الأرثوذكس ومقر كنسي في القامشلي لهجمات متفرقة.
هذه الحوادث أثارت قلقاً واسعاً بين السوريين، وسط اتهامات بضلوع أطراف مجهولة تسعى لزعزعة الأمن. وتوزعت الاتهامات على فلول النظام السوري السابق، وعلى فصائل المعارضة تحت "إدارة العمليات العسكرية"، دون وجود إثبات حول هوية الفاعلين.
وتعهد أحمد الشرع المعروف بـ"أبو محمد الجولاني" قائد "إدارة العمليات العسكرية" بعد دخول دمشق وسقوط النظام السوري، بحماية حقوق الإنسان ورعاية الأقليات، في ظل شكاوى مستمرة خلال عشرة أيام، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من تعرّض الأقليات وغيرهم إلى الانتهاكات والتعديات على الأملاك.
حريق ملعب الحمدانية
أفاد الدفاع المدني في بيان، صدر فجر الخميس أن حريقاً ضخماً مجهول السبب، اندلع في ملعب حلب الدولي بحي الحمدانية، أحد أكبر ملاعب كرة القدم في سوريا. الحريق أدى إلى انهيار الأسقف المستعارة في الملعب، مما استدعى تدخل 15 متطوعاً مدعومين بخمس سيارات إطفاء وسيارتي إسعاف.
وأكد البيان عدم وقوع إصابات بشرية، دون تقديم تفاصيل إضافية.
وتداول ناشطون تسجيلات مصورة تُظهر ألسنة اللهب تلتهم أجزاءً من الملعب، وقالوا إن الحريق استهدف الصالة المخصصة لاستقبال كبار الشخصيات.
وأشارت تقارير إعلامية إلى أن الملعب كان يستخدم سابقاً من قبل النظام السوري كمخزن للمساعدات الإنسانية وقاعدة عسكرية.
وتخوّف أهالي المدينة من استمرار تلك الحوادث التي وصفوها بـ"المفتعلة"، متّهمين فلول النظام السوري السابق بتنفيذ العملية، بهدف جعل سوريا غير مستقرة. مطالبين بالتحقيق في الحادثة ومحاسبة الفاعلين.
هجوم على مطرانية حماة
أعلنت "مطرانية حماة للروم الأرثوذكس" أن حادثة إطلاق نار استهدفت مبنى المطرانية مساء الأربعاء، حيث باشرت شرطة حماة تحقيقاتها لتحديد الجناة. دون ذكر مزيد من التفاصيل، أو توجيه أي اتهام لأي طرف.
وأدان "المرصد الآشوري لحقوق الإنسان" الاعتداء، معتبراً أنه يشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الأساسية للمجتمع المسيحي. وأكد المرصد في بيانه، ضرورة التحقيق الفوري في الحادثة وضمان حماية الممتلكات والمقدسات المسيحية.
وأظهرت صور متداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبوراً مدمرة ومبنى الكنيسة وقد تعرض لإطلاق نار، مما أثار استياء المجتمع المحلي.
كذلك أدان "المرصد السوري لحقوق الإنسان" الحوادث التي "استهدفت مقدسات دينية في مختلف المناطق"، بما في ذلك الحادثة التي تعرضت لها مزارات الطائفة العلوية في قرية الربيعة بريف حماة.
وقال حول حادثة مطرانية حماة: "أقدم مسلحون مجهولون على إطلاق النار بشكل عشوائي على المطرانية ومحاولة تخريب أماكن العبادة، ما يثير القلق حول سلامة هذه المواقع والمواطنين بشكل عام".
وطالب سوريون عبر مواقع التواصل من مطرانية حماة، بياناً مفصلاً عن الحادثة وما بعدها وكيف جرى الاتفاق مع قيادة الشرطة، وكيف سيتم الاتفاق على حمايتهم وحماية كنائسهم.
مارلين كاربوج، أشارت عبر فيسبوك، إلى أن الحادثة حصلت منذ أسبوع ولم يحرك أحد ساكناً، وطالبت بـ"الأمن والطمأنينة" قائلة: "نحن قوم مسالمون، نحن مسيحيو مدينة حماة نناشد كل من عالم بحادثة الكنيسة وحادثة المدافن لن نسكت على حقنا في هذا البلد".
ميريزا، نشرت صوراً، قالت إنها للاعتداء على الكنيسة، تظهر فيها القبور المدمرة والمبنى وقد تعرّض للاستهداف بالرصاص الحي، وعلّقت: "الاعتداء على كنائسنا هو اعتداء على ابن الإنسان، اعتداء على كل سوري بكافة طوائفه وانتماءاته الدينية مسيحيين ومسلمين عامة، هو تحريض ديني واضح الشدة لزرع الفتنة بيننا جميعاً".
وأوضحت أن الحادثة وقعت في "كنيسة مار جرجس ومطرانية حماة للروم الأرثوذكس".
وطالب "المرصد" من "إدارة العمليات العسكرية" بتكثيف الجهود لحماية المقامات والمزارات الدينية والكنائس والأماكن المقدسة في كافة المناطق السورية، مع ضرورة اتخاذ تدابير سريعة وفعالة لحماية هذه الأماكن التي تمثل جزءاً أساسياً من هوية سوريا المتنوعة.
واعتبر تلك الأعمال "تسعى إلى تقويض الاستقرار الوطني وزعزعة جهود التعايش السلمي بين مكونات الشعب السوري".
هجوم على مقر تابع لكنيسة في القامشلي
وتعرض أيضاً مقر "أخوية مار يعقوب النصيبيني" التابعة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في القامشلي لاعتداء من قبل مجهولين، وفق ما أكدت إدارة المقر لروزنة، وامتنعوا عن ذكر أي تفاصيل بسبب بدء التحقيق في الحادثة.
وأفاد موقع "Syriac Press" أن المهاجمين عبثوا بمحتويات المقر، وحطموا الرموز الدينية، وسرقوا مقتنيات مختلفة.
"أخوية مار يعقوب النصيبيني" التابعة للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في القامشلي، تعنى بالشبيبة والفرق السريانية وتهتم بشكل خاص بالمجال الرياضي في كرة القدم والسلة والطائرة، تأسست في القامشلي عام 1972.
وقبل أيام أقدم مجهولون على عملية سرقة في كنيسة آيا صوفيا بالسقيلبية غربي حماة، وفق الأب ديمتريوس ماهر حداد راعي كنيسة السقيلبية. وأوضح حداد أنّ لصوصاً قاموا بسرقة مقتنيات وكؤوس وأواني نحاسية ظناً منهم أنها مرتفعة الثمن، ولم يتم أي تخريب ذو هدف أو طابع ديني كالمساس بالأيقونات أو العبث بها.
وتسلط سلسلة الهجمات الأخيرة التي طالت منشآت رياضية ودينية في سوريا الضوء على هشاشة الوضع الأمني في البلاد، حيث تتزايد المخاوف من أن تكون هذه الحوادث جزءاً من مخطط أوسع يهدف إلى زعزعة الاستقرار وضرب التعايش بين مكونات المجتمع السوري.
وبينما تتصاعد مطالبات المواطنين والهيئات الحقوقية بالتحقيق الجاد ومحاسبة الفاعلين، يبقى التحدي الأكبر أمام السلطات الجديدة هو القدرة على فرض الأمن وحماية الممتلكات والمقدسات، في ظل مرحلة انتقالية مليئة بالتحديات والاضطرابات.
