سكان في الرقة: بيوتنا تغرق بمياه الصرف الصحي!

سكان في الرقة: بيوتنا تغرق بمياه الصرف الصحي!

تقارير وتحقيقات | 13 09 2024

عبد الله الخلف

لم يعد أبو عزيز (54 عاماً) يطيق العيش في منزله الواقع بحي نزلة شحاذة في مدينة الرقة، فمياه الصرف الصحي تطفح في البيت منذ أكثر من عشرة أيام، ولا آذان تصغي لمعاناته وفق قوله.

حدث ذلك بسبب انسداد المجاري في المصرف الرئيسي المقابل لمنزل أبو عزيز، والتي لم تُعزّل منذ فترة طويلة كما يقول في حديثه مع روزنة: "آخر مرة نظّفوا فيه الريغار منذ أربع سنوات، كان جيداً قبل ذلك لكنه عاد وطاف مجدداً، أخبرنا البلدية لحل المشكلة لكن لم ترد علينا!".

روائح كريهة ومياه آسنة تحاصر البيوت

ازدادت كمية المياه الآسنة الطافحة في بيت أبو عزيز فقرّر وعائلته أن يذهبوا للإقامة في منزل ابنته الكبرى ريثما تُحل المشكلة.

يقول لروزنة: "لا نستطيع النوم بسبب الرائحة الكريهة، ولا حتى فعل أي شيء".

وبسبب المياه الآسنة في المنزل، اضطر أبو عزيز لوضع أحجار من أجل المرور فوقها لئلا يتّسخوا "ما عاد ينعاش بالبيت بهالوضع".

حمام المنزل والمطبخ أكثر منطقتين غارقتين بمياه الصرف الصحي في بيت أبو عزيز، ولم يعودوا قادرين على استخدامهما منذ تفاقم المشكلة كما يروي، ويتابع "حرمنا من دخول الحمام بسبب ذلك، حتى حنفية واحدة لا نستطيع استخدامها خوفاً من تفاقم المشكلة، كذلك الطبخ امتنعنا عنه، وبدأت المياه بالوصول إلى غرف المنزل (...) الخروج من المنزل كان ضرورياً".

وبعد عشرة أيام من تقديم أبو عزيز شكوى للبلدية التابعة لـ"الإدارة الذاتية"، وصلت ورشة تابعة لها وحلت مشكلة منزله، أي قبل يومين من كتابة المادة، لكنه ليس الوحيد الذي يعاني، فمشكلات الصرف الصحي لا تتوقف عند حي أو منطقة واحدة في الرقة، وقد لا تستطيع البلدية حلها.

https://www.youtube.com/live/FbTCCjYwzq4

تكاليف مرتفعة لحل مشكلات الصرف الصحي

تستجيب البلدية للطلبات الواردة إليها بخصوص معالجة مشكلات الصرف الصحي مقابل طلب يجري تقديمه برسوم رمزية تبلغ 4000 ليرة سورية، ولكن في بعض الحالات لا تكون ورشة البلدية قادرة على حل المشكلة، ما يدفع الأهالي للجوء إلى ورش خاصة.

قبيل عيد الأضحى الماضي طفح منزل السيدة، أم خالد (67 عاماً) في شارع المنصور بمدينة الرقة، بمياه الصرف الصحي، توقيت محرج وغير مناسب أبداً لهكذا مشكلة، تمكنت أم خالد من اللحاق بالبلدية قبل إجازة العيد، ولكن لم يتمكنوا من فعل شيء.

ورشة البلدية ضغطت المياه في مجاري المنزل، وذلك لم يكن كافياً، وعن هذا تقول أم خالد: "بعدما ضغطوا المياه عادت لتطفح أكثر، وأخبرونا أن هذا ما يستطيعون فعله حالياً، وعلينا الاتصال بمعلم صحية من أجل فتح الريغار الرئيسي".

لم تنتظر أم خالد إلى بعد العيد، وجلبت ورشة خاصة لحل المشكلة، وتمكنوا من حلها بعد فتح المصرف الرئيسي، ولكن التكاليف كانت مرتفعة، "أخذوا 100 دولار، والتي هي جزء من مصروفي الشهري الذي يرسله لي أولادي والبالغ 300 دولار".

هذا المبلغ الذي دفعته أم خالد لا يقوى الكثير من الأهالي على تحمله، في بلاد تعيش ظروفاً اقتصادية صعبة للغاية، حيث يبلغ راتب الموظف في الدوائر الرسمية التابعة لـ"الإدارة الذاتية" التي تسيطر على الرقة قرابة 70 دولاراً، وتقل الأجور في كثير من الوظائف والمهن الأخرى.

أحياء لا صرف صحي فيها وأمراض تنتشر

شبكات الصرف الصحي غير موجودة في بعض الأحياء ضمن مدينة الرقة، وخاصة تلك العشوائية مثل بعض مناطق "حي الدرعية والسباهية والرومانية" وغيرها من الأحياء الواقعة على أطراف المدينة، ويعتمدون على ما تعرف بـ "الحفر الفنية" لتصريف المياه.

الحفر الفنية ليست حلاً دائماً، وقد تكون أضرارها أكثر من فوائدها على المدى الطويل، وفقاً لأبو عمار أحد سكان حي السباهية، والذي يقول لروزنة "الحفرة الفنية هي بديل لشبكة الصرف الصحي النظامية، هي عبارة عن حفرة بطول مترين وعرض متر، تكون تحت أساسات البيوت، وشهرياً نتصل على أحد أصحاب الصهاريج من أجل تفريغ الحفرة بتكلفة 100 ألف ليرة سورية.

وجود هذه الحفر تحت المنازل تسبّب بظهور تشققات في جدران المنازل والأرضيات، والتي لها تأثير سلبي كبير على بنية البيوت، ويضيف أبو عمار "في الصيف تنتشر الأمراض وبخاصة الجلدية بين الأطفال، مثل اللشمانيا، فالأطفال يلعبون في الشارع الذي تمشي عبره مياه الصرف الصحي".

ويروي أبو عمار حادثتين حصلتا في الحي، وتأخرت الاستجابة لهما بسبب طوفان الشارع بمياه الصرف الصحي في الشتاء الماضي.

يقول لروزنة: "اندلع حريق في أحد البيوت، واتصلنا بالإطفائية، لكن سيارة الإطفائية لم تستطع دخول الشارع لكونه "طايف بمياه الصرف الصحي (...) قدرنا نطفيها بتعاون أهل الحارة".

ويضيف: "أيضاً مرضت زوجتي، وواجهت صعوبة في إسعافها للمستشفى بسبب ذات المشكلة: "حتى التكسي لا تستطيع الدخول إلى الحي الذي تطوف فيه مياه الصرف الصحي، اضطررت لحملها مسافة طويلة للشارع العام".

البلدية: أطلقنا مشاريع لحل مشكلات الصرف الصحي

تواصلت روزنة مع حسام كالو، رئيس دائرة الأشغال العامة في بلدية الشعب بالرقة، والذي قال إنهم نفذوا خلال العام الحالي مشاريع عديدة لحل مشكلات الصرف الصحي ضمن المدينة.

ويوضح لروزنة: "قمنا بتمديد قساطل صرف صحي جديدة وتعزيل العديد من المجاري في أحياء المدينة، أطلقنا مشروعاً في شارع المنصور من الجهة الشمالية، وشارع المعتز من الطرف الجنوبي، بالإضافة لحي الأندلس".

وتضمن العمل أيضاً كل من منطقة سور المدينة الأثري، وحي المهدي والرافقة، وتم الانتهاء من هذه المشاريع بشكل كامل وفقاً لكالو، ما عدا مشروع شمال السكة، الذي تم إنجاز ما يقارب 50 بالمئة منه وما يزال العمل مستمراً.

ويضيف أنه "جرى إعادة تأهيل شبكة المطريات في المدينة بالتنسيق مع ورش تعبيد الطرقات (...) نقوم حالياً بإعداد دراسات لمشاريع العام 2025، والتي ستشمل قسم كبير من قطاعات المدينة".

وفيما يتعلّق بالأحياء التي تعتمد على الحفر الفنية، يوضح كالو، أن هناك صعوبة في تنفيذ مشاريع فيها: "هناك صعوبة في تحديد مسار شبكة الصرف الصحي، كونها مناطق مخالفات عشوائية خارج المخطط التنظيمي، المناسيب مختلفة فيها بسبب عشوائية الطرق والمنازل، وأولوية عملنا حالياً هي المناطق داخل المخطط التنظيمي".

وكانت شبكات الصرف الصحي تضررت خلال سنوات الحرب، ولم يتم تعزيل الكثير منها منذ سنوات، الأمر الذي أدى لتفاقم مشكلات الصرف الصحي، ما يثير مخاوف الأهالي ويصعّب عليهم الحياة أكثر.

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

بودكاست

شباب كاست

بودكاست مجتمعي حواري، يُعدّه ويُقدّمه الصحفي محمود أبو راس، ويُعتبر منصة حيوية تُعطي صوتًا للشباب والشابات الذين يعيشون في شمال غرب سوريا. ويوفر مساحة حرّة لمناقشة القضايا والمشاكل التي يواجهها الشباب في حياتهم اليومية، بعيدًا عن الأجواء القاسية للحرب.

شباب كاست

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط “الكوكيز” لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة.

أوافق أرفض