تقارير وتحقيقات | 4 07 2024

قال رئيس لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا، باولو سيرجيو بينهيرو، إن السوريين يعانون من انعدام الأمان والعنف في أجزاء سورية مختلفة، في حين يستمر الاخفاء القسري والاحتجاز، تزامناً مع مواجهة السوريين خطر الترحيل والعودة القسرية بشكل متزايد.
وأضاف بينهيرو، خلال الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أمس الأربعاء، أنّه وردهم معلومات حول "احتجاز لاجئين سوريين عائدين من لبنان مؤخّراً، ولا يعرف مكان وجودهم الآن".
وأشار إلى أنّه "يستمر الاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والوفاة أثناء الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، حيث تضطر أسر المحتجزين بشكل غير قانوني في كثير من الأحيان إلى دفع مبالغ كبيرة من المال لمحاولة الحصول على معلومات عن مصير أحبائهم".
وبيّن أن السوريين يتعرّضون في البلدان المجاورة بشكل متزايد لخطر الترحيل والعودة القسرية إلى سوريا، حيث يتعرضون لخطر الاعتقال أو الاختفاء، أو العودة ليجدوا منازلهم ومزارعهم مدمرة وليس لديهم أي وسيلة لكسب العيش.
ورحّل لبنان مئات السوريين خلال الشهور الأخيرة، في إجراءات وصفتها منظمات حقوقية بـ"التعسفية"، بالتزامن مع قرارات بإخلاء مخيمات السوريين، وطرد المخالفين من بعض البلدات اللبنانية.
وتقول "مفوضية اللاجئين" في لبنان، إنه وبحسب التقديرات الحكومية اللبنانية، يعيش في لبنان 1.5 مليون لاجئ سوري، 90 بالمئة منهم في حالة من الفقر المدقع، وتبرز منطقة البقاع على أنها المنطقة الأعلى كثافة باللاجئين في لبنان.
اقرأ أيضاً: لبنان: إخلاءات غير قانونية للمنازل المستأجرة من قبل السوريين
ويؤكد بينهيرو، أنّ مصادرة وتدمير منازل وأراضي وممتلكات النازحين واللاجئين "بحركة بطيئة" مستمر ولكن بطريقة ثابتة، مما يزيد من تآكل حقوقهم ويجعل احتمالات عودتهم إلى ديارهم بعيدة المنال كل يوم.
ووثقت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها عام 2021 بعنوان "حياة أشبه بالموت"، تعرض اللاجئين السوريون الذين عادوا من لبنان والأردن بشكل طوعي بين 2017 و2021 إلى انتهاكات حقوقية جسيمة، إضافة إلى اضطهاد من حكومة النظام والفصائل التابعة لها مثل التعذيب والقتل خارج نطاق القانون.
ويشير رئيس اللجنة إلى أنّ الأسباب الجذرية للصراع السوري لا تزال موجودة إلى حد كبيرة، من المظاهرات المستمرة المطالبة بالإصلاح السياسي والمساءلة في السويداء جنوباً، إلى المظاهرات ضد "هيئة تحرير الشام" في إدلب، واندلاع الاحتجاجات مؤخراً في حلب.
وأضاف رئيس لجنة التحقيق الدولية، أن الوضع الراهن في سوريا أصبح أكثر تعقيداً مع انهيار الاقتصاد وتفاقم الوضع الإنساني، ولا سيما بعد الزلزال العام الفائت، وزيادة الاعتماد على تصنيع المخدرات والاتجار بها.
اقرأ أيضاً: الأمم المتحدة: انتهاكات جسيمة للعائدين إلى سوريا.. ما تفاصيل تقريرها؟
النظام السوري: "لجنة التحقيق المعنية بسورية" منفصلة عن الواقع
رد "مندوب سوريا" الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف، علي أحمد، على تصريحات "اللجنة الدولية المعنية بسوريا"، قائلاً إنّ "سوريا لم تعترف يوماً باللجنة، التي تتناقض منهجيتها واستنتاجاتها مع المنظور المهني، وهي منفصلة عن الواقع في تفسيراتها".
وأضاف، في بيان، خلال الحوار مع لجنة التحقيق الدولية، نقلته وكالة "سانا"، أنّ "المساهمة في خلق البيئة المناسبة لتشجيع العودة الطوعية للاجئين تأتي من خلال التعاون مع سورية، ودعم جهودها في هذا السياق وإنهاء الإجراءات الانفرادية القسرية التي لا تعني لهذه اللجنة شيئاً".
وادّعى المندوب أنّ النظام السوري "ماضٍ في جهود تعزيز وتحسين وتطوير الأطر التشريعية المعنية بحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان،من أجل إعمالها لجميع السوريين دون تمييز".
النظام السوري لم يقدم أي تنازلات
تحدّث رئيس اللجنة الدولية في سوريا، عن "مسار التطبيع" الذي قادته بعض الدول العربية العام الماضي، حيث عادت سوريا على إثر ذلك إلى جامعة الدول العربية بعد تجميد مقعدها لأكثر من عقد من الزمان.
وقال إن التقارير تفيد أن حكومة النظام السوري لم تقدم أي تنازلات ذات معنى أخرى، ويبدو أن كلاً من النظام السوري والمجتمع الدولي راضيان "بشكل غريب" بالحفاظ على الوضع الراهن.
وفي أيار العام الفائت، تحدثت صحيفة "المجلة" السعودية عن الخطة الأردنية التي تقوم على مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، والتي يجب على النظام اتخاذها مقابل عودته إلى الجامعة العربية.
وتتضمن الخطة، إطلاق العملية السياسية في سوريا بما يتوافق مع القرار 2254، بالإفراج عن جميع المعتقلين، وعودة اللاجئين بشكل آمن، وقبول النظام بالمشاركة السياسية للمعارضة، وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة، تنتهي بخروج جميع القوات الأجنبية من سوريا.