تقارير وتحقيقات | 14 02 2024

كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقرير نشره أمس الثلاثاء، عن تعرض السوريين العائدين إلى بلادهم بعد رحلة اللجوء إلى انتهاكات وصفها بأنها "جسيمة"، كما تطرق إلى معاناة اللاجئين السوريين في بلاد اللجوء، وتعرضهم لفرض العودة القسرية.
ويشير التقرير إلى أن الانتهاكات والتجاوزات الموثقة قد ارتكبت من قبل النظام السوري، وسلطات الأمر الواقع، والجماعات المسلحة الأخرى في جميع أنحاء البلاد.
وتشمل تلك الانتهاكات الاحتجاز التعسفي، والتعذيب وسوء المعاملة، والعنف الجنسي والجنساني، والاختفاء القسري، والاختطاف.
وحلل التقرير الظروف التي يمر بها العائدون السوريون، أو التي قد يواجهونها عند عودتهم إلى مناطقهم الأصلية أو المجتمعات المضيفة الأخرى داخل سوريا، مع التركيز على انتهاكات حقوق الإنسان والتجاوزات، فضلاً عن التحديات، ومعاناة المرأة السورية بعد عودتها إلى سوريا.
اقرأ أيضاً: لبنان يعلن مجدداً عن حملة عودة طوعية.. كيف ينظر لها سوريون مهددون؟
ووفق تقرير المنظمة الأممية يتعرض العائدون إلى سوريا للابتزاز بالأموال، ومصادرة ممتلكاتهم، وحرمانهم من الهوية وغيرها من الوثائق.
شهادات عائدين
بحسب التقرير، فإن النتائج تستند في المقام الأول إلى 44 مقابلة واجتماعاً تمثيلياً أجرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان مع مصادر أولية وثانوية، ومن بينها مقابلات مع 22 عائداً وعائداً سابقاً.
وقال أحد العائدين إنه تعرض للاعتقال بعنف بمجرد عودته إلى سوريا، واقتادته قوات الأمن التابعة للسلطات المحلية (لم يحددها) إلى مكان مجهول، وظل معصوب العينين لمدة يومين، وتعرض للضرب بشكل متكرر.
ونقل عن امرأة عائدة، قولها إنها احتُجزت لمدة أسبوع مع ابنتيها من قبل قوات الأمن التابعة للنظام السوري أثناء محاولتهما مغادرة سوريا للمرة الثانية.
وأضافت بأن عائلتها اضطرت إلى دفع رشوة قدرها 300 دولار أمريكي لتسريع إطلاق سراحهما. وتابعت: "كان يتم التحقيق معي يومياً وسؤالي عن أسباب سفري إلى لبنان".
لا للترحيل القسري
سلط التقرير الضوء على ما وصفه بالصورة المقلقة لمعاناة العائدين، وسط تزايد أعداد عمليات ترحيل السوريين من بلدان أخرى.
وانتقد ما وصفه بسوء المعاملة والخطاب العدائي المتزايد والخطاب ضد اللاجئين، والمداهمات والاعتقالات الجماعية في بعض البلدان المضيفة، والتي أجبرت الكثيرين على العودة إلى سوريا.
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن وضع هؤلاء العائدين يثير تساؤلات جدية حول التزام الدول بالإجراءات القانونية الواجبة وعدم الإعادة القسرية.
وأضاف: "أولئك الذين يبقون في البلدان المضيفة يجب أن يعاملوا وفقاً للقانون الدولي، بما في ذلك مبدأ عدم الإعادة القسرية، ويجب احترام حقوق اللاجئين وطالبي اللجوء، وينبغي أن تكون عودتهم طوعية مع توفير الظروف اللازمة لعودة آمنة وكريمة ومستدامة".
قيود على النساء
أشار التقرير إلى ما تتعرض له النساء السوريات العائدات من بلاد اللجوء، من معاملة سيئة لأسباب واعتبارات مختلفة.
وأوضح أن النساء العائدات يواجهن قيوداً تمييزية على وجه التحديد على حريتهن في التنقل بحرية وبشكل مستقل.
ووثق عدداً من حالات النساء اللاتي أجبرهن أفراد الأسرة الذكور على العودة إلى سوريا لتقييم ظروف العودة الآمنة والمستدامة لبقية أفراد الأسرة.
واعتبر أن: "هناك أسباب معقولة للاعتقاد بأن الظروف العامة في سوريا لا تسمح بعودة آمنة وكريمة ومستدامة للاجئين السوريين إلى وطنهم".
خوف من العودة
نشرت روزنة في وقت سابق تقريراً عن تخوف سوريين يعيشون في لبنان من العودة إلى بلادهم، في ظل الحملات الأمنية التي تشنها السلطات اللبنانية لإعادتهم تحت مسمى "العودة الطوعية".
وخلال التقرير قال المحامي السوري عبد الناصر حوشان، لروزنة، إن الخوف الأكبر في العودة يكون على من هو مطلوب أو محكوم، فهؤلاء لا يمكنهم العودة لا هم ولا عائلاتهم، لأن مصيرهم معروف إما الاعتقال وبالتالي التعذيب حتى الموت أو الابتزاز أو الإحالة الى محاكم الإرهاب.
في تصريح سابق، قالت نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية بالنيابة، ديانا سمعان، "إنَّ السلطات اللبنانية بتسهيلها المتحمس لعمليات العودة الطوعية، تُعرّض اللاجئين السوريين عن علم لخطر التعرض لأشكال بشعة من الانتهاكات والاضطهاد عند عودتهم إلى سوريا. على لبنان احترام التزاماته بموجب القانون الدولي ووقف خططه لإعادة اللاجئين السوريين بشكل جماعي".
ووثقت "هيومن رايتس ووتش" في تقريرها عام 2021 بعنوان "حياة أشبه بالموت"، تعرض اللاجئين السوريون الذين عادوا من لبنان والأردن بشكل طوعي بين 2017 و2021 إلى انتهاكات حقوقية جسيمة، إضافة إلى اضطهاد من حكومة النظام والميليشيات التابعة لها مثل التعذيب والقتل خارج نطاق القانون والاختفاء القسري.