تقارير وتحقيقات | 27 04 2024

أكدت حكومة رواندا، أمس الجمعة، أنها ستستقبل جميع المهاجرين الذين سترسلهم بريطانيا إليها، ودعت كل من ينتقد خطة مشروع "سلامة رواندا" على إفساح المجال لكلا البلدين لتنفيذها، في وقت عبّر سوريون وصلوا بريطانيا قبل أشهر، لروزنة، عن قلقهم حيال القرار الجديد.
أولى الرحلات التي يتوقع رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، أن تقلع إلى رواندا شرقي أفريقيا، ستكون بعد مدة تتراوح بين 10 و12 أسبوعاً، وفق ما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن وكالة "رويترز".
الملك البريطاني، تشارلز الثالث، صدّق الخميس الفائت، على خطة رئيس الوزراء ريشي سوناك لإرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، ما يعني أن مشروع قانون "سلامة رواندا" أصبح قانوناً.
وجاء ذلك بعد أن أقر البرلمان البريطاني مشروع القانون الإثنين الفائت، والذي من شأنه ترحيل طالبي اللجوء الذين يصلون إلى بريطانيا بطرق غير نظامية، وفق ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.
سوريون قلقون
رحلة هجرة طويلة تنقل خلالها الشاب السوري أحمد (34 عاماً) بين ست دول مهاجراً براً وبحراً، حتى وصل إلى بريطانيا مطلع العام الجاري.
وبدأت رحلته عندما فرّ هارباً من الحرب السودانية التي اندلعت في نيسان العام الفائت، مروراً بسوريا ولبنان وليبيا وإيطاليا وفرنسا وصولاً إلى بريطانيا، مستقره النهائي، تعرّض خلالها للخطف من قبل مهرّبي البشر ونجا بأعجوبة.
يقطن أحمد حالياً في أحد الفنادق المعدّة للمهاجرين، مع 12 سورياً آخرين، وجنسيات أخرى، جميعهم متخوّفون من أي قرار ترحيل بحقهم إلى رواندا، وفق ما أشار لروزنة.
يقول أحمد لروزنة: "عانيت الأمرين حتى وصلت إلى بلد آمن، يقدّس حقوق الإنسان، بعدما عبرت ستة دول، خلال نحو ثمانية أشهر متنقلاً، دفعت خلالها ثروة طائلة بالنسبة لي تقدر بأكثر من 11 ألف دولار".
ويضيف: "نعم دخلت بطريقة غير شرعية، لكن في سبيل الحصول على الاستقرار والأمان بعيداً عن الحروب، لم نتوقع أن يصدر قرار كهذا بحق المهاجرين وطالبي اللجوء" يقول لروزنة.
ويشير أحمد إلى وجود عدد من الجنسيات، أكثرهم من أفغانستان وكردستان والهند ومن سوريا أيضاً.
ويتابع: "إلى أين نذهب في حال ترحيلنا، أنا مطلوب للنظام السوري، إن عدت لا يوجد أمامي إلا الاعتقال".
وكان هناك ما يقرب من 28 ألف سوري يقيمون في بريطانيا خلال عام 2021، بزيادة عن 12 ألف سوري في عام 2014.
اقرأ أيضاً: رحلة مهاجر سوري من السودان إلى بريطانيا.. عبر 6 دول ونجا من الخطف!
رواندا: المساكن المؤقتة للمهاجرين جاهزة!
نائب المتحدث باسم حكومة رواندا، آلان موكوراليندا، قال لوكالة "رويترز": "لا يهم العدد المعلن وصوله إلى هنا غداً أو بعد غد، نحن قادرون على استقبالهم"، لافتاً إلى عدم وجود تفاصيل حول الأعداد أو تواريخ الرحلات.
وأضاف، موكوراليندا، أن رواندا تملك مساكن مؤقتة جاهزة للمهاجرين حين وصولهم من بريطانيا، إضافة إلى وجود مرافق للمدى الأطول قيد الإنشاء حالياً، في ظل سير المهاجرين بعملية اللجوء واحتمال حصولهم على الإقامة.
ونشرت منصة "blinxnow" على انستغرام، تسجيلاً مصوراً، يظهر مجمعاً، في العاصمة الرواندية كيجالي، قالت إنه للمهاجرين الذين سيصلون من بريطانيا.
المجمع يدعى " hope hostel" وهو عبارة عن مجمع مؤلف من عدة طوابق وغرف فندقية، فيها مرافق مشتركة، ويتولى خدمة المهاجرين فيه عدد من الطهاة وعمال النظافة، وفق المنصة.
ووفق وكالة "فرانس برس"، فإن الفندق تم تجديده في حي كاجوجو الراقي النابض بالحياة، وهي منطقة في العاصمة الرواندية كيجالي، والتي تعد موطناً للعديد من المغتربين والعديد من المدارس الدولية.
وكان هذا الفندق يؤوي طلاباً جامعيين ماتت عائلاتهم في الإبادة الجماعية عام 1994، وهي الفترة الأكثر فظاعة في تاريخ الدولة الأفريقية عندما قُتل ما يقدر بنحو 800 ألف من التوتسي على يد متطرفي الهوتو في مذابح استمرت أكثر من مئة يوم.
وقالت مصادر بوزارة الداخلية البريطانية لصحيفة "الغارديان"، إنها حددت بالفعل مجموعة من طالبي اللجوء ذوي المطالب القانونية الضعيفة للبقاء في المملكة المتحدة والذين سيكونون جزءاً من الدفعة الأولى التي سيتم إرسالها إلى شرق إفريقيا في تموز، والبالغ عددهم 350 مهاجراً.
تحذيرات وانتقادات ومخاوف
وفي أعقاب إقرار برلمان المملكة المتحدة لمشروع قانون "سلامة رواندا"، دق اثنان من كبار مسؤولي الأمم المتحدة ناقوس الخطر بشأن تأثيره الضار على تقاسم المسؤولية العالمية وحقوق الإنسان وحماية اللاجئين.
المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، وفولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أصدرا بياناً مشتركاً يدعو بريطانيا إلى إعادة النظر في خطتها لنقل طالبي اللجوء إلى رواندا.
وشدد غراندي، أن هذا الترتيب يسعى إلى تحويل المسؤولية عن حماية اللاجئين، مما يقوّض التعاون الدولي، وقال: "يمثل التشريع الجديد خطوة أخرى بعيداً عن تقليد المملكة المتحدة الطويل المتمثل في توفير اللجوء للمحتاجين، في انتهاك لاتفاقية اللاجئين (...) إن حماية اللاجئين تتطلب من جميع البلدان، وليس فقط مناطق الأزمات المجاورة، أن تفي بالتزاماتها".
وانتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخميس الفائت، خطة "سلامة رواندا"، وأشار إلى أنّ إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا غير فعالة قائلاً: "لا أؤمن بهذا النموذج الذي يتضمن إيجاد دول أخرى في القارة الأفريقية أو أي مكان آخر، حيث نرسل أشخاصاً إليها يصلون إلى أراضينا بشكل غير قانوني، ولا يأتون من هذه الدول".
من جهة أخرى، قال نائب رئيس الوزراء الآيرلندي، مايكل مارتن، لصحيفة "ذا ديلي تلغراف" البريطانية، إن تهديد بريطانيا بترحيل المهاجرين إلى رواندا يدفعهم إلى التوجه إلى آيرلندا.
وكانت صحيفة "الغارديان"، ذكرت منتصف الشهر الجاري، أن التشريع الجديد يعتبر أحد أكثر القوانين المثيرة للجدل منذ عقود، ويصل نحو 534 شخصاً يومياً إلى الشواطئ البريطانية.
وأعلنت بريطانيا عن سياسة نقل طالبي اللجوء إلى رواندا في نيسان عام 2022، ضمن خطة تجريبية مدتها خمس سنوات، وقال آنذاك رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إن كل من دخل البلاد بطريقة غير شرعية بعد كانون الثاني 2022 من الممكن أن تشمله.