معاينة حكيم | 13 02 2024

تمر الذكرى الأولى لزلزال 6 شباط على السوريين المقيمين في مناطق الكارثة شمالي سوريا وجنوب تركيا، أو من يقيمون بعيداً عن تلك المناطق لكنهم عانوا من الكارثة وآثارها.. لنتعرف على التعامل الصحي مع هذه الذكرى المؤلمة.
استعادة الذكريات أمر طبيعي وصحي، وبخاصة إن كانت الذكرى شديدة الألم، فمن المستحيل ألا يتذكر الإنسان الصحيح نفساً وجسداً مثل تلك الأحداث.
أيهما أكثر إفادة: استعادة الذكرى المؤلمة أم تجاهلها؟
إن كان هدفك آلا تتذكر الحادثة المؤلمة فأنت مخطئ! لأن ذلك عكس لطبيعة الإنسان الصحيح، لكن اجعل هدفك: كيف أتعامل مع الذكرى المؤلمة؟
نستحضر الذكرى المؤلمة، أملاً في تفكيكها والتعامل معها بطريقة لا تعيق حياتنا ونشاطنا، وبالمقابل إن بقاء الذكرى حبيسة دماغنا لن يسهل التعامل معها بل ربما يفاقم من الحالة ويسبب أذية نفسية وجسدية.
أمراض الروماتيزم .. أعراضها ومضاعفاتها الخطيرة
لماذا تحفر الذكريات المؤلمة في ذاكرتنا أكثر من الذكريات السعيدة؟
إذا كان يصعب عليك أو تحتاج بعص الوقت كي نستذكر تفاصيل أحداث سعيدة أو حتى محايدة (كوجبة عشاء من يومين) لا تقلق فأنت إنسان طبيعي وصحيح نفسياًالمحايدة.
الأحداث السعيدة أو المحايدة، يسهل على الدماغ التعامل معها وتصنيفها ومعالجتها، ولذلك لا تأخذ مساحة كبيرة أو تحفر كثيراً في الذاكرة.
في المقابل، إن الأحداث السيئة أو المؤلمة الصادمة، تحفر في الذاكرة وتبقى حاضرة معنا، لأسباب منها أن الإنسان يهتم أكثر بما يهدد بقاءه، ويهدد سلامته.
كما أن الأحداث الصادمة والمؤلمة، تأخذ مساحة أكبر من تفكيرنا، ونعيش تفاصيلها بوعي أعمق ونعبر عنها بدقة أكبر من الأحداث السعيدة، مما يجعل الأحداث المؤلمة تحفر أكثر في الذاكرة.
الذكريات المؤلمة تبقى حاضرة معنا وتختلف شدة استذكارها، بحسب قدرة الدماغ على التعامل معها وتصنيفها ومعالجتها.
التعامل الصحيح مع المشاعر الناتجة عن استعادة الذكريات المؤلمة، يُسهِّل من عملية استرجاع تلك الذكريات، في حين الإبقاء على المشاعر دون معالجة وكأن الدماغ يقول: هناك شيء لا أفهمه، يزيد من التأثير السلبي لتلك المشاعر على صحتنا.
كن حذراً من الشتاء!.. الوقاية من التسمم جراء وسائل التدفئة
هل هناك عوائد نفسية إيجابية لاسترجاع الذكريات المؤلمة؟
يمكن للإنسان الاستفادة من استرجاع الذكريات المؤلمة، في حال رافق عملية استعادة الذكرى مع الإيمان بالقدرة على تجاوز المشاعر السلبية المرافقة للذكرى، وأن الحياة تستمر.
وكذلك في حال القدرة على سرد الدروس المستفادة من تلك الأحداث، وماذا تعلم الشخص منها، بحيث لا تكون معرقلاً لنشاطه وحياته، واستخدام الذكريات المؤلمة كدافع نحو النجاح.
علامات خطيرة حين استعادة الذكرى المؤلمة
استرجاع ذكريات حادثة مؤلمة وصعبة، لا يمر بسهولة على الجميع، إذ تظهر لدى بعض الأشخاص مؤشرات تستدعي تعاملاً صحيحاً أو استشارة الاختصاصي النفسي، ومنها:
التجنب الكامل لاستعادة الذكرى، لأن ذلك يعيد الألم نفسه حين الحادث الأصلي، وهذا مؤشر أن الشخص يحاول التغطية على الألم.
التكرار في أعراض مثل الكوابيس، وكأن الشخص لا يزال عالقاً في الحدث نفسه، ولو بعد مرور وقت عليه، وتعود الذكرى بتفاصيله إلى ذهنه باستمرار.
بعد مرور وقت على الحادث المؤلم ولنفترض عام واحد، ليس من الصحي أن يتواصل تأثير سلبي مثل عدم القدرة على ممارسة الأنشطة المعتادة والعمل والإنتاج، أو اتباع طقوس معينة تذكر بالحادث وعدم التخلي عنها.
الاستثارة والتوتر عند أي سماع أي صوت يشابه لصوت مصاحب للحادث المؤلم، أو حتى رائحة أومشهد.
الإشكالات العقلية مثل تشتت الانتباه.
في مثل هذه الحالات، يجب توجيه الشخص إلى استشارة الاختصاصي النفسي.
الخوف من المجهول والبدايات الجديدة.. متى يكون صحياً؟
نصائح لمواساة الناجين من الزلزال والاعتراف بمراسم الحزن
كي تستمع لصاحب الذكرى المؤلمة، عليك بدايةً أن نكون مقتنعاً تماماً بأن الذي ذلك الحدث المؤلم ليس سهلاً.
تفهَّم كم الألم الذي يعيشه صاحب الذكرى، لأن الفقد (بخاصة في الزلزال) لم يقتصر على الأشخاص بل تعداه إلى فقد الأماكن وغيرها..
احترم الألم الخاص بكل تجربة شخصية على حدة، وابتعد عن مقولة: (الكل تألم والمصيبة على الجميع نفسها).
لا تكبت الشخص حين يحاول الحديث عن الذكرى المؤلمة، بل ساعده على البوح عن تلك الذكريات.
حاول تعزيز ثقة الشخص بأنه قادر على الاستمرار في الحياة، وتجاوز الألم الذي حصل واستعادته طاقته.
احترم طريقة وأسلوب كل شخص في طقوس أو مراسم الاعتراف بالحزن واسترجاع الذكريات المؤلمة، فلكل إنسان طريقته الخاصة، مثل زيارة المقابر، قراءة القرآن، إضاءة شمعة.
احذر من أن تكون ضحية للإصابة بصدمة ثانوية نتيجة استماعك للشخص صاحب الذكرى، وهنا الصحيح ألا تستمع من الأصل وترشد الشخص إلى اختصاصي نفسي.
هل فقدان الشعور بالذكرى المؤلمة صحي؟
تبلد المشاعر، ومرور الذكرى لحادث مؤلم بحجم الزلزال، بدون أي مشاعر حزن أو خوف، يعد مؤشراً على أن الشخص يحاول حماية نفسه من انهيار حين استعادة الذكرى، وهذا يدل أن المشكلة لا تزال قائمة.
في حالة فقدان الشعور، في ذكرى الحادث المؤلم، وكأن لسان حال الشخص: "لدي خوف ولكن إذا اعترفت بالمشاعر السلبية التي أعيشها ممكن أن أصاب بانهيار وأفقد الأمان".
المزيد عن استعادة الذكريات المؤلمة، ونصائح وإجابات لأسئلة متلقين في "معاينة حكيم" مع أسما وضيفتها اختصاصية المعالجة النفسية، صهباء الخضر.
تابع اللقاء كاملاً..