روايات سوريين عن قارب الموت.. اليونان: "صورة أخي بين الناجين"

غرق قارب قبالة السواحل اليونانية - روزنة
غرق قارب قبالة السواحل اليونانية - روزنة

التقارير | 16 يونيو 2023 | إيمان حمراوي

"أخي من بين الناجين، رأينا صورته، لكن لم نستطع التواصل معه"، يقول هادي، شاب من جنوبي سوريا، لروزنة، مع استمرار بحثه عن أي وسيلة للاطمئنان على شقيقه الناجي من المركب الغارق قبالة سواحل جزيرة مورا اليونانية الأربعاء الفائت، والذي أودى بحياة العشرات.


ويضيف هادي بحسرة: "نجا أخي لكن ابن عمتي والشباب الذين معه معظمهم مفقودون".

سافر شقيق هادي من الأردن إلى ليبيا بشكل مفاجئ، وهو الذي ينحدر من درعا "لم نكن نعلم بسفره عبر البحر إلا لاحقاً من أصدقاء له في ليبيا"، يوضح الشاب.

وأعلنت السلطات اليونانية، الأربعاء الفائت، مصرع ما لا يقل عن 79 مهاجراً غير شرعي، إثر غرق قارب كان يقلهم، قبالة سواحل شبه جزيرة مورا، مشيرة إلى إنقاذ أكثر من مئة مهاجر نقلوا إلى ميناء كالاماتا، في ظل استمرار عمليات البحث عن مفقودين.

وبحسب المتحدث باسم الهجرة الدولية، هناك ما يقدر بنحو 750 راكباً على متن القارب، بينهم 40 طفلاً على الأقل، انطلقوا متوجّهين إلى إيطالياً، وفق "cnn".

وأوضح خفر السواحل اليوناني أن الأشخاص الذين تم إنقاذهم جميعهم رجال (43 مصرياً و47 سورياً و12 باكستانياً وفلسطينيان)، وثمانية من القصر.

العشرات من جنوبي سوريا

قال أيمن أبو محمود، الناطق باسم تجمع أحرار حوران، لروزنة: "هناك 150 شخصاً على متن القارب من الجنوب السوري، معظمهم من درعا والبعض من القنيطرة، من بين المهاجرين. وثقنا نحو 20 ناجٍ من أبناء درعا، والبقية في عداد المفقودين".

وأضاف نقلاً عن روايات الناجين: "المركب على متنه 750 شخصاً، 450 شخصاً على سطح القارب، و300 شخص بينهم نساء وأطفال داخل القارب، عندما غرق كانت الغرفة مغلقة عليهم، وهم أكثر المتضررين".

وتنتشر بكثرة عبر حسابات السوريين في السوشيال ميديا، نعوات الغارقين في البحر المتوسط، إضافة إلى صور المفقودين، مع آمال كبيرة بنجاتهم، رغم تصريح السلطات اليونانية أنّ احتمال العثور على ناجين بدأ يتضاءل لكون القارب غرق في "مياه عميقة للغاية"، وفق صحيفة "cnn".

في طريقها لزوجها

سليم، نجا من معارفه 5 أشخاص، من أصل 11 هاجروا في القارب، جمعيهم ينحدرون من مدينة القريتين بحمص.

يقول لروزنة: "نجا أولاد خالتي من الغرق، لكنهم شهدوا وفاة شابين كانا داخل غرفة مغلقة ضمن القارب، إضافة إلى شابة وشقيقها من درعا، كانت مهاجرة إلى ألمانيا عند زوجها، ماتت أيضاً غرقاً".

أقارب سليم ومعارفه وصلوا إلى ليبيا قادمين من الأردن، قبل يومين من شهر رمضان، في العشرين من آذار الماضي.

يشرح سليم: "قبل يوم من انطلاق القارب جاءهم المهرّب قائلاً لهم إنهم سوف ينطلقون بعد يوم، لكنه يحتاج منهم 500 دولار إضافة إلى 4700 دولار مقابل كل شخص، وهو ما تم".

ونقل سليم عن أبناء خالته كيفية غرق القارب وتفاصيل الرحلة: "انطلق القارب يوم الجمعة الماضي من ليبيا، وبعد 6 ساعات بدأ المحرك يتباطأ، طالب المهاجرون المهرّب بالعودة، لكنه أصرّ على إكمال الرحلة ووجّه القارب إلى الحدود اليونانية لأقرب جزيرة".

ويتابع: "تعطّل المحرّك وبقي المركب في المياه لمدة 24 ساعة (…) هنا، وجه المهاجرون نداء استغاثة".

اقرأ أيضاً: 59 مهاجراً يفقدون حياتهم بغرق مركب قبالة سواحل اليونان



الخفر اليوناني متهم!

يتّهم الناجون خفر السواحل اليوناني بإغراق المركب، إذ ينقل سليم عن  أقاربه، لروزنة: "المهاجرون في القارب كانوا لمدة خمسة أيام بدون مياه، وعندما أتى خفر السواحل اليوناني رمى المياه إلى متن القارب".

ويذكر أيضاً: "هنا هجم الجميع إلى جهة واحدة، وأصبح كل الثقل على الجانب اليمين ما دفع لاختلال توازن القارب وبالتالي إغراقه".

نيكوس أليكسيو، المتحدث باسم خفر السواحل اليونانية، قال لشبكة "cnn"  أمس الخميس: "من المرجح أن يكون التحول المفاجئ في الوزن هو السبب الذي أدى إلى انقلاب القارب ثم غرقه".

ويعتقد أن ينتهي رجال الإنقاذ من بحثهم عن ناجين قريباً، وفق ثاناسيس فاسيلوبولوس، عمدة كالاماتا اليونانية، الذي قال: "لم نعثر على أي ناجين اليوم".

اليونان تعلم مسبقاً بوجود القارب!

وأكدت الوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس" إبلاغها للسلطات اليونانية مسبقاً بوجود مركب صيد مكدّس قبل غرقه، وفق وكالة "الأناضول".

وقال هانز ليتينز، الرئيس التنفيذي للوكالة الأوروبية لحرس الحدود والسواحل "فرونتكس"، في تصريح لصحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية، إنهم رصدوا الثلاثاء مركب صيد يتجه إلى اليونان وعلى متنه نحو 600 شخص مكدّسين من قبل مهربي البشر على الأرجح.

وأضاف: "قمنا بواجبنا وأبلغنا السلطات المحلية بشأن المركب، ومن المحزن للغاية غرق المركب يوم الأربعاء ووقع حادث مأساوي آخر".

وتعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط بالقرب من اليونان طريقاً رئيسياً  للمهاجرين واللاجئين الذين يحاولون الهروب من الصراعات والحروب في الشرق الأوسط.

ووصل أكثر من 36 ألف شخص إلى البحر الأبيض المتوسط في الفترة من كانون الثاني إلى آذار من هذا العام، أي ما يقرب من ضعف العدد مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022 ، وفقًا للأرقام الصادرة عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

قد يهمك: إنقاذ مهاجرين سوريين ولبنانيين قبالة السواحل اللبنانية



ما حال الناجين؟

 ديميتريس شاليوتيس، وهو متطوع في الصليب الأحمر اليوناني، وصف ما رآه بـ"المأساة" بقوله إنه "لم ير قط عملية إنقاذ مثل هذه من قبل"، بحسب بيان صادر عن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وقال إفستاثيو ، أخصائي اجتماعي في منظمة " IASIS " اليونانية غير الحكومية ، إن الحالة العقلية لأولئك الذين تم إنقاذهم كانت "شديدة".

وأشار عضو في فريق الإنقاذ اليوناني لشبكة "cnn": "هؤلاء الأشخاص لم يأكلوا لعدة أيام، ولم يشربوا الماء لعدة أيام ، وقد حرقتهم الشمس"، وذكرت متطوعة الإنقاذ، ماريا تريانت، إن الرجال كانوا "يعانون من الجفاف ولديهم بعض مشاكل التنفس".

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق