سوريون لروزنة: إثيوبيا وجهتنا الجديدة هرباً من الحرب السودانية

لاجئون سوريون- روزنة
لاجئون سوريون- روزنة

اجتماعي | 17 مايو 2023 | إيمان حمراوي

مرّ أكثر من شهر على الحرب في السودان، وإلى الآن ينتظر السوريون رحلات الإجلاء الموعودة من قبل حكومة النظام السوري، التي لم تفِ إلا برحلتي إجلاء.


وفق شهادات لروزنة، قسم من الرحلات يعتمد على "الواسطات"، تلتها رحلات مدفوعة بمئات الدولارات، وحتى المدفوعة الآن أصبحت بالواسطة "لمن يدفع أكثر"، ما اضطر سوريين لإيجاد وجهة جديدة يهربون إليها هي إثيوبيا.

 ويبلغ عدد السوريين في السودان حوالي 30 ألفاً، بحسب القائم بالأعمال في سفارة النظام السوري لدى الخرطوم بشر الشعار.

ويواجه سوريون نزحوا من مناطق الاشتباكات إلى مدينة بورتسودان الساحلية، مستقبلاً مجهولاً، بعضهم اسـتأجر منزلاً بانتظار رحلات الإجلاء، والبعض الآخر غادر إلى مصر إما بطرق شرعية أو غير شرعية، فيما البعض الآخر وجد في إثيوبيا ملجأً جديداً.

الطريق إلى إثيوبيا

في الـ 15 من نيسان، اندلعت اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الرد السريع، لا تزال مستمرة إلى اليوم، في العديد من المناطق السودانية، أبرزها في العاصمة الخرطوم، أدت إلى نزوح الآلاف، بينهم سوريون.

قبل 9 سنوات وصل السوري أبو فراس إلى الخرطوم قادماً من لبنان، وقبلها سوريا التي هرب من الحرب فيها، لكنه لم يتوقّع أن تحمل له الأيام الوصول إلى بلد جديد بشكل اضطراري، بعدما استقر في السودان.

أبو فراس (52 عاماً) خرج من الخرطوم إلى مدينة بورتسودان مع زوجته قبل أقل من شهر، هرباً من الحرب.

يقول لروزنة: "عندما سمعت بصعوبات الإجلاء إلى سوريا ومعاناة أصدقائي في مدينة بورتسودان، بدأت بالبحث عن أماكن جديدة، تواصلت مع أحد الأصدقاء بإثيوبيا وسألت عن الوضع هناك. أشادوا كثيراً بسهولة إجراءات السفر، وهو فعلاً ما دفعني للذهاب إليها".
 

وعن الرحلة إلى إثيوبيا التي وصل إليها أبو فراس في الرابع من الشهر الجاري، يوضح: "ذهبت  مع زوجتي إلى القضارف شرقي السودان، ومنها إلى الحدود الأثيوبية، دخلت أثيوبيا بإجراءات مسهلة لم تتجاوز النصف ساعة، بفيزا لمدة ثلاثين يوماً، بلغت تكلفتها من الحدود 80 دولاراً لكل شخص".

ويشير أبو فراس إلى وجود شرط "أن يكون جواز السفر صالح لمدة لا تقل عن شهرين".

"إلى الآن لم أقرر إذا كنت سأستقر بأديس أبابا العاصمة الإثيوبية أم لا، لكن جميع الخدمات متوفرة من مياه وكهرباء وكل شيء"، ويتابع: "أحد أصدقائي المقيمين في أثيوبيا أخبرني أن رئيسها يجتمع سنوياً بالسوريين المقيمين فيها، وهو شيء يقدّر".

ويلفت أبو فراس أنه بعد تجاوز الحدود الإثيوبية، هناك حافلات تابعة للحكومة الأثيوبية محاطة بحراسة شديدة، تقل المسافرين الواصلين من جميع الجنسيات إلى أول منطقة بأثيوبيا، وهي "المتمة" ومن ثم إلى مدينة تدعى "قوندر" ومنها إلى أديس أبابا.

من أراد البقاء في أثيوبيا عليه تجديد إقامته شهرياً أو عليه التسجيل لدى مفوضية اللاجئين الأممية.
 

أديس أبابا.. محطة مؤقتة

كذلك خرج محسن باردوي مع زوجته وطفليه من الخرطوم إلى إثيوبيا، في الـ 25 من نيسان الفائت، في رحلة استمرت أقل من شهر، ووصل إليها في الـ 15 من أيار الجاري، أي قبل يومين.

سلك بارودي (28 عاماً) ذات الطريق التي سلكها أبو فراس إلى إثيوبيا "الخرطوم، بورتسودان، القضارف، القلابات، المتمة، قوندر، أديس أبابا"، وعندما وصل إلى إثيوبيا تابع إلى مصر جواً.

ويوضح باردوي، "زوجتي تحمل الجنسية السودانية، وهو ما ساعدني على الدخول إلى مصر بسهولة، بدون فيزا".

وذكر موقع "القاهرة 24" أن دخول السودانيين إلى مصر عبر الحدود، يتطلب فقط جواز سفر دون تأشيرة مسبقة.

اقرأ أيضاً: من السودان لدمشق.. لا رحلات مجانية والمدفوعة تستثني الفقراء



بعيداً عن إثيوبيا… ما هي خيارات السوريين؟

كثير من السوريين في مدينة بورتسودان شرقي السودان، لم يختاروا السفر إلى إثيوبيا، وكانت لهم خيارات أخرى، كحجز تذاكر طيران إلى سوريا "بثمن مرتفع" أو انتظار "رحلات إجلاء مجانية" مجهولة الموعد، أو السفر إلى مصر، وهي خيارات غير متاحة للجميع.

المئات كان يتجمعون قبل يومين في ميناء مدينة بورتسودان شرقي السودان، بعضهم انتظر رحلات الإجلاء لمدة وصلت إلى 25 يوماً، منذ اندلاع الاشتباكات منتصف نيسان.
 
سوريون في بورتسودان - روزنة
سوريون في بورتسودان - روزنة

أحمد شاب سوري فر من الخرطوم إلى بورتسودان قبل نحو شهر، يقول لروزنة: "السلطات أخرجت قبل يومين جميع من افترش الميناء إلى خارجه، هناك نساء وأشخاص أقاموا في المدارس".

ويشير إلى وجود معلومات متداولة بنية الجيش إنشاء مخيمات، لإجلاء الهاربين من الحرب إليها.

وانتشر مقطع للواء في الجيش السوداني، محمد عثمان حمد، خلال مؤتمر صحافي قال فيه: "نرجو مبعوث الأمم المتحدة في بورتسودان العمل على حل مشكلة السوريين واليمنيين، إما إجلاؤهم إلى بلادهم أو إلى بلد آخر، أو سيتم إجلاؤهم إلى معسكرات للاجئين خارج الولاية، وهذا ما نسعى إليه".

غلاء الإيجارات وتذاكر الطيران 

استأجر أحمد مع 11 شاباً آخرين في مدينة بورتسودان منزل لمدة 10 أيام بقيمة 900 دولار، يقول: "لا مكان نذهب إليه، والسفر غير متاح حالياً، أنتظر من عائلتي في سوريا إرسال مبلغ مالي لأستطيع حجز تذكرة طيران".

أما أصدقاء أحمد، يعملون على استخراج ورقة زيارة مغترب من أجل السفر إلى سوريا، بعد الحجز على طائرة أجنحة الشام بسعر يتجاوز الـ 700 دولار أميركي.

يتحدث: "كل ما جمعوه من مال خلال شهور أو عامين، ذهب الآن مقابل الإيجار وتذاكر الطيران، التي لا تتوفر إلا بـ 700 دولار وما فوق".

نور شاب سوري في بورتسودان منذ 20 يوماً، وينوي السفر إلى مصر: "تذاكر الطيران إلى سوريا تصل إلى الألف دولار. حجزت سابقاً موعداً من أجل الحصول على تذكرة طيران وألغيته بسبب ارتفاع السعر".

"لا يوجد شيء اسمه إجلاء"، يعلّق نور على موضوع الإجلاء إلى سوريا.

ويضيف بشيء من السخرية حول عمل شركة "أجنحة الشام": "سجل اسمك قبل سنة من أجل الحجز وهم يتصلون بك، أما لو دفعت بسعر أعلى يتم تأكيد الحجز مباشرة".

ويسعى نور إلى السفر إلى مصر بطريقة غير شرعية بتكلفة قد تصل إلى 800 دولار، كما يقول.

وبعد إطلاق أجنحة الشام للطيران رحلتي إجلاء مجانيتين حتى الثالث من أيار، خُصّصت للحالات الخاصة مثل المرضى والحوامل وكبار السن، تفاجأ مئات السوريين المنتظرين في مدينة بورتسودان السودانية بتوقف الإجلاء المجاني إلى دمشق.

القائم بالأعمال في سفارة النظام السوري لدى الخرطوم بشر الشعار، قال في تصريح لإذاعة "شام إف إم"، إن الرحلات الجوية التي بدأت بها "أجنحة الشام" لإجلاء السوريين من السودان، سيردفها رحلات جديدة عن طريق "السورية للطيران" بمعدل 3 رحلات أسبوعياً، وهو ما لم يحدث.

وسبق أن أعلنت "أجنحة الشام للطيران" أنه "نظراً لتدهور الظروف الأمنية في السودان، سيتم تسيير رحلات استثنائية لإجلاء الرعايا السوريين" عبر الحجز في الشركة ما بين 6 و13 أيار.

في الرابع من أيار بدأ الإعلان عن رحلات مدفوعة تبدأ من 450 دولار أميركي وأكثر، في ظل وضع اقتصادي وأمني متردي يعاني منه السوريون الهاربون من الحرب السودانية التي بدأت منتصف نيسان الفائت، بحسب ما أكد سوريون لروزنة.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق