التجنيد الإجباري.. كابوسٌ يلاحق شباب الرقة

التجنيد الإجباري.. كابوسٌ يلاحق شباب الرقة
القصص | 17 فبراير 2019

يعمل حذيفة من قرية السحل غربي مدينة الرقة (25 سنة)، في محل حلويات في المدينة، ولخشيته من الاصطدام مع حواجز الشرطة العسكرية التابعة لـ "قوات سوريا الديمقراطية"، يضطر إلى المبيت في المحل، ولا يعود إلى قريته عندما تُشنُّ حملاتٌ للتجنيد.


وتنتشر بين الحين والآخر حواجز الشرطة العسكرية التابعة لـ "قوات سوريا الديمقراطية"، في الرقة وريفها، لتوقيف الشباب وسوقهم إلى الخدمة العسكرية "الإلزامية" في صفوف "قوات الدفاع الذاتي".

وقال حذيفة لـ روزنة "منذ ثلاثة أيام وأنا أنام في المحل، بسبب حواجز الشرطة العسكرية المنتشرة على طريق العودة لقريتي، كل يوم أتصل بأهلي وأسألهم إذا ما كانت هناك حواجز اليوم، فإذا كان هناك حاجز لا أعود للمنزل".

وافتتحت "قوات سوريا الديمقراطية" في 17 كانون الأول الماضي، أول مركز لـ "لجنة الدفاع الذاتي" في مدينة الرقة، ودعا الرئيس المشترك لمجلس الرقة المدني، مشلب الدرويش، خلال مراسم الافتتاح، جميع الشبان في محافظة الرقة إلى تحمل المسؤولية الوطنية والانضمام لقوات الدفاع الذاتي لحماية أرضهم، على حد قوله.

ويُلزَم الذكور من مواليد (1990 – 2000) بالخدمة العسكرية في صفوف قوات الدفاع الذاتي لسنة كاملة من تاريخ الالتحاق، تشمل دورة تدريبية مدتها خمسة عشر يوماً، ومن لا يلتحق طوعاً، ويتم إلقاء القبض عليه تضاف مدة ثلاثة أشهر لخدمته.
 

حواجز الشرطة العسكرية تعتقل الشباب وتسوقهم إلى الخدمة


أما خلف (20 سنة) فيروي لـ روزنة، كيف أُجبر على الانضمام إلى صفوف "قوات الدفاع الذاتي"، ويقول "منذ سبعة أشهر عندما كان ذاهباً لزيارة أحد أصدقائي في القرية المجاورة لقريتي شمالي الرقة، استوقفني حاجز للشرطة العسكرية وطلبوا هويتي الشخصية".

وتابع "ثم قاموا بسوقي إلى مركز التجنيد في قرية الكسرات جنوب الرقة، وعندما حاولت الاعتراض انهالوا عليَّ بالضرب والشتائم، مضيفاً "منذ سبعة أشهر وأنا مجند لديهم رغماً عني.. أرغموني على الالتحاق بدورة تدريب عسكري وفكري".

وأضاف "أنا الآن أخدم في إحدى النقاط العسكرية في مدينة الطبقة، وأخشى أن يقوموا بإرسالي إلى جبهات القتال في دير الزور.. لا أرغب في الموت من أجل أحد، أريد أن أعيش حياتي كما أشاء، وأتمنى أن تمضي المدة المتبقية من خدمتي بسلام وأعود إلى أهلي وقريتي".

إقرأ أيضاً: من الرقة إلى دمشق.. رحلة مكلفة ومتعبة لعلاج مرضى السرطان

يؤكد أحد أقارب (عمر)، الذي يقاتل في صفوف "قوات سوريا الديمقراطية"، لـ روزنة، أن عمر لا يزال في الخامسة عشرة من عمره، إلا أن عمر يقول "لست طفلاً، وعمري 18 سنة، ولا أريد الذهاب للمدرسة، أنا رجل ويحق لي حمل السلاح".

وأضاف عمر "لقد طلبت من قائدنا أن يرسلني مع باقي الرفاق إلى دير الزور لقتال داعش، ولكنه رفض، ولن أهدأ حتى أذهب إلى دير الزور وأقاتل الدواعش"، على حد تعبيره.

وذكرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير صدر عنها العام الماضي، أن "وحدات حماية الشعب الكردية"، تقوم بتجنيد الأطفال في شمال شرق سوريا، ومن ضمنهم فتيات، وتستخدمهم في الأعمال القتالية، على الرغم من تعهدها بوقف هذه الممارسات.

وكان "مجلس سوريا الديمقراطية"، الجناح السياسي لـ "قوات سوريا الديمقراطية"، أصدر قراراً العام الماضي، يقضي بمنع تجنيد الأطفال في الخدمة العسكرية.
 

الخوف من التجنيد الإجباري يمنع كثيرين من العودة إلى الرقة


عبد الحميد (22 سنة)، لجأ وعائلته منذ سنة ونصف إلى تركيا، والآن يرغب في العودة إلى بلده، لكنه يخشى من السوق إلى الخدمة في صفوف "قوات سوريا الديمقراطية".

ويقول لـ روزنة "لست سعيداً في الغربة، وأنا مشتاق لأهلي ومدينتي، ولكن ما يمنعني هي حملات التجنيد الإجبارية التي تشنها قوات سوريا الديمقراطية بين الحين والآخر، لم أنضم إلى أي قوة عسكرية منذ بداية الثورة، ولا أرغب بحمل السلاح للدفاع عن مشروع أي فصيل".

وسيطرت "قوات سوريا الديمقراطية" مدعومة من التحالف الدولي، على مدينة الرقة في السابع عشر من تشرين الأول 2017، بعد معارك ضد تنظيم داعش استمرت لأكثر من أربعة أشهر، أدت إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين قتل فيها مئات المدنيين، إضافةً إلى تدمير حو ثلثي المدينة، وفق تقارير صادرة عن الأمم المتحدة.

إقرأ أيضاً: الخدمة الاحتياطية لدى قوات النظام.. من المصير المجهول إلى الاختطاف و الانتحار

أحمد (20 سنة)، يسكن في حي الدرعية غربي مدينة الرقة، يقول إن "المدينة لحقها دمار كبير وقتل مئات المدنيين خلال العمليات العسكرية التي نفذتها قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدول ضد داعش.. كيف يريدون إجبارنا على القتال معهم؟".


حملات التجنيد انعكست سلباً على الحركة التجارية في الرقة أيضاً


أبو فيصل (49 سنة) تاجر أقمشة من مدينة الرقة، قال لـ روزنة "حواجز الشرطة العسكرية تنتشر في ريف الرقة، وأغلب زبائننا من الريف، عندما تكون هناك حملة لا يستطيع الشباب مرافقة نسائهم إلى سوق المدينة، لذلك يكون السوق في بعض الأيام خالياً من الزبائن بسبب الخوف من المرور عبر الحواجز".

ويعفى من الخدمة العسكرية لدى "قوات الدفاع الذاتي" أبناء وإخوة العسكريين القتلى من "قوات سوريا الديمقراطية"، والوحيد لأحد الوالدين، والحالات الإنسانية والطبية، ويحق لطلبة الشهادات الثانوية والجامعات، ومعيل العائلة التأجيل لمدة سنة قابلة للتجديد.

يشار إلى أن "الإدارة الذاتية" في شمال وشرق سوريا فرضت التجنيد الإجباري في أواخر عام 2014 في مناطق سيطرتها، وفي بداية العام الحالي ألغت البدل المالي للخدمة الإلزامية بشكل نهائي.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق