في سوريا.. يجد الناس طرقاً مبتكرة للإستمرار بالعيش

في سوريا.. يجد الناس طرقاً مبتكرة للإستمرار بالعيش
تحقيقات | 18 يونيو 2016

يقوم الناس أثناء الحروب بفعل أي شيء من شأنه أن يساعدهم على البقاء. وليس هناك مكان في العالم يؤكد على هذا مثل سوريا، التي دخلت الحرب فيها عامها السادس. 

السوريون الذين يعيشون في المناطق المحاصرة يأكلون العشب الأخضر ليساعدهم على البقاء، بعد أن مات كثيرون من الجوع. في الشتاء، تلجأ الكثير من العائلات إلى حرق مفروشات منازلهم وأي شيء آخر قادر على درء برد الشتاء القاتل عنهم.  

هناك الكثير من القصص التي تتحدث عن صمود السوريين وقدرتهم على التعامل مع أسوأ الظروف بمرونة هائلة وبراعة خارقة. ومن أكثر هذه القصص تأثيراً قصص الأطباء والممرضين الذين قرروا البقاء للعمل في عيادات ميدانية صامدين في وجه البراميل المتفجرة وأهوال أخرى كثيرة. انتقلت العيادات إلى الأقبية تحت الأرض من أجل الإختباء والحماية. أطباء آخرون يعملون في الخفاء، ويتنقلون من مكان إلى آخر بشكل مستمر خشية أن يتم استهدافهم بالقصف الجوي. 

حتى الأهالي أظهروا قدرة هائلة على إبقاء عمل خدمات الحياة الأساسية. عندما انقطع الإنترنت عن المناطق التي ثارت ضد نظام الأسد، لجأ الأهالي في هذه المناطق إلى الإنترنت الفضائي، وعندما انقطع التيار الكهربائي بدؤوا باستخدام مولدات الكهرباء الصغيرة التي تعمل على الوقود، وعندما انقطعت المياه حفروا الآبار. 

تمت الإستفادة من روث الحيوانات والنفايات أيضاً في توليد الطاقة وزراعة المحاصيل. بعض أهم التجارب التي قام بها الأهالي من أجل البقاء كانت صناعة الوقود، الذي أصبح سعره مرتفع بشكل جنوني وبدونه لا يمكن للمرء أن يبقى على قيد الحياة. 

في ريف إدلب، على سبيل المثال، أخبرنا أبو عمر أنه قرر أن يصنع الغاز الحيوي من روث الحيوانات بعد أن أدرك أنه لم يعد قادراً على شراء المحروقات. "شاهدت تجربة على التلفاز وقررت أن أجربها بنفسي في المنزل". 

عمل أبو عمر على تغطية أحد الآبار في مكان بعيد عن قريته تخفياً عن الأعين، ووضع له فيلتر وملأه بروث الحيوانات، وترك الطبيعة تأخذ مجراها. بعد حوالي 18 يوم، حصل أبو عمر على غاز حيوي. بعد خمسة أشهر من التجارب، نجحت تجربته وبدأ بإنتاج وقود قابل للإستخدام، يكفي عائلته والعديد من جيرانه. مدد أبو عمر أنبوب من البئر إلى منازل جيرانه، ووضع عليه مقياس ضغط يحدد كمية الغاز الواصل إلى كل منزل. قال أبو عمر: "هذه الطريقة توفر الكثير من الخشب الذي يستخدم عادة لتوليد الطاقة والحرارة". 

قال أبو عمر أن تكلفة تزويد ثلاثة عائلات بالمواد اللازمة لإنتاج الغاز الحيوي تبلغ 300$، بينما تصل تكلفة الحصول على اسطوانة غاز إلى $100، أي ما يعادل دخل شهر كامل للعديد من الأسر. 

المواد التي تستخدم في عملية توليد الغاز، مثل الماء والنفايات، يعاد استخدامها لاحقاً كأسمدة طبيعية، وهي أيضاً هامة جداً للحفاظ على الزراعة في المنطقة. 

أبو محمد، 43 عاماً، عامل في محل حديد في ريف حلب، أوجد طريقة لتوليد الكهرباء عن طريق تحويل المخلفات المعدنية إلى توربينات ماء. استغرقت العملية ستة أشهر من العمل. أولئك الذين شاهدوه يجمع القطع المعدنية مع براميل المياه والمضخات في تجربة بعد تجربة، اعتقدوا أن مشروعه لن ينجح، ولكنهم كانوا مخطئين.  

قال أبو محمد لسيريا ديبلي: "نجحنا وأخيراً بتوصيل الكهرباء إلى حوالي مئة منزل لمدة سبع ساعات يومياً". توليد أمبير واحد من الكهرباء يكلف حوالي $5، ويذهب المال لإصلاح الكابلات ونفقات أخرى. "بدأ المشروع بسبب ارتفاع أسعار مولدات الطاقة والوقود بشكل غير معقول. كان علينا إيجاد طرق بديلة، كانت المياه هي الشيء الوحيد الذي يمكن الحصول عليه بسهولة". 

بدأ أهالي الغوطة المحاصرة باستخدام الأنقاض والنفايات في تصنيع الأسمدة اللازمة لإعادة إحياء الزراعة. نقص الأسمدة والقصف المتواصل الذي تتعرض له المنطقة كانا سببان لبقاء الكثير من الأراضي مهجورة دون رعاية. فقام المجلس المحلي في الغوطة بحملة لإستخراج الأسمدة من الأنقاض والنفايات، لمساعدة المزارعين على زيادة إنتاجهم. 

عمر الشامي، عضو في المجلس المحلي، شرح لسيريا ديبلي عن عملية تصنيع الأسمدة قائلاً: "نجمع الأنقاض والنفايات في منطقة معينة ونتركها لمدة عام أو اثنين حتى تتحلل. ثم نختار مواد بلاستيكية وزجاج وأحجار كبيرة ونضعهم في أكياس ونوزعها على المزارعين". 

في منطقة يصعب فيها الحصول على دخل شهري ويصعب الحصول على غذاء جيد، يقدم مشروع إنتاج السماد الذي أطلقه المجلس المحلي دخل مستقر للعاملين فيه، كما أنه رفع مستوى إنتاج الغذاء في المنطقة. أبو محمد، مزارع في الغوطة، قال لسيريا ديبلي: "أصبحت الأرض الآن أكثر خصوبة وأصبح بإمكاننا زراعة أنواع مختلفة من الخضراوات. وتحسنت المحاصيل بشكل كبير". 

تتألف المجموعة الإعلامية السورية المستقلة من خمس مؤسسات إعلامية مستقلة، تعمل معاً من أجل تسليط الضوء على قصص لا حصر لها من البلد الذي مزقته الحرب: "أريج" إعلاميون من أجل صحافة إستقصائية عربية، إذاعة روزنة، سيريا ديبلي، سيريا انتولد، مركز توثيق الانتهاكات في سوريا. والمشروع مدعوم من دعم الإعلام الدولي.


نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق