مالك الحافظ - روزنة|| تشي التعزيزات العسكرية الأميركية والتركية المتزايدة نحو سوريا (غرب الفرات وشرقه) خلال الأشهر القليلة الماضية، أن المنطقة أمام مرحلة حرجة؛ قد تَحدث خلالها تطورات عديدة تؤدي إلى تغيير مجريات الأوضاع الميدانية في سوريا سواء إلى مزيد من التصعيد، أو أن تتجه صوب توافقات كاملة ومستدامة بين واشنطن وموسكو بشكل رئيسي.
لم تقف التعزيزات الأميركية صوب مناطق شرق الفرات خلال الأشهر الماضية في العام الجاري، على إرسال قافلتين أسبوعياً باتجاه سوريا بحيث تضم كل قافلة بين 50 و 100 شاحنة، تشتمل على دبابات وعربات مدرعة بأحجام مختلفة، و كذلك صواريخ مضادة للدروع، وطائرات بلا طيار، وذلك وفق ما أشارت إليه وكالة "الأناضول" التركية، بل إنما تعداه ذلك إلى تعزيز انتشار القوات الأميركية في قواعد استراتيجية لها في محافظتي الحسكة والرقة.
مصادر كردية أكدت لـ "روزنة" أن القوات الأميركية تعمل منذ شهر آذار الماضي على تقوية نفوذها في المنطقة، حيث عادت القوات إلى عدة قواعد لها كانوا انسحبوا منها في الرقة، منها قاعدة نادي الفروسية و قاعدة "الكرامة" و قاعدة "الحزيمة".
وقام الأمريكان مؤخراً وفق المصادر؛ بالاتفاق مع رجال أعمال في المنطقة من أجل ترميم أغلب القواعد القديمة لهم في كل من الرقة و الحسكة، والتي سبق للأمريكان أن دمروها في وقت سابق، أهمها قاعدة "مصنع إسمنت لافارج"، وحول ذلك أفادت المصادر أن التحركات الأميركية الأخيرة في المنطقة تأتي رداً على تمدد النفوذ الروسي هناك.
وفي سياق مواز استقدمت القوات التركية، اليوم الجمعة، رتلاً عسكرياً جديد نحو الأراضي السورية، حيث تألف الرتل من نحو 15 آلية تحمل كتل اسمنتية، دخلت عبر معبر كفرلوسين الحدودي، ليصل عدد الآليات التركية منذ بروتوكول/اتفاق موسكو (5 آذار الماضي) بين روسيا وتركيا إلى أكثر من 3700 آلية، بالإضافة لآلاف الجنود.
ذرائع الوجود الأميركي؟
وتثير التعزيزات الأميركية والتركية الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان ينحصر هدفها في الضغط على الجانب الروسي في منطقتي شرق وغرب الفرات ولتكون موسكو بين مطرقة واشنطن وسندان أنقرة، بحيث يهدف ترامب روسيا أمام خيارات ضيقة، أما أنها قد تكون أساس ميداني يُبنى عليه في شكل تقاسم النفوذ بين الدول الثلاثة في الشمال السوري خلال الفترة المقبلة.
المحلل السياسي المختص في الشؤون الأميركية، رامي دباس، اعتبر خلال حديث خاص لـ "روزنة" أن دخول التعزيزات العسكرية الأميركية بأنه توسع أميركي في شرق سوريا يتصل بالمصالح الأميركية في تلك المنطقة، والهدف منه التركيز على حقول النفط والغاز.
وأضاف "هنالك مصالح استراتيجية للدولة العبرية في تلك المنطقة؛ حيث جاء هذا القرار أيضا بمساندة جماعات الضغط في الكونغرس الأميركي… و أيضاً جماعة "داعش" الإرهابية التي مازالت تتواجد داخل الأراضي السورية بشكل خلايا نائمة، فيأتي دخول القوات الأميركية في تلك المنطقة للحرص على أن لا تتحول تلك الخلايا النائمة إلى تنظيم قائم يشكل تهديد للمصالح الغربية والأمريكية بشكل خاص".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دافع يوم أمس عن قراره بسحب القوات من سوريا، كاشفا أن الولايات المتحدة تجري مباحثات لسحب قواتها من بلدان أخرى.
وقال ترامب في تصريحات من البيت الأبيض، "الجميع وصف سحب جنودنا من الحدود مع تركيا في سوريا بأنه رهيب، وأمس تحدثت مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأوضح أن الحدود وضعها جيد للغاية بدوننا".
اقرأ أيضاً: هل يُوقف "قانون قيصر" العمليات العسكرية في سوريا؟
وأضاف "كنا نحمي حدود تركيا وسوريا، والآن نريد جنودنا في منازلهم، فقد تعرضتُ لانتقادات عندما اتخذت هذا القرار قبل عام، والآن أولئك يحمون حدودهم، ونحن نحمي النفط، ولكن في مرحلة ما سنقوم بإصلاح المشاكل المتعلقة بالنفط وسنخرج من هناك"، دون أن يوضح ترامب ماهية تلك المشاكل المتعلقة بالنفط، والتي يتذرع بها من أجل بقاء قوات بلاده في سوريا.
الأكاديمي والباحث السياسي، د.إبراهيم مسل، أشار خلال حديث لـ "روزنة" إلى أن الولايات المتحدة عززت من قواتها بعد التطورات الأخيرة في المشهد السوري سياسيا واقتصاديا وعسكريا، معتبراً بأنها سوف تلعب دور سياسي إضافة لوجودها العسكري من خلال تقريب وجهات النظر بين الأطراف الكردية في المنطقة وفيما بعد على مستوى سوريا، وفق تعبيره.
وتابع "تركيا تريد تعزيز احتلالها من خلال زيادة قواتها والتخلص من الفصائل الإرهابية بإرسالهم إلى ليبيا واليمن، وبذلك يصبح يكمل المشهدين السياسي والعسكري بعضهما، قسد ومسد المدعومان من التحالف شرق الفرات، المجاميع المدعومة تركيا والائتلاف غربي الفرات، وما تبقى النظام وحليفاه الإيراني والروسي وخلاف الأخيرين سوف يسبب في إنهاء النظام".
في حين رأى دباس في معرض حديثه بأن تواجد الأمريكان هو هدف سياسي أكثر منه كعسكري من أجل التفاوض مع الجانب التركي والروسي، و بأن هدف التعزيزات الأميركية هو "لوجستي" من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات المقبلة مع الأتراك و الروس.
وزاد بالقول: "هناك ضغوطات كثيرة تمارس على إدارة ترامب وعلى رأسها وزارة الدفاع دفعت واشنطن إلى عدم الانسحاب من المنطقة، وذلك بعد تأييد كبير من قبل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" الحليف القريب للإدارة الأميركية".
و تابع "هناك اتفاق تركي أميركي ضد بقاء الأسد في السلطة، على عكس روسيا التي تريد بقاء الأسد على الرغم من هجوم وسائل إعلام روسية ضد الأسد في الآونة الأخيرة، وهذا جوهر الخلاف حيث أشارت صحف أميركية وتركية بعد اتصال الرئيس ترامب بأردوغان، أن هناك توافق شديد بين مواقف البلدين في ملفات سوريا و هذا دليل على وجود تفاهم غير معلن بين الدولتين ضد روسيا في المنطقة".
وختم بالإشارة إلى أنه و "بالنسبة للتفاهمات الروسية الأميركية فهذا سيأتي بعد الانتخابات الأميركية المرتقبة وهذا ما أتوقع حصوله منذ عام سواء فاز ترامب أم خسر فهي مرحلة اللا خسارة لترامب في حال فوزه حيث لا وجود لدورة رئاسية ثالثة له التي من الممكن أن تفجر المنطقة بخلافات و تصعيد شامل في سوريا وقضايا أخرى خارجية".
توافق أم صدام بين واشنطن و موسكو؟
وبسبب تشابكات الوضع الحالي في سوريا، فإن توجهات واشنطن تبدو ضبابية تجاه تفعيل "قيصر" ما يعني قطع كل السبل التي من شأنها تأسيس تفاهمات مستدامة مع موسكو في سوريا -بالمقام الأول-، والعكس كذلك لا يختلف عن ذلك، فواشنطن التي سعت خلال الشهور القليلة الماضية لاستخدام القوة الناعمة والتهديد بتطبيق "قيصر" لإبعاد روسيا عن التصعيد العسكري ودعم إيران في ذلك، وقد تكون نجحت في ذلك فيما لو تم بناء أولى خطوات إرساء الاستقرار في الشمال بعد اتفاق جديد بين موسكو و أنقرة حول إدلب (مطلع آذار الماضي).
هذا ويبقى سيناريو الخيارات المفتوحة في سوريا إزاء حدوث تباعد أميركي-روسي و احتمالية الوصول إلى قطيعة دائمة إثر تطبيق عقوبات "قانون قيصر"، أو حتى لجوء الروس إلى التقارب أكثر مع الأمريكان، من خلال تفاهمات قد تبرم حول مناطق شرق الفرات، تعزز التفاهمات السابقة حول إدلب مع تركيا (حليفة واشنطن)، مقابل تشكيل رؤية متقاربة في القضاء على التنظيمات الإرهابية (داعش، جبهة النصرة)، والانطلاق نحو تنفيذ القرار الدولي 2254.
قد يهمك: بوتين في سوريا: كش أسد !
الباحث السياسي، د.عبد القادر نعناع، أشار لـ "روزنة" إلى أن رغم أن كل من واشنطن وموسكو استخدمتا أدوات محلية وإقليمية لتحقيق مصالحهم، إلا أن الجانب الأميركي يبقى الأكثر فعالية وحسماً، رغم كل التدخل الروسي، وما يترافق معه من تدخل إيراني، معتبراً بأن أية تطورات ستشهدها المنطقة لا بد أن تكون مقبولة أميركياً، وتابع بأن "الروس ما زالوا يشتغلون ضمن الفجوات التي يسمح بها الأميركيون، مع محاولة التوسع خارجها بشكل محدود".
وزاد في سياق مواز "شكلّت سوريا أحد ملفات الاشتباك في السياسة الدولية بين الطرفين، دون أن يعني ذلك أن الطرفين يتجهان إلى مواجهة مباشرة مسلحة أو سواها، فكما شهدنا طيلة السنوات الماضية، كان لكل منهما مناطق نفوذ خاصة به، ففيما كان الأمريكيون مرتاحون لتورط روسيا أكثر فأكثر في البيئة السورية كثيرة التعقيد، وبالتالي استنزاف الطاقات الروسية، ومنها تعطيل/تأخير الروس عن الاشتغال في ملفات أكثر أهمية للأمن القومي الأمريكي (أوروبا الشرقية مثلاً)، فإن الروس بدورهم كانوا راضين عن هذا الفراغ الذي خلّفه الأميركيون ليجعلوا من سوريا منصة جديدة في مسار عودتهم للفاعلية الدولية".
لم تقف التعزيزات الأميركية صوب مناطق شرق الفرات خلال الأشهر الماضية في العام الجاري، على إرسال قافلتين أسبوعياً باتجاه سوريا بحيث تضم كل قافلة بين 50 و 100 شاحنة، تشتمل على دبابات وعربات مدرعة بأحجام مختلفة، و كذلك صواريخ مضادة للدروع، وطائرات بلا طيار، وذلك وفق ما أشارت إليه وكالة "الأناضول" التركية، بل إنما تعداه ذلك إلى تعزيز انتشار القوات الأميركية في قواعد استراتيجية لها في محافظتي الحسكة والرقة.
مصادر كردية أكدت لـ "روزنة" أن القوات الأميركية تعمل منذ شهر آذار الماضي على تقوية نفوذها في المنطقة، حيث عادت القوات إلى عدة قواعد لها كانوا انسحبوا منها في الرقة، منها قاعدة نادي الفروسية و قاعدة "الكرامة" و قاعدة "الحزيمة".
وقام الأمريكان مؤخراً وفق المصادر؛ بالاتفاق مع رجال أعمال في المنطقة من أجل ترميم أغلب القواعد القديمة لهم في كل من الرقة و الحسكة، والتي سبق للأمريكان أن دمروها في وقت سابق، أهمها قاعدة "مصنع إسمنت لافارج"، وحول ذلك أفادت المصادر أن التحركات الأميركية الأخيرة في المنطقة تأتي رداً على تمدد النفوذ الروسي هناك.
وفي سياق مواز استقدمت القوات التركية، اليوم الجمعة، رتلاً عسكرياً جديد نحو الأراضي السورية، حيث تألف الرتل من نحو 15 آلية تحمل كتل اسمنتية، دخلت عبر معبر كفرلوسين الحدودي، ليصل عدد الآليات التركية منذ بروتوكول/اتفاق موسكو (5 آذار الماضي) بين روسيا وتركيا إلى أكثر من 3700 آلية، بالإضافة لآلاف الجنود.
ذرائع الوجود الأميركي؟
وتثير التعزيزات الأميركية والتركية الكثير من التساؤلات حول ما إذا كان ينحصر هدفها في الضغط على الجانب الروسي في منطقتي شرق وغرب الفرات ولتكون موسكو بين مطرقة واشنطن وسندان أنقرة، بحيث يهدف ترامب روسيا أمام خيارات ضيقة، أما أنها قد تكون أساس ميداني يُبنى عليه في شكل تقاسم النفوذ بين الدول الثلاثة في الشمال السوري خلال الفترة المقبلة.
المحلل السياسي المختص في الشؤون الأميركية، رامي دباس، اعتبر خلال حديث خاص لـ "روزنة" أن دخول التعزيزات العسكرية الأميركية بأنه توسع أميركي في شرق سوريا يتصل بالمصالح الأميركية في تلك المنطقة، والهدف منه التركيز على حقول النفط والغاز.
وأضاف "هنالك مصالح استراتيجية للدولة العبرية في تلك المنطقة؛ حيث جاء هذا القرار أيضا بمساندة جماعات الضغط في الكونغرس الأميركي… و أيضاً جماعة "داعش" الإرهابية التي مازالت تتواجد داخل الأراضي السورية بشكل خلايا نائمة، فيأتي دخول القوات الأميركية في تلك المنطقة للحرص على أن لا تتحول تلك الخلايا النائمة إلى تنظيم قائم يشكل تهديد للمصالح الغربية والأمريكية بشكل خاص".
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، دافع يوم أمس عن قراره بسحب القوات من سوريا، كاشفا أن الولايات المتحدة تجري مباحثات لسحب قواتها من بلدان أخرى.
وقال ترامب في تصريحات من البيت الأبيض، "الجميع وصف سحب جنودنا من الحدود مع تركيا في سوريا بأنه رهيب، وأمس تحدثت مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأوضح أن الحدود وضعها جيد للغاية بدوننا".
اقرأ أيضاً: هل يُوقف "قانون قيصر" العمليات العسكرية في سوريا؟
وأضاف "كنا نحمي حدود تركيا وسوريا، والآن نريد جنودنا في منازلهم، فقد تعرضتُ لانتقادات عندما اتخذت هذا القرار قبل عام، والآن أولئك يحمون حدودهم، ونحن نحمي النفط، ولكن في مرحلة ما سنقوم بإصلاح المشاكل المتعلقة بالنفط وسنخرج من هناك"، دون أن يوضح ترامب ماهية تلك المشاكل المتعلقة بالنفط، والتي يتذرع بها من أجل بقاء قوات بلاده في سوريا.
الأكاديمي والباحث السياسي، د.إبراهيم مسل، أشار خلال حديث لـ "روزنة" إلى أن الولايات المتحدة عززت من قواتها بعد التطورات الأخيرة في المشهد السوري سياسيا واقتصاديا وعسكريا، معتبراً بأنها سوف تلعب دور سياسي إضافة لوجودها العسكري من خلال تقريب وجهات النظر بين الأطراف الكردية في المنطقة وفيما بعد على مستوى سوريا، وفق تعبيره.
وتابع "تركيا تريد تعزيز احتلالها من خلال زيادة قواتها والتخلص من الفصائل الإرهابية بإرسالهم إلى ليبيا واليمن، وبذلك يصبح يكمل المشهدين السياسي والعسكري بعضهما، قسد ومسد المدعومان من التحالف شرق الفرات، المجاميع المدعومة تركيا والائتلاف غربي الفرات، وما تبقى النظام وحليفاه الإيراني والروسي وخلاف الأخيرين سوف يسبب في إنهاء النظام".
في حين رأى دباس في معرض حديثه بأن تواجد الأمريكان هو هدف سياسي أكثر منه كعسكري من أجل التفاوض مع الجانب التركي والروسي، و بأن هدف التعزيزات الأميركية هو "لوجستي" من أجل الجلوس على طاولة المفاوضات المقبلة مع الأتراك و الروس.
وزاد بالقول: "هناك ضغوطات كثيرة تمارس على إدارة ترامب وعلى رأسها وزارة الدفاع دفعت واشنطن إلى عدم الانسحاب من المنطقة، وذلك بعد تأييد كبير من قبل قوات سوريا الديمقراطية "قسد" الحليف القريب للإدارة الأميركية".
و تابع "هناك اتفاق تركي أميركي ضد بقاء الأسد في السلطة، على عكس روسيا التي تريد بقاء الأسد على الرغم من هجوم وسائل إعلام روسية ضد الأسد في الآونة الأخيرة، وهذا جوهر الخلاف حيث أشارت صحف أميركية وتركية بعد اتصال الرئيس ترامب بأردوغان، أن هناك توافق شديد بين مواقف البلدين في ملفات سوريا و هذا دليل على وجود تفاهم غير معلن بين الدولتين ضد روسيا في المنطقة".
وختم بالإشارة إلى أنه و "بالنسبة للتفاهمات الروسية الأميركية فهذا سيأتي بعد الانتخابات الأميركية المرتقبة وهذا ما أتوقع حصوله منذ عام سواء فاز ترامب أم خسر فهي مرحلة اللا خسارة لترامب في حال فوزه حيث لا وجود لدورة رئاسية ثالثة له التي من الممكن أن تفجر المنطقة بخلافات و تصعيد شامل في سوريا وقضايا أخرى خارجية".
توافق أم صدام بين واشنطن و موسكو؟
وبسبب تشابكات الوضع الحالي في سوريا، فإن توجهات واشنطن تبدو ضبابية تجاه تفعيل "قيصر" ما يعني قطع كل السبل التي من شأنها تأسيس تفاهمات مستدامة مع موسكو في سوريا -بالمقام الأول-، والعكس كذلك لا يختلف عن ذلك، فواشنطن التي سعت خلال الشهور القليلة الماضية لاستخدام القوة الناعمة والتهديد بتطبيق "قيصر" لإبعاد روسيا عن التصعيد العسكري ودعم إيران في ذلك، وقد تكون نجحت في ذلك فيما لو تم بناء أولى خطوات إرساء الاستقرار في الشمال بعد اتفاق جديد بين موسكو و أنقرة حول إدلب (مطلع آذار الماضي).
هذا ويبقى سيناريو الخيارات المفتوحة في سوريا إزاء حدوث تباعد أميركي-روسي و احتمالية الوصول إلى قطيعة دائمة إثر تطبيق عقوبات "قانون قيصر"، أو حتى لجوء الروس إلى التقارب أكثر مع الأمريكان، من خلال تفاهمات قد تبرم حول مناطق شرق الفرات، تعزز التفاهمات السابقة حول إدلب مع تركيا (حليفة واشنطن)، مقابل تشكيل رؤية متقاربة في القضاء على التنظيمات الإرهابية (داعش، جبهة النصرة)، والانطلاق نحو تنفيذ القرار الدولي 2254.
قد يهمك: بوتين في سوريا: كش أسد !
الباحث السياسي، د.عبد القادر نعناع، أشار لـ "روزنة" إلى أن رغم أن كل من واشنطن وموسكو استخدمتا أدوات محلية وإقليمية لتحقيق مصالحهم، إلا أن الجانب الأميركي يبقى الأكثر فعالية وحسماً، رغم كل التدخل الروسي، وما يترافق معه من تدخل إيراني، معتبراً بأن أية تطورات ستشهدها المنطقة لا بد أن تكون مقبولة أميركياً، وتابع بأن "الروس ما زالوا يشتغلون ضمن الفجوات التي يسمح بها الأميركيون، مع محاولة التوسع خارجها بشكل محدود".
وزاد في سياق مواز "شكلّت سوريا أحد ملفات الاشتباك في السياسة الدولية بين الطرفين، دون أن يعني ذلك أن الطرفين يتجهان إلى مواجهة مباشرة مسلحة أو سواها، فكما شهدنا طيلة السنوات الماضية، كان لكل منهما مناطق نفوذ خاصة به، ففيما كان الأمريكيون مرتاحون لتورط روسيا أكثر فأكثر في البيئة السورية كثيرة التعقيد، وبالتالي استنزاف الطاقات الروسية، ومنها تعطيل/تأخير الروس عن الاشتغال في ملفات أكثر أهمية للأمن القومي الأمريكي (أوروبا الشرقية مثلاً)، فإن الروس بدورهم كانوا راضين عن هذا الفراغ الذي خلّفه الأميركيون ليجعلوا من سوريا منصة جديدة في مسار عودتهم للفاعلية الدولية".
الكلمات المفتاحية