لإعادة الإعمار... روسيا تقترح على الخليج "عقوبات ذكية" للنظام السوري

لإعادة الإعمار... روسيا تقترح على الخليج "عقوبات ذكية" للنظام السوري
سياسي | 12 مارس 2021 | مالك الحافظ

تحمل الزيارة الروسية إلى الدول الخليجية (الإمارات، السعودية، قطر) لمناقشة الملف السوري في مثل هذا الوقت، أبعاداً كثيرة حول توقعات ما ستؤول إليه أوضاع الملف السوري وترتيبات الحل السياسي. 


الوفد الروسي الذي ترأسه وزير الخارجية سيرغي لافروف، إلى جانب المبعوث الرئاسي الكسندر لافرنتيف، حمل مطالب لافتة للدول الخليجية حيال دور النظام السوري في المرحلة المقبلة، لعل أبرزها يكمن في دفع الدول الخليجية لقبول شغر دمشق لمقعدها في الجامعة العربية خلال وقت قصير. 

مصدر ديبلوماسي روسي أفاد لـ "روزنة" أن الوفد القادم من موسكو قدم عدة طلبات خلال زيارته للدول الخليجية الثلاثة، ارتكزت في مجملها على تجاوز عقوبات قيصر و الدخول الفعلي لدول الخليج بمرحلة إعادة الإعمار من خلال تفعيل "عقوبات ذكية" تتخطى صرامة عقوبات "قانون قيصر" الأميركي و تحظر توريد أي دعم يخدم النظام على الصعيد العسكري، أو حتى الاقتصادي لأية مشاريع جديدة خارج إطار أبنية مؤسسات الدولة المتضررة فقط، ما يتيح إعادة البنى التحتية و ترميم الأبنية الرئيسية المتضررة (مدارس، مستشفيات الخ…) وفق الرؤية الروسية المعروضة على دول الخليج. 

كذلك فقد طلب الوفد الروسي خلال زيارته للمنطقة عودة دمشق للجامعة العربية، من أجل إتاحة الفرصة للتقارب بين النظام السوري و الدول الخليجية و يفتح آفاق الحوار والتعاون الاقتصادي و إعادة إعمار البنى التحتية دون أن يقترب هذا التعاون من حدود قانون قيصر، حيث سيقدم الدعم على شكل "مساعدات إنسانية" تصل الشعب السوري في جميع المناطق دون استثناء، بحسب المقترح الروسي.

اقرأ أيضاً: هل تثير قاعدة حميميم الصراع بين واشنطن و موسكو؟



وكان الوفد الروسي ابتدء جولته الخليجية من دولة الإمارات، يوم الثلاثاء الماضي، حيث انتقد نظيره الإماراتي عبدالله بن زايد، خلال اجتماع مشترك، "قانون قيصر" حيث قال أن "عودة سوريا إلى محيطها أمر لابد منه، وهو من مصلحة سوريا والمنطقة ككل (..) التحدي الأكبر الذي يواجه التنسيق والعمل المشترك مع سوريا هو قانون قيصر".

و تابع "لا بد من وجود مجالات تفتح سبل العمل المشترك مع سوريا (..) قانون قيصر يعقد عودة سوريا لمحيطها العربي وعودتها إلى الجامعة العربية".

فيما أكد لافروف مع نظيره السعودي، فيصل بن فرحان، يوم الأربعاء، بعد وصوله الرياض، على أهمية التوصل إلى حل سياسي ينهي النزاع القائم في سوريا منذ عام 2011. كما دعا النظام السوري والمعارضة إلى التوافق على حل سياسي، وأضاف بن فرحان هذا "البلد (سوريا) يستحق أن يعود إلى حضنه العربي".

فيما قال لافروف "أطلعنا السعودية على الجهود التي تبذلها روسيا من أجل تسوية سياسية للنزاع والحفاظ على النظام وعودة اللاجئين والنازحين، فضلا عن ترميم البنية التحتية المدمرة".

و في المحطة الختامية للجولة الخليجية، وصل لافروف يوم أمس الخميس، إلى العاصمة القطرية الدوحة، حيث استقبله أمير دولة قطر تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، وأكدت وكالة الأنباء القطرية الرسمية أن الأمير تميم ولافروف استعرضا خلال الاجتماع "علاقات التعاون بين البلدين الصديقين وسبل تعزيزها لاسيما في مجالات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والصناعة، بالإضافة إلى مناقشة أبرز المستجدات الإقليمية والدولية".

كما اجتمع وزير الخارجية الروسي أيضا مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حيث تم "استعراض علاقات التعاون الثنائي بين البلدين وآخر تطورات المنطقة لا سيما الأوضاع في سوريا"، بحسب "قنا".

تعويم النظام السوري؟

الكاتب و المحلل السياسي السوري، درويش خليفة، اعتبر خلال حديث لـ "روزنة" أن الزيارة الروسية توضح بأن موسكو لا يمكنها إعادة تعويم النظام السوري، في ظل الوضع الاقتصادي الخانق الذي يعاني منه معظم السوريين، بخاصة أولئك الذين يعيشون في مناطق سيطرة النظام.

و أضاف أن هناك ثمة محاولة تقودها الدبلوماسية الروسية تلوح في الأفق من أجل خلق مسار جديد، مضمونه سياسي بغطاءٍ إنساني، و بتعبير أدق "تسول سياسي" وفق وصفه.

وأشار خليفة إلى أن الزيارة الروسية لدول الخليج تحمل هدفين بحسب تقديره، أولهما "مفاوضة دول أوبك لرفع أسعار النفط، لأن الموازنة الروسية تعتمد على أسعار النفط والغاز حيث يعتبر الانكماش الحالي للاقتصاد الروسي هو الأكبر خلال العقد الأخير".

قد يهمك: هل يُحافظ اتفاق أردوغان-بوتين حول إدلب على استمراره؟



وتابع موضحاً الهدف الثاني بالقول "يمكن أن تكون روسيا طالبت الدول الخليجية بمد يد العون لسوريا ككتلة جغرافية متكاملة، لأن لافروف يدرك بأن الخليجيين لن يفتحوا خزائنهم في حال لم يتم الانتقال السياسي وفق القرار الدولي 2254". 

وكانت الخارجية الروسية أشارت في بيان لها مطلع الأسبوع الجاري، أجندة الجولة الروسية على دول الخليج، حيث لفت بيان الخارجية إلى أن لافروف سيقوم بـ"ضبط الساعة المفصل" بشأن الملفات الرئيسية المطروحة على الأجندة العالمية والإقليمية، مع التركيز على ضرورة تسوية النزاعات القائمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عبر حوار شامل يراعي مصالح ومباعث قلق جميع الأطراف المنخرطة فيها.

وأوضحت أن لافروف سيستعرض من هذه الزاوية الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن، بالإضافة إلى التسوية العربية-الإسرائيلية.

نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط "الكوكيز" لنمنحك أفضل تجربة مستخدم ممكنة. موافق